نظرية الفطرة «النظرية الدينية»
تؤكد هذه النظرية على أن ظاهرة التدين تنبع من فطرة الإنسان وكينونته وليس من أي دافع خارجي آخر، قال تعالى: (فأقم وجهك للدين حنيفاً فطرة الله التى فطر الناس عليها لا تبديل لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لايعلمون). الروم / 30
وقد يغفل الإنسان عن ذلك بعض الأحيان بسبب ما يعتريه من سهو ولهو ولذات منسية سريعة الفوت، ولكنه سرعان ما يعود بحكم فطرته إلى الله تعالى عندما يواجه الشدائد وتفقد الحياة رتابتها فهنالك لا يرى في سوى الله منقذاً أو مخلصاً، ولا يرى غيره ولياً ولا نصيراً، قال تعالى: (وهو الذي يسيركم في البر والبحر حتى إذا كنتم في الفلك وجرينا بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريحٌ عاصف وجاءهم الموج من كل مكان وظنوا أنهم أحيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن أنجيتنا من هذه لنكونن من الشاكرين * فلما أنجاهم إذا هم يبغون في الأرض بغير الحق). يونس / 22 ـ 23
يكتب «جان دايورث»: الأستاذ بجامعة كولمبيا حول الدين وأصالته في المجتمع البشري: «إنك لن تجد أي ثقافة لدى أي أمّة من الأمم وقوم من الأقوام إلاّ يكون في تلك الثقافة شكل من أشكال التدين وأثر بارز للدين، إن جذور التدين ممتدة إلى أعماق التاريخ إلى الأعماق المجهولة من التاريخ السحيق البعيد غير المدون».
وهكذا تكون الفطرة هي الهادي إلى الله وليس شيء آخر، أجل، يستيقظ الشعور الديني في باطن كل إنسان تماماً كبقية الأحاسيس دون معلم ودون إرشاد أو توجيه من أحد، فكما يحس الإنسان باطنياً وذاتياً في فترة من فترات حياته أو في كل الفترات بميل شديد إلى أمور كالجاه أو الثروة أو الجمال أو الجنس وذلك تلقائياً ودون تعليم معلم، كذلك يستقيظ في باطنه «ميل إلى الله» وإحساس تلقائي يدفعه بدون إرادته إلى التفتيش عنه وهو إحساس يتعاظم ويزداد ويظهر ويتجلى أكثر فأكثر أثناء البلوغ.