• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

حرب الخليج الثانية وانكشاف الأوراق السرية

لم تكن الحرب العراقية الإيرانية قد ساعدت التيار الوهابي السلفي على تجميع قوته والظهور بمظهر القوة فقط - خصوصا وقد ساهمت الحرب الطائفية والمذهبية ضد إيران والشيعة في إيجاد محور يجمع شتات هذا التيار - بل أدت هذه الحرب الضروس إلى بروزه كقوة فاعلة ومساهمة في الحرب إلى جانب الحكومة التي تدعم العراق ماليا وعسكريا. لذلك فقد سجل نشاط كبير ومحموم في الكتابة والنشر وإلقاء الخطب، كلها تصب في تكفير الشيعة وتحذير المسلمين من خطر الفرس والمجوس القادم والزاحف من إيران.
لدرجة أنك إذا سألت شيخا سلفيا من مسألة جزئية في الوضوء لأجابك إن الشيعة كفار مشركون ثم بعد ذلك يعرج إلى للإجابة على سؤالك إذا بقي متذكرا. وبما أن من مصلحة الحكومة إشعال نار هذه الحرب الطائفية لأنها تمثل حاجزا صلبا للوقوف أمام انتشار أفكار الثورة الإسلامية في إيران، فإن دعمها للتيار السلفي كان قويا، وأعطيت لأصحابه الحرية في إلقاء الخطب والمحاضرات والتحرك. كل ذلك دعم هذا التيار وقوى قواعده على الأرض.
إلا أن النكسة التي حلت بالحكومات الخليجية إثر غزو صدام حسين الكويت بعد نهاية الحرب العراقية الإيرانية. كانت لها نتائج وخيمة جدا وعلى جميع المستويات، فالإخوة الأحباء بالأمس تحولوا إلى أعداء، كل واحد يكيل للآخر التهم، ويتهمه بالفساد والعمالة وخدمة الأعداء.
ومن المضحك المبكي أن غزو الكويت قد ساعد على كشف الأوراق بشكل فاضح ومخزي ليس فقط أوراق السياسة ولكن أوراق المؤسسات الدينية في الخليج وعلى رأسها المؤسسة السلفية. مما أحدث تناقضا وبلبلة كادت أن تعصف بالاستقرار الذي يقال أن الأنظمة والمجتمعات تنعم به هناك. لقد تحرك الإعلام الخليجي لكشف دعمه العسكري والمالي للعراق، هذا الدعم الذي ظل طي الكتمان طيلة ثماني سنوات من الحرب. كما كشفت عورات النظام العراقي وبدأ الكلام عن الاستبداد السياسي وعن الظلم وعن انتهاك حقوق الإنسان بشكل فضيع في العراق. لكن الإعلام العراقي لم يقف مكتوف الأيدي بل كشف ما عنده من ملفات سرية تخص الحكومات الخليجية وعلى رأسها المملكة السعودية.
لقد كانت هذه الحملات الإعلامية المضادة وما تضمنته من أخبار وحقائق أهم ما استفادت منه شعوب المنطقة. وإذا كان التيار السلفي حاضرا أثناء هذه المساجلات بل مساهما فيها فإن بعضا مما أصاب الحكومات قد أصابه سلبا وإيجابا. وظهر تناقضه بل كشف عن بعض عوراته، خصوصا فيما يتعلق بالحرب الطائفية والتي كان يقودها على أنها حرب الإيمان ضد الكفر، حرب العرب ضد الفرس المجوس الذين يسعون لغزو العالم الإسلامي ونشر عبادة النار والظلام والنور بين أفراده.
لقد تبين بعد اعتذار الحكومات الخليجية لإيران المسلمة، بأن التيار السلفي كان مسيرا لخدمة هذه الحرب مدفوعا لخوضها دعما للحرب الشاملة لإيقاف مد الثورة، ومما زاد في الطين بلة، العلم بأن هذا التخطيط لتحريك التيار السلفي ضد الثورة وضد الشيعة إنما خطط له في داخل الغرف المغلة للدوائر الاستعمارية الغربية، وإنما كان نصيب علماء السلف " الوهابية " التنفيذ العملي، كما كان يفعل الجندي العراقي عندما يرسل القذائف صوب أهله وإخوانه في العقيدة. في الجانب الآخر من الحدود، دون أن يكون له أدنى مبرر عقلي أو واقعي لهذا العمل سوى تنفيذ أوامر القيادة.
ومما يؤكد سذاجة التيار السلفي وتهافت أصحابه وخدمتهم لمخططات الاستعمار بشكل مجاني واعتباطي. ما سمعته بأذني قبل أزمة الخليج الثانية وأثناءها. فقد سمعت شريطا مسجلا لأحد أقطاب ودعاة التيار السلفي وهو شخصية معروفة وذائعة الصيت، إنه أحمد القطان السلفي الكويتي الذي أطنب في شريطه وأتى بألف دليل ودليل، والحرب مستعرة بين العراق وإيران على أن الإيرانيين كفار معتدون يجب إعلان الجهاد في سبيل الله ضدهم، وقد تصفح الخطيب صحيح البخاري مسلم وجاء بكل حديث يدعم دعواه وقد كنت أسمعه وهو يصيح بصوته الجهوري إني أتحدى من يأتيني بدليل خلاف ما أقول. كما يؤكد على أن مصدره هو البخاري، وعليه كان إعلان الجهاد ضد الكفار الإيرانيين من العقائد المسلم بها لدى أقطاب هذا التيار (1).
لكن ومن غرائب الصدف وبعد اجتياح صدام حسين للكويت، فتحت الإذاعة السعودية ذات مساء وإذا بهم يقدمون محاضرة لهذا الداعية السلفي الذي كان يصطاف في السعودية هو وغيره من سلفيي الكويت وتركوا الشيعة يحاربون صدام في الكويت دفاعا عن أرض الكويت وممتلكات أصحابها.
أقول سمعت تلك المحاضرة الرنانة فأصبت بالذهول وشعرت بالغثيان.
القطان هذا الرجل السلفي الذي كان يدعم الهجوم العراقي على إيران ويعتبره جهادا في سبيل الله. يقول بأن صدام حسين كافر وأنه حصل في الكويت على منشورات مكتوب فيها بأن صدام حسين قد كتب فيها أوصافه وأسماءه وعدها لتصل تسع وتسعين مرة وأنه كتب فوق هذا العدد اسمه " صدام " لإتمام المائة وكأنه يصف نفسه كما وصف الحق سبحانه وتعالى ذاته بأن له تسعة وتسعين اسما.
ويستطرد هذا الداعية السلفي بأنه حصل على تلك الأوراق التي يدعي فيها صدام حسين الألوهية، وغير ذلك مما جاء في المحاضرة مما لا أذكره الآن بالتفصيل. والنتيجة أنه ختم محاضرته بالدعوة إلى الجهاد في سبيل الله، جهاد صدام والعراقيين، وطبعا تم استحضار صحيح البخاري ومسلم للتدليل على أن كلام الشيخ هو الحقيقة والصواب. وهكذا هي الحقيقة لدى السلفيين تنزع لباسها في الصيف من شدة القيض وتلبسه في زمهرير الشتاء، وتتلون في باقي الفصول وتتماشى مع الظروف والأحداث.
طبعا من تسرب لنفسه شك بعدم صحة ما نقلناه ما عليه إلا أن يبحث عن أشرطة هذا الرجل خصوصا التي كانت موجهة لدعم الحرب العراقية الإيرانية.
وعليه أن يستمع إلى محاضرة الشيخ التي بثتها الإذاعة السعودية بعد الغزو، فلا شك أنها سجلت على أشرطة ووزعت.
إن إيرادنا لهذه القصة، سببه الإشارة إلى ما وقع فيه التيار السلفي من تخبط أثناء الغزو العراقي للكويت، هذا التخبط الذي سيبلغ مداه عندما ستقرر الحكومة السعودية استقدام القوات العسكرية الأمريكية والأوربية لتحرير الكويت من الجيش العراقي.






____________
(1) من التناقض العجيب الذي يتخبط فيه رجالات السلفية، هو موقفهم في البداية من الثورة الإسلامية قبل أن يتبلور لدى الحكومات في الخليج موقف موحد تجاه الثورة والدولة في إيران. فقد هدد الشيخ عبد العزيز وهو سلفي كبير ووالد وزير الزراعة الدكتور عبد الرحمان آل الشيخ - في مطلع الثمانينات بالتحالف مع إيران التي كانت قد أعلنت جمهوريتها الإسلامية للتو ووجه خطابا إلى الإمام الخميني أشاد فيه بدعوته للوحدة بين فرق المسلمين، لكن العائلة المالكة سارعت إلى احتواء هذا التوجه، ومارس رجال العائلة الذين يتمتعون بمراكز حكومية ضغوطا عليه للكف عن دعاواه، كما أن الحكومة حذرت العلماء الآخرين من اللقاء به مما اضطره إلى الاعتزال في بيته في الرياض حتى وافاه الأجل ". أنظر مجلة الجزيرة العربية، عدد فبراير 1991 م، ص 41.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page