من عقائد الشيعة زيارة قبور النبي(ص) وعترته المعصومين (عليهم السلام) ، ويسمونها المشاهد المشرفة ، وزيارتها في كل أيام السنة ، خاصة في عاشوراء ، والأربعين ، ونصف شعبان ، ونصف رجب. ويصل عدد الزوار في البلاد التي فيها ثقل سكاني شيعي الى عشرات الملايين ، كما في كربلاء في زيارة عاشوراء والأربعين ، ويبلغ زوار الإمام الرضا(ع)في خراسان عدة ملايين .
ويعتقد الشيعي أن زيارة النبي(ص) وعترته المعصومين (عليهم السلام) قربةٌ مهمة الى الله تعالى ، وأن الصلاة عند قبره المعصوم(ع)تقبل ، والدعاء يستجاب ، والتوسل به الى الله تعالى يوجب المغفرة والإستجابة .
ويشارك بقية المسلمين الشيعة في هذه العقيدة بقدر وآخر ، ويضيفون الى أهل البيت (عليهم السلام) مشاهد الأولياء من العلماء والعُبَّاد ، كمشهد السيد البدوي ، ومشاهد أهل البيت (عليهم السلام) في مصر، ومشهد عبد القادر وأبي حنيفة ، في العراق .
وقد تنطع في القرن الثامن شيخ يسمى ابن تيمية ، فكفَّر جميع المسلمين لزيارتهم قبور النبي(ص) والأئمة (عليهم السلام) والأولياء ، واعتبر قصد الزيارة والتوسل بهم شركاً وكفراً بالله تعالى .
ثم ظهر له أتباع في القرنين الأخيرين يسمون الوهابية ، عملوا بعنف وقسوة لمنع المسلمين من زيارة القبور المشرفة ، بأسلوب التهريج وقتل الزوار!
وقد اعتبرالشهيد الأول محمد بن مكي(قدس سره)المعاصر لابن تيمية ، فتاواه تلك مراغمةً منه للشيعة وحسداً لهم ، لما رأى من اهتمامهم بزيارة مشاهد الأئمة (عليهم السلام) والمجاورة عندها ! قال في ذكرى الشيعة :3/111:« وارتكب واحد من العامة تحريم زيارة الأنبياء والأئمة والصالحين (عليهم السلام) متمسكاً بهذا الخبر على مطلوبه (لاتشد الرحال إلا الى ثلاثة مساجد: مسجد الحرام ومسجدي ومسجد الأقصى- أحمد:2/278)، ذاهباً إلى أنه لابد من إضمار شئ هنا ولتكن العبادة ، لأن الأسفار المطلقة ليست حراماً، وهو تحكم محض لأن إباحة الشد للأسفار المطلقة يستلزم أولوية إباحته لما هو عبادة ، إذ العبادة أرجح في نظر الشرع من السفر المباح ، ويلزمه عدم الشد لزيارة أحياء العلماء وطلب العلم وصلة الرحم ، وقد جاء :من زار عالماً فكمن زار بيت المقدس . وورد :أطلبوا العلم ولو بالصين ، و سرْ سنتين بِرَّ والديك .ولا يخالف أحد في إباحة هذا مع أنه عبادة فتعين أن المراد بالحديث: لايستحق، أو لا يتأكد ، أو لا أولى بالشد من هذه الثلاثة، أو يضمر المساجد ، كما سبق ذكره .
وهذا القائل كلامه صريح في نفي مطلق زيارة قبور الأنبياء والصلحاء ، لأنه احتج بأنه لم يثبت في الزيارة خبر صحيح ، بل كل ما ورد فيها موضوع بزعمه!
وكل هذا مراغمةً للفرقة المحقة والطائفة الناجية ، الذين يرون تعظيم الزيارات والمزارات ، ويهاجرون إليها ويجاورون ، وفي رضى الله تعالى لأهلهم وديارهم يفارقون، انعقد إجماع سلفهم وخلفهم على ذلك وفيهم أهل البيت (عليهم السلام) الذين أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا ، ويروون في ذلك أخباراً تفوق العد وتتجاوز الإحصاء بالغة حد التواتر ، وقد روى منها الحافظ ابن عساكر من العامة طرفاً صالحاً ، منها حديث: وستكون حثالة من العامة يعيرون شيعتكم بزيارتكم كما تعير الزانية بزناها ! وغيره .
مع أن جميع المسلمين مجمعون على زيارة النبي(ص) منذ نقله الله إلى دار عفوه ومحل كرامته إلى هذا الزمان ، ففي كل سنة يُعملون المطيَّ ويشدون الرحال ولا ينصرفون إلا بعد السلام عليه(ص) . وانعقاد الإجماع في هذه الأعصار قبل ظهور صاحب هذه المقالة الشنيعة وبعده ، حجة قاطعة ».
3- مشاهد المعصومين (عليهم السلام) والأولياء
- الزيارات: 777