• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

شهادة أهل بيته (عليه السّلام)


فلمّا لم يبق معه سوى أهل بيته ، خرج علي بن الحسين (عليه السّلام) ـ وكان من أصبح النّاس وجهاً وأحسنهم خُلقاً ـ فاستأذن أباه في القتال فأذن له ، ثمّ نظر إليه نظر آيس منه وأرخى (عليه السّلام) عينيه وبكى ، ثمّ قال : (( اللهمّ اشهد ، فقد برز إليهم غلامٌ أشبه النّاس خَلقاً وخُلقاً ومنطقاً برسولك (صلّى الله عليه وآله) ، وكنّا إذا اشتقنا إلى نبيّك نظرنا إليه )) . ثمّ صاح : (( يابن سعد ، قطع الله رحمك كما قطعت رحمي ))(1) .
فتقدّم (عليه السّلام) نحو القوم ، فقاتل قتالاً شديداً وقَتل جمعاً كثيراً ، ثمّ رجع إلى أبيه وقال : يا أبة ، العطش قد قتلني ، وثِقل الحديد قد أجهدني ، فهل إلى شربة ماء من سبيل ؟ فبكى الحسين(عليه السّلام) وقال : (( وا غوثاه ! يا بُني ، من أين آتي بالماء ؟ قاتل قليلاً فما أسرع ما تلقى جدّك محمَّداً (صلّى الله عليه وآله) ، فيسقيك بكأسه الأوفى شربةً لا تظمأ بعدها ))(2) .
فرجع (عليه السّلام) إلى موقف النّزال وقاتل أعظم القتال ، فرماه منقذ بن مُرّة العبدي(3) بسهم فصرعه ، فنادى : يا أبتاه ، عليك مني(4) السّلام ، هذا جدّي يقرئك السّلام ، ويقول لك : (( عجّل القدوم علينا )) . ثمّ شهق شهقة فمات . فجاء الحسين (عليه السّلام)(5) حتّى وقف عليه ، ووضع خدَّه على خدِّه(6) وقال : (( قتل الله قوماً قتلوك ، ما أجرأهم على الله ، وعلى انتهاك حرمة رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ! على الدنيا بعدك العفا )) .
قال الراوي(7) : وخرجت زينب بنت علي (عليها السّلام) تنادي : يا حبيباه ! يابن أخاه ! وجاءت فأكبّت عليه ، فجاء الحسين (عليه السّلام) فأخذها وردّها إلى النّساء . ثم جعل أهل بيته صلوات الله وسلامه عليهم يخرج الرجل منهم بعد الرجل حتّى قَتل القومُ منهم جماعة ، فصاح الحسين (عليه السّلام) ـ في تلك الحال ـ : (( صبراً يا بني عُمومتي ، صبراً يا أهل بيتي صبراً ، فوالله ، لا رأيتم هواناً بعد هذا اليوم أبداً )) .
قال الراوي(8) : وخرج غلام(9) كأنّ وجهه شِقّة قمر ، فجعل يُقاتل ،فضربه ابن فضيل الأزدي(10) على رأسه ففلقه ، فوقع الغلام لوجهه وصاح : يا عمّاه . فجلى الحسين (عليه السّلام) كما يجلي الصقر ، وشدّ شدّة ليثٍ أغضب ، فضرب ابن فضيل بالسيف ، فاتّقاها بساعده فأطنّها من لدن المرفق ، فصاح صيحةً سمعه أهل العسكر ، وحمل أهل الكوفة ليستنقذوه ، فوطئته الخيل حتّى هلك .
قال : وانجلت الغبرة ، فرأيت الحسين (عليه السّلام) قائماً على رأس الغلام وهو يفحص برجليه ، والحسين (عليه السّلام) يقول : (( بُعداً لقوم قتلوك ، ومَن خصمهم يوم القيامة فيك جدّك ))(11) . ثمّ قال : (( عزّ والله ، على عمّك أنْ تدعوه فلا يُجيبك ، أو يُجيبك فلا ينفعك صوته . هذا يومٌ والله(12) ، كثر واتره ، وقلّ ناصره )) . ثمّ حمل (عليه السّلام) الغلامَ على صدره حتّى ألقاه بين القتلى من أهل بيته .
قال : ولمّا رأى الحسين (عليه السّلام) مصارع فتيانه وأحبّته ، عزم على لقاء القوم بمهجته ، ونادى : (( هل من ذابٍّ يذبّ عن حرم رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ؟ هل من مُوحّدٍ يخاف الله فينا ؟ هل من مُغيث يرجو الله بإغاثتنا ؟ هل من مُعينٍ يرجو ما عند الله في إعانتنا ؟ )) . فارتفعت أصوات النّساء بالعويل ، فتقدّم إلى باب الخيمة ، وقال لزينب : (( ناوليني ولدي الصغير(13) حتّى اُودّعه )) . فأخذه وأومأ إليه ليقبّله ، فرماه حرملة بن الكاهل(14) بسهم فوقع في نحره فذبحه ، فقال لزينب : (( خُذيه )) . ثمّ تلقّى الدَّم بكفّيه حتّى امتلأتا ، ورمى بالدّم نحو السّماء ، وقال : (( هوّن عليّ ما نزل بي ، إنّه بعين الله )) .
قال الإمام الباقر (عليه السّلام) : (( فلم يسقط من ذلك الدَّم قطرة إلى الأرض )) .
وروي من طرق اُخرى ـ وهي أقرب إلى العقل ؛ لأنّ الحال ما كان وقت توديع للصبي ؛ لاشتغالهم بالحرب والقتل ـ أنّ زينب اُخته (عليها السّلام) أخرجت الصبي وقالت : يا أخي ، هذا ولدك له ثلاثة أيام ما ذاق الماء ، فاطلب له شربة ماء . فأخذه على يده وقال : (( يا قوم ، قد قتلتم شيعتي وأهل بيتي ، وقد بقي هذا الطفل يتلظّى عطشاًَ ، فاسقوه شربةً من الماء )) . فبينما هو يخاطبهم ، إذ رماه رجل منهم بسهم فذبحه ، فدعا عليهم بنحو ما صنع بهم المختار وغيره(15) .
ــــــــــــــــــــ
(1) من قوله : وكنّا إذا اشتقنا . . . إلى هنا ، لم يرد في ر ، وورد في ع .
(2) ع : بعدها أبداً .
(3) كذا في النّسخ ، ولكن في تاريخ الطبري 6 / 625 ، والكامل 4 / 30 ، والأخبار الطوال / 254 ، ومقاتل الطالبيين / 84 ورد اسمه هكذا : مرّة بن منقذ بن النّعمان العبدي ثمّ الليثي .
لم يذكروه ، وهو خبيث ملعون .
(4) مني ، لم يرد في ر .
(5) الحسين ، لم يرد في ر .
(6) ووضع خدّه على خدّه ، لم يرد في ر .
(7) الراوي ، لم يرد في ر .
(8) الراوي ، لم يرد في ر .
(9) هو القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، أخو أبي بكر بن الحسن لأبيه واُمّه ، المقتول قبله .
مقاتل الطالبيين / 50 .
(10) في مقاتل الطالبيين / 88 ذكر اسمه : عمرو بن سعيد بن نفيل الأزدي .
(11) ع : جدّك وأبوك .
(12) ر : فلا ينفعك صوت والله .
(13) هو عبد الله بن الحسين بن علي بن أبي طالب (عليه السّلام) ، واُمّه الرباب بنت امرئ القيس بن عدي بن أوس . وفي اسم قاتله اختلاف ، فقيل : حرملة ، وقيل : عقبة بن بشر .
مقاتل الطالبيين / 89 ـ 90 .
(14) لم يذكروه ، وهو خبيث ملعون .
ولمّا قُبض على حرملة ورآه المختار ، بكى المختار وقال : يا ويلك ، أما كفاك ما فعلت حتّى قتلت طفلاً صغيراً وذبحته ؟! يا عدوّ الله ، أما علمت أنّه ولد النّبي ؟ فأمر به فجعلوه مرمى ، فرمي بالنشاب حتّى مات .
وقيل : إنّه لمّا نظر المختار إلى حرملة ، قال : الحمد الله الذي مكنني منك يا عدوّ الله ، ثمّ أحضر الجزار فقال له : اقطع يديه ورجليه ، فقطعها ، ثمّ قال : عليّ بالنار ، فاُحضرت بين يديه ، فأخذ قضيباً من حديد وجعله في النّار حتّى احمرّ ثمّ ابيضّ ، فوضعه على رقبته فصارت رقبته تجوش من النّار وهو يستغيث حتّى قطعت رقبته .
حكاية المختار / 55 و59 .
(15) من قوله : وروي من طرق اُخرى . . . إلى هنا ، لم يرد في ع


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page