• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

١٤ ـ ابن مفرغ الحميري :

قال يخاطب عبيد الله بن زياد :
كم يا عبيد الله عندك من دمٍِ
يسعى ليدركه بقتلك ساعي
ومعاشر أُنف أبحت دماءهم
فرّقتهم من بعد طول جماع
اذكر حسيناً وابن عروة هانئاً
وبني عقيلٍ فارس المرباع
يزيد بن ربيعة بن مفرغ (١) كان شاعراً مقداماً هجا زياداً وآل زياد وعرف سجن عبيد الله بن زياد وهو القائل لما استلحق معاوية زياداً ونسبه الى ابيه (٢) :
الا أبلغ معاوية بن حرب
مغلغلة من الرجل اليماني
أتغضب أن يقال ابوك عفّ
وترضى أن يقال أبوك زاني
فاشهد أنّ رحمك من زياد
كرحم الفيل من وَلد الأتان
وأشهد أنها ولدت زياداً
وصخر من سمية غير داني
فاستأذن عبيد الله بن زياد معاوية في قتله فلم يأذن له وأمره بتأديبه فلما قدم ابن زياد البصرة أخذ ابن المفرغ من دار المنذر بن الجارود ـ وكان أجاره ـ فأمر به فسقى دواء ثم حمل على حمار وطيف به وهو يسلخ في ثيابه ، فقال لعبيد الله :
يغسل الماء ماصنعت ، وقولي
راسخ منك في العظام البوالي (٣)
أقول وتمثل سيدنا الحسين عليه‌السلام بشعره لما خرج من دار والي المدينة الوليد بن عتبه بن أبي سفيان ، وكان قد طلب من الحسين البيعة ليزيد ابن معاوية فأبى سيد الشهداء قائلاً : يا أمير انا أهل بيت النبوة وموضع الرسالة ومختلف الملائكة بنا فتح الله وبنا يختم ومثلي لا يبايع مثله ولكن نصبح وتصبحون وننظر وتنظرون أيّنا أحق بالخلافة ، ثم خرج يتمثل بقول يزيد بن المفرغ :
لاذعرت السوام في غسق الصبح
مغيراً ولا دعيت يزيدا
يوم أعطى مخافة الموت ضيماً
والمنايا يرصدنني أن أحيدا
وقال ابن قتيبة في الشعر الشعراء : هو يزيد بن ربيعة بن مفرغ الحميري حليف لقريش ، صحب عباد بن زياد بن ابي سفيان فلم يحمده وكان عباد طويل اللحية عريضها ، فركب ذات يوم وابن مفرغ معه في موكبه فهبت الريح فنفشت لحيته قال ابن مفرغ :
ألا ليت اللحي كانت حشيشاً
فنعلفها دواب المسلمينا
فبلغ ذلك عباداً فجفاه وحقد عليه ، فأخذه عبيد الله بن زياد فحبسه وعذبه وسقاه التربذ في النبيذ (4) وحمله على بعير وقرن به خنزيرة ، فامشاه بطنة مشياً شديداً ، فكان يسيل ما يخرج منه على الخنزيرة فتصيءُ ، فكلما صاءت قال ابن مفرغ :
ضجت سميةُ لما مسها القَرنُ
لا تجزعي إن شر الشيمة الجزع
وسمية ام زياد ، فطيف به في أزقة البصرة وأسواقها والناس يصيحون خلفه فمر به فارسي فرآه فقال : ( اين جيست ) ، لما يسيل منه وهو يقول :
أبست نبيذست عصارات زبيبست سمية رو سفيدست.
ومعناه هذا ماء نبيذ ، هذا عصارة زبيب ، وسمية عاهر فلما ألح عليه ما يخرج منه قيل لابن زياد : انه لما به. لا نأمن أن يموت فأمر به فانزل ، فاغتسل فلما خرج من الماء قال :
يغسل الماء مافعلت ، وقولي
راسخ منك في العظام البوالي (5)
ثم دس اليه غرماءه يقتضونه ويستعدون عليه ففعلوا ذلك فامر ببيع ما وجد له في اعطاء غرمائه ، فكان فيما بيغ له غلام كان رباه يقال له ( بُرد ) كان يعدل عنه ولده ، وجارية يقال لها ( اراكة ) أو ( اراك ) فقال ابن مفرغ فيهما :
يا برد مآ مسنا دهر أضرّ بنا
من قبل هذا ولا بعنا له ولداً
أما الاراك فكانت من محارمنا
عيشاً لذيذاً وكانت جنةً رغدا
لولا الدعي ولولا ما تعرّض لي
من الحوادث ما فارقتها أبداً
وقال من قصيدة له ، وهي أجود شعره :
وشريت برداً ليتني
من بعد برد كنت هامه
أو بومة تدعو الصدى
بين المشقّر واليمآمة
وأَول الشعر :
اصرمت حبلك من أمامه
من بعد أيام برامه (6)
ثم ان عبيد الله بن زياد أمر به فحمل إلى سجستان الى عباد بن زياد ، فحبس بها.
وقال الشيخ القمي في الكنى : ابو عثمان يزيد بن زياد بن ربيعة ابن مفرغ الحميري لقب جده مفرغاً ، وقد هجا عباد بن زياد وعبيد الله بن زياد وقد نكّلا به وحبساه ولولا قومه وعشيرته الذين كانوا مع يزيد بن معاوية لقتلاه ، ومن شعره في لحية عباد ـ وكان عظيم اللحية كأنها جوالق :
ألا ليت اللحى كانت حشيشاً
فتعلفها خيول المسلمينا
وله أيضاً في هجاء زياد :
فاشهدُ أن امك لم تباشر
أبا سفيان واضعة القناع
ولكن كان أمر فيه لبس
على وجل شديد وامتناع
وله في هجاء عبيد الله بن زياد :
وقل لعبيد الله مالك والد
بحق ولا يدري امرءً كيف ينسب
ومن شعره أيضاً :
إن زياداً ونافعاً وأبا بكرةَ
عندي من أعجب العجبِ (7)
هم رجال ثلاثة خلقوا
في رحم أنثى وكلهم لأبِ
ذا قرشي كما يقول وذا
مولى وهذا ابن عمه عربي
توفي سنة ٦٩ هـ بعد ان قضى عمراً تارة في سجن عبيد الله ابن زياد بالبصرة ، واخرى في سجن عباد بن زياد بسجستان ومع ذلك كان ينطلق بهجاء آل زياد فلما طال مقامه في السجن استأجر رسولاً الى دمشق وقال له : إذا كان يوم الجمعة فقف على درج جامع دمشق وانشد هذه الأبيات :
ابلغ سراةَ بني قحطان قاطبةً
عضّت بأير أبيها سادة اليمن
اضحى دعي زياد فقع قرقرة
يا للحوادث يلهو بابن ذي يزن
والحميري صريع وسط مزبلة
هذا لعمرك غبن ليس كالغبن
قولوا جميعاً امير المؤمنين لنا
عليك حق ومنّ ليس كالمنن
اكفف دعيّ زياد عن أكارمنا
ماذا تريد بذي الأحقاد والاحن
ففعل الرسول ما أمره به وأنشد الأبيات فحميت اليمانية وغضبوا وركب طلحة الطلحات الى الحجاز وليس قرشيا وكان ابن مفرغ حليفاً لبني أمية فقال لهم طلحة يا معشر قريش إن اخاكم وحليفكم ابن مفرغ قد ابتلى بهذه الاعبد من بني زياد وهو عديدكم وحليفكم ورجل منكم ووالله ما احب أن يجري الله عافيته الى يدي دونكم ولا أفوز بالمكرمة في أمره وتخلوا أنتم منها ، فانهضوا معي بجماعتكم الى يزيد بن معاوية فان أهل اليمن قد تحركوا بالشام.
فركب خالد بن أسيد وامية بن عبد الله اخوه في وجوه خزاعة وكنانة وخرجوا إلى يزيد فبينما هم يسمرون ذات ليلة إذ سمعوا راكباً يتغنى في سواد الليل بقول ابن مفرغ ويقول :
قلت والليل مطبق بعراه
ليتني مت قبل ترك سعيد
ليتني مت قبل تركي أخا
النجدة والحزم والفعال الشديدَ
عبشمي ابوه عبد مناف
فاز منها بتاجها المعقود
قل لقومي لدى الأباطح من آل
لويّ بن غالب ذي الجود
سامني بعدكم دعي زياد
خطة الغادر اللئيم الزهيد
كان ما كان في الاراكة واجتبَّ
ببرد سنام عيشي وجيدي
أوغل العبد في العقوبة والشتم
وأودى بطارفي وتليدي
فارحلوا في حليفكم واخيكم
نحو غوث المستصرخين يزيد
فاطلبوا النصفَ من دعي زياد
وسلوني بما أدعيت شهودي
فدعوه وسألوه ما هذا الذي سمعنا منك تغني به فقال هذا قول رجل والله إن أمره لعجيب رجل ضاع بين قريش واليمن وهو رجل الناس ، قالوا من هو قال ابن مفرغ ، فقالوا والله ما رحلنا إلا فيه وانتسبوا له فعرفهم وانشد قوله :
لعمري لو كان الأسير بن معمر
وصاحبه أو شكله ابن اسيد
ولو أنهم نالوا أمية أر قلت
براكبها الوجناء نحو يزيد
فابلغت عذراً في لؤى ابن غالب
واتلفت فيهم طارفي وتليدي
فإٍن لم يغيرها الإمآم بحقها
عدلت الى شُمٍ شوامخ صيد
فناديت فيهم دعوة يمنية
كما كان آبائي دعوا وجدودي
ودافعت حتى ابلغ الجهد عنهم
دفاع امرىء في الخير غير زهيد
فإن لم تكونوا عند ظني بنصركم
فليس لها غير الأغر سعيد
بنفسي وأهلي ذاك حياً وميتاً
نضارُ وعود المرء أكرم عود
فكم من مقام في قريش كفيته
ويوم يشيب الكاعبات شديد
وخصم تحامآه لؤى بن غالب
شببت له ناري فهاب وقودي
وخير كثير قد أفأتُ عليكم
وأنتم رقود أو شبيه رقود
فاسترجع القوم وقالوا : والله ذلت رؤوسنا في العرب إن لم نغسلها بكفه ، فاغذّ القوم السيرَ حتى قدموا الشام وهناك اجتمعوا مع اليمانية ودخلوا على يزيد وكلموه فأمر بتسريح ابن مفرغ وأرسل بذلك مع رجل له خمخام فأطلقه.
ومن قول ابن مفرغ يذكر هرب عبيد الله بن زياد وتركه أمه :
أعبيدُ هلا كنتَ أول فارس
يوم الهياج دعا بحتفك داعي
أسلمت امك والرماح تنوشها
يا ليتني لك ليلة الأفزاع
إذ تستغيث وما لنفسك مانع
عبد تردده بدار ضياع
هلا عجوز إذ تمد بثديها
وتصيح ان لا تنزعنّ قناعي
فركبت رأسك ثم قلت أرى العدا
كثروا وأخلف موعد الاشياع
فانجي بنفسك وابتغي نفقاً فما
لي طاقة بكِ والسلام وداعي
ليس الكريم بمن يخلّف امه
وفتاتَه في المنزل الجعجاع
حذر المنية والرياح تنوشه
لم يرم دون نسائه بكراع
متأبطاً سيفاً عليه يلمـَّق
مثل الحمآر أثرته بيفاع
لا خير في هذرِ يهز لسانه
بكلامه والقلب غيرَ شجاع
لابن الزبير غداةً يذمر مبدراً
أولى بغاية كل يوم وقاع
واحق بالصبر الجميل من امرىءِ
كزّ انامله قصير الباع
جعد اليدين عن السماحة والندى
وعن الضريبة فاحشِ منّاع
كم يا عبيد الله عندك من دمِ
يسعى ليدركه بقتلك ساعي
ومعاشر أنفٍ أبحت حريمهمٍ
فرقتهم من بعد طول جماع
أذكر حسيناً وابن عروة هانئاً
وبني عقيلٍ فارس المرباع
وقال ابن مفرغ في مقتل ابن زياد بالزاب :
ان الذي عاش حثاراً بذمته
ومات عبداً قتيل الله بالزابِ
العبد للعبد لا أصل ولا طرف
ألوت به ذات أظفار وأنياب
إن المنايا اذا مازرن طاغيةً
هتكن عنه ستوراً بين أبواب
هلا جموع نزار إذ لقيتهم
كنت امرءً من نزار غير مرتاب
لا انت زاحمت عن ملك فتمنعه
ولا مددت إلى قوم بأسباب
ما شق جيب ولا ناحتك نائحة
ولا بكتك جياد عند أسلاب
قال الطبري في تاريخه وفي سنة ٥٩ كان ما كان من امر يزيد بن مفرغ الحميري وعباد بن زياد وهجاء يزيد بني زياد ، وقال :
ان يزيد بن ربيعة بن مفرغ كان مع عباد بن زياد بسجستان فاشتغل عنه بحرب الترك فاستبطأه فاصاب الجند مع عباد ضيق في إعلاف دوابهم فقال ابن مفرغ :
ألا ليت اللحي كانت حشيشا
فيعلفها خيول المسلمينا
ولقد مر ما صنع به عبيد الله ثم حمله الى عباد بسجستان فكلمت اليمانية فيه بالشام معاوية فأرسل رسولاً الى عباد فحمل ابن مفرغ من عنده حتى قدم على معاوية فقال في طريقه :
عدس ما لعبّادٍ عليك إمارة
نجوتِ وهذا تحملين طليقُ
__________________
1 ـ انما سمي مفرغاً لأنه راهن على سقاء من لبن يشربه كله فشربه حتى فرغه فسمي مفرغاً ، وكان شاعراً غزلا محسناً من شعراء الصدر الأول وزمن معاوية بن ابي سفيان.
2 ـ وفي خزانة الأدب ، والحيوان : ان هذه الأشعار لعبد الرحمن بن الحكم ـ اخي مروان ـ قال ابو الفرج والناس ينسبونها الى ابن المفرغ لكثرة هجائه لزياد.
3 ـ هذا البيت من قصيدة يذكر فيها ما فعل به ابن زياد واهمال حلفائه من قريش اياه.
4 ـ هو راسب زئبقي اصفر.
5 ـ انظر هذا في الطبري.
6 ـ والقصيدة طويلة رواها ابو الفرج في الأغاني.
7 ـ انظرها في طبقات ابن سلام والخزانة والاغاني والكامل.
8 ـ أراد بهم اولاد سمية وهم ، زياد ، ونافع وابو بكرة كل واحد من هؤلاء ينتمي وينسب لأب غير الاخر واراد بالنبطي : نافعاً : وبالعربي ابا بكرة. ، وبالمولى زياد لان اباه عبيد كان عبد بني علاج.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page