• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

مقدّمة

الحمدلله رب العالمين والصلاة والسلام على محمد وآله الطاهرين وصحبه المنتجبين...
لقد حظيت مسألة حقيقة التشيّع ونشأته باهتمام الكثير من المؤلفينوالباحثين قديماً وحديثاً، وتضاربت فيها الآراء والأفكار، حيث كان معظم المؤلفين فيها ينظرون الى الشيعة على أنها فرقة من الفرق التي ظهرت في فترة الانقسامات العقائدية، التي شملت شرائح واسعة من الاُمة الإسلامية، بسبب الاختلافات العقائدية التي ظهرت كنتيجة للانقسامات السياسية بعد مرور أقل من نصف قرن على بدء الهجرة النبوية، وحدوث فتن أدت الى انقسام المسلمين الى معسكرات متحاربة يستبيح فيها المسلم دم أخيه، وصارت كل فرقة تعتقد أو توحي على أنها هي صاحبة الحق وخصمها هو المبطل، ولأجل ذلك صارت الفرق الإسلامية تتسابق لتجسيد نظرياتها، من خلال تأوّل بعض النصوص القرآنية والأحاديث النبوية الشريفة، ثم استفحل الأمر أكثر من ذلك عندما بدأ منظّرو هذه الفرق ومتعصّبوها بالتجرّؤ على الحديث النبوي الشريف،
فبدأت بوضع وتلفيق بعض الأحاديث التي تدعم وجهة نظرها من جهة، ووضع أحاديث اُخرى في ذم الفرق الاُخرى، فظهرت أحاديث مكذوبة من أمثال: "سيكون في اُمتي قوم لهم نبز يقال لهم الروافض، اقتلوهم فإنهم مشركون".
مع أنّ من المتعارف عليه عند المؤلفين في الفرق أن اسم الروافض قد اطلقه زيد بن علي بن الحسين(عليهم السلام) على الذين فارقوه أثناء ثورته على الاُمويين، وأن هذه المفردة وغيرها من الأسماء التي اُطلقت على الفرق المخالفة للجمهور لم تكن معروفة في زمن النبي(صلى الله عليه وآله).
ومن الأحاديث التي اكتسبت صفة شبه التواتر بعدما روتها كل الفرق حديث انقسام الاُمة الى ثلاث وسبعين فرقة، كلّها هالكة إلاّ واحدة، فحاولت كل فرقة أن تثبت أنها هي المعنيّة بالفرقة الناجية وأنّ ما عداها هالك في النار!
وممّا زاد الطين بلّة أنّ هذه العقائد قد بدأت تترسخ على مرّ الأيام، ودخلت هذه الأحاديث المكذوبة في المجاميع الحديثية وصارت تلقّن على انّها من كلام النبي(صلى الله عليه وآله)، مع أنّ هذه الأسماء والمصطلحات لم تكن معروفة في عصر الرسالة ومابعدها بقليل، ولم تبدأ بالانتشار إلاّ بعد أن بدأت المعارك الكلامية تحتدم بين المسلمين بعد انفتاحهم على الثقافات الأجنبية للاُمم التي دخلت في الإسلام، أو التي تمّ ترجمة تراثها الى العربية، وبدأت كل مدرسة تكوّن لها فلسفة خاصة في العقيدة، مستفيدة من المصطلحات التي أغنتها بها فلسفة وفكر اليونان، والفرس، والهنود وغيرهم.
وعندما بدأ عصر التدوين بالازدهار، وأدلى المفكرون المسلمون بدلوهم في مختلف العلوم والفنون، كان أتباع مدارس الكلام قد بدأوا ينظّرون النظريات في الخلافة والإمامة واُسلوب الحكم. وكانت الطامة عندما بدأت الكتابة في الفرق والمذاهب والأديان، فقد كان معظم الكتّاب في هذا المضمار، كالشهرستاني والبغدادي وغيرهما من الجمهور، الذي يمثّل هوى ورأي الأكثرية في الاُمة الإسلامية، والذي اصطلح فيما بعد على تسميته بأهل السنة والجماعة، فكانت هذه المؤلفات كلّها تركز على نقطة معينة، وهي محاولة حصر الفرق الإسلامية بثلاث وسبعين فرقة، ثمّ بيان ضلال اثنتين وسبعين منها وإثبات أنّ الفرقة التي تمثّل الجمهور هي الفرقة الناجية، وأنّ بقية الفرق ـ ومنها الشيعة ـ هي ليست إلاّ فرقاً من المبتدعة الزائغة عن جادة الصواب. ولأجل إثبات ذلك فقد تضاربت الآراء في نشأة هذه الفرقة وعقائدها، فنسبت تارة الى أنها أتباع ابن سبأ وتستمد عقائدها من اليهودية، وتارة الى أنّها فارسية تستمد أفكارها من عقائد المجوس، واُخرى الى أنّها فرقة تكوّنت كردّ فعل على ما جرى على أهل بيت النبيّ(صلى الله عليه وآله)من بلاء، كواقعة كربلاء واستشهاد الحسين(عليه السلام)، ومن قبله استشهاد علي بن أبي طالب(عليه السلام).
وهكذا تضاربت الأقوال في تاريخ نشأة التشيّع، فعزا البعض نشأتها الى ما بعد حادثة السقيفة، وآخرون أرّخوها بعصر عثمان وأحداث الفتنة، وآخرون عزوها الى بدء معركة الجمل، أو صفين، أو الى ما بعد استشهاد الحسين(عليه السلام).
وكان سبب هذه النظرة الغائمة الى نشأة التشيع، هو عدم معرفة حقيقة التشيّع كخط يمثّل حقيقة الإسلام بكل مظاهره وعقائده، وأنه ليس حدثاً طارئاً على فكر الاُمة الإسلامية أو عقيدة مستوردة من إحدى الاُمم، بل هي عقيدة إسلامية بكل معنى الكلمة، بذر بذرتها الاُولى النبيّ الأكرم(صلى الله عليه وآله)، واستمرت في النموّ يوماً بعد يوم يُغذّيها أهل البيت(عليهم السلام)، ويبيّنون ملامحها ويدرءون عنها الشبُهات ويحاربون المتطفّلين والمتسللين إليها، ويفضحون المتستّرين بأهل البيت(عليهم السلام) للوصول الى أغراض اُخرى تستهدف هدم الإسلام.
ومن هنا جاء الخلط عند البعض، فحاولوا أن ينسبوا عقائد اُولئك المتسللين الى الشيعة على أنها تمثّل الفكر والاتجاه والعقيدة الشيعية، ملصقين بالشيعة عموماً تهمة التحريض والتآمر على الإسلام، حتى قالوا بأن التشيّع أصبح ملاذاً لكل الأفكار الهدّامة، التي تستهدف القضاء على العروبة والإسلام. على ذلك سار الأوّلون وتبعهم الآخرون.
ومن المؤسف حقاً أن ينبري الباحثون المعاصرون للطعن في الشيعة والتشيّع بالاعتماد على ما قيل فيهم من خصومهم، دون أن يكلّفوا أنفسهم عناء البحث عن الحقيقة والاطلاع على عقيدة كلّ فرقة من خلال تراثها. وبخاصة فإنّ العصر الحديث قد أتاح كلّ ذلك وهيّأ أدوات البحث العلمي لكلّ من أراد الوصول الى الحقيقة بتجرّد.
إنّ سلامة النيّات هي التي تحدّد اتجاه الباحث عن الحقيقة، فإذا فقد هذا الشرط فإنّه لا أمل في ظهور الحقيقة على كتاباته.
على أن الزمن لم يعدم عدداً من الباحثين ـ ومن بينهم بعض المستشرقين ـ ممن لا يتوخّون سوى الحقيقة، فاكتشفوا وكشفوا عن وجه الحقيقة أو بعضها، كما انبرى مؤلفو الشيعة وباحثوها،الى تصنيف الكتب وتدوين أبحاثهم في هذا المجال، لكي تكون سابلاً لمن يريد أن يتصدى للبحث في هذا الموضوع طلباً للحقيقة.
وبحثنا هذا هو إحدى هذه المحاولات المتواضعة، عسى الله أن ينفع بها من يريد أن ينتفع أو يلقي السمع وهو شهيد، والله من وراء القصد.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page