• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يتناقض مع العلم والطبّ


إنّ العلم يثبتُ بما لا شكّ فيه أنّ هناك بعض الأمراض التي تنقل بالعَدوى، وهذا ما يعرفه أغلب النّاس حتّى غير المثقّفين، أمّا طلبة العلوم الذين يدرسون علم الطّب في الجامعات، فإنّهم إذا ما قيل لهم بأنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ينكر ذلك، فإنّهم سيسخرون ويجدون منفذاً للطّعن على نبي الإسلام، خصوصاً منهم الأساتذة العِلمانيين الذين يبحثون عن ثغرات مثل هذه.
ومع الأسف الشّديد فإنّ من الأحاديث التي أخرجها البخاري ومسلم تؤكّد على عدم العدوى، وفيها أيضاً ما يؤكّد أنّ هناك عدوى، ونحن إذ نسجّل هنا هذه التناقضات تحت عنوان النّبي يتناقض، لا نؤمن بأنّه (صلى الله عليه وآله وسلم) تناقض مرةً واحدة في أقواله أو في أفعاله، ولكن جرياً على العادة، لجلب مُهجة القارئ حتى يتنبّه إلى الأحاديث التي وضعت كذباً وبهتاناً على صاحب الرّسالة المعصوم، ويعرف قصدنا من تخريج أمثال هذه الأحاديث لتنزيه النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم)، وإعطائه مكانته العلميّة التي سبقتْ كلّ العلوم الحديثة.
فليس هناك نظرية علمية صحيحة تتعارض مع حديث نبوىٌّ صحيح، وإذا ما تعارضتْ أو تناقضت عرفنا بأنّ الحديث مكذوب عليه (صلى الله عليه وآله وسلم)، هذا من ناحية.
ومن ناحية أُخرى فإنّ الحديث نفسه قد يعارضه حديث آخر يتماشى مع النظرية العلمية، فيجبُ قبول الثّاني وطرح الأوّل كما لا يخفى.
ومثال على ذلك أسوق حديث العدوى لأنه مُهِمٌّ في البحث، ويعطينا صورة حقيقة على تناقض الصّحابة والرّواة والوضّاعين، لا على تناقض صاحب الرّسالة (صلى الله عليه وآله وسلم)، فذلك لا يمكن أبداً.
فالبخاري في صحيحه يذكر الحديثين، وأنا أقتصر عليه لأنّه أصحّ الكتب عند أهل السنّة، لئلا يذهب المتأوّلون عدّة مذاهب، فيقول قائل بأنّه قد يثبت عند البخاري حديثاً، ويثبت عكسه عند غيره من المحدّثين، ويلاحظ القارئ بأنني في هذا الباب اقتصرت على البخاري وحده، في تناقض الأحاديث.
أخرج البخاري في صحيحه من كتاب الطّب، في باب لا هامة:
عن أبي هريرة قال: قال النبىُّ (صلى الله عليه وآله وسلم): "لا عَدْوَى ولا صَفَرَ ولا هامة"، فقال أعرابي: يا رسول الله فما بال الإبل تكُونُ في الرمْلِ كأنّها الظّباءُ، فيخالطها البعيرُ الأجربُ فيجْرِبُهَا؟ فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "فمن أعدى الأوّل"؟
انظر إلى هذا الأعرابيُّ كيف يهتدي بفطرته إلى طبيعة الأمراض المعدية، من خلال البعير الأجرب الذي يجرب كلّ الإبل إذا خالطها، بينما لا يجد الرّسول جواباً على سؤال الأعرابي يقنعهُ به، فيقول: "فمن أعدى الأول"؟ ويصبح هو الذي يسأل.
وهذا أيضاً يذكّرني بالطبيب الذي سأل الأُمّ التي جاءتْ بولدها المصاب بالحصبة: هل عندكم في البيت أو في الجيران من هو مصاب بهذا الداء؟
فقالتْ الأُمّ: كلاّ، فقال الطّبيب لعلَّهُ التقطها من المدرسة؟ فأجابت الأُمّ على الفور: كلاّ إنّه لم يدخل بعد إلى المدرسة، فعمره أقلّ من خمس سنين، فقال: ففي الروضة إذن، قالت: لا إنّه لا يذهب للروضة. فقال الطبيب: لعلّك ذهبت به إلى زيارة بعض أقاربِك، أو زاركم بعض الأقارب الذي يحمل الجرثومة، فأجابت بالنفي! وعند ذلك قال لها الطبيب: جاءتْ إليه الجرثومة في الهواء.
نعم، فالهواء يحمل الجراثيم والأمراض المعدية، وقد يصيب قرية كاملة أو مدينة بأكملها، ولذلك وُجِدَ التلقيح والوقاية لما قد تحمله الرّياح من أمراض فتّاكة كالوباء والطّاعون وغير ذلك، فكيف يخفى كلّ ذلك على من لا ينطق عن الهوى؟ إنّه رسول ربّ العالمين الذي لا يعزب عن علمه شيء، إنّه لا يخفى على الله شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم.
ولذلك نحن نرفض هذا الحديث ولا نقبله أبداً، ونقبل الحديث الثاني الذين أخرجه البخاري نفسه، وفي نفس الصفحة ونفس الباب، وفي نفس الحديث إذ يقول: وعن أبي سلمة سَمِعَ أبَا هريرة بعدُ يقولُ: قال النبىّ (صلى الله عليه وآله وسلم): "لا يوردَنَّ مُمرضٌ على مُصِحٍّ"، وأنكر أبو هريرة حديثه الأوّل، قلنا: ألم تحدّث أنّه لا عَدْوى، فرطن بالحبشية، قال أبو سلمة: فما رأيتهُ نَسِيَ حديثاً غَيرَهُ.
مع أنّ الحديثين المتناقضين "لا عدوى"، "ولا يوردنّ مُمْرض على مُصحّ" رواهما أيضاً مسلم في صحيحه في كتاب السّلام، باب لا عدوى ولا طيرة، ولا هامة ولا صفر، ولا نوء ولا غول، ولا يوردنّ ممرض على مصحٍّ.
ومن خلال هذه الأحاديث نعلم أنّ حديث: "لا يوردن ممرض على مصح" هو الحديث الصحيح الذي قاله رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ; لأنّه لا يتناقض مع العلم، وأمّا حديث "لا عدوى" فهو مكذوب عليه; لأنّه حديث جاهل بالحقائق الطبيعية، ولذلك فهم بعض الصّحابة تناقض الحديثين، فعارضوا أبا هريرة واستغربوا منه حديثه الأوّل، ولم يجد أبو هريرة مخرجاً من هذه الورطة فرطن بالحبشية، يقول شارح البخاري: تكلّم غضباً بما لا يُفهمُ!(1).
وممّا يزيدنا تأكيداً بأنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) كان أسبق مما أثبته العلمُ حديثاً في خصوص الأمراض المعدية، إنّه كان يحذّر المسلمين من الطّاعون ومن الجذام ومن الوباء وغير ذلك.
أخرج البخاري في صحيحه في كتاب الأنبياء، باب حدّثنا أبو اليمان، وكذلك مسلم في صحيحه كتاب السّلام، باب الطاعون والطيرة والكهانة وغيرها:
عن أُسامة بن زيد قال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): "الطّاعُونُ رجْسٌ أرسل على طائفة من بني إسرائيل، أو على من كان قبلكم، فإذا سمعتُم به بأرض فَلا تقدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتُم بها فَلا تخرجوا فراراً منه" وفي رواية لا يخرجكم إلاّ فراراً منه.
وقد صحّ عنه (صلى الله عليه وآله وسلم) قوله في هذا المعنى: "فِرَّ من المجذوم كما تفرُّ من الأسد"(2)، وقوله: "إذا شرب أحدكم فلا يتنفّس في الإناء"(3)، وقوله: "إذا ولغ الكلب في الإناء فاغسلوه سبع مرات، وعفّروه الثامنة في التراب"(4).
كلّ ذلك ليُعلّم أمّته النظافة وأسباب الصحة والوقاية، لا أن يقول لهم: "إذا سقط الذباب في شراب أحدكم فليغمسه" وهذا سبق الحديث عنه فليراجع.
على أنّنا نجد التناقض ظاهراً حتى فيما يختصّ بالهامة التي كان يتشاءم العرب بها، وهي الطائر المعروف من طير الليل، وقيل هي البومة وهو تفسير مالك بن أنس، فإذا كان النّبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: "لا هامة"، فكيف يتناقض ويتعوّذ منها؟!
فقد أخرج البخاري في صحيحه من كتاب بدء الخلق، باب يزفّون النسلان في المشي من جزئه الرابع صفحة 119:
عن سعيد بن جبير، عن ابن عبّاس رضي الله عنهما قال: كان النبىّ (صلى الله عليه وآله وسلم) يعوّذُ الحسنَ والحسينَ، ويقول: "إنّ أباكما كان يعوّذُ بها إسماعيل وإسحاق، أعوذ بكلمات الله التامّة من كلّ شيطان وهامّة ومن كلّ عين لامَّة".
نعم، أردنا في هذا الفصل أن نذكر بعض الأمثلة من الأحاديث المتناقضة التي تُنسبُ إلى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وهو منها بريء.
وهناك مئات الأحاديث الأُخرى المتناقضة التي أخرجها البخاري ومسلم في صحيحيهما، وقد ضربنا عليها صفحاً لما عوّدنا القارئ دائماً بالاختصار والإشارة، وعلى الباحثين أن يكبّوا على دراسة ذلك عسى أنْ يُطّهر الله بهم سنّة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم)، ويثيبهم الأجر العظيم، ويكونوا سبباً في تنقية الحق من الأباطيل، ويُقدِّموا إلى الرجل الجديد أبحاثاً قيّمة تكون في مستوى رسالة الإسلام.
{يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ آذَوْا مُوسَى فَبَرَّأهُ اللّهُ مِمَّا قَالُوا وَكَانَ عِنْدَ اللّهِ وَجِيهاً * يَا أيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّـقُوا اللّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيداً * يُصْلِـحْ لَكُمْ أعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِـعِ اللّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}(5).

____________
1- عمدة القارئ شرح صحيح البخاري 21: 428.
2- صحيح البخاري 7: 17 كتاب الطبّ، باب الجذام.
3- صحيح البخاري 1: 47 كتاب الوضوء، باب النهي عن الاستنجاء باليمين.
4- صحيح مسلم 1: 162 كتاب الطهارة، بابا حكم ولوغ الكلب.
5- الأحزاب: 69 ـ 71.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page