• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

حوار يوحنا مع علماء المذاهب الأربعة استوقفني بشدة!!

حوار يوحنا مع علماء المذاهب الأربعة استوقفني بشدة!!

فإليك عزيزي نص الحوار:
يوحنا مع علماء المذاهب الأربعة.
الذي قدمه لي مصورا سماحة العلامة السيد علي البدري عندما كنت أتخبط وأبحث عن الحقيقة، فأرشدني إلى قراءته بتدبر.
وهذا الحوار أعقبه تشيع علماء المذاهب الأربعة كيف.. ولماذا؟!!
قال يوحنا: فلما رأيت هذه الاختلافات من كبار الصحابة الذين يذكرون مع رسول الله صلى الله عليه وآله - فوق المنابر عظم علي الأمر وغم علي الحال وكدت أفتتن في ديني، فقصدت بغداد وهي قبة الإسلام لأفاوض فيما رأيت من اختلاف علماء المسلمين لأنظر الحق وأتبعه، فلما اجتمعت بعلماء المذاهب الأربعة، قلت لهم:
إني رجل ذمي، وقد هداني الله إلى الإسلام فأسلمت وقد أتيت إليكم لأنقل عنكم معالم الدين، وشرائع الإسلام، والحديث، لأزداد بصيرة في ديني.
فقال كبيرهم وكان حنفيا: يا يوحنا، مذاهب الإسلام أربعة فاختر واحدا منها، ثم اشرع في قراءة ما تريد.
فقلت له: إني رأيت تخالفا وعلمت أن الحق منها واحد فاختاروا لي ما تعلمون أنه الحق الذي كان عليه نبيكم.
قال الحنفي: إنا لا نعلم يقينا ما كان عليه نبينا بل نعلم أن طريقته ليست خارجة من الفرق الإسلامية، وكل من أربعتنا يقول إنه محق، لكن يمكن أن يكون مبطلا، ويقول: إن غيره مبطل لكن يمكن أن يكون محقا، وبالجملة إن مذهب أبي حنيفة أنسب المذاهب، وأطبقها للسنة، وأوفقها للعقل، وأرفعها عند الناس، إن مذهبه مختار أكثر الأمة بل مختار سلاطينها، فعليك به تنج.
قال يوحنا: فصاح به إمام الشافعية، وأظن أنه كان بين الشافعي والحنفي منازعات فقال له: اسكت لا نطقت، والله لقد كذبت وتقولت، ومن أين أنت والتمييز بين المذاهب، وترجيح المجتهدين؟ ويلك ثكلتك أمك أين لك الوقوف على ما قاله أبو حنيفة، وما قاسه برأيه، فإنه المسمى بصاحب الرأي يجتهد في مقابل النص، ويستحسن في دين الله ويعمل به حتى أوقعه رأيه الواهي في أن قال:
لو عقد رجل في بلاد الهند على امرأة كانت في الروم عقدا شرعيا، ثم أتاها بعد سنين فوجدها حاملا وبين يديها صبيان يمشون ويقول لها: ما هؤلاء؟ وتقول له:
أولادك فيرافعها في ذلك إلى القاضي الحنفي فيحكم أن الأولاد من صلبه، ويلحقونه ظاهرا وباطنا، يرثهم ويرثونه، فيقول ذلك الرجل: وكيف هذا ولم أقربها قط؟ فيقول القاضي: يحتمل أنك أجنبت أو أن تكون أمنيت فطار منيك في قطعة فوقعت في فرج هذه المرأة (1)، هل هذا يا حنفي مطابق للكتاب والسنة؟
قال الحنفي: نعم إنما يلحق به لأنها فراشه والفراش يلحق ويلتحق بالعقد ولا يشترط فيه الوطي، وقال النبي صلى الله عليه وآله: (الولد للفراش وللعاهر الحجر) فمنع الشافعي أن يصير فراشا بدون الوطي، وغلب الشافعي الحنفي بالحجة.
ثم قال الشافعي: وقال أبو حنيفة: لو أن امرأة زفت إلى زوجها فعشقها رجل فادعى عند قاضي الحنفية أنه عقد عليها قبل الرجل الذي زفت إليه، وأرشى المدعي فاسقين حتى شهدا له كذبا بدعواه، فحكم القاضي له تحرم على زوجها الأول ظاهرا وباطنا وتثبت زوجية تلك المرأة للثاني وأنها تحل عليه ظاهرا وباطنا، وتحل منها على الشهود الذين تعمدوا الكذب في الشهادة (2)! فانظروا أيها الناس هل هذا مذهب من عرف قواعد الإسلام؟
قال الحنفي: لا اعتراض لك، عندنا أن حكم القاضي ينفذ ظاهرا وباطنا وهذا متفرع عليه، فخصمه الشافعي ومنع أن ينفذ حكم القاضي ظاهرا وباطنا بقوله تعالى (وأن أحكم بما أنزل الله) (3) ولم ينزل الله ذلك.
ثم قال الشافعي: وقال أبو حنيفة: لو أن امرأة غاب عنها زوجها فانقطع خبره، فجاء رجل فقال لها: إن زوجك قد مات فاعتدي، فاعتدت: ثم بعد العدة عقد عليها آخر ودخل عليها، وجاءت منه بالأولاد، ثم غاب الرجل الثاني وظهرت حياة الرجل الأول وحضر عندها فإن جميع أولاد الرجل الثاني أولاد للرجل الأول يرثهم ويرثونه (4).
فيا أولي العقول، هل يذهب إلى هذا القول من له دراية وفطنة؟
فقال الحنفي: إنما أخذ أبو حنيفة هذا من قول النبي صلى الله عليه وآله: (الولد للفراش وللعاهر الحجر) فاحتج عليه الشافعي بكون الفراش مشروطا بالدخول، فغلبه.
ثم قال الشافعي: وإمامك أبو حنيفة قال: أيما رجل رأى امرأة مسلمة فادعى عند القاضي بأن زوجها طلقها، وجاء بشاهدين، شهدا له كذبا فحكم القاضي بطلاقها، حرمت على زوجها، وجاز للمدعي نكاحها وللشهود أيضا (5)، وزعم أن حكم القاضي ينفذ ظاهرا وباطنا.
ثم قال الشافعي: وقال إمامك أبو حنيفة: إذا شهد أربعة رجال على رجل بالزنا، فإن صدقهم سقط عنه الحد، وإن كذبهم لزمه، وثبت الحد (6) فاعتبروا يا أولي الأبصار.
ثم قال الشافعي: وقال أبو حنيفة: لو لاط رجل بصبي وأوقبه فلا حد عليه بل يعزر (7).
وقال رسول الله صلى الله عليه وآله (من عمل عمل قوم لوط فاقتلوا الفاعل والمفعول) (8).
وقال أبو حنيفة: لو غصب أحد حنطة فطحنها ملكها بطحنها، فلو أراد أن يأخذ صاحب الحنطة طحينها ويعطي الغاصب الأجرة لم يجب على الغاصب إجابته وله منعه، فإن قتل صاحب الحنطة كان دمه هدرا، ولو قتل الغاصب قتل صاحب الحنطة به (9).
وقال أبو حنيفة: لو سرق سارق ألف دينار وسرق ألفا آخر من آخر ومزجها ملك الجميع ولزمه البدل.
وقال أبو حنيفة: لو قتل المسلم التقي العالم كافرا جاهلا قتل المسلم به والله يقول: (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلا) (10).
وقال أبو حنيفة: لو اشترى أحد أمه أو أخته ونكحهما لم يكن عليه حد وإن علم وتعمد (11).
قال أبو حنيفة: لو عقد أحد على أمه أو أخته عالما بها أنها أمه أو أخته ودخل بها لم يكن عليه حد لأن العقد شبهة (12).
وقال أبو حنيفة: لو نام جنب على طرف حوض من نبيذ فانقلب في نومه، ووقع في الحوض ارتفعت جنابته وطهر.
وقال أبو حنيفة: لا تجب النية في الوضوء (13)، ولا في الغسل (14)، وفي الصحيح: (إنما الأعمال بالنيات) (15).
وقال أبو حنيفة: لا تجب البسملة في الفاتحة (16) وأخرجها منها مع أن الخلفاء كتبوها في المصاحف بعد تحرير القرآن.
وقال أبو حنيفة: لو سلخ جلد الكلب الميت ودبغ طهر وإن له الشراب فيه ولبسه في الصلاة (17)، وهذا مخالف للنص بتنجيس العين المقتضي لتحريم الانتفاع به.
ثم قال: يا حنفي، يجوز في مذهبك للمسلم إذا أراد الصلاة أن يتوضأ بنبيذ، ويبدأ بغسل رجليه، ويختم بيديه (18)، ويلبس جلد كلب ميت مدبوغ (19)، ويسجد على عذرة يابسة، ويكبر بالهندية، ويقرأ فاتحة الكتاب بالعبرانية (20)، ويقول بعد الفاتحة: دو برك سبز - يعني مداهمتان - ثم يركع ولا يرفع رأسه، ثم يسجد ويفصل بين السجدتين بمثل حد السيف وقبل السلام يتعمد خروج الريح، فإن صلاته صحيحة، وإن أخرج الريح ناسيا بطلت صلاته (21).
ثم قال: نعم يجوز هذا، فاعتبروا يا أولي الأبصار، هل يجوز التعبد بمثل هذه العبادة؟ أم يجوز لنبي أن يأمر أمته بمثل هذه العبادة افتراء على الله ورسوله؟
فأفحم الحنفي وامتلأ غيظا وقال: يا شافعي أقصر فض الله فاك، وأين أنت من الأخذ على أبي حنيفة وأين مذهبك من مذهبه؟ فإنما مذهبك بمذهب المجوس أليق لأن في مذهبك يجوز للرجل أن ينكح ابنته من الزنا وأخته، ويجوز أن يجمع بين الأختين من الزنا، ويجوز أن ينكح أمه من الزنا، وكذا عمته وخالته من الزنا (22)، والله يقول (حرمت عليكم أمهاتكم وبناتكم وأخواتكم وعماتكم وخالاتكم) (23) وهذه صفات حقيقية لا تتغير بتغير الشرائع والأديان، ولا تظن يا شافعي يا أحمق أن منعهم من التوريث يخرجهم من هذه الصفات الذاتية الحقيقية ولذا تضاف إليه، فيقال: بنته وأخته من الزنا، وليس هذا التقييد موجبا لمجازيته كما في قولنا أخته من النسب بل لتفصيله، وإنما التحريم شامل للذي يصدق عليه الألفاظ حقيقة ومجازا اجتماعا، فإن الجدة داخلة تحت الأم إجماعا، وكذا بنت البنت، ولا خلاف في تحريمها بهذه الآية، فانظروا يا أولي الألباب هل هذا إلا مذهب المجوسي، يا خارجي.
يا شافعي، إمامك أباح للناس لعب الشطرنج (24) مع أن النبي صلى الله عليه وآله قال: (لا يحب الشطرنج إلا عابد وثن).
يا شافعي، إمامك أباح للناس الرقص والدف والقصب (25)، فقبح الله مذهبك، ينكح فيه الرجل أمه وأخته ويلعب بالشطرنج ويرقص، ويدف، فهل هذا إلا ظاهر الافتراء على الله ورسوله، وهل يلتزم بهذا المذهب إلا أعمى القلب وأعمى عن الحق.
قال يوحنا: وطال بينهما الجدال واحتمى الحنبلي للشافعي، واحتمى المالكي للحنفي، ووقع النزاع بين المالكي والحنبلي، وكان فيما وقع بينهما أن الحنبلي قال: إن مالكا أبدع في الدين بدعا أهلك الله عليها أمما وهو أباحها، وهو لواط الغلام، لواط المملوك وقد صح أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: (من لاط بغلام فاقتلوا الفاعل والمفعول) (26).
وأنا رأيت مالكيا ادعى عند القاضي على آخر أنه باعه مملوكا والمملوك لا يمكنه من وطئه، فأثبت القاضي أنه عيب في المملوك ويجوز له رده، أفلا تستحي من الله يا مالكي يكون لك مذهب مثل هذا وأنت تقول مذهبي خير من مذهبك؟! وإمامك أباح لحم الكلاب فقبح الله مذهبك واعتقادك.
فرجع المالكي عليه وصاح به: اسكت يا مجسم يا حلولي، يا حولي، يا فاسق، بل مذهبك أولى بالقبح، وأحرى بالتنفير، إذ عند إمامك أحمد بن حنبل أن الله جسم يجلس على العرش، ويفضل عنه العرش بأربع أصابع، وأنه ينزل كل ليلة جمعة من سماء الدنيا على سطوح المساجد في صورة أمرد، قطط الشعر، له نعلان شراكهما من اللؤلؤ الرطب، راكبا على حمار له ذوائب (27).
قال يوحنا: فوقع بين الحنبلي والمالكي والشافعي والحنفي النزاع، فعلت أصواتهم وأظهروا قبائحهم ومعايبهم حتى ساء كل من حضر كلامهم الذي بدا منهم، وعاب العامة عليهم.
فقلت لهم: على رسلكم، فوالله قسما إني نفرت من اعتقاداتكم، فإن كان الإسلام هذا فيا ويلاه، لكني أقسم عليكم بالله الذي لا إله إلا هو أن تقطعوا هذا البحث وتذهبوا فإن العوام قد أنكروا عليكم.
قال يوحنا: فقاموا وتفرقوا وسكتوا أسبوعا لا يخرجون من بيوتهم، فإذا خرجوا أنكر الناس عليهم، ثم بعد أيام اصطلحوا واجتمعوا في المستنصرية فجلست غداة إليهم وفاوضتهم فكان فيما جرى أن قلت لهم: كنت أريد عالما من علماء الرافضة نناظره في مذهبه، فهل عليكم أن تأتونا بواحد منهم فنبحث معه؟
فقال العلماء: يا يوحنا، الرافضة فرقة قليلة لا يستطيعون أن يتظاهروا بين المسلمين لقلتهم، وكثرة مخالفيهم، ولا يتظاهرون فضلا أن يستطيعوا المحاجة عندنا على مذهبهم، فهم الأرذلون الأقلون، ومخالفوهم الأكثرون، فقال يوحنا: فهذا مدح لهم لأن الله سبحانه وتعالى مدح القليل، وذم الكثير بقوله:
(وقليل من عبادي الشكور) (28)، (وما آمن معه إلا قليل) (29)، (وإن تطع أكثر من في الأرض يضلوك عن سبيل الله) (30)، (ولا تجد أكثرهم شاكرين) (31)، (ولكن أكثر الناس لا يشكرون) (32)، (ولكن أكثرهم لا يعلمون) (33)، (ولكن أكثر الناس لا يؤمنون) (34) إلى غير ذلك من الآيات.
قال العلماء: يا يوحنا حالهم أعظم من أن يوصف، لأننا لو علمنا بأحد منهم فلا نزال نتربص به نقتله، لأنهم عندنا كفرة تحل علينا دماؤهم، وفي علمائنا من يفتي بحل أموالهم ونسائهم.
قال يوحنا: الله أكبر هذا أمر عظيم، أترى بما استحقوا هذا فهل هم ينكرون الشهادتين؟
قالوا: لا.
قال: أفهم لا يتوجهون إلى قبلة الإسلام؟
قالوا: لا.
قال: إنهم ينكرون الصلاة أم الصيام أم الحج أم الزكاة أم الجهاد؟
قالوا: لا، بل هم يصلون ويصومون ويزكون ويحجون ويجاهدون.
قال: إنهم ينكرون الحشر والنشر والصراط والميزان والشفاعة؟
قالوا: لا، بل مقرون بذلك بأبلغ وجه.
قال: أفهم يبيحون الزنا واللواط وشرب الخمر والربا والمزامر وأنواع الملاهي؟
قالوا: بل يجتنبون عنها ويحرمونها.
قال يوحنا: فيا لله والعجب قوم يشهدون الشهادتين، ويصلون إلى القبلة، ويصومون شهر رمضان، ويحجون البيت الحرام، ويقولون بالحشر والنشر وتفاصيل الحساب، كيف تباح أموالهم ودماؤهم ونساؤهم ونبيكم يقول:
(أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم ونساءهم إلا بحق وحسابهم على الله) (35).
قال العلماء: يا يوحنا إنهم أبدعوا في الدين بدعا فمنها: أنهم يدعون أن عليا عليه السلام أفضل الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وآله ويفضلونه على الخلفاء الثلاثة، والصدر الأول أجمعوا على أن أفضل الخلفاء كبير تيم.
قال يوحنا: أفترى إذا قال أحد: إن عليا يكون خيرا من أبي بكر وأفضل منه تكفرونه؟
قالوا: نعم لإنه خالف الإجماع.
قال يوحنا: فما تقولون في محدثكم الحافظ أبي بكر أحمد بن موسى بن مردويه؟
قال العلماء: هو ثقة مقبول الرواية صحيح المثل.
قال يوحنا: هذا كتابه المسمى بكتاب المناقب روى فيه أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: (علي خير البشر، ومن أبى فقد كفر).
وفي كتابه أيضا سأل حذيفة عليا عليه السلام قال: (أنا خير هذه الأمة بعد نبيها، ولا يشك في ذلك إلا منافق).
وفي كتابه أيضا عن سلمان، عن النبي صلى الله عليه وآله أنه قال: (علي بن أبي طالب خير من أخلفه بعدي).
وفي كتابه أيضا عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: (أخي ووزيري وخير من أخلفه بعدي علي بن أبي طالب).
وعن إمامكم أحمد بن حنبل روى في مسنده أن النبي صلى الله عليه وآله قال لفاطمة:
(أما ترضين أني زوجتك أقدم أمتي سلما، وأكثرهم علما، وأعظمهم حلما) (36).
وروي في مسند أحمد بن حنبل أيضا أن النبي صلى الله عليه وآله قال: (اللهم إئتني بأحب خلقك إليك) (37) فجاء علي بن أبي طالب في حديث الطائر، وذكر هذا الحديث النسائي والترمذي في صحيحهما (38) وهما من علمائكم.
وروى أخطب خوارزم في كتاب المناقب وهو من علمائكم عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (يا علي أخصمك بالنبوة ولا نبوة بعدي، وتخصم الناس بسبع فلا يحاجك أحد من قريش: أنت أولهم إيمانا بالله وأوفاهم بأمر الله وبعهده، وأقسمهم بالسوية، وأعدلهم بالرعية، وأبصرهم بالقضية، وأعظمهم يوم القيامة عند الله عز وجل في المزية) (39).
وقال صاحب كفاية الطالب من علمائكم: هذا حديث حسن عال ورواه الحافظ أبو نعيم في حلية الأولياء (40).
قال يوحنا: فيما أئمة الإسلام فهذه أحاديث صحاح روتها أئمتكم وهي مصرحة بأفضلية علي وخيرته على جميع الناس، فما ذنب الرافضة؟ وإنما الذنب لعلمائكم والذين يروون ما ليس بحق، ويفترون الكذب على الله ورسوله.
قالوا: يا يوحنا، إنهم لم يرووا غير الحق ولم يفتروا بل الأحاديث لها تأويلات ومعارضات.
قال يوحنا: فأي تأويل تقبل هذه الأحاديث بالتخصيص على البشر، فإنه نص في أنه خير من أبي بكر إلا أن تخرجوا أبا بكر من البشر. سلمنا أن الأحاديث لا تدل على ذلك فأخبروني أيهما أكثر جهادا؟
فقالوا: علي.
قال يوحنا: قال الله تعالى: (وفضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما) (41).
قالوا: أبو بكر أيضا مجاهد فلا يلزم تفضيله عليه.
قال يوحنا: الجهاد الأقل إذا نسب إلى الجهاد الأكثر بالنسبة إليه قعود، وهب أنه كذلك فما مرادكم بالأفضل؟
قالوا: الذي تجتمع فيه الكمالات والفضائل الجبلية والكسبية كشرف الأصل والعلم والزهد والشجاعة والكرم وما يتفرع عليها.
قال يوحنا: هذه الفضائل كلها لعلي عليه السلام بوجه هو أبلغ من حصولها لغيره.
قال يوحنا: أما شرف الأصل فهو ابن عم النبي صلى الله عليه وآله وزوج ابنته، وأبو سبطيه.
وأما العلم فقال النبي صلى الله عليه وآله: (أنا مدينة العلم وعلي بابها) (42) وقد تقرر في العقل أن أحدا لا يستفيد من المدينة شيئا إلا إذا أخذ من الباب، فانحصر طريق الاستفادة من النبي صلى الله عليه وآله في علي عليه السلام وهذه مرتبة عالية، وقال صلى الله عليه وآله (أقضاكم علي) (43) وإليه تعزى كل قضية، وتنتهي كل فرقة، وتنحاز إليه كل طائفة، فهو رئيس الفضائل وينبوعها، وأبو عذرها، وسابق مضمارها، ومجلي حلبتها، كل من برع فيها فمنه أخذ، وبه اقتفى، وعلى مثاله احتذى، وقد عرفتم أن أشرف العلوم العلم الإلهي، ومن كلامه اقتبس وعنه نقل ومنه ابتدأ.
فإن المعتزلة الذين هم أهل النظر ومنهم تعلم الناس هذا الفن هم تلامذته، فإن كبيرهم واصل بن عطاء تلميذ أبي هاشم عبد الله بن محمد ابن الحنفية (44)، وأبو هاشم عبد الله تلميذ أبيه، وأبوه تلميذ علي بن أبي طالب عليه السلام.
وأما الأشعريون فإنهم ينتهون إلى أبي الحسن الأشعري وهو تلميذ أبي علي الجبائي، وهو تلميذ واصل بن عطاء (45).
وأما الإمامية والزيدية فانتهاؤهم إليه ظاهر.
وأما علم الفقه فهو أصله وأساسه، وكل فقيه في الإسلام فإليه يعزي نفسه.
أما فأخذ الفقه عن ربيعة الرأي، وهو أخذه عن عكرمة، وهو أخذه عن عبد الله، وهو أخذه عن علي.
وأما أبو حنيفة فعن الصادق عليه السلام.
وأما الشافعي فهو تلميذ مالك، والحنبلي تلميذ الشافعي (46)، وأما فقهاء الشيعة فرجوعهم إليه ظاهر، وأما فقهاء الصحابة فرجوعهم إليه ظاهر كابن عباس وغيرهم، وناهيكم قول عمر غير مرة: (لا يفتين أحد في المسجد وعلي حاضر) وقوله: (لا بقيت لمعضلة ليس لها أبو الحسن) (47)، وقوله: (لولا علي لهلك عمر) (48).
وقال الترمذي في صحيحه والبغوي عن أبي بكر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله:
(من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في فهمه، وإلى يحيى بن زكريا في زهده، وإلى موسى بن عمران في بطشه فلينظر إلى علي بن أبي طالب) (49).
وقال البيهقي بإسناده إلى رسول الله صلى الله عليه وآله: (من أراد أن ينظر إلى آدم في علمه، وإلى نوح في تقواه، وإلى إبراهيم في حلمه، وإلى موسى في هيبته، وإلى عيسى في عبادته، فلينظر إلى علي بن أبي طالب) (50)، وهو الذي أفتى في المرأة التي وضعت لستة أشهر (51)، وبقسمة الدراهم على صاحب الأرغفة (52) والآمر بشق الولد نصفين (53)، والآمر بضرب عنق العبد، والحاكم في ذي الرأسين (54) ومبين أحكام البغاة (55)، وهو الذي أفتى في الحامل الزانية (56).
ومن العلوم علم التفسير، وقد علم الناس حال ابن عباس فيه وكان تلميذ علي عليه السلام وسئل فقيل له: أين علمك من علم ابن عمك؟
فقال: كبشة مطر في البحر المحيط (57).
ومن العلوم علم الطريقة والحقيقة، وعلم التصوف، وقد علمتم أن أرباب هذا الفن في جميع بلاد الإسلام إليه ينتهون، وعنده يقفون، وقد صرح بذلك الشبلي والحنبلي وسري السقطي وأبو زيد البسطامي وأبو محفوظ معروف الكرخي وغيرهم، ويكفيكم دلالة على ذلك الخرقة التي هي شعارهم وكونهم يسندونها بإسناد معنعن إليه أنه واضعها (58) ومن العلوم علم النحو والعربية، وقد علم الناس كافة أنه هو الذي ابتدعه وأنشأه، وأملى على أبي الأسود الدؤلي جوامع تكاد تلحق بالمعجزات، لأن القوة البشرية لا تفي بمثل هذا الاستنباط.
فأين من هو بهذه الصفة من رجل يسألونه ما معنى (أبا) فيقول: لا أقول في كتاب الله برأيي، ويقضي في ميراث الجد بمائة قضية يغاير بعضها بعضا، ويقول:
إن زغت فقوموني وإن استقمت فاتبعوني (59). وهل يقيس عاقل مثل هذا إلى من قال: سلوني قبل أن تفقدوني (60)، سلوني عن طرق السماء فوالله إني لأعلم بها من طرق الأرض! وقال: إن ها هنا لعلما جما، وضرب بيده على صدره، وقال: لو كشف الغطاء ما ازددت يقينا فقد ظهر أنه أعلم (61).
وأما الزهد فإنه سيد الزهاد، وبدل الأبدال، وإليه تشد الرحال، وتنقص الأحلاس، وما شبع من طعام قط، وكان أخشن الناس لبسا ومأكلا.
قال عبد الله بن أبي رافع: دخلت على علي عليه السلام يوم عيد فقدم جرابا مختوما فوجد فيه خبز شعير يابسا مرضوضا فتقدم فأكل.
فقلت: يا أمير المؤمنين فكيف تختمه وإنما هو خبز شعير؟
فقال: خفت هذين الولدين يلتانه بزيت أو سمن (62). وكان ثوبه مرقوعا بجلد تارة وبليف أخرى، ونعلاه من ليف، وكان يلبس الكرباس الغليظ فإن وجد كمه طويلا قطعه بشفرة ولم يخيطه، وكان لا يزال ساقطا على ذراعيه حتى يبقى سدى بلا لحمة، وكان يأتدم إذا ائتدم بالخل والملح فإن ترقى عن ذلك فبعض نبات الأرض، فإن ارتفع عن ذلك فبقي ألبان الإبل، ولا يأكل اللحم إلا قليلا ويقول: لا تجعلوا بطونكم مقابر الحيوانات، وكان مع ذلك أشد الناس قوة، وأعظمهم يدا (63).
وأما العبادة فمنه تعلم الناس صلاة الليل، وملازمة الأوراد، وقيام الناقلة، وما ظنك برجل كانت جبهته كثفنة البعير، ومن محافظته على ورده أن بسط له نطع بين الصفين ليلة الهرير فيصلي عليه والسهام تقع عليه وتمر على صماخيه يمينا وشمالا فلا يرتاع لذلك ولا يقوم حتى يفرغ من وظيفته.
فأنت إذا تأملت دعواته ومناجاته ووقفت على ما فيها من تعظيم الله سبحانه وتعالى وإجلاله وما تضمنته من الخضوع لهيبته والخشوع لعزته عرفت ما ينطوي عليه من الإخلاص.
وكان زين العابدين عليه السلام يصلي في كل ليلة ألف ركعة ويقول: أنى لي بعبادة علي عليه السلام (64).
وأما الشجاعة فهو ابن جلاها وطلاع ثناياها، أنسى الناس فيها ذكر من قبله، ومحى اسم من يأتي بعده، ومقاماته في الحروب مشهورة تضرب بها الأمثال إلى يوم القيامة، وهو الشجاع الذي ما فر قط ولا ارتاع من كتيبة ولا بارز أحدا إلا قتله، ولا ضرب ضربة قط فاحتاجت إلى ثانية.
وجاء في الحديث إذا ضرب واعتلا قد، وإذا ضرب واعترض قط، وفي الحديث: كانت ضرباته وترا (65)، وكان المشركون إذا أبصروه في الحرب عهد بعضهم إلى بعض، وبسيفه شيدت مباني الدين، وثبتت دعائمه، وتعجبت الملائكة من شدة ضرباته وحملاته.
وفي غزوة بدر الداهية العظمى على المسلمين قتل فيها صناديد قريش كالوليد بن عتبة والعاص بن سعيد ونوفل بن خويلد الذي قرن أبا بكر وطلحة قبل الهجرة وعذبهما، وقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (الحمد لله الذي أجاب دعوتي فيه) (66) ولم يزل في ذلك يصرع صنديدا بعد صنديد حتى قتل نصف المقتولين فكان سبعين، وقتل المسلمون كافة مع ثلاثة آلاف من الملائكة مسومين النصف الآخر (67)، وفيه نادى جبرائيل:
(لا سيف إلا ذو الفقار * ولا فتى إلا علي) (68)
ويوم أحد لما انهزم المسلمون عن النبي صلى الله عليه وآله ورمي رسول الله صلى الله عليه وآله إلى الأرض وضربه المشركون بالسيوف والرماح وعلي عليه السلام مصلت سيفه قدامه، ونظر النبي صلى الله عليه وآله بعد إفاقته من غشوته فقال: يا علي ما فعل المسلمون؟
فقال: نقضوا العهود وولوا الدبر.
فقال: اكفني هؤلاء، فكشفهم عنه ولم يزل يصادم كتيبة بعد كتيبة وهو ينادي المسلمين حتى تجمعوا، وقال جبرائيل عليه السلام إن هذه لهي المواساة، لقد عجبت الملائكة من حسن مواساة علي لك بنفسه.
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (وما يمنعه من ذلك وهو مني وأنا منه) (69). ولثبات علي عليه السلام رجع بعض المسلمين ورجع عثمان بعد ثلاثة أيام، فقال له النبي صلى الله عليه وآله:
لقد ذهبت بها عريضة (70) وفي غزوة الخندق إذ أحدق المشركون بالمدينة كما قال الله تعالى: (إذ جاءوكم من فوقكم ومن أسفل منكم وإذ زاغت الأبصار وبلغت القلوب الحناجر وتظنون بالله الظنونا) (71)، واقتحم عمرو بن عبد ود الخندق على المسلمين ونادى بالبراز فأحجم عنه المسلمون وبرز علي عليه السلام متعمما بعمامة رسول الله صلى الله عليه وآله وبيده سيف فضربه ضربة كانت توازن عمل الثقلين إلى يوم القيامة (72)، وأين كان هناك أبو بكر وعمر وعثمان.
ومن نظر غزوات الواقدي وتاريخ البلاذري علم محله من رسول الله من الجهاد وبلاءه يوم الأحزاب، ويوم بني المصطلق، ويوم قلع باب خيبر، وفي غزاة الخيبر، وهذا باب لا يغني الإطناب فيه لشهرته.
وروى أبو بكر الأنباري في أماليه أن عليا عليه السلام جلس إلى عمر في المسجد وعنده أناس، فلما قام عرض واحد بذكره ونسبه إلى التيه والعجب.
فقال عمر: لمثله أن يتيه، لولا سيفه لما قام عمود الدين، وهو بعد أقضى الأمة، وذو سابقتها، وذو شأنها.
فقال له ذلك القائل: فما منعكم يا أمير المؤمنين منه؟
فقال: ما كرهناه إلا على حداثة سنه، وحبه لبني عبد المطلب، وحمله سورة براءة إلى مكة.
ولما دعا معاوية إلى البراز لتسريح الناس من الحرب بقتل أحدهما فقال له عمرو: قد أنصفك الرجل.
فقال له معاوية: ما غششتني في كل ما نصحتني إلا اليوم، أتأمرني بمبارزة أبي الحسن وأنت تعلم أنه الشجاع المطوق؟ أراك طمعت في إمارة الشام بعدي (73).
وكانت العرب تفتخر لوقوعها في الحرب في مقابلته، فأما قتلاه فافتخر رهطهم لأنه عليه السلام قتلهم وأقوالهم في ذلك أظهر وأكثر من أن تحصى وقالت أم كلثوم (74) في عمر بن عبد ود ترثيه:
لو كان قاتل عمرو غير قاتله * بكيته أبدا ما عشت في الأبد
لكن قاتله من لا يعاب به * أبوه قد كان يدعى بيضة البلد (75)
وجملة الأمر أن كل شجاع في الدنيا إليه ينتمي، وباسمه يستبهل من مشارق الأرض ومغاربها.
وأما كرمه وسخاؤه فهو الذي كان يطوي في صيامه حتى صام طاويا ثلاثة أيام يؤثر السائل كل ليلة بطعامه حتى أنزل الله فيه: (هل أتى على الإنسان) (76) وتصدق بخاتمه في الركوع فنزلت الآية: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) (77)، وتصدق بأربعة دراهم فأنزل الله فيه الآية: (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية) (78) وتصدق بعشرة دراهم يوم النجوى (79) فخفف الله سبحانه عن سائر الأمة بها، وهو الذي كان يستسقي للنخل بيده ويتصدق بأجرته، وفيه قال عدوه معاوية بن أبي سفيان لمحجن الضبي لما قال له: جئتك من عند أبخل الناس، فقال: ويحك كيف قلت؟
تقول له أبخل الناس ولو ملك بيتا من تبر وبيتا من تبن لأنفق تبره قبل تبنه (80)، وهو الذي يقول يا صفراء ويا بيضاء غري غيري، أبي تعرضت أم إلي تشوقت، هيهات هيهات قد طلقتك ثلاثا لا رجعة لي فيك (81)، وهو الذي جاد بنفسه ليلة الفراش وفدى النبي صلى الله عليه وآله حتى نزل في حقه (ومن الناس من يشري نفسه ابتغاء مرضات الله) (82).
قال يوحنا: فلما سمعوا هذا الكلام لم ينكره أحد منهم، وقالوا: صدقت إن هذا الذي قلت قرأناه من كتبنا ونقلناه عن أئمتنا لكن محبة الله ورسوله وعنايتهما أمر وراء هذا كله، فعس الله أن يكون له عناية بأبي بكر أكثر من علي فيفضله عليه.
قال يوحنا: إنا لا نعلم الغيب، ولا يعلم الغيب إلا الله تعالى، وهذا الذي قلتموه تخرص، وقال الله تعالى: (قتل الخراصون) (83) ونحن إنما نحكم بالشواهد التي لعلي عليه السلام على أفضليته فذكرناها.
وأما عناية الله به فتحصل من هذه الكمالات دليل قاطع عليها، فأي عناية خير من أن يجعله الله بعد نبيه أشرف الناس نسبا، وأعظمهم حلما، وأشجعهم قلبا، وأكثرهم جهادا وزهدا وعبادة وكرما وورعا، وغير ذلك من الكمالات القديمة، هذه هي العناية.
وأما محبة الله ورسوله فقد شهد بها رسول الله صلى الله عليه وآله في مواضع، منها:
الموقف الذي لا ينكر وهو يوم خيبر، إذ قال النبي صلى الله عليه وآله: (لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله) (84) فأعطاها عليا.
وروى عالمكم أخطب خوارزم في كتاب المناقب أن النبي صلى الله عليه وآله قال: (يا علي لو أن عبدا عبد الله عز وجل مثلما قام نوح في قومه، وكان له مثل جبل أحد ذهبا فأنفقه في سبيل الله، ومد في عمره حتى حج ألف حجة على قدميه، ثم قتل ما بين الصفا والمروة مظلوما ثم لم يوالك يا علي لم يشم رائحة الجنة ولم يدخلها) (85).
وفي الكتاب المذكور قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (لو اجتمع الناس على حب علي بن أبي طالب لم يخلق الله النار) (86) وفي كتاب الفردوس: حب علي حسنة لا تضر معها سيئة، وبغضه سيئة لا تنفع معها حسنة (87).
وفي كتاب ابن خالويه عن حذيفة بن اليمان قال، قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (من أراد أن يتصدق بفصه الياقوت التي خلق الله بيده ثم قال لها: كوني فكانت فليتول علي بن أبي طالب بعدي).
وفي مسند أحمد بن حنبل في المجلد الأول: أن رسول الله صلى الله عليه وآله أخذ بيد حسن وحسين وقال: (من أحبني وأحب هذين وأحب أباهما. كان معي في درجتي يوم القيامة) (88).
قال يوحنا: يا أئمة الإسلام هل بعد هذا كلام في قول الله تعالى ورسوله في محبته وفي تفضيله على من هو عاطل عن هذه الفضائل؟قالت الأئمة: يا يوحنا، الرافضة يزعمون أن النبي صلى الله عليه وآله أوصى بالخلافة إلى علي عليه السلام ونص عليه بها، وعندنا أن النبي صلى الله عليه وآله لم يوص إلى أحد بالخلافة.
قال يوحنا: هذا كتابكم فيه: (كتب عليكم إذا حضر أحدكم الموت إن ترك خيرا الوصية للوالدين والأقربين) (89).
وفي بخاريكم يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (ما من حق امرئ مسلم أن يبيت إلا وصيته تحت رأسه) (90) أفتصدقون أن نبيكم يأمر بما لا يفعل مع أن في كتابكم تقريعا للذي يأمر بما لا يفعل من قوله (أتأمرون الناس بالبر وتنسون أنفسكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون) (91).
فوالله إن كان نبيكم قد مات بغير وصية فقد خالف أمر ربه، وناقض قول نفسه، ولم يقتد بالأنبياء الماضية من إيصائهم إلى من يقوم بالأمر من بعدهم، على أن الله تعالى يقول: (فبهداهم اقتده) (92) لكنه حاشاه من ذلك وإنما تقولون هذا لعدم علم منكم وعناد، فإن إمامكم أحمد بن حنبل روى في مسنده أن سلمان قال: يا رسول الله فمن وصيك.
قال: يا سلمان من كان وصي أخي موسى عليه السلام.
قال: يوشع بن نون! قال: فإن وصيي ووارثي علي بن أبي طالب.
وفي كتاب ابن المغازلي الشافعي بإسناده عن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: لكل نبي وصي ووارث، وأنا وصيي ووارثي علي بن أبي طالب (93).
وهذا الإمام البغوي محيي سنة الدين، وهو من أعاظم محدثيكم ومفسريكم، وقد روى في تفسيره المسمى بمعالم التنزيل عند قوله تعالى: (وأنذرعشيرتك الأقربين) (94) عن علي (ع أنه قال: لما نزلت هذه الآية أمرني رسول الله صلى الله عليه وآله أن أجمع له بني عبد المطلب فجمعتهم وهم يومئذ أربعون رجلا يزيدون رجلا أو ينقصون، فقاله لهم بعد أن أضافهم برجل شاة وعس من لبن شبعا وريا وإن كان أحدهم ليأكله ويشربه: يا بني عبد المطلب إني قد جئتكم بخير الدنيا والآخرة، وقد أمرني ربي أن أدعوكم إليه فأيكم يؤازرني عليه، ويكون أخي ووصيي وخليفتي من بعدي؟ فلم يجبه أحد.
قال علي: فقمت إليه، وقلت: أنا أجيبك يا رسول الله.
فقال لي: أنت أخي ووصيي وخليفتي من بعدي، فاسمعوا له وأطيعوا، فقاموا يضحكون ويقولون لأبي طالب: قد أمرك أن تسمع لابنك وتطيع (95).
وهذه الرواية قد رواها أيضا إمامكم أحمد بن حنبل في مسنده (96) ومحمد بن إسحاق الطبري في تاريخه (97) والخركوشي أيضا رواها، فإن كانت كذبا فقد شهدتم على أئمتكم بأنهم يروون الكذب على الله ورسوله، والله تعالى يقول: (ألا لعنة الله على الظالمين) (98) (الذين يفترون على الله الكذب) (99)، وقال الله تعالى في كتابه:
(فنجعل لعنة الله على الكاذبين) (100) وإن كانوا لم يكذبوا وكان الأمر على ذلك فما ذلك فما ذنب الرافضة؟ إذن فاتقوا الله يا أئمة الإسلام، بالله عليكم ماذا تقولون في خبر الغدير الذي تدعيه الشيعة؟
قال الأئمة: أجمع علماؤنا على أنه كذب مفترى.
قال يوحنا: الله أكبر، فهذا إمامكم ومحدثكم أحمد بن حنبل روى في مسنده أن البراء بن عازب قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وآله في سفر فنزلنا بغدير خم فنودي فينا الصلاة جامعة وكسح لرسول الله صلى الله عليه وآله تحت شجرتين، وصلى الظهر، وأخذ بيد علي عليه السلام فقال: ألستم تعلمون أني أولى بكل مؤمن من نفسه؟
قالوا: بلى فأخذ بيد علي ورفعها حتى بان بياض إبطيهما وقال لهم: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه، وعاد من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله.
فقال له عمر بن الخطاب: هنيئا لك يا بن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة.
ورواه في مسنده بطريق آخر وأسنده إلى أبي الطفيل، ورواه بطريق آخر وأسنده إلى زيد بن أرقم (101)، ورواه ابن عبد ربه في كتابه العقد الفريد (102)، ورواه سعيد بن وهب، وكذا الثعالبي في تفسيره (103) وأكد الخبر مما رواه من تفسير (سأل سائل) أن حارث بن النعمان الفهري أتى رسول الله صلى الله عليه وآله في ملأ من أصحابه فقال:
يا محمد أمرتنا أن نشهد أن لا إله إلا الله، وأنك محمد رسول الله فقبلنا، وأمرتنا أن نصلي خمسا فقبلنا منك، وأمرتنا أن نصوم شهر رمضان فقبلنا، وأمرتنا أن نحج البيت فقبلنا، ثم لم ترض حتى رفعت بضبعي ابن عمك ففضلته علينا وقلت: (من كنت مولاه فعلي مولاه) فهذا شئ منك أم من الله؟
فقال: والله الذي لا إله إلا هو، إنه أمر من الله تعالى، فولى الحارث بن النعمان وهو يقول: اللهم إن كان ما يقول محمد صلى الله عليه وآله حقا فأمطر علينا حجارة من السماء، فما وصل إلى راحلته حتى رماه الله بحجر فسقط على رأسه وخرج من دبره فخر صريعا، فنزل: (سأل سائل بعذاب واقع) (104)، فكيف يجوز منكم أن يروي أئمتكم وأنتم تقولون: إنه مكذوب غير صحيح؟
قال الأئمة: يا يوحنا قد روت أئمتنا ذلك لكن إذا رجعت إلى عقلك وفكرك علمت أنه من المحال أن ينص رسول الله صلى الله عليه وآله على علي بن أبي طالب الذي هو كما وصفتم ثم يتفق كل الصحابة على كتمان هذا النص ويتراخون عنه، ويتفقون على إخفائه، ويعدلون إلى أبي بكر التيمي الضعيف القليل العشيرة، مع أن الصحابة كانوا إذا أمرهم رسول الله صلى الله عليه وآله بقتل أنفسهم فعلوا، فكيف يصدق عاقل هذا الحال من المحال؟
قال يوحنا: لا تعجبوا من ذلك فأمة موسى عليه السلام كانوا ستة أضعاف أمة محمد صلى الله عليه وآله واستخلف عليهم أخاه هارون وكان نبيهم أيضا وكانوا يحبونه أكثر من موسى، فعدلوا عنه إلى السامري، وعكفوا على عبادة عجل جسد له خوار، فلا يبعد من أمة محمد أن يعدلوا عن وصيه بعد موته إلى شيخ كان رسول الله صلى الله عليه وآله تزوج ابنته، ولعله لو لم يرد القرآن بقصة عبادة العجل لما صدقتموها.
قال الأئمة: يا يوحنا فلم لم ينازعهم بل سكت عنهم وبايعهم؟
قال يوحنا: لا شك أنه لما مات رسول الله صلى الله عليه وآله كان المسلمون قلة، واليمامة فيها مسيلمة الكذاب وتبعه ثمانون ألفا والمسلمون الذين في المدينة حشوهم منافقون، فلو أظهر النزاع بالسيف لكان كل من قتل علي بن أبي طالب بنيه أو أخاه كان عليه وكان قليل من الناس يومئذ من لم يقتل علي من قبيلته وأصحابه وأناسبه قتيلا أو أزيد وكانوا يكونون عليه، فلذلك صبر وشاققهم على سبيل الحجة ستة أشهر بلا خلاف بين أهل السنة، ثم بعدما جرى من طلب البيعة منهم فعند أهل السنة أنه بايع، وعند الرافضة أنه لم يبايع، وتاريخ الطبري (105) يدل على أنه لم يبايع، وإنما العباس لما شاهد الفتنة صاح: بايع ابن أخي.
وأنتم تعلمون أن الخلافة لو لم تكن لعلي لما ادعاها، ولو ادعاها بغير حق لكان مبطلا، وأنتم تروون عن رسول الله صلى الله عليه وآله أنه قال: (علي مع الحق والحق مع علي) (106) فكيف يجوز منه أن يدعي ما ليس بحق فيكذب نبيكم يومئذ؟!
وأما تعجبكم من مخالفة بني إسرائيل نبيهم في خليفته وعدولهم إلى العجل والسامري ففيه سر عجيب إنكم رويتم أن نبيكم قال: (ستحذون حذو بني إسرائيل حذو النعل بالنعل، والقذة بالقذة، حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه) (107) وقد ثبت في كتابكم أن بني إسرائيل خالفت نبيها في خليفته، وعدلوا عنه إلى ما لا يصلح لها.
قال العلماء: يا يوحنا أفتدري أنت أن أبا بكر لا يصلح للخلافة؟
قال يوحنا: أما أنا فوالله لم أر أبا بكر يصلح للخلافة، ولا أنا متعصب للرافضة، لكني نظرت الكتب الإسلامية فرأيت أن أئمتكم أعلمونا أن الله ورسوله أخبر أن أبا بكر لا يصلح للخلافة.
قال الأئمة: وأين ذلك؟
قال يوحنا: رأيت في بخاريكم (108)، وفي الجمع بين الصحاح الستة، وفي صحيح أبي داود، وصحيح الترمذي (109)، ومسند أحمد بن حنبل (110) أن رسول الله صلى الله عليه وآله بعث سورة براءة مع أبي بكر إلى أهل مكة، فلما بلغ ذي الحليفة دعا عليا عليه السلام ثم قال له: أدرك أبا بكر وخذ الكتاب منه فاقرأه عليهم، فلحقه بالجحفة فأخذ الكتاب منه ورجع أبو بكر إلى النبي صلى الله عليه وآله فقال: يا رسول الله أنزل في شئ؟
قال: لا ولكن جاءني جبريل عليه السلام وقال: لن يؤدي عنك إلا أنت أو رجل فإذا كان الأمر هكذا وأبو بكر لا يصلح لأداء آيات يسيرة عن النبي صلى الله عليه وآله في حياته، فكيف يصلح أن يكون خليفته بعد مماته ويؤدي عنه، وعلمنا من هذا أن عليا عليه السلام يصلح أن يؤدي عن النبي صلى الله عليه وآله.
فيا أيها المسلمون لم تتعامون عن الحق الصريح؟ ولم تركنون إلى هؤلاء وكم ترهبون الأهوال؟
أطرق الحنفي برأسه إلى الأرض ثم رفعه وقال: يا يوحنا والله إنك لتنظر بعين الإنصاف، وإن الحق لكما تقول، وأزيدك في معنى هذا الحديث، وهو أن الله تعالى أراد أن يبين للناس أن أبا بكر لا يصلح للخلافة، فلذلك أمر رسول الله صلى الله عليه وآله أن يخرج عليا وراءه ويعزله عن هذا المنصب العظيم ليعلم الناس أن أبا بكر لا يصلح لها، وأن الصلاح لها علي عليه السلام فقال لرسول الله صلى الله عليه وآله: لا يبلغ عنك إلا أنت أو رجل منك (111)، فما تقول أنت يا مالكي؟
قال المالكي: والله فإنه لم يزل يختلج في خاطري أن عليا نازع أبا بكر في خلافته مدة ستة أشهر، وكل متنازعين في الأمر لا بد وأن يكون أحدهما محقا، فإن قلنا إن أبا بكر كان محقا فقد خالفنا مدلول قول النبي صلى الله عليه وآله: (علي مع الحق والحق مع علي) (112). وهذا حديث صحيح لا خلاف فيه ونظر إلى الحنبلي ليرى رأيه.
قال الحنبلي: يا أصحابنا كم نتعامى عن الحق؟ والله إن اليقين أن أبا بكر وعمر غصبا حق علي عليه السلام.
وقال يوحنا: فاختبط القوم، وكثر بينهم النزاع لكن كان مآل كلامهم أن الحق في طرف الرافضة، وكان أقربهم إلى الحق إذن إمام الشافعية، فقال لهم:
أراكم تشكون أن النبي صلى الله عليه وآله قال: من مات ولم يعرف إمام زمانه (113) فليمت إن شاء يهوديا وإن شاء نصرانيا.
فما المراد بإمام الزمان؟ ومن هو؟
قالوا: إمام زماننا القرآن فإنا به نقتدي.
فقال الشافعي: أخطأتم لأن النبي صلى الله عليه وآله قال: الأئمة من قريش (114) ولا يقال للقرآن إنه قد شئ.
فقالوا: النبي إمامنا.
فقال الشافعي: أخطأتم، لأن علماءنا لما اعترض عليهم بأن كيف يجوز لأبي بكر وعمر أن يتركا رسول الله صلى الله عليه وآله مسجى غير مغسل ويذهبا لطلب الخلافة، وهذا دليل على حرصهم عليها، وهو قادح في صحة خلافتهما.
أجاب علماؤنا إنهم لمحوا أقوال النبي صلى الله عليه وآله: (من مات ولم يعرف إمام زمانه مات ميتة جاهلية) ولم يجوزوا على أنفسهم الموت قبل تعيين الإمام، فبادروا
لتعينه هربا من ذلك الوعيد، فعلمنا أن ليس المراد بالإمام هنا النبي.
فقالوا للشافعي: فأنت من إمامك يا شافعي؟
قال: إن كنت من قبيلتكم فلا إمام لي، وإن كنت من قبيلة الاثني عشرية فإمامي محمد بن الحسن عليه السلام.
فقال العلماء: هذا والله أمر بعيد كيف يجوز أن يكون إمامك واحدا من مدة لا يعيش أحد مثله، ولا يراه أحد؟ هذا بعيد جدا.
فقال الشافعي: الدجال من الكفرة تقولون: إنه حي وموجود، وهو قبل المهدي والسامري، كذلك ووجود إبليس لا تنكرونه، وهذا الخضر، وهذا عيسى تقولون: إنهما حيان، وقد ورد عندكم ما يدل على التعمير في حق السعداء والأشقياء، وهذا القرآن ينطق أن أهل الكهف ناموا ثلاث مائة سنة وتسع سنين لا يأكلون ولا يشربون، أفبعيد أن يعيش من ذرية محمد صلى الله عليه وآله واحد مدة طويلة يأكل ويشرب إلا أنه لا يخبرنا أحد أنه رآه؟! فاستبعادكم هذا بعيد جدا.
قال يوحنا: إن نبيكم قال: ستفترق أمتي من بعدي إلى ثلاث وسبعين فرقة واحدة ناجية، واثنتان وسبعون في النار فهل تعرف الناجية من هي؟
قالوا: إنهم أهل السنة والجماعة لقول النبي صلى الله عليه وآله لما سأل عن الفرقة الناجية من هم؟ فقال: (الذين هم على ما أنا عليه اليوم وأصحابي) (115).
قال يوحنا: فمن أين لكم أنكم أنتم اليوم على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله؟
قالوا: ينقل ذلك الخلف عن السلف.
فقال يوحنا: فمن الذي يعتمد على نقلكم؟
قالوا: وكيف ذلك؟
قال: لوجهين:
الأول: أن علماءكم نقلوا كثيرا من الأحاديث التي تدل على إمامة علي عليه السلام وأفضليته، وأنتم تقولون إنه مكذوب عليه، وشهدتم على علمائكم أنهم ينقلون الكذب فربما يكون هذا أيضا كذبا ولا مرجح لكم.
الثاني: أن النبي صلى الله عليه وآله كان يصلي كل يوم الصلوات الخمس في المسجد ولم يضبط له أنه هل كان يبسمل للحمد أم لا؟ وهل كان يعتقد وجوبها أم لا؟ وهل كان يسبل يديه أم لا؟ ولو كان يعتقدهما فهل يعقدهما تحت السرة أو فوقها؟ وهل كان يمسح الوضوء ثلاث شعرات أو ربع الرأس، أو بعضه أو جميعه، فإذا كان سلفكم لم يضبط شيئا كان رسول الله صلى الله عليه وآله يفعله في اليوم والليلة مرارا متعددة، فكيف يضبطون شيئا لم يفعله في العمر إلا مرة واحدة أو مرتين، هذا بعيد! وكيف تقولون إن أهل السنة هم على ما كان عليه النبي صلى الله عليه وآله والحال أنهم يناقض بعضهم بعضا في اعتقاداتهم، واجتماع النقيضين محال.
قال يوحنا: فأطرقوا جميعا، ودار الكلام بينهم، وارتفعت الأصوات بينهم، وقالوا: الصحيح أنا لا نعرف الفرقة الناجية من هي، وكل منا يزعم أنه هو الناجي، وأن غيره هو الهالك، ويمكن أن يكون هو الهالك، وغيره الناجي.
قال يوحنا: هذه الرافضة الذين تزعمون أنهم ضالون يجزمون بنجاتهم، وهلاك من سواهم، ويستدلون على ذلك بأن اعتقادهم أوفى للحق، وأبعد عن الشك.
قالت العلماء: يا يوحنا، قل وإنا والله لا نتهمك لعلمنا أنك تجادلنا على إظهار الحق.
قال يوحنا: أنا أقول باعتقاد الشيعة أن الله قديم ولا قديم سواه، وأنه موجود، وأنه ليس بجسم، ولا في محل، وهو منزه عن الحلول، واعتقادكم أنكم تثبتون معه ثمانية قدماء هي الصفات حتى إن إمامكم الفخر الرازي شنع عليكم، وقال: إن النصارى واليهود كفروا حيث جعلوا مع الله إلهين اثنين قديمين وأصحابنا أثبتوا قدماء تسعة، وابن حنبل أحد أئمتكم قال: إن الله جسم، وإنه على العرش، وإنه ينزل في صورة أمرد، فبالله عليكم أليس الحال كما قلت؟
قالوا: نعم.
قال يوحنا: فاعتقادهم إذا خير من اعتقادكم، واعتقاد الشيعة أن الله سبحانه لا يفعل قبيحا، ولا يخل بواجب، وليس في فعله ظلم، ويرضون بقضاء الله لأنه لا يقضي إلا بالخير، ويعتقدون أن فعله لغرض لا لعبث، وأنه لا يكلف نفسا إلا وسعها، ولا يضل أحدا من عباده، ولا يحول بينهم وبين عبادته، وأنه أراد الطاعة، ونهى عن المعصية، وأنهم مختارون في أفعال أنفسهم، واعتقادكم أنتم أن الفواحش كلها من الله - تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا - وأن كل ما يقع في الوجود من الكفر والفسوق والمعصية والقتل والسرقة والزنا فإنه خلقه الله تعالى في فاعليه وأراد منهم وقضى عليهم به ورفع اختيارهم، ثم يعذبهم عليه، وأنتم لا ترضون بقضاء الله بل إن الله تعالى لا يرضى بقضاء نفسه، وأنه هو الذي أضل العباد وحال بينهم وبين العبادة والإيمان، وإن الله تعالى يقول: (ولا يرضى لعباده الكفر وإن تشكروا يرضه لكم ولا تزر وازرة وزر أخرى) (116)، فاعتبروا هل اعتقادكم خير من اعتقادهم أم اعتقادهم خير من اعتقادكم وأنتم تتلون الكتاب أفلا تعقلون!!
وقالت الشيعة: أنبياء الله معصومون من أول عمرهم إلى آخره عن الصغائر والكبائر فيما يتعلق بالوحي وغيره عمدا وخطأ، واعتقادكم أن يجوز عليهم الخطأ والنسيان، ونسبتم أن رسول الله صلى الله عليه وآله سهى في القرآن بما يوجب الكفر فقلتم: إنه صلى الصبح فقرأ سورة النجم: (أفرأيتم اللات والعزى ومناة الثالثة الأخرى) (117)، وهذا كفر وشرك جلي، حتى أن بعض علمائكم صنف كتابا فيه تعداد ذنوب نسبها للأنبياء عليهم السلام فأجابته الشيعة عن ذلك الكتاب بكتاب سموه بتنزيه الأنبياء (118)، فماذا تقولون أي الاعتقادين أقرب إلى الصواب، وأدنى من الفوز؟
واعتقاد الشيعة أن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يقبض حتى أوصى إلى من يقوم بالأمر بعده، وأنه لم يترك أمته هملا ولم يخالف قوله تعالى، واعتقادكم أنه ترك أمته هملا، ولم يوص إلى من يقوم بالأمر بعده، وإن كتابكم الذي أنزل عليكم فيه وجوب الوصية، وفي حديث نبيكم وجوب الوصية، فلزم على اعتقادكم أن يكون النبي صلى الله عليه وآله أمر الناس بما لم يفعله، فأي الاعتقادين أولى بالنجاة.
واعتقاد الشيعة أن رسول الله صلى الله عليه وآله لم يخرج من الدنيا حتى نص بالخلافة على علي بن أبي طالب عليه السلام ولم يترك أمته هملا فقال له يوم الدار: (أنت أخي ووصيي وخليفتي من بعدي فاسمعوا له وأطيعوا أمره) (119) وأنتم نقلتموه ونقله إمام القراء والطبري والخركوشي وابن إسحاق.
وقال فيه يوم غدير خم: (من كنت مولاه فهذا علي مولاه) حتى قال له عمر: بخ بخ لك يا علي، أصبحت مولاي ومولى كل مؤمن ومؤمنة، نقله إمامكم أحمد بن حنبل في مسنده (120). وقال فيه لسلمان: (إن وصيي ووارثي علي بن أبي طالب) رواه إمامكم أحمد بن حنبل (121). وقال فيه: (إن الأنبياء ليلة المعراج قالوا لي: بعثنا على الاقرار بنبوتك، والولاية لعلي بن أبي طالب) ورويتموه في الثعلبي والبيان وقال فيه: (إنه يحب الله ورسوله) ورويتموه في البخاري ومسلم (122). وقال فيه (لا يؤدي عني إلا أنا أو رجل مني)، وعنى به علي بن أبي طالب، ورويتموه في الجمع بين الصحيحين، وقال فيه: (أنت مني منزلة هارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي)، ورويتموه في البخاري (123). وأنزل الله فيه: (هل أتى على الإنسان حين من الدهر) (124) وأنزل فيه: (إنما وليكم الله ورسوله والذين آمنوا الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة وهم راكعون) (125) وأنه صاحب آية الصدقة (126)، وضربته لعمرو بن عبد ود العامري أفضل من عمل الأمة إلى يوم القيامة (127)، وهو أخو رسول الله صلى الله عليه وآله وزوج ابنته، وباب المدينة، وإمام المتقين، ويعسوب الدين، وقائد الغر المحجلين (128)، حلال المشكلات، وفكاك المعضلات، هو الإمام بالنص الإلهي، ثم من بعده الحسن والحسين اللذان قال فيهما النبي صلى الله عليه وآله: (هذان إمامان قاما أو قعدا، وأبوهما خير منهما) (129).
وقال النبي صلى الله عليه وآله: (الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة) (130)، ثم علي زين العابدين، ثم أولاده المعصومون الذين خاتمهم الحجة المهدي إمام الزمان عليه السلام الذي من مات ولم يعرفه مات ميتة الجاهلية (131)، وأنتم رويتم في صحاحكم عن جابر بن سمرة أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله يقول: (يكون بعدي اثنا عشر أميرا) قال كلمة لم أسمعها (132) وفي بخاريكم (133) قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (لا يزال أمر الناس ماضيا ما وليهم اثنا عشر رجلا) ثم تكلم بكلمة خفيفة خفيت علي.
وفي صحيح مسلم (لا يزال أمر الدين قائما حتى تقوم الساعة ويكون عليهم اثنا عشر خليفة كلهم من قريش) (134)، وفي الجمع بين الصحيحين والصحاح الستة أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال: (إن هذا الأمر لا ينقضي حتى يمضي اثنا عشر خليفة كلهم من قريش) (135).
وروى عالمكم ومحدثكم وثقتكم صاحب كفاية الطالب عن أنس بن مالك، قال: كنت أنا وأبو ذر وسلمان وزيد بن ثابت وزيد بن أرقم عند النبي صلى الله عليه وآله إذ دخل الحسن والحسين عليهما السلام فقبلهما رسول الله، وقام أبو ذر فانكب عليهما، وقبل أيديهما، ورجع فقعد معنا، فقلنا له سرا: يا أبا ذر رأيت شيخا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله يقوم إلى صبيين من بني هاشم فينكب عليهما ويقبلهما ويقبل أيديهما.
فقال: نعم، لو سمعتم ما سمعت لفعلتم بهما أكثر مما فعلت.
فقلنا: وما سمعت فيهما من رسول الله صلى الله عليه وآله يا أبا ذر؟
فقال: سمعته يقول لعلي ولهما: (والله لو أن عبدا صلى وصام حتى يصير كالشن البالي إذا ما نفعه صلاته ولا صومه إلا بحبكم والبراءة من عدوكم.
يا علي، من تولى إلى الله بحقكم فحق على الله أن لا يرده خائبا.
يا علي، من أحبكم وتمسك بكم فقد تمسك بالعروة الوثقى).
قال: ثم قام أبو ذر وخرج فتقدمنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله فقلنا: يا رسول الله أخبرنا أبو ذر بكيت وكيت.
فقال: صدق أبو ذر، والله ما أقلت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر (136).
ثم قال صلى الله عليه وآله: (خلقني الله تعالى وأهل بيتي من نور واحد قبل أن خلق الله آدم بسبعة آلاف عام، ثم نقلنا من صلبه في أصلاب الطاهرين إلى أرحام الطاهرات.
قلت يا رسول الله: وأين كنتم؟ وعلى أي شأن كنتم؟
فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: (كنا أشباحا من نور تحت العرش نسبح الله ونقدسه).
ثم قال صلى الله عليه وآله: (لما عرج بي إلى السماء وبلغت إلى سدرة المنتهى ودعني جبرئيل.
فقلت: يا حبيبي جبرئيل في مثل هذا المقام تفارقني؟
فقال: يا محمد إني لا أجوز هذا الموضع فتحترق أجنحتي، ثم زج بي من النور إلى النور ما شاء الله تعالى، فأوحى الله تعالى إلي: يا محمد: إني اطلعت إلى الأرض اطلاعة فاخترتك منها وجعلتك نبيا، ثم اطلعت ثانيا فاخترت منها عليا وجعلته وصيك ووارث علمك وإماما من بعدك، وأخرج من أصلابكم الذرية الطاهرة والأئمة المعصومين خزان علمي، ولولا هم ما خلقت الدنيا ولا الآخرة، ولا الجنة ولا النار، أتحب أن تراهم؟
فقلت: نعم يا رب، فنوديت، يا محمد ارفع رأسك، فرفعت رأسي فإذا أنا بأنوار علي، والحسن، والحسين، وعلي بن الحسين، ومحمد بن علي، وجعفر بن محمد، وموسى بن جعفر، وعلي بن موسى، ومحمد بن علي، وعلي بن محمد، والحسن بن علي، والحجة بن الحسن يتلألأ من بينهم كأنه كوكب دري (عليهم أفضل الصلاة والسلام).
فقلت: يا رب من هؤلاء ومن هذا؟
فقال سبحانه وتعالى: هؤلاء الأئمة من بعدك المطهرون من صلبك، وهذا هو الحجة الذي يملأ الأرض قسطا وعدلا كما ملئت ظلما وجورا ويشفي صدور قوم مؤمنين.
فقلنا: بآبائنا وأمهاتنا أنت يا رسول الله لقد قلت عجبا.
فقال: صلى الله عليه وآله (وأعجب من هذا أن أقواما يسمعون هذا مني ثم يرجعون على أعقابهم بعد إذ هداهم الله ويؤذونني فيهم لا أنالهم الله شفاعتي (137).
قال يوحنا: واعتقادكم أنتم أن رسول الله صلى الله عليه وآله لما مات على غير وصية، ولم ينص على خليفته، وأن عمر بن الخطاب اختار أبا بكر وبايعه وتبعته الأمة، وأنه سمى نفسه خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله وأنتم تعلمون كلكم أن أبا بكر وعمر لما مات رسول الله صلى الله عليه وآله تركاه بغير غسل ولا كفن وذهبا إلى سقيفة بني ساعدة فنازعا الأنصار في الخلافة، وولي أبو بكر الخلافة ورسول الله صلى الله عليه وآله لم يستخلفه، وأنه كان يعبد الأصنام قبل أن يسلم أربعين سنة، والله تعالى يقول:
(لا ينال عهدي الظالمين) (138) ومنع فاطمة إرثها من أبيها رسول الله صلى الله عليه وآله بخبر (رواه).
قالت فاطمة: يا أبا بكر ترث أباك ولا أرث أبي، لقد جئت شيئا فريا، وعارضته بقول الله: (يرثني ويرث من آل يعقوب) (139)، (وورث سليمان داود) (140)، وقال الله تعالى:
(يوصيكم الله في أولادكم) (141) ولو كان حديث أبي بكر صحيحا لم يمسك علي بن أبي طالب عليه السلام سيف رسول الله صلى الله عليه وآله وبغلته وعمامته ونازع العباس عليا بعد موت فاطمة عليها السلام في ذلك، ولو كان هذا الحديث معروفا لم يجز لهم ذلك، وأبو بكر منع فاطمة عليها السلام فدكا لأنها ادعت ذلك، وذكرت أن النبي صلى الله عليه وآله نحلها إياها فلم يصدقها في ذلك مع أنها من أهل الجنة، وأن الله تعالى أذهب عنها الرجس الذي هو أعم من الكذب وغيره، واستشهدت عليا عليه السلام وأم أيمن مع شهادة النبي صلى الله عليه وآله لها بالجنة، فقال: رجل مع رجل وامرأة، وصدق الأزواج في ادعاء الحجرة، ولم يجعل الحجرة صدقة فأوصت فاطمة وصية مؤكدة أن يدفنها علي ليلا حتى لا يصلي عليها أبو بكر (142).
وأبو بكر قال: أقيلوني فلست بخيركم وعلي فيكم (143)، فإن صدق فلا يصح له التقدم على علي بن أبي طالب عليه السلام وإن كذب فلا يصلح للإمامة، ولا يحمل هذا على التواضع لجعله شيئا موجبا لفسخ الإمامة وحاملا له عليه.
وأبو بكر قال: إن لي شيطانا يعتريني، فإذا زغت فقوموني (144). ومن يعتريه الشيطان فلا يصلح للإمامة!!
وأبو بكر قال في حقه عمر: إن بيعة أبي بكر كانت فلتة، ووقى الله المسلمين شرها، فمن عاد إلى مثلها فاقتلوه (145)، فتبين أن بيعته كانت خطأ على غير الصواب، وأن مثلها مما يجب المقاتلة عليها.
وأبو بكر تخلف عن جيش أسامة وولاه عليه، ولم يول النبي صلى الله عليه وآله على علي أحدا (146).
وأبو بكر لم يوله رسول الله صلى الله عليه وآله عملا في زمانه قط إلا سورة براءة، وحين ما خرج أمر الله تعالى رسوله بعزله وأعطاها عليا (147).
وأبو بكر لم يكن عالما بالأحكام الشرعية، حتى قطع يسار السارق، وأحرق بالنار الفجاءة السلمي التيمي (148)، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله: (لا يعذب بالنار إلا رب النار) (149).
ولما سأل عن الكلالة لم يعرف ما يقول فيها فقال: أقول برأيي فإن كان صوابا فمن الله وإن كان خطأ فمن الشيطان.
وسألته جدة عن ميراثها، فقال: لا أجد لك في كتاب الله شيئا ولا في سنة محمد، ارجعي حتى أسأل فأخبره المغيرة بن شعبة أن النبي صلى الله عليه وآله أعطاها السدس وكان يستفتي الصحابة في كثير من الأحكام.
وأبو بكر لم ينكر على خالد بن الوليد في قتل مالك بن نويرة، ولا في تزوج امرأته ليلة قتله من غير عدة.
وأبو بكر بعث إلى بيت أمير المؤمنين عليه السلام لما امتنع من البيعة فأضرم فيه النار (150) وفيه فاطمة عليها السلام وجماعة من بني هاشم وغيرهم فأنكروا عليه.
وأبو بكر لما صعد المنبر جاء الحسن والحسين وجماعة من بني هاشم وغيرهم وأنكروا عليه وقال له الحسن والحسين عليهما السلام: هذا مقام جدنا ولست أهلا له (151).
وأبو بكر لما حضرته الوفاة، قال: يا ليتني تركت بيت فاطمة لم أكشفه، وليتني كنت سألت رسول الله صلى الله عليه وآله: هل للأنصار في الأمر حق؟
وقال: ليتني في ظلة بني ساعدة ضربت على يد أحد الرجلين، وكان هو الأمير وأنا الوزير (152).
وأبو بكر عندكم أنه خالف رسول الله صلى الله عليه وآله في الاستخلاف، لأنه استخلف عمر بن الخطاب ولم يكن للنبي صلى الله عليه وآله ولاه قط عملا إلا غزوة خيبر فرجع منهزما.
وولاه الصدقات فشكا العباس فعزله النبي صلى الله عليه وآله وأنكر الصحابة على أبي بكر تولية عمر حتى قال طلحة: وليت عمر فظا غليظا.
وأما عمر، فإنه أتي إليه بامرأة زنت وهي حامل فأمر برجمها، فقال علي عليه السلام: إن كان لك عليها سبيل فليس لك على حملها من سبيل، فأمسك وقال:
لولا علي لهلك عمر (153).
وعمر شك في موت النبي صلى الله عليه وآله وقال: ما مات محمد ولا يموت حتى تلا عليه أبو بكر الآية (إنك ميت وإنهم ميتون) (154) فقال: صدقت، وقال: كأني لم أسمعها (155).
وجاءوا إلى عمر بامرأة مجنونة قد زنت فأمر برجمها، فقال له علي عليه السلام:
القلم مرفوع عن المجنون حتى يفيق، فأمسك، فقال: لولا علي لهلك عمر (156).
وقال في خطبة له: من غالى في مهر امرأته جعلته في بيت مال المسلمين، فقالت له امرأة، تمنعنا ما أحل الله لنا حيث يقول: (وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا) (157) فقال: كل الناس أفقه من عمر حتى المخدرات في البيوت (158).
وكان يعطي حفصة وعائشة كل واحدة منهما مائتي ألف درهم، وأخذ مائتي ألف درهم من بيت المال فأنكر عليه المسلمون فقال: أخذته على وجه القرض (159).
ومنع الحسن والحسين عليهما السلام إرثهما من رسول الله صلى الله عليه وآله ومنعهما الخمس (160).
وعمر قضى في الحد بسبعين قضية وفضل في العطاء والقسمة ومنع المتعتين وقال: متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله حلالا وأنا محرمهما، ومعاقب من فعلهما (161).
وخالف النبي صلى الله عليه وآله وأبا بكر في النص وعدمه، وجعل الخلافة في ستة نفر، ثم ناقض نفسه وجعلها في أربعة نفر، ثم في الثلاثة، ثم في واحد، فجعل إلى عبد الرحمن بن عوف الاختيار بعد أن وصفه بالضعف والقصور، ثم قال: إن اجتمع علي وعثمان فالقول ما قالا، وإن صاروا ثلاثة ثلاثة فالقول للذين فيهم عبد الرحمن بن عوف، لعلمه أن عليا وعثمان لا يجتمعان على أمر، وأن عبد الرحمن بن عوف لا يعدل بالأمر عن ابن أخته وهو عثمان، ثم أمر بضرب عنق من تأخر عن البيعة ثلاثة أيام (162).
وعمر أيضا مزق الكتاب كتاب فاطمة عليها السلام وهو أنه لما طالت المنازعة بين فاطمة وأبي بكر، رد عليها فدك والعوالي، وكتب لها كتابا فخرجت والكتاب في يدها فلقيها عمر فسألها عن شأنها، فقصت قصتها، فأخذ منها الكتاب وخرقه (163)، ودعت عليه فاطمة، فدخل على أبي بكر ولامه على ذلك واتفقا على منعها.
وأما عثمان بن عفان فجعل الولايات بين أقاربه، فاستعمل الوليد أخاه لأمه على الكوفة، فشرب الخمر، وصلى بالناس وهو سكران (164)، فطرده أهل الكوفة فظهر منه ما ظهر.
وأعطى الأموال العظيمة أزواج بناته الأربع، فأعطى كل واحد من أزواجهن مائة ألف مثقال من الذهب من بيت مال المسلمين، وأعطى مروان ألف ألف درهم من خمس أفريقية (165).
وعثمان حمى لنفسه عن المسلمين ومنعهم عنه (166)، ووقع منه أشياء منكرة في حق الصحابة، وضرب ابن مسعود (167) حتى مات وأحرق مصحفه، وكان ابن مسعود يطعن في عثمان ويكفره.
وضرب عمار بن ياسر صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله حتى صار به فتق (168).
واستحضر أبا ذر من الشام لهوى معاوية وضربه ونفاه إلى الربذة (169)، مع أن النبي صلى الله عليه وآله كان يقرب هؤلاء الثلاثة.
وعثمان أسقط القيود - عن ابن عمر - لما قتل النوار بعد الإسلام.
وأراد أن يسقط حد الشراب عن الوليد بن عتبة الفاسق، فاستوفى منه علي عليه السلام وخذلته الصحابة حتى قتل ولم يدفن إلا بعد ثلاثة أيام ودفنوه في حش كوكب.
وغاب عن المسلمين يوم بدر، ويوم أحد، وعن بيعة الرضوان.
وهو كان السبب في أن معاوية حارب عليا عليه السلام على الخلافة، ثم آل الأمر إلى أن سب بنو أمية عليا عليه السلام على المنبر، وسموا الحسن، وقتلوا الحسين، وشهروا أولاد النبي صلى الله عليه وآله وذريته في البلاد يطاف بهم على المطايا (170)، فآل الأمر إلى الحجاج حتى أنه قتل من آل محمد اثني عشر ألفا، وبنى كثيرا منهم في الحيطان وهم أحياء، وكل السبب في هذا أنهم جعلوا الإمامة بالاختيار والإرادة، ولو أنهم اتبعوا النص في ذلك ولم يخالف عمر بن الخطاب النبي صلى الله عليه وآله في قوله: (آتوني بدواة وكتف أكتب لكم كتابا لن تضلوا بعده أبدا) (171)، لما حصل الخلاف وهذا الضلال.
قال يوحنا: يا علماء الدين هؤلاء الذين يسمون الرافضة هذا اعتقادهم الذين ذكرنا، وأنتم هذا اعتقادكم الذي قررناه، ودلائلهم هذه التي سمعتموها، ودلائلكم هذه التي نقلتموها.
فبالله عليكم أي الفريقين أحق بالأمر إن كنتم تعلمون؟
فقالوا بلسان واحد: والله إن الرافضة على الحق، وإنهم المصدقون على أقوالهم، لكن الأمر جرى على ما جرى فإنه لم يزل أصحاب الحق مقهورين، واشهد علينا يا يوحنا إنا على موالاة آل محمد، ونتبرأ من أعدائهم، إلا أنا نستدعي منك أن تكتم علينا أمرنا لأن الناس على دين ملوكهم.
قال يوحنا: فقمت عنهم وأنا عارف بدليلي، واثق باعتقادي بيقين فلله الحمد والمنة، ومن يهد الله فهو المهتد.
فسطرت هذه الرسالة لتكون هداية لمن طلب سبيل النجاة، فمن نظر فيها بعين الإنصاف أرشد إلى الصواب، وكان بذلك مأجورا، ومن ختم على قلبه ولسانه فلا سبيل إلى هدايته كما قال الله تعالى: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء) (172) فإن أكثر المتعصبين (سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون، ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم) (173).
اللهم إنا نحمدك على نعمك الجسام، ونصلي على محمد وآله المطهرين من الآثام، مدى الأيام، على الدوام إلى يوم القيامة.



 




____________
(1) أنظر: الفقه على المذاهب الأربعة: ج 4 - ص 14 و 15.
(2) أنظر: الأم للشافعي ج 5 - ص 22 - 25.
(3) سورة المائدة الآية: 49.
(4) الفقه على المذاهب الأربعة ج 5 - ص 119.
(5) ومثله أيضا، كما قال في ج 133 من تاريخ بغداد ص 370، قال الحارث بن عمير: وسمعته يقول (يعني أبو حنيفة): لو أن شاهدين شهدا عند قاض، أن فلان بن فلان طلق مرأته، وعلموا جميعا أنهما شهدا بالزور ففرق القاضي بينهما، ثم لقيها أحد الشاهدين فله أن يتزوج بها.7
(6) الفقه على المذاهب الأربعة ج 5 - ص 129.
(7) الفقه على المذاهب الأربعة ج 5 ص 1418
(8) المستدرك للحاكم ج 4 ص 355، كنز العمال ج 5 ص 340 ح 13129.
(9) الفتاوى الخيرية ج 2 - ص 150.
(10) سورة النساء الآية: 141.
(11) أنظر: الأم للشافعي ج 6 ص 208، الفقه الإسلامي وأدلته ج 5 ص 566.
(12) الفقه على المذاهب الأربعة ج 5 ص 123.
(13) الفقه على المذاهب الأربعة ج 5 ص 124.
(14) الفقه على المذاهب الأربعة ج 5 ص 63.
(15) الفقه على المذاهب الأربعة ج 5 ص 117.
(16) مسند أحمد ج 1 - ص 25، حلية الأولياء ج 6 ص 342، السنن الكبرى للبيهقي ج 1 - ص 41.
(17) الفقه على المذاهب الأربعة ج 1 - ص 242.
(18) الفقه على المذاهب الأربعة ج 1 - ص 26.
(19) الفقه على المذاهب الأربعة ج 1 - ص 68، الفقه على المذاهب الخمسة ص 37.
(20) الفقه على المذاهب الأربعة ج 1 - ص 26.
(21) الفقه على المذاهب الأربعة ج 1 - ص 230.
(22) الفقه على المذاهب الأربعة ج 1 - ص 307.
(23) أنظر الفقه على المذاهب الأربعة ج 5 ص 134.
(24) سورة النساء الآية: 23.
(25) الفقه الإسلامي وأدلته ج 7 ص 128.
(26) الفقه على المذاهب الأربعة ج 5 ص 140، ونقل لنا العلامة الزمخشري في تفسير الكشاف: 3 - 301 فإنه يقول:
إذا سألوا عن مذهبي لم أبح به * وأكتمه كتمانه لي أسلم
فإن حنفيا قلت قالوا بأنني * أبيح الطلا وهو الشراب المحرم
وإن مالكيا قلت قالوا بأنني * أبيح لهم أكل الكلاب وهم هم
وإن شافعيا قلت قالوا بأنني * أبيح نكاح البنت والبنت تحرم
وإن حنبليا قلت قالوا بأنني * ثقيل حلولي بغيض مجسم
وإن قلت من أهل الحديث وحزبه * يقولون: تيس ليس يدري ويفهم
تعجبت من هذا الزمان وأهله * فما أحد من ألسن الناس يسلم
أحزين دهري وقدم معشرا * على أنهم لا يعلمون وأعلم
فنرى أن العالم الزمخشري يخجل أن ينسب نفسه إلى أحد المذاهب الأربعة وهو من كبار أعلام السنة!!
(27) الإمام الصادق والمذاهب الأربعة ج 2 ص 509، وممن روى أنه تعالى ينزل إلى سماء الدنيا (تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا) البخاري في التهجد بالليل، مسند أحمد بن حنبل ج 1 - ص 120 و ص 446، الترمذي ج 1 - ص 142.
(28) سورة سبأ الآية: 13.
(29) سورة هود الآية: 40.
(30) سورة الأنعام الآية: 17.
(31) سورة الأعراف الآية: 17.
(32) سورة البقرة الآية: 343.
(33) سورة الأنعام الآية: 37.
(34) سورة الرعد الآية: 1.
(35) صحيح مسلم ج 1، ص 51 - 53.
(36) مسند أحمد ج 5 - ص 25، المعجم الكبير للطبراني ج 20 - ص 229 - 230 - ح 538، مجمع الزوائد ج 9 - ص 102، كنز العمال ج 11 - ص 605 - ح 32924.
(37) المعجم الكبير للطبراني ج 1 - ص 226 - ح 730، تاريخ بغداد ج 9 - ص 369، كنز العمال ج 13 - ص 167 - ح 3650، وقد أفردت لهذا الحديث كتب مستقلة، مثل: قصة الطير للحاكم النيسابوري المتوفى سنة 405 هـ‍، وقد تقدم بعض المصادر لهذا الحديث فراجع.
(38) صحيح الترمذي ج 5 - ص 595 - ح 3721، مجمع الزوائد ج 9 - ص 126، المستدرك ج 3 - ص 130 - 131، مشكاة المصابيح للخطيب التبريزي ج 3 - ص 1721 - ح 6085، خصائص أمير المؤمنين للنسائي ص 34 - ح 12.
(39) مناقب الخوارزمي ص 110 - ح 18، فرائد السمطين ج 1 - ص 223 - ح 174.
(40) كفاية الطالب ص 270، حلية الأولياء ج 1 - ص 65 - 66.
(41) سورة النساء الآية: 95.
(42) راجع: ابن جرير الطبري في مسند علي من تهذيب الآثار ص 105 - ح 173، المستدرك ج 3 - ص 126، مجموع الزوائد ج 9 ص 114، المعجم الكبير للطبراني ج 11 ص 65 - 66 - ح 11061، تاريخ بغداد ج 4 - ص 348، كنز العمال ج 11 - ص 614 - ح 32977 و 32078، ذخائر العقبى ص 83، وقد أفردت لهذا الحديث كتب مستقلة، مثل فتح الملك العلي بصحة حديث باب مدينة العلم علي، للمغربي.
(43) طبقات ابن سعد ج 2 ص 135، ذخائر العقبى ص 83، مناقب الخوارزمي ص 81 - ح 66، مسند أحمد ج 5 - ص 113.
(44) هو عبد الله بن محمد بن الحنفية الملقب بالأكبر، والمكنى بأبي هاشم، إمام الكيسانية مات سنة 98 أو 99. تنقيح المقال للمامقاني ج 2 - ص 212.
(45) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 - ص 17.
(46) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 - ص 17 - 18.
(47) مناقب الخوارزمي ص 96 و 97 - ح 97 و 98، فرائد السمطين ج 1 - 344 و 345 - ح 266 و 267.
(48) فيض القدير ج 4 - ص 357، فضائل الخمسة من الصحاح الستة ج 2 - ص 309، علي إمام المتقين لعبد الرحمن الشرقاوي ج 1 - ص 100 و 101، مناقب ابن شهرآشوب ج 2 - ص
361.
(49) البداية والنهاية ج 7 ص 356، كفاية الطالب ص 121.
(50) الموطأ لمالك ج 2 - ص 842 - ح 2، المستدرك ج 4 - ص 375، فضائل الخمسة ج 2 - ص 310.
(51) الإستيعاب ج 3 ص 1103، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 ص 19، وذكر القرطبي في تفسيره ج 16 ص 390 عند الكلام على تفسير قوله تعالى: (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا) سورة الأحقاف الآية 15، أن عثمان قد أتي بامرأة ولدت لستة أشهر، فأراد أن يقيم عليها الحد فقال له علي عليه السلام ليس ذلك عليها، قال الله تعالى: (وحمله وفصاله ثلاثون شهرا).
(52) الإستيعاب ج 3 - ص 1105 - 1106: فضائل الخمسة من الصحاح الستة ج 2 - ص 302، ذخائر العقبى ص 84، الصواعق المحرقة ص 77.
(53) مناقب ابن شهر آشوب ج 2 - ص 367، الفصول المائة ج 5 ص 366 - ح 15، كنز العمال ج 3 - ص 379، بحار الأنوار ج 40 - ص 252، الغدير ج 6 - ص 174.
(54) كنز العمال ج 3 - ص 179، بحار الأنوار ج 40 - ص 257.
(55) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 9 - ص 321، كتاب الأم ج 4 - ص 233، باب الخلافة في قتال أهل البغي، وقد قال الشافعي: عرفنا حكم البغاة من علي عليه السلام.
(56) فقد روي أنه أتى عمر بن الخطاب بامرأة حامل قد اعترفت بالفجور فأمر برجمها فلقيها علي فقال: ما بال هذه؟ فقالوا: أمر عمر برجمها، فردها علي عليه السلام وقال: هذا سلطانك عليها فما سلطانك على ما في بطنها؟ ولعلك انتهرتها، أو أخفتها، قال: قد كان ذلك، قال: أو ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله قال: لا حد على معترف بعد بلاء أنه من قيد أو حبس أو تهدد فلا إقرار له، فخل سبيلها ثم قال: عجزت النساء أن تلد مثل علي بن أبي طالب، لولا علي لهلك عمر، راجع:
الرياض النضرة ج 3 - ص 163، ذخائر العقبى ص 81، مطالب السؤول ص 13، مناقب الخوارزمي ص 48، الأربعين للفخر الرازي ص 466، الغدير ج 6 - ص 110.
(57) نهج الحق وكشف الصدق ص 238، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 ص 19.
(58) نهج الحق وكشف الصدق ص 228، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 - ص 19.
(59) تقدمت تخريجاته.
(60) تقدمت تخريجاته.
(61) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 7 - ص 253، وقد تقدمت تخريجاته فيما سبق.
(62) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 7 - ص 253، وقد تقدمت تخريجاته فيما سبق.
(63) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 - ص 26.
(64) الإرشاد للمفيد ص 256، إعلام الورى ص 255، بحار الأنوار ج 46 - ص 74 ح 12.
(65) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 - ص 20.
(66) المغازي للواقدي ج 1 - ص 92.
(67) المغازي ج 1 - ص 147 و 152، الإرشاد للشيخ المفيد ص 41 و 43، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 - ص 24.
(68) المغازي للواقدي ج 1 - ص 92.
(69) ذخائر العقبى ص 8 6، فضائل الصحابة لأحمد ج 2 ص 594 - ح 1010، مجمع الزوائد ج 6 - ص 114، نهج الحق وكشف الصدق ص 249.
(70) تاريخ الطبري ج 2 - ص 203، الكامل لابن الأثير ج 2 ص 110، السيرة الحلبية ج 2 - ص 227، البداية والنهاية ج 4 - ص 28، السيرة النبوية لابن كثير ج 3 - ص 55، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 15 - ص 21، الدر المنثور ج 2 - ص 89.
(71) سورة الأحزاب الآية 10.
(72) المغازي للواقدي ج 2 - ص 470 - 471، وقد تقدم حديث قتل عمر بن ود.
(73) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 - ص 20 و ج 8 - ص 53.
(74) وهي أخته عمرة وكنيتها أم كلثوم.
(75) المستدرك على الصحيحين ج 3 - ص 33، الفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص 62، الإرشاد للمفيد ج 1 - ص 108، لسان العرب لابن منظور ج 7 - ص 127.
(76) سورة الإنسان الآية: 1، تقدمت تخريجاته.
(77) سورة المائدة الآية: 55.
(78) سورة البقرة الآية: 274.
(79) تقدمت تخريجاته.
(80) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 - ص 22.
(81) نهج البلاغة صبحي الصالح ص 480 - 481، قصار الحكم 77.
(82) سورة البقرة الآية: 207، تقدمت تخريجات نزولها.
(83) سورة الذاريات الآية: 10.
(84) ترجمة الإمام علي بن أبي طالب من تاريخ دمشق لابن عساكر ج 1 - ص 205 - ح 269 و ص 157 - ح 219 و 231، سنن الترمذي ج 5 - ص 596 - ح 3724، فرائد السمطين ج 1 - ص 259، مجمع الزوائد د 6 - ص 151، المستدرك للحاكم ج 3 - ص 38، و ص 438، عيون الأثر ج 2 - ص 132، مسند أحمد بن حنبل ج 2 - ص 384، صحيح مسلم ج 4 - ص 1878 - ح 33 - (2405) أنساب الأشراف للبلاذري ج 2 ص 93، خصائص النسائي ص 34 - ح 11، مناقب علي بن أبي طالب لابن المغازلي ص 181 - ح 216، الطبقات لابن سعد ج 2 - ص 110، ينابيع المودة ص 49، المعجم الصغير للطبراني ج 2 - ص 100، مسند أبي داود الطيالسي ص 320، تذكرة الخواص للسبط بن الجوزي ص 24، السنن الكبرى للبيهقي ج 9 - ص 106 و ص 131، حلية الأولياء ج 1 - ص 62، أسنى المطالب للجزري ص 62، صحيح البخاري ج 5 - ص 22، أسد الغابة ج 4 - ص 21، البداية والنهاية ج 4 - ص 182، تاريخ الطبري ج 3 - ص 12، ذخائر العقبى ص 87، تاريخ الإسلام للذهبي ج 2 - ص 194، العقد الفريد ج 2 - ص 194، الكامل في التاريخ ج 2 - ص 149، مروج الذهب ج 3 - ص 14، إحقاق الحق ج 5 ص 400، فضائل الخمسة ج 2 - ص 161.
(85) لسان الميزان ج 5 - ص 219، ميزان الاعتدال ج 3 ص 597.
(86) مناقب الخوارزمي ص 67 - ح 39، الفردوس ج 3 - ص 373 - ح 5135.
(87) الفردوس ج 2 - ص 143 - ح 3725، مناقب الخوارزمي ص 75 - ح 56.
(88) مسند أحمد ج 1 - ص 77، سنن الترمذي ج 5 - ص 599 - ح 3733، تاريخ بغداد ج 13 - ص 288، كنز العمال ج 13 - ص 639 ح 37613.
(89) سورة البقرة الآية: 180.
(90) صحيح البخاري ج 4 - ص 2، صحيح مسلم ج 3 - ص 1249 - ح 1، سنن ابن ماجة ج 2 - ص 901 - ح 2699.
(91) سورة البقرة الآية: 44.
(92) سورة الأنعام الآية: 90.
(93) مناقب ابن المغازلي ص 200 - 201 - ح 238، ذخائر العقبى ص 71.
(94) سورة الشعراء الآية: 214.
(95) معالم التنزيل للبغوي ج 3 ص 400.
(96) مسند أحمد ج 1 - ص 159.
(97) تاريخ الطبري ج 2 - ص 319 - 321.
(98) سورة هود الآية: 18.
(99) سورة يونس الآية 69 و 96، وسورة النحل الآية 116.
(100) سورة آل عمران الآية 61.
(101) مسند أحمد ج 2 - ص 93، و ج 4 - ص 368 و ص 372 و ص 381.
(102) العقد الفريد ج 5 ص 61.
(103) وممن ذكر خبر الحارث بن النعمان: فرائد السمطين ج 1 - ص 82 - ح 53، نور الأبصار للشبلنجي ص 71 ط السعيدية و ص 71 ط العثمانية، نظم درر السمطين للزرندي الحنفي ص 93، ينابيع المودة للقندوزي الحنفي ص 328 ط الحيدرية و ص 274 ط إسلامبول و ج 2 - ص 99 العرفان بصيدا.
(104) سورة المعارج الآية 1.
(105) تاريخ الطبري ج 3 - ص 208.
(106) تقدمت تخريجاته.
(107) أنظر: معالم التنزيل للبغوي ج 4 - ص 465، مجمع البيان ج 10 - ص 462، باختلاف، وقد تقدم المزيد من تخريجات الحديث فيما سبق.
(108) صحيح البخاري ج 6 - ص 81.
(109) سنن الترمذي ج 5 - ص 256 - 257 - ح 3090 - 3092 - - و ج 3 - ص 222 - ح 871.
(110) مسند أحمد ص ج 6 - ص 81.
(111) مسند أحمد ج 3 - ص 212، المصنف لابن أبي شيبة ص 84 - 85 - ح 12184، كنز العمال ج 2 - ص 431 - ح 4421، البداية والنهاية ج 5 ص 37، وقد تقدمت تخريجات.
(112) تقدمت تخريجاته.
(113) تقدمت تخريجاته.
(114) مسند أبي داود ص 125 - ح 926، مسند أحمد ج 3 - ص 183، المصنف لابن أبي شيبة ج 12 - ص 169 - ح 12438 و ص 173 - ح 12447، كنز العمال ج 12 - ص 30 - ح 33831.
(115) المعجم الصغير للطبراني ج 1 - ص 256، كنز العمال ج 1 - ص 210 - ح 1055 و 1057، مجمع الزوائد 1 - ص 189.
(116) سورة الزمر الآية 7.
(117) سورة النجم الآية 19 و 20.
(118) تنزيه الأنبياء لعلم الهدى الشريف المرتضى - أعلى الله مقامه -.
(119) تقدمت تخريجاته.
(120) مسند أحمد ج 4 - ص 281.
(121) فضائل الصحابة لأحمد بن حنبل ج 2 - ص 615 - ح 1052.
(122) صحيح مسلم ج 4 - ص 1871 - 1873 - ح 32 - 35، صحيح البخاري ج 5 - ص 23.
(123) صحيح مسلم ج 5 - ص 1870 - ح 30 - 32، صحيح البخاري ج 5 - ص 24.
(124) سورة الدهر الآية: 1.
(125) سورة المائدة الآية: 55.
(126) وهي قوله تعالى: (الذين ينفقون أموالهم بالليل والنهار سرا وعلانية)، [ سورة البقرة الآية 274 ]، وقد تقدمت تخريجات نزولها فيه عليه السلام.
(127) المستدرك ج 3 - ص 32، تاريخ بغداد ج 13 - ص 19 رقم: 6978، الفردوس بمأثور الخطاب ج 3 - ص 455 - ح 5406.
(128) فقد جاء في فرائد السمطين ج 1 - ص 143 - ح 105: عن عبد الله بن عكيم الجهني، قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وآله إن الله تبارك وتعالى أوحى إلي في علي عليه السلام ثلاثة أشياء ليلة أسري بي: إنه سيد المؤمنين وإمام المتقين وقائد الغر المحجلين.
ومثله أيضا بتفاوت ما جاء في ص 145 ح 109، بحار الأنوار ج 18 ص 343، سفينة البحار ج 1 - ص 133.
(129) كفاية الأثر: ص 38، بحار الأنوار ج 36 - ص 289.
(130) مسند أحمد ج 3 - ص 3 و 62، سنن الترمذي ج 5 - ص 236 - ح 3768، تاريخ بغداد ج 11 - ص 90، كنز العمال ج 12 - ص 112 - ح 34246.
(131) تقدمت تخريجاته.
(132) (133) صحيح البخاري ج 4 - ص 218.
(134) صحيح مسلم ج 3 - ص 1453 - ح 10.
(135) صحيح مسلم ج 3 - ص 1452 - ح 5، مسند أحمد ج 4 - ص 94 و 96، وقد تقدمت تخريجات هذه الأحاديث.
(136) مجمع الزوائد ج 5 - ص 197 و ج 6 - ص 442، مشكل الآثار ج 1 - ص 224، مسند أحمد ج 2 - ص 175 و ص 223 ط الميمنية، الكامل في الضعفاء لابن عدي ج 5 - ص 1816، البداية والنهاية ج 7 - ص 165، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 8 - ص 259، بتفاوت.
(137) كفاية الأثر: ص 69 - 73.
(138) سورة البقرة الآية 124.
(139) سورة مريم الآية 6.
(140) سورة النمل الآية 16.
(141) سورة النساء الآية 11.
(142) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 16 - ص 280 - 281، وقد تقدمت تخريجاته.
(143) الإمامة والسياسة ج 1 - ص 21، نهج الحق ص 264، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 - ص 169.
(144) نفس المصدر السابق.
(145) صحيح البخاري (باب رجم الحبلى من الزنا إذا أحصنت).
(146) أنظر: الملل والنحل للشهرستاني ج 1 - 144، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 4 - ص 96.
(147) تقدمت تخريجاته.
(148) راجع: الإمامة والسياسة ج 1 - ص 14.
(149) شرح السنة للبغوي ج 12 - ص 198، مجمع الزوائد ج 6 - ص 251، كشف الأستار ج 2 - ص 211 - ح 1538.
(150) الإمامة والسياسة ج 1 - ص 191، نهج الحق ص 27، وفي شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 2 - ص 56: فأتاهم عمر ليحرق عليهم البيت، فخرج إليه الزبير بالسيف، وخرجت فاطمة عليها السلام تبكي وتصيح، فنهنهت من الناس إلخ وروى ذلك عن أبي بكر الجوهري.
(151) نهج الحق ص 272، أسد الغابة ج 2 - ص 14، الصواعق المحرقة ص 175، ط المحمدية و ص 105 ط الميمنية بمصر.
(152) الإمامة والسياسة: ج 1 - ص 14، مروج الذهب ج 2 - ص 301 - 302، نهج البلاغة ص 265.
(153) تقدمت تخريجاته.
(154) سورة الزمر الآية: 3.
(155) تاريخ الخميس ج 2 ص 167، صحيح البخاري ج 6 ص 17، وقد تقدم الحديث مع تخريجاته.
(156) تقدمت تخريجاته.
(157) سورة النساء.
(158) الدر المنثور ج 2 - ص 466، نهج الحق ص 278، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 - ص 182 و ج 12 - ص 17.
(159) نهج الحق ص 279، وفيه عشرة آلاف.
(160) أحكام القرآن للجصاص ج 3 - ص 61.
(161) نهج الحق: ص 281، الدر المنثور ج 2 - ص 287، وقد تقدمت تخريجاته.
(162) الإمامة والسياسة ج 1 - ص 28 - 29، نهج الحق ص 285، تقدم الحديث مع تخريجاته.
(163) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد 16 - ص 274.
(164) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 3 - ص 18، تاريخ الخميس ج 2 - ص 255 و 259، الكامل في التاريخ ج 3 - ص 52، الإمامة والسياسة ج 1 - ص 32، أسد الغابة ج 5 - ص 90، نهج الحق ص 290.
(165) تاريخ الخميس ج 1 - ص 26، تاريخ الطبري ج 5 - ص 49، تاريخ اليعقوبي ج 2 - ص 155، المعارف لابن قتيبة ص 84، نهج الحق ص 293، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 - ص 198، تاريخ الخلفاء.
(166) نهج الحق ص 294، تاريخ الخميس ج 2 - ص 293، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 - ص 199، تاريخ الخلفاء ص 164.
(167) نهج الحق ص 295، أسد الغابة ج 3 - ص 259، تاريخ ابن كثير ج 163، تاريخ الخميس ج 2 - ص 268، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 - ص 198، و ج 3 - ص 40.
(168) تاريخ الخميس ج 2 - ص 271، الإمامة والسياسة ج 1 - ص 32، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج 1 - ص 238، نهج الحق ص 296.
(169) تاريخ اليعقوبي ج 2 - ص 162، الكامل في التاريخ ج 3 - ص 56، نهج الحق ص 298، أنساب الأشراف ج 5 - ص 52، مروج الذهب ج 2 ص 339.
(170) أنظر: ينابيع المودة ب 61 - ص 350، مقتل الحسين عليه السلام للمقرم.
(171) تقدمت تخريجاته.
(172) سورة القصص الآية 56.
(173) سورة البقرة الآية 6 - 7.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page