وفي هذه الأثناء قام أحد الطلبة قائلاً:
اسأل الدكتور أحمد الغامدي سؤالك الذي سألته البارحة للشيخ محمد بن جميل بن زينو، كي يجيب عليه بجوابه الكافي.
فقلت: أورد ابن حزم في كتابه المحلى: "إنّ أبا بكر وعمر وعثمان وطلحة وسعد بن وقّاص أرادوا قتل النبيّ (صلى الله عليه وآله)، وإلقاءه من العقبة في تبوك".
ثمّ يستطرد ابن حزم قائلاً: "بأنّ هذا من موضوعات وليد بن جُميع، وهو ضعيف وهالك(1) والحال أنّ أرباب الرجال من العامّة قد وثّقوه.
فقال: إنّ ابن حزم ليس بثقة ولا اعتبار بنقله.
قلت: إنّه يروي وينقل.
فقال: على أيّة حال فلا عبرة بروايته.
قلت: لقد وثّقه أغلب علماء السنة ويعتبرون كلامه.
وهذا الذهبي إمام الجرح والتعديل عندكم قد وثّقه قائلاً:ابن حزم، الإمام الأوحد، البحر، ذو الفنون والمعارف... ورزق ذكاء مفرط، وذهناً سيّالاً وكتباً نفيسة كثيرة... فإنّه رأس في علوم الإسلام، متبحّر في النقل، عديم النظير...(2) .
وشهد له بالصدق والأمانة والديانة والحشمة والسؤدد(3).
وقال الشيخ عزّ الدين بن عبد السلام: "وكان أحد المجتهدين، ما رأيت في كتب الإسلام في العلم مثل المحلى لابن حزم<، قال الذهبي بعد نقله هذا:لقد صدق الشيخ عز الدين..."(4).
وقريب من هذا عن السيوطي في طبقات الحفاظ(5).
قال الزركلي: "ابن حزم: عالم الأندلس في عصره، وأحد أئمّة الإسلام، كان في الأندلس خلق كثير ينتسبون إلى مذهبه، يقال لهم: (الحزميّة)"(6).
وبعد هذا لم يكن من جواب للدكتور أحمد الغامدي إلا أنه قال: هو ليس من أهل المذاهب الأربعة وهو ظاهريّ المذهب، ولا عبرة بكلامه.
____________
(1) كما صرّح بوثاقته العجلي. تاريخ الثقات: 465 رقم 1773. وقال ابن سعد:كان ثقة وله أحاديث<. الطبقات: ج6 ص354. وأورده ابن حبّان في الثقات. كتاب الثقات: ج5 ص492. وقد نقل الذهبي وابن أبي حاتم عن عبد اللّه بن أحمد بن حنبل، قال:قال أبي: ليس به بأس<. وعن يحيى بن معين، أنّه قال:ثقةوقال أبو حاتم:صالح الحديث<. وقال أبو زرعة:لا بأس به< الجرح والتعديل: ج9 ص8 رقم 34 وتهذيب الكمال: ج31 ص35. وقال الذهبي: وثّقه أبو نعيم. تاريخ الإسلام: ج9 ص661.
(2) سير أعلام النبلاء: ج18 ص184.
(3) كما في كتاب العبر: ج3 ص239.
(4) سير أعلام النبلاء: ج18 ص193.
(5) طبقات الحفاظ: 436.
(6) الأعلام: ج4 ص254.