وقد قرر هذا المعنى للبداء جميع علمائنا، فلا تجد أحداً منهم يفسر البداء بالمعنى الباطل الذي اتهم به الشيعة، قال الشيخ الطوسي: "والوجه في هذه الأخبار [أي أخبار البداء] ما قدمنا ذكره من تغيير المصلحة فيه واقتضائها تأخير الأمر إلى وقت آخر على ما بيّناه، دون ظهور الأمر له تعالى، فإنا لا نقول به ولا نجوزه، تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً"(1).
وقال المازندراني شارح كتاب (الكافي) عند استعراضه لروايات البداء: "فهو سبحانه كان في الأزل عالماً بأنه يمحو ذلك الشيء في وقت معين لمصلحة معينة عند انقطاع ذلك الوقت وانقضاء تلك المصلحة، ويثبت هذا الشيء في وقته عند تجدد مصالحه، ومن زعم خلاف ذلك واعتقد بأنه بدا له في شيء اليوم مثلاً، ولم يعلم به قبله، فهو كافر بالله العظيم ونحن منه براء"(2).
ومن الواضح لأهل العلم والتحقيق أن وجهة نظر أي دين أو مذهب إنما تؤخذ من أقوال علمائه، وليس من الصحيح والمنطقي أن تقتطع رواية من موضوعها العام ثم تفسيرها تفسيراً باطلاً لا ينسجم مع ما يعتقد به أتباع ذلك الدين أو المذهب.
____________
(1) الشيخ الطوسي، الغيبة: ص431.
(2) محمد صالح المازندراني، شرح أصول الكافي: ج4 ص250ـ 251، دار إحياء التراث العربي ـ بيروت.
البداء في أقوال علماء الشيعة
- الزيارات: 985