• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

لمع من أخبار الإمام ( عليه السلام ) ومناقبه

أورد العلامة المجلسي في البحار ( 1 ) نقلا عن الاختصاص ( 2 ) مسندا عن
هشام بن سالم قال : قال لي أبو عبد الله ( عليه السلام ) : إن لأبي مناقب ليست لأحد من
آبائي . وإن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال لجابر بن عبد الله : إنك ستدرك محمدا ابني فأقرئه
مني السلام ، فأتى جابر على بن الحسين ( عليهما السلام ) فطلبه منه ، فقال : نرسل إليه فندعوه
لك من الكتاب ، فقال : أذهب إليه ، فأتاه فأقرأه السلام من رسول الله وقبل رأسه .
فقال : وعلى جدي السلام وعليك يا جابر ، قال : فسأله جابر أن يضمن له
الشفاعة يوم القيامة ، فقال له : أفعل ذلك يا جابر إن شاء الله - ثم صاحبه والتزمه
حتى الممات .
وفي البحار أيضا عن المناقب ، عن أبي حمزة الثمالي في خبر ، لما كانت
السنة التي حج فيها أبو جعفر محمد بن علي ( عليهما السلام ) ولقيه هشام بن عبد الملك
أقبل الناس ينثالون عليه ، فقال عكرمة : من هذا الذي عليه سيما زهرة العلم ؟ ،
لأجربنه ، فلما مثل بين يديه ارتعدت فرائصه وأسقط في يده ، وقال : يا بن
رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لقد جلست مجالس كثيرة بين يدي ابن عباس وغيره ، فما
أدركني ما أدركني آنفا ؟ فقال له أبو جعفر ( عليه السلام ) : ويلك يا عبيد أهل الشام ، إنك
بين يدي بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه .
وفيه عنه أيضا عن حبابة الوالبية قالت : رأيت رجلا بمكة أصيلا ( 3 ) في
الملتزم أو بين الباب والحجر على صعدة من الأرض وقد حزم وسطه على
المئزر بعمامة خز والغزالة ( 1 ) تختال على قلل الجبال كالعمائم على قمم الرجال ،
وقد صاعد كفه وطرفه نحو السماء ويدعو ، فلما انثال الناس عليه يستفتونه عن
المعضلات ويستفتحون أبواب المشكلات فلم يرم حتى أفتاهم في ألف
مسألة ، ثم نهض يريد رحله ( عليه السلام ) ومناد ينادي بصوت صهل ( 2 ) : ألا إن هذا النور
الأبلج المسرح ( 3 ) والنسيم الأرج والحق المرج . وآخرون يقولون من هذا ؟ فقيل :
محمد بن علي الباقر علم العلم والناطق عن الفهم محمد بن علي بن الحسين بن
علي بن أبي طالب ( عليهم السلام ) .
قال : وفي رواية أبي بصير : ألا إن هذا باقر علم الرسل ، وهذا مبين السبل ،
هذا خير من رسخ في أصلاب أصحاب السفينة ، هذا ابن فاطمة الغراء العذراء
الزهراء ، هذا بقية الله في أرضه ، هذا ناموس الدهر ، هذا ابن محمد وخديجة
وعلي وفاطمة ( عليهم السلام ) ، هذا منازل الدين القائمة .
وروى محمد بن الحسن الصفار في البصائر عن أحمد بن محمد بن أبي
نصير ، عن محمد بن حمران ، عن أسود بن سعيد قال : كنت عند أبي جعفر ( عليه السلام )
فأنشأ يقول ابتداء من غير أن أسأله : نحن حجة الله ، ونحن باب الله ، ونحن لسان
الله ، ونحن وجه الله ، ونحن عين الله في خلقه ، ونحن ولاة أمر الله في عباده .
وفيه أيضا عن عبد الله بن عامر ، عن العباس بن معروف ، عن عبد الرحمن
البصيري ، عن أبي المغرا ، عن أبي بصير ، عن خثيمة ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال :
سمعته يقول : نحن جنب الله ، ونحن صفوة الله ، ونحن خيرة الله ، ونحن مستودع
مواريث الأنبياء ، ونحن أمناء الله ، ونحن حجة الله ، ونحن أركان الإيمان ، ونحن
دعائم الإسلام ، ونحن من رحمة الله على خلقه ، ونحن الذين بنا يفتح وبنا
يختم ، ونحن أئمة الهدى ، ونحن مصابيح الدجى ، ونحن السابقون ، ونحن
الآخرون ، ونحن العلم المرفوع للخلق ، ونحن من تمسك بنا لحق ومن تخلف
عنا غرق ، ونحن قادة الغر المحجلين ، ونحن خيرة الله ، ونحن الطريق والصراط
المستقيم إلى الله ، ونحن نعمة الله على خلقه ، ونحن المنهاج ، ونحن معدن
النبوة ، ونحن موضع الرسالة ، ونحن الذين إلينا مختلف الملائكة ، ونحن السراج
لمن استضاء بنا ، ونحن السبيل لمن اقتدى بنا ، ونحن الهداة إلى الجنة ، ونحن غر
الإسلام ، ونحن المحشوون والقناطر من مضى عليها لم يسبق ومن تخلف عنها
محق ، ونحن السنام الأعظم ، ونحن الذين بنا تنزل الرحمة وبنا تسقون الغيث ،
ونحن الذين بنا يصرف عنكم العذاب ، فمن عرفنا وأبصرنا وعرف حقنا وأخذ
بأمرنا فهو منا وإلينا .
في الخرائج عن الحلبي ، عن الصادق ( عليه السلام ) قال : دخل الناس على أبي ( عليه السلام )
فقالوا : ما حد الإمام ؟ قال : حده عظيم ، إذا دخلتم عليه فوقروه وعظموه وآمنوا به
وبما جاء به من شئ ، وعليه أن يهديكم . وفيه خصلة إذا دخلتم عليه لم يقدر
أحد أن يملأ عينه منه إجلالا وهيبة ؛ لأن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) كذلك كان ، وكذلك
يكون الإمام ، قالوا : فيعرف شيعته ؟ قال : نعم ساعة يراهم . قالوا : فنحن لك
شيعة ؟ قال : نعم كلكم . قالوا : أخبرنا بعلامة ذلك ؟ قال : أخبركم بأسمائكم
وأسماء آبائكم وقبائلكم . قالوا : أخبرنا . فأخبرهم . قالوا : صدقت ، قال : وأخبركم
عما أردتم أن تسألوا عنه في قوله تعالى :
( كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ) ( 1 ) ونحن نعطي شيعتنا من
نشاء من علمنا ، ثم قال : يقنعكم ؟ قلنا : في دون هذا نقنع .
وفي البحار عن المناقب ، عن علي بن أبي حمزة وأبي بصير قالا : كان لنا
موعد على أبي جعفر ( عليه السلام ) فدخلنا عليه أنا وأبو ليلى ، فقال : يا سكينة ، هلمي
المصباح ، فأتت بالمصباح ، ثم قال : هلمي بالسفط الذي في موضع كذا وكذا ،
قال : فأتته بسفط هندي أو سندي ففض خاتمه ثم أخرج منه صحيفة صفراء ،
فقال علي : فأخذ يدرجها من أعلاها وينشرها من أسفلها حتى إذا بلغ ثلثها أو
ربعها نظر إلى فارتعدت فرائصي حتى خفت على نفسي ، فلما نظر إلى في تلك
الحال وضع يده على صدري ، فقال : أبرئت أنت ؟ قلت : نعم جعلت فداك . قال :
ليس عليك بأس ، ثم قال : أدن فدنوت ، فقال لي : ما ترى ؟ قلت : اسمي واسم أبي
وأسماء أولاد لي لا أعرفهم ، فقال : يا علي ، لولا أن لك عندي ما ليس لغيرك ما
أطلعتك على هذا أما انهم سيزدادون على ( 1 ) عدد ما ههنا . قال علي بن أبي
حمزة : فمكثت والله بعد ذلك عشرين سنة ثم ولد لي من الأولاد بعدد ما رأيت
بعيني في تلك الصحيفة الخبر .
روى محمد بن الحسن الصفار في البصائر عن الحسن بن علي بن
عبد الله ، عن الحسن بن علي بن فضال ، عن داود بن أبي يزيد ، عن بعض
أصحابنا ، عن عمر بن حنظلة ، قال : قلت لأبي جعفر ( عليه السلام ) : إني أظن أن لي عندك
منزلة ، قال : أجل . قلت : فإن لي إليك حاجة ، قال : وما هي ؟ قلت : فعلمني الاسم
الأعظم ، قال : وتطيقه ؟ قلت : نعم . قال : فادخل البيت . قال : فدخلت البيت فوضع
أبو جعفر ( عليه السلام ) يده على الأرض فأظلم البيت ، فارتعدت فرائص عمر ، فقال : ما
تقول أعلمك ؟ قال : فقلت : لا فرفع يده فرجع البيت كما كان .
وفيه أيضا عن أحمد بن محمد ، عن علي بن الحكم ، عن محمد بن
الفضيل قال : أخبرني ضريس الكناسي عن جابر ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : إن
اسم الله الأعظم على ثلاث وسبعين وجه ، وإنما كان عند آصف بن برخيا منها
وجه واحد ، فتكلم به فخسف بالأرض ما بينه وبين سرير بلقيس ، ثم تناول
السرير بيده وعادت الأرض كما كانت أسرع من طرفة عين ، وعندنا نحن من
الاسم الأعظم اثنان وسبعون وجها ، ووجه عند الله استأثره في علم الغيب عنده
ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم . وفي الكافي عن محمد بن يحيى وغيره
مثله .
روى الصفار في بصائر الدرجات عن عمران بن موسى ، عن موسى بن
جعفر ، عن الحسن بن علي قال : حدثنا عبد الله بن سهيل الأشعري ، عن أبيه ، عن
اليسع قال : دخل حمران بن أعين على أبي جعفر ( عليه السلام ) فقال له : جعلت فداك
يبلغنا أن الملائكة تنزل عليكم ؟ فقال : أي والله لتنزل علينا فتطأ فرشنا ، أما تقرأ
كتاب الله تبارك وتعالى :
( إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة أن لا تخافوا
ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون ) .
وروى القطب الراوندي في الخرائج عن جابر قال : كنا عند الباقر ( عليه السلام )
نحوا من خمسين رجلا إذ دخل عليه كثير النواء ، وكان من المغيرية ( 1 ) ، فسلم
وجلس ، ثم قال : إن المغيرة بن عمران عندنا بالكوفة يزعم أن معك ملكا يعرفك
الكافر من المؤمن ، وشيعتك من أعدائك ؟ قال : ما حرفتك ؟ قال : أبيع الحنطة .
قال : كذبت . قال : وربما أبيع الشعير ، قال : ليس كما قلت ، بل تبيع النواء ، قال : من
أخبرك بهذا ؟ قال : الملك الذي يعرفني شيعتي من عدوي ، ولست تموت إلا
تائها . قال جابر الجعفي : فلما انصرفنا إلى الكوفة ذهبت في جماعة نسأل فدللنا
على عجوز فقالت : مات تائها منذ ثلاثة أيام .
روى الكليني ( رحمه الله ) في أصول الكافي بإسناده عن سعد الإسكاف ، قال :
أتيت أبا جعفر ( عليه السلام ) في بعض ما شرع فجعل يقول : لا تعجل ، حتى حميت
الشمس على وجعلت أتتبع الأفياء فما لبث أن خرج على قوم كأنهم الجراد
الصفر ، عليهم البتوت ( 1 ) ، قد أنهكتهم العبادة ، قال : فو الله لأنساني ما كنت فيه من
حسن هيئة القوم ، فلما دخلت عليه قال لي : أراني قد أشفقت عليك ، قلت : أجل ،
والله لقد أنساني ما كنت فيه قوم مروا بي لم أر قوما أحسن هيئة منهم في زي
رجل واحد ، كأن ألوانهم الجراد الصفر ، قد أنهكتهم العبادة ، فقال : يا سعد
رأيتهم ؟ قلت : نعم . قال : أولئك إخوانك من الجن ، قال : فقلت : يأتونك ؟ قال :
نعم ، يأتوننا يسألوننا عن معالم دينهم وحلالهم وحرامهم .
وفيه أيضا بإسناده عن سعد الإسكاف قال : أتيت أبا جعفر ( عليه السلام ) أريد الإذن
عليه ، فإذا رحال إبل على الباب مصفوفة ، وإذا الأصوات قد ارتفعت ، ثم خرج
قوم متعممين بالعمائم يشبهون الزط ( 2 ) ، قال : فدخلت على أبي جعفر ( عليه السلام ) ،
فقلت : جعلت فداك أبطأ اذنك اليوم ، ورأيت قوما خرجوا على متعممين
بالعمائم فأنكرتهم فقال أو تدري من أولئك يا سعد ؟ قال : قلت : لا . قال : فقال :
أولئك إخوانكم من الجن يأتوننا فيسألوننا عن حلالهم وحرامهم ومعالم دينهم .
وفي البحار عن المناقب قال : بكر بن صالح ، أن عبد الله بن المبارك أتى أبا
جعفر ( عليه السلام ) فقال : إني رويت عن آبائك ( عليهم السلام ) أن كل فتح بضلال فهو للإمام ، فقال :
نعم ، قلت : جعلت فداك فإنهم أتوا بي من بعض فتوح الضلال ، وقد تخلصت
ممن ملكوني بسبب وقد أتيتك مسترقا مستعبدا قال ( عليه السلام ) : قد قبلت ، فلما كان
وقت خروجه إلى مكة قال : إني مذ حججت فتزوجت ومكسبي مما يعطف
على إخواني ، لا شئ لي غيره ، فمرني بأمرك ، فقال ( عليه السلام ) : انصرف إلى بلادك ،
وأنت من حجك وتزويجك وكسبك في حل ، ثم أتاه بعد ست سنين ، وذكر له
العبودية التي ألزمها نفسه فقال : أنت حر لوجه الله تعالى ، فقال : اكتب لي به عهدا
فخرج كتابه : بسم الله الرحمن الرحيم هذا كتاب محمد بن علي الهاشمي العلوي
لعبد الله بن المبارك فتاه إني أعتقتك لوجه الله ، والدار الآخرة ، لا رب لك إلا الله ،
وليس عليك سيد وأنت مولاي ومولى عقبي من بعدي ، كتب في المحرم سنة
ثلاث عشرة ومائة ، ووقع فيه محمد بن علي بخط يده وختمه بخاتمه .
عن يعقوب بن يزيد ، عن عباس الوراق ، عن عثمان بن عيسى ، عن ابن
مسكان ، عن ليث المرادي أنه حدثه عن سدير بحديث فأتيته فقلت : إن المرادي
حدثني عنك بحديث ، فقال : وما هو ؟ فقلت : حديث اليماني . قال : نعم كنت عند
أبي جعفر فمر بنا رجل من أهل اليمن فسأله أبو جعفر ( عليه السلام ) : من اليمن ؟ فأقبل
يحدث ، فقال له أبو جعفر : هل تعرف دار كذا ؟ قال : نعم ورأيتها قال : فقال أبو
جعفر ( عليه السلام ) : هل تعرف صخرة عندها في موضع كذا وكذا ؟ قال : نعم ورأيتها .
قال : فقال له الرجل : ما رأيت رجلا أعرف بالبلاد منك ، فلما قام الرجل قال لي
أبو جعفر ( عليه السلام ) : يا أبا الفضل تلك الصخرة التي حيث غضب موسى فألقى
الألواح فما ذهب من التوراة التقمته الصخرة ، فلما بعث الله رسوله ( صلى الله عليه وآله ) أدته إليه
وهي عندنا .
وفيه أيضا عن معاوية بن حكم ، عن محمد بن شعيب ، عن غزوان ، عن
رجل ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : دخل رجل من أهل بلخ عليه فقال ( عليه السلام ) له : يا
خراساني تعرف وادي كذا وكذا ؟ قال : نعم . قال : ومن ذلك الصدع يخرج
الدجال .
وروى الصفار في البصائر عن محمد بن الحسين ، عن أحمد بن الحسن
الميثمي ، عن أبان بن عثمان ، عن موسى النميري قال : جئت إلى باب أبي
جعفر ( عليه السلام ) لأستأذن عليه ، فسمعنا صوتا حزينا يقرأ بالعبرانية ، قال : فبكينا حيث
سمعنا الصوت ، فظننا أنه بعث إلى رجل من أهل الكتاب يستقرئه فأذن لنا
فدخلنا عليه ، فلم نر عنده أحدا ، فقلنا : أصلحك الله سمعنا صوتا بالعبرانية فظننا
أنك بعثت إلى رجل من أهل الكتاب تستقرئه ، قال : لا ولكن ذكرت مناجاة إليا
[ إيليا ] لربه فبكيت من ذلك ، قلنا : وما هي مناجاته جعلنا الله فداك ؟ قال : جعل
يقول : يا رب أتراك معذبي بعد طول قيامي صلاة لك ، وجعل يعدد أعماله
فأوحى الله إليه إني لست أعذبك ، فقال : يا رب وما يمنعك أن تقول لا بعد نعم ،
وأنا عبدك وفي قبضتك ، قال : فأوحى الله إليه : إني إذا قلت قولا وفيت به .
وروى القطب الراوندي في الخرائج عن أبي عتيبة قال : كنت عند أبي
جعفر ( عليه السلام ) ، فدخل رجل فقال : أنا من أهل الشام أتولاكم وأبرأ من عدوكم ، وأبي
كان يتولى بني أمية ، وكان له مال كثير ، ولم يكن له ولد غيري ، وكان مسكنه
الرملة ، وكان له جنينة يتخلى فيها بنفسه ، فلما مات طلبت المال فلم أظفر به ، ولا
أشك أنه دفنه وأخفاه مني .
قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : أفتحب أن تراه وتسأله أين موضع ماله ؟ قال : أي والله
إني لفقير محتاج . فكتب أبو جعفر ( عليه السلام ) كتابا وختمه بخاتمه ، ثم قال : انطلق بهذا
الكتاب الليلة إلى البقيع حتى تتوسطه ، ثم تنادي : يا دوجان يا دوجان ، فإنه
يأتيك رجل معتم فادفع إليه كتابي وقل : أنا رسول محمد بن علي بن الحسين ،
فإنه يأتيك فاسأله عما بدا لك ، فأخذ الرجل الكتاب وانطلق .
قال أبو عتيبة : فلما كان من الغد أتيت أبا جعفر ( عليه السلام ) لأنظر ما حال الرجل ،
فإذا هو على الباب ينتظر أن يؤذن له ، فأذن له فدخلنا جميعا ، فقال الرجل : الله
يعلم عند من يضع العلم ، قد انطلقت البارحة وفعلت ما أمرت ، فأتاني الرجل
فقال : لا تبرح من موضعك حتى آتيك به ، فأتاني برجل أسود ، فقلت : ما هذا
أبي . قال : غيره اللهب ودخان الجحيم والعذاب الأليم ، قلت : أنت أبي ؟ قال : نعم .
قلت : فما غيرك عن صورتك وهيئتك ؟ قال : يا بنى كنت أتولى بني أمية
وأفضلهم على أهل بيت النبي بعد النبي ( صلى الله عليه وآله ) فعذبني الله بذلك ، وكنت أنت
تتولاهم وكنت أبغضك على ذلك وحرمتك ، فزويته عنك وأنا اليوم على ذلك
من النادمين ، فانطلق يا بني إلى جنتي فاحفر تحت الزيتونة وخذ المال مائة ألف
درهم فادفع إلى محمد بن علي خمسين ألف والباقي لك ، ثم قال : وأنا منطلق
حتى آخذ المال وآتيك بمالك . قال أبو عتيبة : فلما كان من قابل سألت أبا
جعفر ( عليه السلام ) ، ما فعل الرجل صاحب المال ؟ قال : قد أتاني بخمسين ألف درهم
فقضيت بها دينا على وابتعت بها أرضا بناحية خيبر ، ووصلت منها أهل الحاجة
من أهل بيتي .
روى محمد بن الحسن الصفار في بصائر الدرجات عن أحمد بن محمد ،
عن ابن الحكم ، عن مثنى الحناط ، عن أبي بصير قال : دخلت على أبي جعفر
وأبي عبد الله ( عليهما السلام ) فقلت لهما : أنتما ورثة رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ قال : نعم . قلت :
فرسول الله وارث الأنبياء ، علم كل ما عملوا . فقال لي : نعم ، فقلت : أنتم تقدرون
على أن تحيوا الموتى وتبرأوا الأكمه والأبرص ؟ فقال لي : نعم بإذن الله ، ثم قال :
ادن مني يا أبا محمد ، فمسح يده على عيني ووجهي فأبصرت الشمس والسماء
والأرض والبيوت وكل شئ في الدار ، قال : ثم قال : أتحب أن تكون هكذا ولك
ما للناس من الثواب وعليك ما عليهم من العقاب أو تعود كما كنت ولك الجنة
خالصا ؟ قلت : أعود كما كنت . قال : فمسح على عيني فعدت كما كنت . قال علي :
فحدثت ابن أبي عمير به فقال : أشهد أن هذا حق كما أن النهار حق .
روى القطب الراوندي في الخرائج عن أبي سليمان داود بن عبد الله ، عن
سهل بن زياد ، عن عثمان بن عيسى ، عن الحسن بن علي بن أبي حمزة ، عن
أبيه ، عن أبي بصير قال : قلت لأبي جعفر ( عليه السلام ) : أنا مولاك ومن شيعتك ضعيف
ضرير ، اضمن لي الجنة ، قال : أولا أعطيك علامة الأئمة ؟ قلت : وما عليك أن
تجمعها لي ؟ قال : وتحب ذلك ؟ قلت : كيف لا أحب ؟ فما زاد أن مسح على
بصري فأبصرت جميع ما في السقيفة التي كان فيها جالسا ، قال : يا أبا محمد هذا
بصرك فانظر ماذا ترى بعينك ؟ قال : فوالله ما أبصرت إلا كلبا وخنزيرا وقردا ،
قلت : ما هذا الخلق الممسوخ ؟ قال : هذا الذي ترى هذا السواد الأعظم ولو
كشف الغطاء للناس ما نظر الشيعة إلى من خالفهم إلا في هذه الصورة . قال : يا أبا
محمد إن أحببت تركتك على حالك هكذا كالأول ؟ قلت : لا حاجة لي إلى النظر
إلى هذا الخلق المنكوس وردني فما للجنة عوض فمسح يده على عيني
فرجعت كما كنت .
وفي البحار عن المناقب قال أبو بصير للباقر ( عليه السلام ) : ما أكثر الحجيج وأعظم
الضجيج ، فقال : بل ما أكثر الضجيج وأقل الحجيج ، أتحب أن تعلم صدق ما
أقول وتراه عيانا ، فمسح يده على عينيه ودعا بدعوات فعاد بصيرا ، فقال : انظر يا
أبا بصير إلى الحجيج ، قال : فنظرت فإذا أكثر الناس قردة وخنازير ، والمؤمن
بينهم مثل الكوكب اللامع في الظلمات ، فقال أبو بصير : صدقت يا مولاي ما أقل
الحجيج وأكثر الضجيج ، ثم دعا بدعوات فعاد ضريرا ، فقال أبو بصير في ذلك :
فقال ( عليه السلام ) : ما بخلنا عليك يا أبا بصير وإن الله تعالى ما ظلمك ، وإنما جاز ذلك
وخشينا فتنة الناس بنا ، وأن يجهلوا فضل الله علينا ويجعلونا أربابا من دون الله
ونحن له عبيد لا نستكبر عن عبادته ولا نسأم من طاعته ونحن له مسلمون .
وفيه عن كتاب إعلام الورى عن شعيب العقرقوفي عن أبي عروة قال :
دخلت مع أبي بصير إلى منزل أبي جعفر وأبي عبد الله ( عليهما السلام ) قال : فقال لي : أترى
في البيت كوة قريبا من السقف ؟ قال : قلت : نعم ، وما علمك بها ؟ قال : أرانيها أبو
جعفر ( عليه السلام ) .
وفي البحار عن المناقب قيل لأبي جعفر ( عليه السلام ) : محمد بن مسلم وجع ،
فأرسل إليه بشراب مع الغلام ، فقال الغلام : أمرني أن لا أرجع حتى تشربه ، فإذا
شربت فأته ، ففكر محمد فيما قال وهو لا يقدر على النهوض ، فلما شرب
واستقر الشراب في جوفه صار كأنما نشط من عقال ، فأتى به بابه فاستأذن عليه
فصوت له صح الجسم فادخل ، فدخل وسلم عليه وهو باك وقبل يده ورأسه ،
فقال : ما يبكيك يا محمد ؟ قال : اغترابي وبعد المشقة وقلة المقدرة على المقام
عندك والنظر إليك ، فقال : أما قلة المقدرة فكذلك جعل الله أولياءنا وأهل مودتنا ،
وجعل البلاء إليهم سريعا ، وأما ما ذكرت من الاغتراب فلك بأبي عبد الله أسوة
بأرض ناء عنا بالفرات ، وأما ما ذكرت من بعد الشقة فإن المؤمن في هذه الدار
غريب ، وفي هذا الخلق منكوس ، حتى يخرج من هذه الدار إلى رحمة الله ، وأما
ما ذكرت من حبك قربنا والنظر إلينا وانك لا تقدر على ذلك ، فلك صافي قلبك
وجزاؤك عليه ( 1 ) .
وفيه عن المناقب أيضا عن المفضل بن عمر أنه قال : بينما أبو جعفر ( عليه السلام )
بين مكة والمدينة إذ انتهى إلى جماعة على الطريق ، وإذا رجل من الحجاج نفق
حماره ، وقد بدد متاعه ، وهو يبكي ، فلما رأى أبا جعفر ( عليه السلام ) أقبل إليه ، فقال له :
يا بن رسول الله ، نفق حماري وقد بقيت منقطعا فادع الله تعالى أن يحيي لي
حماري ، قال : فدعا أبو جعفر ( عليه السلام ) فأحيا الله له حماره ( 2 ) .
وفي كشف الغمة عن محمد بن مسلم قال : سرت مع أبي جعفر ( عليه السلام ) ما
بين مكة والمدينة وهو على بغلة ، وأنا على حمار له ، إذ أقبل ذئب فهوى من
رأس الجبل حتى دنى من أبي جعفر ( عليه السلام ) فجلست البغلة فدنا الذئب حتى وضع
يده على القربوس وتطاول بخطمه إليه وأصغى إليه أبو جعفر ( عليه السلام ) بأذنه مليا ثم
قال : إذهب فقد فعلت ، فرجع الذئب وهو يهرول ، فقال لي : أتدري ما قال ؟
فقلت : الله ورسوله وابن رسوله أعلم ، فقال : إنه قال لي : يا بن رسول الله ، إن
زوجتي في ذلك الجبل وقد عسر عليها ولادتها فادع الله أن يخلصها ولا يسلط
أحدا من نسلي على أحد من شيعتكم ، قلت : قد فعلت ( 3 ) .
وفي البحار عن كتاب حلية الأولياء بالإسناد إلى أبي حمزة قال : قال أبو
جعفر محمد بن علي بن الحسين ( عليهم السلام ) ، وسمع عصافير يصحن :
أتدري يا أبا حمزة ما يقلن ؟
قلت : لا .
قال : يسبحن ربي عز وجل ويسألن قوت يومهن ( 1 ) .
وروى الكشي في رجاله بإسناده إلى حمزة بن طيار ، عن أبيه محمد قال :
جئت إلى باب أبي جعفر ( عليه السلام ) استأذن عليه ، فلم يأذن لي ، وأذن لغيري فرجعت
إلى منزلي وأنا مغموم ، فطرحت نفسي على سريري في الدار وذهب عني النوم ،
فجعلت أفكر وأقول أليس المرجئة تقول : كذا ، والقدرية تقول كذا ، والحرورية
تقول كذا ، والزيدية تقول كذا ، فيفسد عليهم قولهم ، فأنا أفكر في هذا حتى نادى
المنادي فإذا الباب يدق ، فقلت : من هذا ؟
فقال : رسول لأبي جعفر ( عليه السلام ) ، يقول لك أبو جعفر ( عليه السلام ) : أجب .
فأخذت ثيابي ومضيت معه فدخلت عليه ، فلما رآني قال لي : يا محمد لا
إلى المرجئة ، ولا إلى القدرية ، ولا إلى الحرورية ، ولا إلى الزيدية ، ولكن إلينا ، إنما
حجبتك لكذا وكذا فقبلت وقلت به .
وفي كشف الغمة من كتاب الدلائل للحميري عن فيض بن مطر قال :
دخلت على أبي جعفر ( عليه السلام ) وأنا أريد أن أسأله عن صلاة الليل في المحمل ، قال :
فابتدأني فقال : كان النبي ( صلى الله عليه وآله ) يصلي على راحلته حيث توجهت به .
وفيه عنه أيضا عن مالك الجهني قال : كنت قاعدا عند أبي جعفر ( عليه السلام )
فنظرت إليه وجعلت أفكر في نفسي وأقول : لقد عظمك الله وكرمك وجعلك
حجة على خلقه ، فالتفت إلى وقال : ما لك يا مالك ؟ الأمر أعظم مما تذهب إليه .
وفي الخرائج عن أبي بصير الكناني قال : سرت يوما إلى أبي جعفر ( عليه السلام ) ،
فقرعت الباب ، فخرجت إلى وصيفة ناهد فضربت بيدي على رأس ثديها فقلت
لها : قولي لمولاك : إني بالباب ، فصاح من آخر الدار ادخل لا أم لك ، فدخلت
وقلت : والله ما أردت ريبة ولا قصدت إلا زيادة في يقيني ، فقال : صدقت لئن
ظننتم أن هذه الجدران تحجب أبصارنا كما تحجب أبصاركم إذا لا فرق بيننا
وبينكم ، فإياك أن تعاود لمثلها .
وفيه أيضا عن أبي بصير قال : كنت أقرئ امرأة القرآن بالكوفة ، فمازحتها
بشيء ، فلما دخلت على أبي جعفر ( عليه السلام ) عاتبني ، وقال : من ارتكب الذنب في
الخلا لم يعبأ الله به ، أي شئ قلت للمرأة ؟ فغطيت وجهي حياء وتبت ، فقال أبو
جعفر ( عليه السلام ) : لا تعد .
وفي البحار عن المناقب عن الحسين بن مختار ، عن أبي بصير مثله .
ثم قال : وفي رواية حفص البختري أنه ( عليه السلام ) قال لأبي بصير : أبلغها السلام
فقل : أبو جعفر يقرئك السلام ، ويقول : زوجي نفسك من أبي بصير ، قال : فأتيتها
فأخبرتها ، فقالت : الله لقد قال لك أبو جعفر ( عليه السلام ) هذا ؟ فحلفت لها ، فزوجت
نفسها مني .
وفي الخرائج عن أبي بصير عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال لرجل من أهل
خراسان : كيف أبوك ؟
قال : صالح .
قال : قد مات أبوك بعدما خرجت ، حيث صرت جرجان ثم قال : كيف
أخوك ؟
قال : تركته صالحا ؟
قال : قد قتله جار له يقال له صالح يوم كذا في ساعة كذا ، فبكى الرجل
وقال : إنا لله وإنا إليه راجعون بما أصبت .
فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : اسكن فقد صاروا إلى الجنة والجنة خير لهم مما
كانوا فيه .
فقال له الرجل : إني خلفت ابني وجعا شديدا ولم تسألني عنه .
قال : قد برأ وقد زوجه عمه ابنته ، وأنت تقدم عليه وقد ولد له غلام واسمه
علي وهو لنا شيعة ، وأما ابنك فليس لنا شيعة بل هو لنا عدو .
فقال له الرجل : فهل من حيلة ؟
قال : إنه عدو وهو وقيد ( 1 ) .
وفيه عنه أيضا مسندا عن عبد الله بن عطاء قال : دخلت إلى مكة في الليل
ففرغت من طوافي وسعيي وبقي على ليل ، فقلت : امضي إلى أبي جعفر ( عليه السلام )
فأتحدث عنده بقية ليلي ، فجئت إلى الباب فقرعته فسمعت أبا جعفر ( عليه السلام ) يقول :
إن كان عبد الله بن عطاء فأدخل .
قال ( الحاجب ) : من هذا ؟
قلت : عبد الله بن عطاء .
قال : أدخل .
روى القطب الراوندي في الخرائج عن عبد الرحمن بن كثير ، عن أبي
عبد الله ( عليه السلام ) قال : نزل أبي ( عليه السلام ) بواد فضرب خباه فيه ، ثم خرج يمشي حتى انتهى
إلى نخلة يابسة ، ثم حمد الله وتكلم بكلام لم أسمع بمثله ، ثم قال : أيتها النخلة
أطعمينا مما جعل الله فيك ، فتساقط منها رطب أحمر وأصفر فأكل ومعه أبو أمية
الأنصاري ، فقال : يا أبا أمية هذه الآية فينا كالآية في مريم ( عليها السلام ) ، إذ هزت إليها
بجذع النخلة فتساقط عليها رطبا جنيا ( 2 ) .
وفيه أيضا عن جابر الجعفي قال : خرجت مع أبي جعفر ( عليه السلام ) إلى الحج إلى
أن قال : ثم ارتحلنا فأصبحنا دون قربان ونخل فعمد أبو جعفر ( عليه السلام ) إلى نخلة
يابسة فيها ، فدنا منها وقال : أيتها النخلة أطعمينا مما خلق الله فيك ، فرأيت النخلة
تنحني حتى جعلنا نتناول من ثمرها ونأكل وإذا أعرابي يقول : ما رأيت ساحرا
كاليوم ، فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) يا أعرابي لا تكذبن علينا أهل البيت فإنه ليس منا
ساحر ولا كاهن ، ولكن علمنا أسماء من أسماء الله تعالى نسأل بها فنعطي
وندعو فنجاب .
وفيه أيضا قال أبو بصير : كنت مع الباقر ( عليه السلام ) في المسجد إذ دخل عمر بن
عبد العزيز وعليه ثوبان ممصران ( 1 ) متكئا على مولى له ، فقال ( عليه السلام ) : ليلين هذا
الغلام فيظهر العدل ويعيش أربع سنين ، ثم يموت فيبكي عليه أهل الأرض
ويلعنه أهل السماء ، قال : لجلوسه في مجلس لا حق له فيه ، ثم ملك وأظهر
العدل جهده ( 2 ) .
وفي كشف الغمة من كتاب الدلائل للحميري عن يزيد بن حازم قال :
كنت عند أبي جعفر ( عليه السلام ) فمررنا بدار هشام بن عبد الملك وهي تبنى ، فقال ( عليه السلام ) :
أما والله ، لتهدمن ، أما والله ، لينقلن ترابها من مهدمها ، أما والله ، لتبدون أحجار
الزيت ( 3 ) ، وإنه لموضع النفس الزكية ، فتعجبت وقلت : دار هشام من يهدمها ؟
فسمعت أذني هذا من أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : فرأيتها بعدما مات هشام وقد كتب
الوليد في أن تهدم وينقل ترابها إلى أن بدت الأحجار ورأيتها .
وفي الخرائج عن محمد بن أبي حازم قال : كنت عند أبي جعفر ( عليه السلام ) فمر
بنا زيد بن علي ( عليهما السلام ) ، فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : أما والله ، ليخرجن بالكوفة وليقتلن
وليطافن برأسه ، ثم يؤتى به فينصب على قصبة في هذا الموضع ، وأشار إلى
الموضع الذي صلب فيه . قال : سمعت أذناي به ، ثم رأت عيني بعد ذلك ، فبلغنا
خروجه وقتله ، ثم مكثنا ما شاء الله فرأينا يطاف برأسه فنصب في ذلك الموضع
على قصبة فتعجبنا .
وفي البحار عن المناقب : ويروى أن زيد بن علي ( عليه السلام ) لما عزم على البيعة
قال له أبو جعفر ( عليه السلام ) : يا زيد إن مثل القائم من أهل هذا البيت قبل قيام مهديهم ،
مثل فرخ نهض من عشه من غير أن يستوي جناحاه ، فإذا فعل ذلك سقط ،
فأخذه الصبيان يتلاعبون به ، فاتق الله في نفسك أن تكون المصلوب غدا
بالكناسة ، فكان كما قال ( 1 ) .
وروى البرسي في المشارق عن أبي بصير قال : قال لي مولاي أبو
جعفر ( عليه السلام ) : إذا رجعت إلى الكوفة يولد لك ولد وتسميه عيسى ، ويولد لك ولد
وتسميه محمدا ، وهما من شيعتنا واسمهما في صحيفتنا ، وما يولدون إلى يوم
القيامة . قال : فقلت : وشيعتكم معكم ؟ قال : نعم إذا خافوا الله واتقوه .
قال : وروي أنه ( عليه السلام ) دخل المسجد يوما فرأى شابا يضحك في المسجد ،
فقال له : تضحك في المسجد وأنت بعد ثلاثة من أهل القبور ؟ فمات الرجل في
أول اليوم الثالث ، ودفن في آخره ( 2 ) .
وفي رجال الكشي بإسناده عن أسلم مولى محمد بن الحنفية قال : كنت
مع أبي جعفر ( عليه السلام ) جالسا مسندا ظهري إلى زمزم ، فمر علينا محمد بن عبد الله بن
الحسن وهو يطوف بالبيت ، فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : يا أسلم أتعرف هذا الشاب ؟
قلت : نعم هذا محمد بن عبد الله بن الحسن .
قال : أما إنه سيظهر ويقتل في حال مضيعة . ثم قال : يا أسلم لا تحدث بهذا
الحديث أحدا ، فإنه عندك أمانة .
قال : فحدثت به معروف بن خربوذ وأخذت عليه مثل ما أخذ على .
قال : وكنا عند أبي جعفر ( عليه السلام ) غدوة وعشية أربعة من أهل مكة ، فسأله
معروف ، فقال : أخبرني عن هذا الحديث الذي حدثنيه ، فإني أحب أن أسمعه منك .
قال : فالتفت إلى أسلم فقال له : يا أسلم ! فقال له : جعلت فداك إني أخذت
عليه مثل الذي أخذت على .
قال : فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : لو كان الناس كلهم لنا شيعة لكان ثلاثة أرباعهم لنا
شكاكا والربع الآخر أحمق ( 1 ) .
وفي الخرائج روي أنه ( عليه السلام ) جعل يحدث أصحابه بأحاديث شداد ، وقد
دخل عليه رجل يقال له النضر بن قرواش ، فاغتم أصحابه لمكان الرجل مما
يستمع حتى نهض ، فقالوا : قد سمع ما سمع وهو خبيث .
قال : لو سألتموه عما تكلمت به اليوم ما حفظ منه شيئا .
قال بعضهم : فلقيته بعد ذلك ، فقلت : الأحاديث التي سمعتها من أبي
جعفر ( عليه السلام ) أحب أن أسمعها ؟
فقال : لا والله ما فهمت منها قليلا ولا كثيرا .
وفي البحار عن العياش عن الفضيل بن يسار قال : قلت لأبي جعفر ( عليه السلام ) :
جعلت فداك انا نتحدث أن لآل جعفر راية ، ولآل فلان راية ، فهل في ذلك
شئ ؟
فقال : أما لآل جعفر فلا ، وأما راية بني فلان فإن لهم ملكا مبطأ يقربون فيه
البعيد ويبعدون فيه القريب ، وسلطانهم عسر ليس فيه يسر ، ولا يعرفون في
سلطانهم من أعلام الخير شيئا ، يصيبهم فيه فزعات ، ثم فزعات ، كل ذلك يتجلى
الأحمق الذي لا يضع الشيء في موضعه حيث قال الإمام : لأسلم لا يحدث به أحد ،
والشكاك الذي يريد أن يطمئن له قلبه . كما قال : إبراهيم الخليل لربه . . بلى ولكن ليطمئن
له قلبي . عنهم حتى إذا أمنوا مكر الله ، وأمنوا عذابه ، وظنوا أنهم قد استقروا صيح فيهم
صيحة لم يكن لهم مناد يسمعهم ولا يجمعهم ، وذلك قول الله :
( حتى إذا أخذت الأرض زخرفها ) إلى قوله : ( لقوم يتفكرون ) ( 1 ) ألا إنه
ليس أحد من الظلمة إلا ولهم بقيا ( 2 ) إلا آل فلان ، فإنهم لا بقيا لهم .
قال : جعلت فداك أليس لهم بقيا ؟
قال : بلى ولكنهم يصيبون منا دما فبظلمهم نحن وشيعتنا فلا بقيا لهم ( 3 ) .
وفي البحار عن المناقب ، عن الثعلبي في نزهة القلوب ، روى عن
الباقر ( عليه السلام ) أنه قال : أشخصني هشام بن عبد الملك فدخلت عليه وبنو أمية حوله ،
فقال لي : أدن يا ترابي ، فقلت : من التراب خلقنا وإليه نصير ، فلم يزل يدنيني
حتى أجلسني معه ، ثم قال : أنت أبو جعفر الذي يقتل بني أمية ؟
فقلت : لا .
قال : فمن ذاك ؟
فقلت : ابن عمي أبو العباس بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس ،
فنظر إلى وقال : والله ما جربت عليك كذبا ، ثم قال : ومتى ذاك ؟
قلت : عن سنوات والله ما هي ببعيدة - الخبر .
وفيه أيضا عن جابر الجعفي مرفوعا : لا يزال سلطان بني أمية حتى يسقط
حائط مسجدنا هذا يعني مسجد الجعفي فكان كما أخبر ( 4 ) .
وفي روضة الكافي بسنده إلى زرارة قال : كان أبو جعفر ( عليه السلام ) في المسجد
الحرام ، فذكر بني أمية ودولتهم وقال له بعض أصحابه : إنما نرجو أن تكون
صاحبهم وأن يظهر الله عز وجل هذا الأمر على يدك .
فقال : ما أنا بصاحبهم ولا يسرني أن أكون صاحبهم ، إن أصحابهم أولاد
الزنا ان الله تبارك وتعالى لم يخلق منذ خلق السماوات والأرض سنين ولا أياما
أقصر من سنيهم وأيامهم ، إن الله عز وجل يأمر الملك الذي في يده الفلك
فيطويه طيا ( 1 ) .
وفي روضة الكافي عن جابر ، عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قال : كنا عنده ، وذكروا
سلطان بني أمية فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) لا يخرج على هشام أحد إلا قتله ، قال : وذكر
ملكه عشرين سنة ، قال : فجزعنا .
فقال : ما لكم إذا أراد الله تبارك وتعالى أن يهلك سلطان قوم أمر الملك
فأسرع بسير الفلك فقدر على ما يريد ، قال : فقلت لزيد هذه المقالة .
فقال : إني شهدت هشاما ورسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يسب عنده ، فلم ينكر ذلك ولم
يغيره ، فوالله لو لم يكن إلا أنا وابني لخرجت عليه ( 2 ) .
وفي الخرائج عن أبي بصير عن الصادق ( عليه السلام ) قال : كان أبي في مجلس له
ذات يوم إذ أطرق برأسه للأرض فمكث فيها مكثا ، ثم رفع رأسه فقال : يا قوم
كيف أنتم إن جاءكم رجل يدخل عليكم مدينتكم هذه في أربعة آلاف حتى
يستعرضكم ( 3 ) بالسيف ثلاثة أيام ، فيقتل مقاتليكم وتلقون منه بلاء لا تقدرون
أن تدفعوها ، وذلك من قابل فخذوا حذركم واعلموا أن الذي قلت هو كائن لابد
منه ؟ فلم يلتفت أهل المدينة إلى كلامه ، وقالوا : لا يكون هذا أبدا ولم يأخذوا
حذرهم إلا نفر يسير وبنو هاشم فخرجوا من المدينة خاصة وذلك أنهم علموا
أن كلامه هو الحق ، فلما كان من قابل تحمل أبو جعفر ( عليه السلام ) بعياله وبنو هاشم
وجاء نافع بن الأزرق حتى كبس المدينة فقتل مقاتليهم وفضح نسائهم فقال
أهل المدينة : لا نرد على أبي جعفر ( عليه السلام ) شيئا نسمعه منه أبدا بعد ما سمعنا ورأينا
فإنهم أهل بيت النبوة وينطقون بالحق ( 1 ) .
وفيه عن أبي بصير أيضا قال : سمعت الصادق ( عليه السلام ) يقول : إن أبي مرض
مرضا شديدا حتى خفنا عليه ، فبكى عند رأسه بعض أصحابه فنظر اليه وقال :
إني لست بميت في وجعي هذا ، قال : فبرئ ومكث ما شاء الله من السنين ، فبينما
هو صحيح ليس به بأس فقال : يا بني إلي فإني ميت يوم كذا ، فمات في ذلك
اليوم .
وفيه أيضا روي عن هشام بن سالم قال : لما كانت الليلة التي قبض بها أبو
جعفر ( عليه السلام ) قال : يا بني هذه الليلة وعدتها ، وقد كان وضوئه قريبا .
قال : أريقوه ، فظننا أنه يقول : من الحمى .
فقال : يا بني أرقه ، فأرقناه فإذا فيه فأرة .
وفيه أيضا روي عن أبي بصير قال : حدثنا عليا دراج بن دراج عند الموت
أنه دخل على أبي جعفر ( عليه السلام ) وقال : إن المختار استعملني على بعض أعماله ،
فأصبت مالا ، فذهب بعضه وأكلت وأعطيت بعضا ، وأحب أن تجعلني في حل
من ذلك .
قال : أنت منه في حل .
فقلت : إن فلانا حدثني أنه سئل الحسن بن علي ( عليهما السلام ) أن يقطعنا أرضا في
الرحبة ، فقال له الحسن ( عليه السلام ) : اني أصنع بك ما هو خير لك ، أضمن لك الجنة
على وعلى آبائي فهل كان هذا ؟
قال : نعم .
فقلت لأبي جعفر ( عليه السلام ) عند ذلك : اضمن لي الجنة عليك وعلي آبائك كما
ضمن الحسن ( عليه السلام ) لفلان .
قال : ضمنت .
قال أبو بصير : حدثني بهذا هو ثم مات ، وما حدثت بهذا أحدا ، ثم خرجت
ودخلت إلى المدينة فدخلت على أبي جعفر ( عليه السلام ) ، فلما نظر إلى قال : مات عليا .
قلت : نعم .
قال : حدثك بكذا وكذا ؟ ولم يدع شيئا مما حدثني به عليا إلا
وحدثني ( عليه السلام ) به .
فقلت : والله ما كان عندي حين حدثني بهذا أحد ولا خرج من فمي إلى
أحد ، فمن أين علمت هذا ؟ فغمز فخذي بيده فقال : هيه هيه اسكت الآن .
وفي البحار عن المناقب ، عن جابر بن يزيد الجعفي قال : مررت بمجلس
عبد الله بن الحسن ( عليه السلام ) فقال : بماذا فضلني محمد بن علي ؟ ثم أتيت إلى أبي
جعفر ( عليه السلام ) ، فلما بصر بي ضحك إلى .
ثم قال : يا جابر ، اقعد فإن أول داخل يدخل عليك في هذا الباب عبد الله
بن الحسن ( عليه السلام ) ، فجعلت أرمق ببصري نحو الباب وأنا مصدق لما قال سيدي ، إذ
أقبل يسحب أذياله .
فقال له : يا عبد الله أنت الذي تقول بماذا فضلني محمد بن علي ، إن
محمدا وعليا ولداه ، وقد ولداني ؟ ثم قال : يا جابر احفر حفيرة وأملأها حطبا
جزلا ( 1 ) وأضرمها نارا .
قال جابر : ففعلت ، فلما أن رأى النار قد صارت جمرا أقبل عليه بوجهه .
فقال : إن كنت حيث ترى فأدخلها لن تضرك ، فقطع بالرجل ( 2 ) ، فتبسم في
وجهي [ الإمام ] ( 2 ) .
وفي الخرائج روى عبد الله بن معاوية الجعفري قال : سأحدثكم بما
سمعته أذناي ورأته عيناي من أبي جعفر ( عليه السلام ) ، أنه كان على المدينة رجل من آل
مروان ، وانه أرسل إلى يوما فأتيته وما عنده أحد من الناس ، فقال : إنما دعوتك
لثقتي بك ، وإني قد علمت أنه لا يبلغ عني غيرك ، فأحببت أن تلقى عميك
محمد بن علي وزيد بن علي ، وتقول لهما : يقول لكما الأمير لتكفان عما يبلغني
عنكما أو لتنكران ( 3 ) ، فخرجت متوجها إلى أبي جعفر ( عليه السلام ) فاستقبلته متوجها إلى
المسجد ، فلما دنوت منه تبسم ضاحكا ، فقال : بعث إليك هذا الطاغية ودعاك ،
وقال : الق عميك فقل لهما كذا .
فقال : أخبرني أبو جعفر ( عليه السلام ) بمقاله كأنه كان حاضرا ، ثم قال : يا بن عم قد
كفينا أمره بعد غد فإنه معزول ومنفي إلى بلاد مصر ، والله ما أنا بساحر ولا كاهن ،
قال : فوالله ما أتى عليه اليوم الثاني حتى ورد عليه عزله ونفيه إلى مصر وولي
المدينة غيره .
وروى الكشي في رجاله عن حمدوية ، قال : سألت أبا الحسن أيوب بن
نوح بن دراج النخعي ، عن سليمان بن خالد النخعي أثقة هو ؟
فقال : كما يكون الثقة .
قال : حدثني عبد الله بن محمد قال : حدثني أبي عن إسماعيل بن أبي
حمزة قال : ركب أبو جعفر ( عليه السلام ) يوما إلى حائط له من حيطان المدينة ، فركبت
معه إلى ذلك الحائط ومعنا سليمان بن خالد ، فقال له سليمان بن خالد : جعلت
فداك يعلم الإمام ما في يومه ؟
فقال ( عليه السلام ) : يا سليمان والذي بعث محمدا ( صلى الله عليه وآله ) بالنبوة واصطفاه بالرسالة
___________________
( 1 ) بحار الأنوار / المجلسي 46 : 228 .
( 2 ) الاختصاص / المفيد : 62 .
( 3 ) الأصيل : وقت العصر وبعده .
( 4 ) الغزالة : الشمس .
( 5 ) الصهيل : حدة الصوت .
( 6 ) التسريح : الإرسال والإطلاق .
( 7 ) سورة إبراهيم 14 : 24 .
( 8 ) أي وفق العدد الذي على هذه الصحيفة .
( 9 ) المغيرية : أصحاب المغيرة بن سعيد العجلي الذي ادعى أن الإمامة بعد محمد بن علي بن
الحسين ( عليهم السلام ) لمحمد بن عبد الله بن الحسن ( عليه السلام ) وزعم أنه حي لم يمت . ويسموهم أيضا
بالبترية كما سيأتي تفصيله .
( 10 ) البتوت جمع البت : الثياب الغليظة .
( 11 ) الزط : جبل في الهند ينسب إليه أقوام يعيشون فيه .
( 12 ) بحار الأنوار 46 / 257 .
( 13 ) بحار الأنوار 46 / 260 .
( 14 ) كشف الغمة / الإربلي 2 : 352 .
( 15 ) بحار الأنوار 46 / 261 .
( 16 ) الوقيد : لعله حطب جهنم .
( 17 ) نقله المجلسي عن بصائر الدرجات 46 : 236 / 10 .
( 18 ) قال الجزري : الممصرة من الثياب التي فيها صفرة خفيفة .
( 19 ) بحار الأنوار 46 / 251 .
( 20 ) أحجار الزيت : موضع بالمدينة وبها قتل محمد بن عبد الله بن الحسن الملقب بالنفس
الزكية .
( 21 ) بحار الأنوار 46 / 263 .
( 22 ) بحار الأنوار 46 / 274 .
( 23 ) بحار الأنوار 46 / 251 .
( 24 ) سورة يونس : 10 / 24 .
( 25 ) البقيا : الرحمة والشفقة .
( 26 ) بحار الأنوار 46 / 257 .
( 27 ) بحار الأنوار 46 / 262 .
( 28 ) روضة الكافي 8 / 341 ، ونقله المجلسي في البحار 46 : 281 / 83 .
( 29 ) روضة الكافي 8 / 301 ونقله البحار 46 : 281 / 84 .
( 30 ) قال الفيروز آبادي : عرض القوم على السيف قتلهم ، قال : استعرضهم قتلهم ولم يسأل
عن أحد .
( 31 ) الخرائج / 197 ، ونقله في البحار 46 : 254 / 51 .
( 32 ) الجزل من الحطب : اليابس الغليظ والعظيم منه ، والكثير من الشيء .
( 33 ) قوله : فقطع بالرجل على المجهول انقطعت حجته .
( 34 ) بحار الأنوار 46 : 261 / 62 .
( 35 ) لتنكران : من أنكره إذا لم يعرفه ، كناية عن إيذائهما وعدم عرفان حقهما وشرفهما .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page