• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

احتجاجات الإمام ( عليه السلام ) ومناظراته

لم يكن دور الإمام الباقر مقتصرا على الفقه والحديث ، بل كان هو
وأصحابه يناظرون في أصول الإسلام ويحاولون تركيزها في النفوس حتى لا
تتعرض لما أثير في ذلك العصر من الجدل والنزاع في أصول العقائد .
ومن عقائدنا في النبي ( صلى الله عليه وآله ) والأئمة ( عليهم السلام ) هو المقدرة على اتيان المعاجز ،
دليلا على النبوة والإمامة ، وتثبيتا للعقيدة ، وحدا فيصلا بين الصدق والكذب ،
وجل من ترجم للنبي ( صلى الله عليه وآله ) والأئمة ( عليهم السلام ) ذكر لهم معاجز وكرامات كثيرة ، شاهدها
لهم من صحبهم من الثقات ، وقد أعرضت عن ذكر ما ورد لهم ( عليهم السلام ) من المعاجز
ايمانا مني بان كل حياتهم صلوات الله عليهم معاجز ، وكل كلامهم براهين ،
وعندي أن المعجزة تتجلى في أروع صورها ، واسمى معانيها في
أجوبتهم ( عليهم السلام ) ، فهي تشتمل على صنوف من العلوم والفنون والمعارف ، بما لا
يتوصل إليه غيرهم مع أنهم أجابوا عنها بالبديهة ، وفصلوا أجوبتها باللحظة .
وها نحن نورد غيضا من فيض ما ورد إلينا من أجوبته ( عليه السلام ) عن المسائل
التي سئل عنها طلبا للفائدة أو عند مناظراته واحتجاجاته ( عليه السلام ) .
اقبل أبو جعفر ( عليه السلام ) في المسجد الحرام فنظر اليه قوم من قريش فقالوا : من
هذا ؟
فقيل لهم : إمام أهل العراق . فقال بعضهم : لو بعثتم اليه بعضكم فسأله ،
فأتاه شاب منهم فقال له : يا عم ما أكبر الكبائر ؟
فقال ( عليه السلام ) : شرب الخمر . فأتاهم فأخبرهم ، فقالوا له : عد اليه ، فعاد اليه .
فقال له : ألم أقل لك يا ابن أخ شرب الخمر ، إن شرب الخمر يدخل صاحبه في
الزنا والسرقة وقتل النفس التي حرم الله عز وجل ، والشرك بالله عز وجل ، وأفاعيل
الخمر تعلو على كل ذنب ، كما تعلو شجرها على كل الشجر .
وقيل له : كيف أصبحت ؟ قال : أصبحنا غرقى في النعمة موفورين
بالذنوب ، يتحبب الينا الهنا بالنعم ونتمقت اليه بالمعاصي ، ونحن نفتقر اليه وهو
غني عنا .
وقيل له : ما الموت ؟ فقال : هو النوم الذي يأتيكم في كل ليلة إلا أنه طويل
مدته .
وقيل له : من أعظم الناس قدرا ؟ فقال ( عليه السلام ) : من لم ير الدنيا لنفسه قدرا .
وسئل مرة أخرى بهذا السؤال ، فقال : من لم يبال في يد من كانت الدنيا .
وسأله محمد بن مسلم : لم جعل البينة في النكاح ؟ فقال ( عليه السلام ) : من أجل
المواريث .
وسئل ( عليه السلام ) عن آدم حيث حج بم حلق رأسه ، ومن حلقه ؟ فقال : نزل
جبرئيل عليه بياقوتة من الجنة فأمرها على رأسه فتناثر شعره .
وسئل عن غسل الميت والصلاة عليه وغسل غاسله ؟
فقال ( عليه السلام ) : يغسل الميت لأنه يخبث ، لتلاقيه الملائكة وهم طاهرون ،
فكذلك الغاسل ليلاقيه المؤمنون . وعلة الصلاة عليه ليشفع له ، وليطلب الله فيه .
وسئل عن تكبير صلاة الميت ؟ فقال : أخذت الخمس من الخمس
صلوات ، من كل صلاة تكبيرة .
وسئل ( عليه السلام ) : لم فرض الله الصوم على عباده ؟
فقال ( عليه السلام ) : ليجد الغني مس الجوع فيحنو على الفقير ( 1 ) .
وسئل ( عليه السلام ) : عن الحديث يرسله ولا يسنده .
فقال : إذا حدثت بالحديث فلم أسنده فسندي فيه أبي زين العابدين ، عن
أبيه الحسين الشهيد ، عن أبيه علي بن أبي طالب عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عن جبرئيل
عن الله عز وجل ( 2 ) .
سئل ( عليه السلام ) : فما النجاة غدا ؟
قال : إنما النجاة في ألا تخادعوا الله فيخدعكم فإنه من يخادع الله يخدعه ،
ويخلع الله منه الايمان ونفسه يخدع لو يشعر .
قيل له : كيف يخادع الله ؟ !
فقال : يعمل بما أمر الله عز وجل به ثم يريد به غيره فاتقوا الله ، والرياء فإنه
شرك بالله عز وجل ، إن المرائي يدعى يوم القيامة بأربعة أسماء : يا كافر ، يا فاجر ،
يا غادر ، يا خاسر ، حبط عملك ، وبطل اجرك ، ولا خلاق لك اليوم فالتمس
اجرك ممن كنت تعمل له ( 3 ) .
وجاء في الوافي لمحسن الفيض وبحار الأنوار للشيخ المجلسي ج
46 / 743 وغيره من كتب الحديث أن نافع بن عبد الله بن الأزرق كان يقول : لو
علمت ان بين قطريها أحدا تبلغني إليه المطايا يخصمني ان عليا قتل أهل
النهروان وهو غير ظالم لهم لرحلت إليه ، فقيل له : ولا ولده ؟ فقال : في ولده
عالم ؟
فقيل له : هذا أول جهلك ، وهل يخلون من عالم في كل عصر ؟
فقال : ومن عالمهم اليوم ؟
قيل له : محمد بن علي بن الحسين ، فرحل إليه في جمع من أصحابه حتى
أتى المدينة فاستأذن على أبي جعفر ، فقال : وما يصنع بي وهو يبرأ مني ومن
آبائي ، ثم قال الإمام لغلامه : اخرج إليه وقل له : إذا كان الغد فأتنا ، فلما أصبح دخل
عليه نافع بن الأزرق في أصحابه ، وكان الإمام ( عليه السلام ) قد جمع أبناء المهاجرين
والأنصار . ثم خرج إليهم في ثوبين ممغرين واقبل على الناس كأنه فلقة قمر
وقال ( عليه السلام ) : الحمد لله محيث الحيث ، ومكيف الكيف ، ومؤين الأين ، الحمد لله
الذي لا تأخذه سنة ولا نوم له ما في السموات وما في الأرض . . . إلى آخر الآية
( الكرسي ) ، وأشهد أن لا اله إلا الله ، وأشهد أن محمدا ( صلى الله عليه وآله ) عبده ورسوله ، اجتباه
وهداه إلى صراط مستقيم ، الحمد لله الذي أكرمنا بنبوته ، واختصنا بولايته ، ثم
قال ( عليه السلام ) : يا معشر أبناء المهاجرين والأنصار من كانت عنده منقبة لعلي بن أبي
طالب أقسمت عليه إلا ذكرها ، فتحدث جماعة منهم بما اشتهر من فضله
ومناقبه ، فلم ينكر نافع بن عبد الله بن الأزرق شيئا مما ذكروه . وقال : وأنا أروي
هذه المناقب ، ولكنه أحدث الكفر لأنه وافق على التحكيم في صفين . فذكره
الإمام ( عليه السلام ) بحديث خيبر وقول النبي ( صلى الله عليه وآله ) : لأعطين الراية غدا رجلا يحب الله
ورسوله ويحبه الله ورسوله ، كرار غير فرار ، لا يرجع حتى يفتح الله عليه .
واعترف ابن الأزرق بصحة الحديث . وقال : هو حق ، ولكن عليا احدث الكفر
بعد .
فقال له أبو جعفر ( عليه السلام ) : أخبرني عن الله سبحانه أحب عليا يوم أحبه وهو
يعلم أنه يقتل أهل النهروان ، أو انه لا يعلم ؟ فسكت الخارجي ، ولم يعرف بماذا
يجيب ، فإن قال بأن الله لا يعلم فقد نسب إليه الجهل : وان قال بأنه يعلم ، فإذا لم
يكونوا مستحقين للقتل يكون علي بن أبي طالب قد ارتكب خطأ كبيرا وظلما
فاحشا بقتلهم فكيف أحبه الله وهو ظالم لعباده ، والله لا يحب الظالمين
المجرمين ، ولا مفر له عن الاعتراف باستحقاقهم للقتل فخرج من مجلس الإمام
مخصوما مدحورا .
وفي رواية الكليني ، قال أبو جعفر ( عليه السلام ) :
أخبرني عن الله عز وجل ، أحب عليا يوم أحبه وهو يعلم انه يقتل أهل
النهروان أم لم يعلم ؟ فإن قلت : لا كفرت ، فقال : قد علم ، قال ( عليه السلام ) : فأحبه الله على
أن يعمل بطاعته أو على أن يعمل بمعصيته ؟ فقال : أن يعمل بطاعته ، فقال له أبو
جعفر ( عليه السلام ) قم مخصوصا ، فقام وهو يقول : ( حتى يتبين لكم الخيط الأبيض
من الخيط الأسود من الفجر ) والله أعلم حيث يجعل رسالته .
وجاء في رواية المفيد : أن نافع بن الأزرق جاءه يوما يسأله عن مسائل في
الحلال والحرام ، فقال له الإمام أبو جعفر الباقر ( عليه السلام ) وهو يحدثه : يا نافع ، ، قل
لهذه المارقة بم استحللتم فراق أمير المؤمنين وقد سفكتم دماءكم بين يديه في
طاعته والتقرب إلى الله بنصرته ، وإذا قالوا لك : لأنه حكم الرجال في دين الله ،
فقل لهم : قد حكم الله تعالى في الشريعة رجلين من خلقه فقال عز وجل في
كتابه :
( وابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله
بينهما ) ، وحكم رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) سعد بن معاذ في بني قريظة فحكم فيهم بما
أمضاه الله ، أوما علمتم أن أمير المؤمنين إنما أمر الحكمين أن يحكما بالقرآن ولا
يتعدياه واشترط رد ما خالف القرآن من أحكام الرجال ، وقال حين قالوا له :
حكمت على نفسك من حكم عليك ، قال : ما حكمت مخلوقا وانما حكمت
كتاب الله ، فأين تجد المارقة تضليل من أمر بالحكم بالقرآن واشترط رد ما خالفه
لولا ارتكابهم في بدعتهم البهتان ، فقال نافع بن الأزرق : هذا والله كلام ما مر
بمسمعي قط ولا خطر مني على بال وهو الحق .
وجاء في توحيد الصدوق عن عبد الله بن سنان عن أبيه أنه قال : كنت في
مجلس الإمام محمد الباقر ( عليه السلام ) فجاءه أحد الخوارج وقال له : يا جعفر أي شئ
تعبد ؟ قال له : اعبد الله ، فقال : هل رأيته ؟ فقال : لم تره العيون بمشاهدة العيان
ولكن رأته القلوب بحقائق الإيمان ، لا يعرف بالقياس ، ولا يدرك بالحواس ، ولا
يشبه الناس ، موصوف بالآيات ، لا يجور في حكم ، ذلك هو الله لا إله إلا هو ،
فخرج الرجل وهو يقول : الله أعلم حيث يجعل رسالته .
وسأل ذعلب اليماني أمير المؤمنين ( عليه السلام ) نحوا من هذا ، فأجابه الإمام قريبا
من هذا الجواب كما في نهج البلاغة .
ورواه المرتضى في الأمالي قريبا من هذا أيضا .
وروى الكليني في الكافي عن أبي حمزة الثمالي أنه قال : كنت جالسا في
مسجد محمد رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) إذ أقبل رجل فسلم ، فقال : من أنت يا عبد الله ؟
قلت : رجل من أهل الكوفة ، فما حاجتك ؟ قال : أتعرف أبا جعفر محمد بن
علي ؟ قلت : نعم ، فما حاجتك إليه قال : هيأت له أربعين مسألة أسأله عنها ، فما
كان من حق أخذته وما كان من باطل تركته . قال أبو حمزة : فقلت له : هل تعرف
ما بين الحق والباطل ؟ قال : نعم . فقلت له : فما حاجتك إليه إذا كنت تعرف ما بين
الحق والباطل ؟ فقال لي : أنتم يا أهل الكوفة قوم لا تطاقون ، إذا رأيت أبا جعفر
فأخبرني ، فما انقطع كلامه حتى أقبل أبو جعفر وحوله أهل خراسان وغيرهم
يسألونه عن مناسك الحج فمضى حتى جلس مجلسه وجلس الرجل قريبا منه
فجلست أسمع الكلام وحوله عالم من الناس فلما قضى حوائجهم وانصرفوا
التفت إلى الرجل وقال له : من أنت ؟ فقال : أنا قتادة بن دعامة البصري ، فقال له
أبو جعفر ( عليه السلام ) : أنت فقيه أهل البصرة ؟ قال : نعم ، فقال : ويحك يا قتادة ، إن الله
عز وجل خلق خلقا فجعلهم حججا على خلقه فهم أوتاد في أرضه قوام بأمره
نجباء في علمه اصطفاهم قبل خلقه أظلة عن يمين عرشه ، فسكت قتادة طويلا
ثم قال : أصلحك الله ، والله لقد جلست بين يدي الفقهاء ومع ابن عباس فما
اضطرب قلبي من أحد منهم ما اضطرب منك ، فقال له أبو جعفر ( عليه السلام ) : أتدري
أين أنت ؟ أنت بين يدي ( بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه يسبح له
فيها بالغدو والآصال رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر الله وإقام
الصلاة وإيتاء الزكاة ) فأنت ثم ونحن أولئك .
فقال له قتادة : صدقت والله جعلني الله فداك ما هي بيوت حجارة ولا
طين .
ثم قال له قتادة : فأخبرني عن الجبن .
فتبسم أبو جعفر الباقر ( عليه السلام ) وقال : رجعت مسائلك إلى هذا .
قال : ضلت عني .
قال له الإمام ( عليه السلام ) : لا بأس به .
فقال قتادة : انه ربما جعلت فيه إنفحة الميتة .
قال : ليس بها بأس ، ان الإنفحة ليس لها عروق ولا فيها دم ولا لها عظم
انما تخرج من بين فرث ودم ، ومضى يقول : ان الإنفحة بمنزلة دجاجة ميتة
أخرجت منها بيضة فهل تأكل تلك البيضة ؟
فقال له قتادة : لا ولا آمر بأكلها .
فقال له أبو جعفر ( عليه السلام ) : ولم ؟
قال لأنها من الميتة .
فقال له الإمام ( عليه السلام ) : فان حضنت تلك البيضة فخرجت منها دجاجة
أتأكلها ؟
قال : نعم ، قال : فما حرم عليك البيضة وأحل لك الدجاجة ؟ وكذلك
الإنفحة ، فاشتر الجبن من أسواق المسلمين ومن أيدي المصلين ولا تسأل عنه
الا أن يأتيك من يخبرك عنه .
وفي كشف الغمة : أن عبد الله بن معمر الليثي قال لأبي جعفر الباقر ( عليه السلام ) :
بلغني أنك تفتي في المتعة .
فقال ( عليه السلام ) : لقد أحلها الله في كتابه وسنها رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وعمل بها
أصحابه .
فقال له عبد الله : وقد نهى عنها عمر بن الخطاب .
فقال له الإمام : أنت على قول صاحبك وأنا على قول رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) .
فرد عليه عبد الله بن معمر بقوله : أيسرك أن نساءك فعلن ذلك ؟
فقال له الإمام ( عليه السلام ) : وما ذكر النساء يا أحمق ، إن الذي أحلها في كتابه
وأباحها لعباده أغير منك وممن نهى عنها تكلفا ، بل يسرك أن بعض حرمك
تحت حائك من حاكة يثرب نكاحا ؟
قال : لا ، قال : فلم تحرم ما أحل الله ؟
قال : لا أحرم ولكن الحائك ما هو لي بكفء .
قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : فإن الله ارتضى عمله ورغب فيه وزوجه حورا ،
أفترغب عمن رغب الله فيه وتستنكف ممن هو كفء لحور الجنان كبرا وعتوا ؟
فضحك عبد الله وقال : ما أحسب صدوركم إلا منابت أشجار العلم فصار
لكم ثمره وللناس ورقه .
وجاء في بعض المرويات عن أبي محمد الحسن العسكري ( عليه السلام ) أنه قال :
كان محمد بن علي بن الحسين ( عليه السلام ) في مجلسه يوما . فقال : إن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) لما
أمر بالمسير إلى تبوك أمر بأن يخلف عليا في المدينة فقال علي ( عليه السلام ) : يا رسول
الله ما كنت أحب أن أتخلف عنك في شئ من أمورك وأن أغيب عن
مشاهدتك والنظر إلى هديك وسمتك ، فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : يا علي ، أما ترضى
أن تكون مني بمنزلة هارون من موسى إلا إنه لا نبي بعدي ؟ تقيم يا علي وإن لك
من الأجر مثل الذي يكون لك لو خرجت مع رسول الله ، ولك مع ذلك أجر كل
من خرج مع رسول الله موقنا طائعا ، وإن لك على الله يا علي ، لمحبتك أن تشاهد
من محمد سمته في سائر أحواله ولا يفوتك شئ بقدرة الله ومشيئته ، فقام إليه
رجل وقال : يا ابن رسول الله كيف يكون وهذا للأنبياء لا لغيرهم ؟
فقال الإمام ( عليه السلام ) : هذا هو معجزة لمحمد رسول الله لا لغيره ؛ لأن الله يمكنه
من ذلك بدعاء محمد ( صلى الله عليه وآله ) .
ثم قال الإمام الباقر ( عليه السلام ) : ما أكثر ظلم هذه الأمة لعلي بن أبي طالب وأقل
أنصاره ، إنهم يمنعون عليا ما يعطونه لسائر الصحابة وهو أفضلهم ، فكيف يمنع
منزلة يعطونها غيره ؟
فقيل له : وكيف ذاك يا ابن رسول الله ؟
قال : لأنكم تتولون محبي أبي بكر بن أبي قحافة وتتبرأون من أعدائه كائنا
من كان ، كذلك تتولون عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وتتبرأون من
أعدائهما كائنا من كان حتى إذا صار إلى علي ( عليه السلام ) قلتم نتولاه ولا نتبرأ من أعدائه
بل نحبهم فكيف يجوز هذا لهم ورسول الله ( صلى الله عليه وآله ) يقول ، في علي ( عليه السلام ) : اللهم وال
من والاه وعاد من عاداه واخذل من خذله ، أفترونه يقول ذلك ، ولا يعادي من
عاداه ولا يخذل من خذله ؟ ليس هذا بإنصاف .
ومضى الإمام - يقول كما يدعي الراوي - : ثم إنهم إذا ذكروا ما اختص الله
به عليا بدعاء رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وكرامته على ربه تعالى جحدوه ويقبلون ما يذكر
لغيره من الصحابة ، فما الذي منع عليا ( عليه السلام ) ما جعله لسائر أصحاب رسول
الله ( صلى الله عليه وآله ) ؟ هذا عمر بن الخطاب إذا قيل لهم إنه كان على المنبر في المدينة
يخطب في الناس وإذا به ينادي يا سارية الجبل ، فلما أتم خطابه وفرغ من
الصلاة سألوه عما قاله وهو يخطب فقال : اعلموا أني وأنا أخطب إذ رمقت
ببصري نحو الجهة التي خرج فيها إخوانكم إلى غزوة الكافرين بنهاوند بقيادة
سعد بن أبي وقاص ففتح الله لي الأستار والحجب وقوي بصري حتى رأيتهم
اصطفوا بين يدي جبل هناك . وقد جاء بعض الكفار ليدور خلف سارية ومن
معه من المسلمين ويحيطوا بهم ، فقلت : يا سارية الجبل ليلتجئ إليه ويكون
الجبل في ظهره ويمنعهم بذلك من أن يحيطوا به ، وقد منح الله إخوانكم
المؤمنين أكتاف الكافرين وفتح الله عليهم بلادهم ، فاحفظوا هذا الوقت فسيرد
عليكم الخبر بذلك ، وكان بين المدينة ونهاوند مسيرة أكثر من خمسين يوما ،
وأضاف إلى ذلك الإمام أبو جعفر الباقر ( كما جاء في الرواية ) : فإذا جاز مثل هذا
لعمر بن الخطاب فكيف لا يكون مثله لعلي بن أبي طالب ( عليه السلام ) ولكنهم قوم لا
ينصفون بل يكابرون ( 4 ) .
ومما جاء عن الامام محمد الباقر ( عليه السلام ) في الاحتجاج والمناظرة ما رواه
المفيد ، قال : أخبرني الشريف أبو محمد ، قال : حدثني جدي قال : حدثني الزبير
بن أبي بكر ، قال : حدثني عبد الرحمن بن عبد الله الزهري ، قال : حج هشام بن
عبد الملك فدخل المسجد الحرام متكئا على يد سالم مولاه ، ومحمد بن علي
بن الحسين جالس في المسجد فقال له سالم : يا أمير المؤمنين ، هذا محمد بن
علي بن الحسين فقال هشام : المفتون به أهل العراق ؟ قال : نعم ، قال : اذهب إليه
فقل له يقول لك أمير المؤمنين : ما الذي يأكل الناس ويشربون إلى أن يفصل
بينهم يوم القيامة ؟ قال له أبو جعفر ( عليه السلام ) : يحشر الناس على مثل قرص النقى ( 5 ) ،
فيها أنهار متفجرة يأكلون ويشربون حتى يفرغ من الحساب ، فرأى هشام أنه قد
ظفر به فقال : الله أكبر ، اذهب إليه فقل له : يقول لك : ما أشغلهم عن الأكل
والشرب يومئذ ؟ ! فقال له أبو جعفر ( عليه السلام ) : هم في النار أشغل ولم يشغلوا عن أن
قالوا : ( أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله ) ( 6 ) فسكت هشام ولم يرجع
كلاما ( 7 ) .
وفي رواية أخرى عن أبي حمزة الثمالي عن أبي الربيع قال : حججت مع
أبي جعفر ( عليه السلام ) في السنة التي حج فيها هشام بن عبد الملك ، وكان معه نافع مولى
عمر بن الخطاب فنظر نافع إلى أبي جعفر ( عليه السلام ) في ركن البيت وقد اجتمع عليه
الخلق فقال : يا أمير المؤمنين ، من هذا الذي قد تكافأ عليه الناس ؟
فقال : هذا محمد بن على بن الحسين ( عليهم السلام ) .
قال : لآتينه ولأسألنه عن مسائل لا يجيبني فيها الا نبي أو وصى نبي .
قال : فاذهب إليه لعلك تخجله ، فجاء نافع حتى اتكأ على الناس وأشرف
على أبي جعفر فقال : يا محمد بن على ، إني قرأت التوراة والإنجيل والزبور
والفرقان ، وقد عرفت حلالها وحرامها ، وقد جئت أسألك عن مسائل لا يجيبني
فيها الا نبي أو وصي نبي أو ابن نبي .
فرفع أبو جعفر ( عليه السلام ) رأسه فقال : سل عما بدا لك !
قال : أخبرني كم بين عيسى ومحمد من سنة ؟ قال ( عليه السلام ) : أجيبك بقولك أم
بقولي ؟
قال : أجبني بالقولين ! قال ( عليه السلام ) : أما بقولي فخمسمائة سنة ، واما بقولك
فستمائة سنة .
قال : فأخبرني عن قول الله عز وجل : ( وسئل من أرسلنا من قبلك من
رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون ) من الذي سأل محمد وكان
بينه وبين عيسى ( عليه السلام ) خمسمائة سنة ؟
قال ( عليه السلام ) : فتلا أبو جعفر ( عليه السلام ) هذه الآية : ( سبحان الذي أسرى بعبده ليلا
من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من
آياتنا ) .
كان من الآيات التي أراها الله عز وجل محمدا ( صلى الله عليه وآله ) حيث أسرى به إلى
بيت المقدس ، أنه حشر الله الأولين والآخرين ، من النبيين والمرسلين ، ثم أمر
جبرئيل ( عليه السلام ) فأذن شفعا وأقام شفعا وقال في أذانه : ( حي على خير العمل ) ثم
تقدم محمد ( صلى الله عليه وآله ) فصلى بالقوم ، فلما انصرف قال الله عز وجل : ( وسئل من
أرسلنا من قبلك من رسلنا أجعلنا من دون الرحمن آلهة يعبدون ) . فقال
رسول الله : على من تشهدون ؟ وما كنتم تعبدون ؟ قالوا : نشهد أن لا إله إلا الله
وحده لا شريك له ، وأنك رسول الله ، أخذت على ذلك عهودنا ومواثيقنا .
فقال : صدقت يا أبا جعفر ، ثم قال :
قال : فأخبرني عن قول الله عز وجل : ( يوم تبدل الأرض غير الأرض
والسماوات ) أي أرض تبدل ؟
فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : خبزة بيضاء يأكلونها حتى يفرغ الله من حساب
الخلايق . فقال : إنهم عن الأكل لمشغولون .
فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : أهم حينئذ أشغل أم هم في النار ؟ قال نافع : بل هم
في النار .
قال ( عليه السلام ) : فقد قال الله عز وجل : ( ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة
أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله ) ما أشغلهم إذ دعوا بالطعام
فأطعموا الزقوم ، ودعوا بالشراب فسقوا من الحميم .
فقال : صدقت يا ابن رسول الله ، وبقيت مسألة واحدة .
قال ( عليه السلام ) : وما هي ؟
قال : فأخبرني متى كان الله ؟
قال ( عليه السلام ) : ويلك ، أخبرني متى لم يكن حتى أخبرك متى كان ؟ ! سبحان من
لم يزل ولا يزال ، فردا صمدا لم يتخذ صاحبة ولا ولدا .
ثم أتى هشام بن عبد الملك فقال : ما صنعت ؟ قال : دعني من كلامك والله
هو أعلم الناس حقا وهو ابن رسول الله حقا .
وفي تذكرة الخواص عن ابن سعد في الطبقات قال : قال أبو يوسف : قلت
لأبي حنيفة : لقيت محمد بن علي الباقر ؟ فقال : نعم ، وسألته يوما فقلت له : أراد
الله المعاصي ؟ فقال : أفيعصى قهرا ؟ قال أبو حنيفة : فما رأيت جوابا أفحم منه .
وروى محمد بن مسلم عن أبي جعفر ( عليه السلام ) قوله - في صفة القديم - : إنه
واحد صمد ، أحدي المعنى ، ليس بمعان كثيرة مختلفة .
قال : قلت : جعلت فداك إنه يزعم قوم من أهل العراق ، أنه يسمع بغير
الذي يبصر ، ويبصر بغير الذي يسمع .
فقال ( عليه السلام ) : كذبوا وألحدوا ، وشبهوا الله تعالى إنه سميع بصير ، يسمع بما به
يبصر ، ويبصر بما به يسمع .
فقلت : يزعمون أنه بصير على ما يعقله .
فقال ( عليه السلام ) : تعالى الله ، إنما يعقل من كان بصفة المخلوق وليس الله كذلك .
وعن محمد بن مسلم أيضا قال : سألت أبا جعفر ( عليه السلام ) عما روي :
إن الله خلق آدم على صورته .
فقال ( عليه السلام ) : هي صورة محدثة مخلوقة ، اصطفاها الله واختارها ، على
أساس الصور المختلفة ، فأضافها إلى نفسه ، كما أضاف الكعبة إلى نفسه
والروح ، فقال " بيتي " وقال : ( ونفخت فيه من روحي ) .
وروي : أن عمرو بن عبيد ، وفد على محمد بن على الباقر ( عليه السلام ) لامتحانه
بالسؤال فقال له : جعلت فداك ما معنى قوله تعالى :
( أو لم ير الذين كفروا أن السماوات والأرض كانتا رتقا ففتقناهما ) ما هذا
الرتق والفتق ؟
فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : كانت السماء رتقا لا تنزل القطر ، وكانت الأرض رتقا
لا تخرج النبات ، ففتق الله السماء بالقطر ، وفتق الأرض بالنبات ، فانقطع عمرو
ولم يجد اعتراضا ، ومضى وعاد إليه فقال : خبرني جعلت فداك عن قوله تعالى :
( ومن يحلل عليه غضبي فقد هوى ) ما غضب الله ؟
فقال له أبو جعفر ( عليه السلام ) : غضب الله تعالى عقابه يا عمرو ، ومن ظن أن الله
يغيره شئ فقد هلك .
وعن أبي حمزة الثمالي قال : أتى الحسن البصري أبا جعفر ( عليه السلام ) فقال :
جئتك لأسألك عن أشياء من كتاب الله .
فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : ألست فقيه أهل البصرة ؟ قال : قد يقال ذلك .
فقال له أبو جعفر ( عليه السلام ) : هل بالبصرة أحد تأخذ عنه ؟ قال : لا .
قال : فجميع أهل البصرة يأخذون عنك ؟ قال : نعم .
فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : سبحان الله ، لقد تقلدت عظيما من الأمر ، بلغني عنك
أمر فما أدري أكذاك أنت ، أم يكذب عليك ؟ قال : ما هو ؟
قال ( عليه السلام ) : زعموا أنك تقول : إن الله خلق العباد ففوض إليهم أمورهم . قال :
فسكت الحسن .
فقال ( عليه السلام ) : أرأيت من قال الله له في كتابه : إنك آمن ، هل عليه خوف بعد
هذا القول منه ؟ فقال الحسن : لا .
فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : إني أعرض عليك آية وأنهي إليك خطابا ، ولا
أحسبك إلا وقد فسرته على غير وجهه ، فان كنت فعلت ذلك فقد هلكت
وأهلكت .
فقال له : ما هو ؟
قال : أرأيت حيث يقول : ( وجعلنا بينهم وبين القرى التي باركنا فيها
قرى ظاهرة وقدرنا فيها السير سيروا فيها ليالي وأياما آمنين ) يا حسن بلغني
أنك أفتيت الناس فقلت : هي مكة . فقال أبو جعفر ( عليه السلام ) : فهل يقطع على من حج
مكة وهل يخاف أهل مكة ، وهل تذهب أموالهم ؟ قال : بلى .
قال : فمتى يكونون آمنين ؟ بل فينا ضرب الله الأمثال في القرآن . فنحن
القرى التي بارك الله فيها ، وذلك قول الله عز وجل ، فمن أقر بفضلنا حيث بينهم
وبين شيعتهم القرى التي باركنا فيها ، قرى ظاهرة ، والقرى الظاهرة : الرسل ،
والنقلة عنا إلى شيعتنا ، وفقهاء شيعتنا إلى شيعتنا ، وقوله تعالى : ( وقدرنا فيها
السير ) فالسير مثل للعلم ، سير به ليالي وأياما ، مثل لما يسير من العلم في الليالي
والأيام عنا إليهم ، في الحلال والحرام ، والفرائض والأحكام ، آمنين فيها إذا
أخذوا منه ، آمنين من الشك والضلال ، والنقلة من الحرام إلى الحلال ، لأنهم
أخذوا العلم ممن وجب لهم أخذهم إياه عنهم ، بالمعرفة ، لأنهم أهل ميراث
العلم من آدم إلى حيث انتهوا ، ذرية مصطفاة بعضها من بعض ، فلم ينته
الاصطفاء إليكم ، بل إلينا انتهى ، ونحن تلك الذرية المصطفاة ، لا أنت ولا
أشباهك يا حسن ، فلو قلت لك - حين ادعيت ما ليس لك ، وليس إليك - : يا
جاهل أهل البصرة ! لم أقل فيك إلا ما علمته منك ، وظهر لي عنك ، وإياك أن
تقول بالتفويض ، فان الله عز وجل لم يفوض الأمر إلى خلقه ، وهنا منه وضعفا ،
ولا أجبرهم على معاصيه ظلما . . . الخبر .
وروي أن سالما دخل على أبي جعفر ( عليه السلام ) فقال :
جئت أكلمك في أمر هذا الرجل .
قال ( عليه السلام ) : أيما رجل ؟ قال : على بن أبي طالب ( عليه السلام ) .
قال ( عليه السلام ) : في أي أموره ؟ قال : في إحداثه .
قال أبو جعفر ( عليه السلام ) : انظر ما استقر عندك مما جاءت به الرواة عن آبائهم .
قال : ثم نسبهم ، ثم قال ( عليه السلام ) : يا سالم أبلغك أن رسول الله بعث سعد بن
عبادة براية الأنصار إلى خيبر ، فرجع منهزما ، ثم بعث عمر بن الخطاب براية
المهاجرين والأنصار ، فأتى سعد جريحا وجاء عمر يجبن أصحابه ويجبنونه .
فقال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : هكذا يفعل المهاجرون والأنصار ؟ حتى قالها ثلاثا ثم
قال رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : لأعطين الراية غدا رجلا كرارا ليس بفرار ، يحبه الله
ورسوله ، ويحب الله ورسوله .
قال : نعم . وقال القوم جميعا أيضا .
فقال أبو جعفر : يا سالم إن قلت : إن الله عز وجل أحبه وهو لا يعلم ما هو
صانع فقد كفرت ، وإن قلت : إن الله عز وجل أحبه وهو يعلم ما هو صانع ، فأي
حدث ترى له .
فقال : أعد على !
فأعاد ( عليه السلام ) عليه ، فقال سالم : عبدت الله على ضلالة سبعين سنة .
وعن أبي بصير قال : كان مولانا أبو جعفر محمد بن على الباقر ( عليه السلام ) جالسا
في الحرم وحوله عصابة من أوليائه ، إذ اقبل طاووس اليماني في جماعة من
أصحابه ثم قال لأبي جعفر ( عليه السلام ) :
أتأذن لي في السؤال ؟ فقال ( عليه السلام ) : أذنا لك فسل ! قال : أخبرني متى هلك
ثلث الناس ؟
قال ( عليه السلام ) : وهمت يا شيخ ! أردت أن تقول : متى هلك ربع الناس ؟ وذلك
يوم قتل قابيل هابيل ، كانوا أربعة : آدم وحواء وقابيل وهابيل فهلك ربعهم .
فقال : أصبت ووهمت أنا ، فأيهما كان أبا للناس القاتل أو المقتول ؟
قال : لا واحد منهما ، بل أبوهم شيث بن آدم .
قال : فلم سمي آدم آدم ؟ قال ( عليه السلام ) : لأنه رفعت طينته من أديم الأرض
السفلى .
قال : ولم سميت حواء حواء ؟ قال ( عليه السلام ) : لأنها خلقت من ضلع حي ، يعني
ضلع آدم .
قال : فلم سمي إبليس إبليس ؟ قال ( عليه السلام ) : لأنه أبلس من رحمة الله عز وجل
فلا يرجوها .
قال : فلم سمي الجن جنا ؟ قال ( عليه السلام ) : لأنهم استجنوا فلم يروا .
قال : فأخبرني عن كذبة كذبت ، من صاحبها ؟ قال ( عليه السلام ) : إبليس حين قال :
( أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين ) .
قال : فأخبرني عن قوم شهدوا شهادة الحق وكانوا كاذبين ؟
قال ( عليه السلام ) : المنافقون حين قالوا لرسول الله ( صلى الله عليه وآله ) : ( نشهد إنك لرسول
الله ) فأنزل الله عز وجل : ( إذا جاءك المنافقون قالوا نشهد إنك لرسول الله
والله يعلم إنك لرسوله والله يشهد إن المنافقين لكاذبون ) .
قال : فأخبرني عن طائر طار مرة ولم يطر قبلها ولا بعدها ، ذكره الله
عز وجل في القرآن ما هو ؟
فقال ( عليه السلام ) : طور سيناء ، أطاره الله عز وجل على بني إسرائيل حين أظلهم
بجناح منه ، فيه ألوان العذاب ، حتى قبلوا التوراة ، وذلك قوله عز وجل :
( وإذ نتقنا الجبل فوقهم كأنه ظلة وظنوا انه واقع بهم ) الآية .
قال : فأخبرني عن رسول بعثه الله تعالى ليس من الجن ، ولا من الانس ،
ولا من الملائكة ، ذكره الله تعالى في كتابه ؟
قال ( عليه السلام ) : الغراب ، حين بعثه الله عز وجل ليري قابيل كيف يواري سوأة
أخيه هابيل حين قتله . . قال الله عز وجل :
( فبعث الله غرابا يبحث في الأرض ليريه كيف يواري سوأة أخيه ) .
قال : فأخبرني عمن أنذر قومه ليس من الجن ولا من الانس ولا من
الملائكة ، ذكره الله عز وجل في كتابه ؟
قال ( عليه السلام ) : النملة حين قالت :
( يا أيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم سليمان وجنوده وهم لا
يشعرون ) .
قال فأخبرني عمن كذب عليه ، ليس من الجن ولا من الانس ولا من
الملائكة ، ذكره الله عز وجل في كتابه ؟ قال ( عليه السلام ) : الذئب الذي كذب عليه أخوة
يوسف .
قال : فأخبرني عن شئ قليله حلال وكثيره حرام ، ذكره الله عز وجل في
كتابه ؟
قال ( عليه السلام ) : نهر طالوت ، قال الله عز وجل : ( الا من اغترف غرفة بيده ) .
قال : فأخبرني عن صلاة فريضة تصلى بغير وضوء ، وعن صوم لا يحجز
عن أكل ولا أشرب ؟
قال ( عليه السلام ) : أما الصلاة بغير وضوء ، فالصلاة على النبي وآله ( صلى الله عليه وآله ) ، وأما
الصوم : فقول الله عز وجل : ( إني نذرت للرحمن صوما فلن أكلم اليوم
إنسيا ) .
قال : فأخبرني عن شئ يزيد وينقص ، وعن شئ يزيد ولا ينقص ، وعن
شئ ينقص ولا يزيد ؟
فقال الباقر ( عليه السلام ) : أما الشيء الذي يزيد وينقص فهو : القمر والشيء الذي
يزيد ولا ينقص فهو : البحر ، والشيء الذي ينقص ولا يزيد هو : العمر .
________________
( 1 ) كشف الغمة / الأربلي 2 : 362 .
( 2 ) اعلام الورى / الطبرسي : 270 .
( 3 ) تفسير البرهان / البحراني 1 : 60 .
( 4) سيرة الأئمة الاثني عشر / هاشم معروف الحسني 2 : 202 - 209 .
( 5 ) النقى : الخبز الحواري - قاله في النهاية - ، والحواري : الدقيق الأبيض الناعم .
( 6 ) الأعراف : 7 / 50 .
( 7 ) الإرشاد / المفيد 2 : 163 ، والخبر نقله الشبراوي في الاتحاف : 144 ، وابن الصباغ
المالكي في الفصول المهمة : 211 ، والشبلنجي في نور الأبصار : 158 ، والذهبي في سير
أعلام النبلاء 4 : 405 ، وابن عساكر في مختصر تاريخ دمشق 23 : 79 ، والكليني في
روضة الكافي 8 : 121 / 93 ، وابن شهرآشوب في المناقب 4 : 198 ، والطبرسي في
الاحتجاج : 323 ، والمجلسي في البحار 46 : 332 / 14 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page