ان من الراجح المؤكد صلاة ركعتين بعد الفراغ من زيارة أبي الفضل عليه السلام ويشهد له ما في مزار البحار ص 165 عن مزار المفيد وابن المشهدي من الرواية عن الأئمة عليهم السلام في كيفية زيارته وبعدها قال ثم انحرف الى عند الرأس فصل ركعتين ثم صل بعدهما ما بدا لك .
وذكر السيد ابن طاووس في مصباح الزائر الصلاة ركعتين بعد الفراغ من الزيارة .
كما ان الشيخ المفيد وابن المشهدي وابن طاووس ذكروا في مزاراتهم عند زيارة العباس يوم عيد الفطر والاضحى وليلة عرفة ويومها الامر بركعتي الزيارة بعد الفراغ منها .
وجاء في زيارة الاربعين ان جابر الانصاري زار العباس بن أمير المؤمنين ثم صلى ركعتين ومن البعيد جداً ان يكون الحكم ممنوعاً منه عند الأئمة ولا يعلمه مثل جابر المتخرج من مدرستهم الكبرى او انه كان يغض الطرف عن هذا المنع بل ظاهر الفعل منه انهما ركعتي الزيارة وانه لما علمه من أئمته فسار على نهجهم .
وان من المستبعد جداً ان يثبت هؤلاء الاعاظم وهم عمد المذهب المنقبون في الآثار مثل هذه الوظائف من دون تخريج عن أئمتهم بحيث يتورطون في التشريع المحرم والبدعة التي لا تقال عثرتها (كلا وحاشا) بل لم يودعوا في كتبهم ومزاراتهم الا ما وقفوا عليه عن أئمتهم وان لم نحط به خبراً ككثير مما وقفوا عليه .
وقد ذكر السيد ابن طاووس في آخر مصباح الزائر ان ما وقع اختياره عليه في هذا الكتاب قد وصل على الوجه الذي استحسنه واعتمد عليه من جهة الرواية .
وذكر ابن المشهدي في أول مزاره ان ما اودعه في الكتاب ما حصل لديه من الروايات الواردة عن أئمة الهدى .
إذن فكيف يسعنا نسبة ما أودعوه في كتبهم الى محض آرائهم من دون تخريج عن أهل البيت .
ولقد أفادنا بصيرة في تأكدي هذا شيخ المحققين الشيخ اسد الله الكاظمي قدس سره في (كشف القناع) ص 230 وحاصل ما ذكره ان من الجائز ان يحصل لبعض حملة اسرار الائمة العلم بقول الامام الغائب عن الابصار اما بنقل احد سفرائه سراً على وجه يفيد اليقين واما بتوقيعه ومكاتبته كذلك واما بالسماع منه عليه السلام مشافهة على وجه لا ينافي الرؤية في زمن الغيبة فلا يسعه التصريح بما حصله من الحكم على هذه الوجوه ولم يجد في الادلة ما يدل عليه ولم يكن مخصوصاً بذلك الحكم وممنوعاً عن اظهاره لسائر الناس فلا مندوحة حينئذ من اظهار هذا الذي اطلع عليه بصورة الاتفاق عليه والتسالم وهذا هو الأصل في كثير من الزيارات والاداب والاعمال المعروفة التي تداولت بين الامامية ولا مستند ظاهر من اخبارهم ولا من كتب قدمائهم الواقفين على آثار الائمة واسرارهم .
ومن ذلك ما رواه والد العلامة الحلي والسيد ابن طاووس عن السيد الكبير العابد رضي الدين محمد بن محمد الازدي الحسيني المجاور بالمشهد الاقدس الغروي عن صاحب الزمان في طريق الاستخارة بالسبحة وكما سمعه منه صلوات الله عليه ابن طاووس في السرداب وكدعاء العلوي المصري المعروف الذي علمه محمد بن علي العلوي الحسني المصري في حائر الحسين وقد أتاه في خمس ليال حتى تعلمه .
وهذا هو الاصل في كثير من الاقوال المجهولة القائل فيكون المطلع على قول الامام لما وجده مخالفاً لما عليه الامامية او معظمهم ولم يتمكن من اظهاره على وجهه وخشي ان يضيع الحق جعله قولاً ومن أقوالهم واعتمد عليه وافتى به من دون تصريح بدليله .
فتحصل من ذلك ان العلماء لم يدعوا في كتبهم حكماً من الاحكام من دون أن يعثروا عليه عن أئمتهم وقد يكون بطريق المشافهة من إمام العصر أرواحنا له الفداء فما ذكره المشايخ المتقدمون في مزاراتهم من صلاة ركعتي الزيارة بعد الفراغ من زيارة أبي الفضل لا ينبغي الوقفة في رجحانه عند أهل البيت اذ لعله وصل إليهم بالخصوص وان جهلنا طريق الوصول اليهم .
ولو تنازلنا عن ذلك لدلنا حديث ابي حمزة الثمالي المروي في كامل الزيارة ص 240 عن الامام الصادق الواردة في زيارة الحسين المشتملة على المقدمات والمقارنات الكثيرة وفيه قال الصادق .
(فإذا فرغت فصل ما احببت الا ان ركعتي الزيارة لا بد منهما عند كل قبر) فانه اثبت بعمومه رجحان ركعتي الزيارة عند كل مزور وليس له مخصص يدفع العموم .
وخلو بعض الروايات الواردة في زيارة غير المعصومين من التعرض لركعتي الزيارة لا ينهض لمصادمة العموم فالعام محكم في موارده حتى يجيء المخصص المخرج .
كما ان خلو رواية ابي حمزة الثمالي الواردة في زيارة العباس عليه السلام عن ذكر صلاة الزيارة لا يدل على عدم المشروعية .
والتنصيص في زيارة المعصومين لا يدل على عدم المشروعية في غيرهم .
فهذا العموم وما ذكر في مزارات من تقدم ذكرهم من النص عليها كاف في المشروعية والرجحان .
فما حكي عن بعض معاصري العلامة المجلسي من منع صلاة الزيارة لغير المعصومين مستدلاً بخلو الاخبار الواردة في زياراتهم عنها في غير محله لما عرفت من الدليل عليه مضافاً الى ما حكاه المجلسي في مزار البحار ص 180 عن مؤلف المزار الكبير عن صفوان الجمال عن الصادق عليه السلام من الامر بصلاة ركعتي الزيارة بعد الفراغ من زيارة علي الأكبر ويتم في أبي الفضل بعدم القول بالفصل .
وفيه عن المزار الكبير ومزار الشهيد بعد ذكر زيارة مسلم بن عقيل قال ثم انحرف الى عند الرأس فصل ركعتين ثم صل بعدهما ما بدا لك وظاهره ان الركعتين للزيارة ولكنه نقل عن مزار السيد ابن طاووس التصريح بذلك فانه بعد الفراغ من الزيارة قال (ثم تقبل الضريح وتصلي صلاة الزيارة وتهدي ثوابها له ثم تودعه وتنصرف) .
وفي مزار البحار عند ذكره زيارة هاني بن عروة قال ثم صل صلاة الزيارة واهدها له وادع لنفسك بما شئت وودعه وانصرف .
وعلى ما تقدم من ان هؤلاء الاعلام لم يدعوا في مزاراتهم الا ما رووه عن أئمتهم أو وجدوه مروياً واعتمدوا عليه .
ويتضح لنا رجحان ركعتي الزيارة لمسلم وهاني على ان الاطلاق المذكور يشملهما .
فاذن في أبي الفضل عليه السلام بطريق أولى .
صلاة الزيارة
- الزيارات: 1179