يعطينا النص المتقدم أضواءً كافية على خطة المعتصم ضد الإمام الهادي (ع) وكيف كانت متقنةً ، لكنها فشلت من أساسها ، لأن الشخص الذي انتدبه لهذه المهمة انبهر بالإمام (ع) وآمن به!
كما يدل النص على أن شخصية الإمام (ع) وشعبيته ، كانت في نظر المعتصم خطراً على خلافته. ومن حقه أن يفكر كذلك ، لأن القوة الحقيقية كانت بيد قادة الجيش الأتراك ، وعددهم لا يتجاوز أصابع اليد ، فهم الذين خلعوا ابن أخيه العباس بن المأمون وبايعوه ، فصار خليفة. فمن الممكن أن يقتنعوا يوماً بالإمام الهادي (ع) ويبايعوه ويخلعوا المعتصم ويفرضوا ذلك على بني العباس وغيرهم،خاصة أن العلويين أبناء فاطمة الزهراء (ع) أقرب الى النبي (ص) من بني العباس. فهم عترة النبي (ص) الذين شهد لهم وأوصى الأمة باتباعهم.
كان المعتصم يرى أن أخاه المأمون أخطأ في إظهار اعتقاده بإمامة الرضا والجواد وإعلانه للناس أن علياً وأبناءه (ع) مميزون بأن علمهم من الله ، فلا يحتاجون الى تعليم معلم ، وأن صغارهم كبار.
فقد أعطاهم بذلك مقاماً فوق مقام بني العباس ، بل نزع الشرعية عن بني العباس ودعواهم أنهم يستحقون الخلافة بقرابتهم بالنبي (ص) بعمه العباس ، وأنهم أولى من أولاد علي وفاطمة (ع).
ولذلك اختار المعتصم سياسة أبيه الرشيد ، فقتل الإمام الجواد (ع) وأنكر أن يكون ابنه الهادي (ع) مثله ، أوتي العلم والحكمة صبياً.
وفي نفس الوقت أظهر أنه يحفظ حق الرحم مع النبي (ص) في عترته ، فأمر أن يكون الإمام الهادي (ع) في بيتهم خارج المدينة ، ووكل به والي المدينة ، واختار له الجنيدي كمعلم في الظاهر ، وأعطاه المفتاح ليغلق الباب يومياً على الإمام (ع) فلا يصل اليه شيعته القائلون بإمامته!
دلالة فرض الإقامة الجبرية على الإمام (ع)؟
- الزيارات: 897