• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

كيف كان المتوكل يدير الدولة؟

كان النمط السائد للإدارة في العالم : أن الملك هوالمقاول الأكبر ، فيختار وزيره الأول لينفذ أوامره ، ويجبي الماليات من الحكام. ثم يختار حكام الولايات ، ويتفق مع الواحد منهم على المبلغ السنوي عن المنطقة التي تحت يده.
فالمسألة الأولى في الحكم هي الماليات التي تصل الى الحاكم الصغير ثم الكبير. قال الطبري « ٧ / ٣٨٤ » : « كان انقطاع الحسن بن مخلد وموسى بن عبد الملك إلى عبيد الله بن يحيى بن خاقان وهو وزير المتوكل ، وكانا يحملان إليه كل ما يأمرهما به ، وكان الحسن بن مخلد على ديوان الضياع ، وموسى على ديوان الخراج ، فكتب نجاح بن سلمة رقعة إلى المتوكل في الحسن وموسى ، يذكر أنهما قد خانا وقصرا فيما هما بسبيله ، وأنه يستخرج منهما أربعين ألف ألف درهم!
فأدناه المتوكل وشاربه تلك العشية وقال : يا نجاح ، خذل الله من يخذلك فبكر إليَّ غداً حتى أدفعهما إليك ، فغدا وقد رتب أصحابه وقال : يا فلان خذ أنت الحسن ، ويا فلان خذ أنت موسى ، فغدا نجاح إلى المتوكل فلقي عبيد الله وقد  أمر عبيد الله أن يحجب نجاح عن المتوكل ، فقال له : يا أبا الفضل إنصرف حتى ننظر وتنظر في هذا الأمر ، وأنا أشير عليك بأمر لك فيه صلاح. قال : وما هو؟ قال : أصلح بينك وبينهما وتكتب رقعة تذكر فيها أنك كنت شارباً ، وأنك تكلمت بأشياء تحتاج إلى معاودة النظر فيها ، وأنا أصلح الأمر عند أمير المؤمنين! فلم يزل يخدعه حتى كتب رقعة بما أمره به فأدخلها على المتوكل وقال : يا أمير المؤمنين قد رجع نجاح عما قال البارحة ، وهذه رقعة موسى والحسن يتقبلان به بما كتبا ، فتأخذ ما ضمنا عنه ، ثم تعطف عليهما فتأخذ منهما قريباً مما ضمن لك عنهما ، فَسُرَّ المتوكل وطمع فيما قال له عبيد الله ، فقال : إدفعه إليهما ، فانصرفا به وأمرا بأخذ قلنسوته عن رأسه وكانت خزاً ، فوجد البرد فقال : ويحك يا حسن قد وجدت البرد ، فأمر بوضع قلنسوته على رأسه وصار به موسى إلى ديوان الخراج ، ووجها إلى ابنيه أبي الفرج وأبي محمد ، فأُخذ أبوالفرج وهرب أبومحمد ابن بنت حسن بن شنيف ، وأخذ كاتبه إسحاق بن سعد بن مسعود القطربلي وعبد الله بن مخلد المعروف بابن البواب ، وكان انقطاعه إلى نجاح ، فأقر لهما نجاح وابنه بنحومن مائة وأربعين ألف دينار ، سوى قيمة قصورهما وفرشهما ومستغلاتهما ، بسامرا وبغداد ، وسوى ضياع لهما كثيرة!
فأمر بقبض ذلك كله ، وضرب مراراً بالمقارع في غير موضع الضرب ، نحواً من مائتي مقرعة ، وغُمز وخُنق ، خنقه موسى الفرانق والمعلوف.فأما الحارث فإنه قال : عَصَرَ خصيتيه حتى مات ، فأصبح ميتاً يوم الإثنين لثمان بقين من ذي القعدة من هذه السنة ، فأمر بغسله ودفنه فدفن ليلاً.
وضرب ابنه محمد وعبد الله بن مخلد ، وإسحاق بن سعد نحواً من خمسين خمسين ، فأقر إسحاق بخمسين ألف دينار ، وأقر عبد الله بن مخلد بخمسة عشر ألف دينار ، وقيل عشرين ألف دينار ، وكان ابنه أحمد بن بنت حسن قد هرب فظفر به بعد موت نجاح ، فحبس في الديوان وأخذ جميع ما في دار نجاح وابنه أبي الفرج من متاع ، وقبضت دورهما وضياعهما حيث كانت وأخرجت عيالهما. وأخذ وكيله بناحية السواد وهوابن عياش ، فأقر بعشرين ألف دينار.
وبعث إلى مكة في طلب الحسن بن سهل بن نوح الأهوازي ، وحسن بن يعقوب البغدادي ، وأُخذ بسببه قوم فحُبسوا. وقد ذكر في سبب هلاكه غير ما قد ذكرناه : ذُكر أنه كان يضاد عبيد الله بن يحيى بن خاقان ، وكان عبيد الله متمكناً من المتوكل واليه الوزارة وعامة أعماله ، وإلى نجاح توقيع العامة ، فلما عزم المتوكل على بناء الجعفري ، قال له نجاح وكان في الندماء وقال : يا أمير المؤمنين أسمي لك قوماً تدفعهم إليَّ حتى أستخرج لك منهم أموالاً تبني بها مدينتك هذه ، فإنه يلزمك من الأموال في بنائها ما يعظم قدره ويجل ذكره؟
فقال له : سمهم ، فرفع رقعة يذكر فيها موسى بن عبد الملك ، وعيسى بن فرخانشاه ، خليفة الحسن بن مخلد ، والحسن بن مخلد ، وزيدان بن إبراهيم خليفة موسى بن عبد الملك ، وعبيد الله بن يحيى وأخويه عبد الله بن يحيى  وزكرياء ، وميمون بن إبراهيم ، ومحمد بن موسى المنجم ، وأخاه أحمد بن موسى ، وعلي بن يحيى بن أبي منصور ، وجعفر المعلوف مستخرج ديوان الخراج وغيرهم نحواً من عشرين رجلاً ، فوقع ذلك من المتوكل موقعاً أعجبه وقال له : أغد غدوةً فلما أصبح لم يشك في ذلك ، وناظر عبيد الله بن يحيى المتوكل فقال له : يا أمير المؤمنين أراد أن لا يدع كاتباً ولا قائداً ولا عاملاً إلا أوقع بهم ، فمن يقوم بالأعمال يا أمير المؤمنين!
وغدا نجاح فأجلسه عبيد الله في مجلسه ولم يؤذن له ، وأحضر موسى بن عبد الملك والحسن بن مخلد ، فقال لهما عبيد الله : إنه إن دخل إلى أمير المؤمنين دفعكما إليه فقتلكما ، وأخذ ما تملكان ، ولكن اكتبا إلى أمير المؤمنين رقعة تقبلان به فيها بألفي ألف دينار ، فكتبا رقعة بخطوطهما وأوصلها عبيد الله بن يحيى وجعل يختلف بين أمير المؤمنين ، ونجاح وموسى بن عبد الملك والحسن بن مخلد ، فلم يزل يدخل ويخرج ويعين موسى والحسن ، ثم أدخلهما على المتوكل فضمنا ذلك وخرج معهما فدفعه إليهما جميعاً والناس جميعا الخواص والعوام ، وهما لا يشكان أنهما وعبيد الله بن يحيى مدفوعون إلى نجاح للكلام الذي دار بينه وبين المتوكل فأخذاه وتولى تعذيبه موسى بن عبد الملك ، فحبسه في ديوان الخراج بسامرا وضربه درراً وأمر المتوكل بكاتبه إسحاق بن سعد ، وكان يتولى خاص أموره وأمر ضياع بعض الوُلد ، أن يغرم واحداً وخمسين ألف دينار ، وحلف على ذلك وقال إنه أخذ مني في أيام الواثق ، وهويخلف عن عمر بن فرج خمسين ديناراً حتى أطلق أرزاقي ، فخذوا لكل دينار ألفاً وزيادة ألف فضلاً ، كما أخذ فضلاً فحبس ، ونُجِّمَ عليه في ثلاثة أنجم ، ولم يطلق حتى أدى تعجيل سبعة عشر ألف دينار ، وأطلق بعد أن أخذ منه كفلاء بالباقي ، وأخذ عبد الله بن مخلد فأغرم سبعة عشر ألف دينار ، ووجه عبيد الله الحسين بن إسماعيل وكان أحد حجاب المتوكل ، وعتاب بن عتاب عن رسالة المتوكل ، أن يضرب نجاح خمسين مقرعة إن هولم يقر ويؤدِّ ما وصف عليه ، فضربه ثم عاوده في اليوم الثاني بمثل ذلك ، ثم عاوده في اليوم الثالث بمثل ذلك ، فقال : أبلغ أمير المؤمنين أني ميت ، وأمر موسى بن عبد الملك جعفراً المعلوف ومعه عونان من أعوان ديوان الخراج ، فعصروا مذاكيره حتى برد فمات ، فأصبح فركب إلى المتوكل فأخبره بما حدث من وفاة نجاح ، فقال لهما المتوكل : إني أريد مالي الذي ضمنتماه ، فاحتالاه فقبضا من أمواله وأموال ولده جملة ، وحبسا أبا الفرج وكان على ديوان زمام الضياع من قبل أبي صالح بن يزداد ، وقبضا أمتعته كلها ، وجميع ملكه ، وكتبا على ضياعه لأمير المؤمنين ، وأخذا ما أخذا من أصحابه .. الخ. ».
أقول : هذه صورة لإدارة دولة الخلافة الإسلامية ، وتكالب خليفتها وكبار وزرائه على أموال المسلمين المستضعفين! فكيف يجوز تسميته خليفة رسول الله (ص) ، وتلقيبه المتوكل على الله! وأي إدارة هذه؟ وأي خلافة لرسول الله هذه؟!


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page