• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الحقّ وحُجيّة الرجال


تدعونا المشابهات السابقة ـ من وجهة نظر المعارضة كما أوردناها ـ بين الممارسات الأولى للحزب ، وكيف تغلغلت عناصره داخل النظام الإسلامي ابتداءً من عهد الخلافة الأوّل إلى أنْ انتهى به المطاف إلى الاستيلاء الكامل عليه ... إلى محاولة الفحص الدقيق لطبيعة هذا النظام حتّى نتمكّن من توصيفه توصيفاً موضوعيّاً ، وتحديد سمات نموذجه ، خاصّة وقد استعرضنا من قبل سمات النموذجين : الجاهلي والإسلامي ، بما يمكّن في النهاية من رصد موقعه النسبي من كلا النموذجين .
على أنّ الأمر المؤكّد أنّ دراسة هذا النظام تختلف كلّ الاختلاف عن دراسة سابقَيه ، نظراً للخلاف التاريخي العريض في كلّ جزئيّاته ، بل إنّ كلّ جزئية فيه يُعدّ مشكلاً قائماً بذاته ، يتطلّب مكابدة خاصّة لتحقيقه .
وما رأيك في خلاف بدأ فأحدث أوّل قتال في التاريخ بين مسلمين ومسلمين ، ثمّ ما لبث أنّ انتظم عامّة المسلمين ، ثمّ ظلّ يستهلكهم القرون تلو القرون ، ولمّا يضع بعد أوزاره ؟
ثمّ ما رأيك في خلاف مشبّه يُحار فيه الحكيم ، ويتململ منه الراسخ حتّى لتتدافع فيه الأسئلة المشكلة دون الظفر بجواب حاسم ؟
إنّك إن تابعت أحداث تلك الفترة ، لهالك ما تحويه من مواقف متناقضة ، ومشاعر متغيّرة ، وأفعال مبرّرة وغير مبرّرة ، وردود أفعال متوقعة وغير متوقعة ، حتى ليلتبس عليك أمرك ، ويختلط عليك فكرك .
لذلك فإنّ الأمر يحتاج إلى كثير من التروّي حتّى يدرك المرء أيّ طريق يسلك ، وأيّ فريق يؤيّد ، وأيّ مذهب يتبع , فنحن بإزاء فتنة لمْ يُبعد مَن أطلق عليها : الفتنة الكبرى .
والناس في ذلك ، بطبيعة تكوينهم وما جُبلوا عليه ، وبالنظر إلى ما اكتسبوه من معارف ، وما توّفر لديهم من وعي ، وما يدفعهم من مصالح ، وما يستثيرهم من مطامح ، فهم أقسام وطوائف .
فمن الناس مَن كان سلوكه في الحياة يسيراً في بساطة ما يؤدّيه من عمل , فلا يعمل فكراً ولا يجهد ذهناً ، وحسبه استقضاء حاجاته من قريب . يشغلون أنفسهم بغير مشاغلهم المباشرة ، ولا يمدّون أبصارهم أبعد من محيطهم اللضيق , تتوفّر فيهم العاطفة وتندر بينهم الفكرة ، فهم بعد متحمّسون وليسوا بواعين ، يُسلّمون قيادهم لغيرهم بمجرّد تهييج مشاعرهم واستثارة عواطفهم , ولذا فهم مطمع الطامعين ، ومحلّ تنافس المغامرين ، وهؤلاء هُم غالبيّة القوم .
ومن الناس من انطوت أضلاعه على صلابة إرادة وقوّة نفس ، ثمّ أُوتي عزماً يستعلي به على شهواته ، ويستعينه في أزماته ، يجابه هواه في حزم ، ويعمل رأيه في مضاء ، تتجاذبه القِيم والمُثُل العُليا ، وتتنافر نفسه من رذائل الدنيا حتّى ليصير وقيمه وكأنّهما شيء واحد ، جلاء الفكرة لديه يجعل أفعاله عفويّة في غير تردّد ، وتمكّن العقيدة من روحه يورثه الإقبال حيث الناس تدبر ، وهؤلاء هُم الندرة النادرة .
وبين هؤلاء وهؤلاء صنوف من الناس وصنوف ، تتفاوت حظوظهم من سمات كلّ , إلاّ أنّ أخطرهم جميعاً فئة مردوا على النفاق ، ظاهرهم غير باطنهم لا تعلمهم , إذا رأيتهم تعجبك أجسامهم ، وإنْ يقولوا تسمع لقولهم ، وهُم ألدّ الخصام ، يحرّفون الكَلم عن مواضعه ، لا ينتابهم حياء ، ولا يعرفون وفاء .
لا يرقبون في أحد إلاّ ولا ذمّة ، يجعلون رزقهم أنّهم يكذبون ، وفي ظاهر الحقّ هُم يمترون ، اتّخذوا دينهم هُزواً مطيّة لمطامعهم ، وتشبّثوا بالباطل سبيلاً لنوال أغراضهم ، وهؤلاء ليسوا بالقلّة ، وقد جرى أمر الدنيا أنّها قد تمدّ لهم في أسبابها فيحقّقوا نجاحاً ولكن بمقاييسهم ، تجدهم سدنة كلّ سلطان ، وجلاوزة كلّ طغيان .
فلمّا كان هذا ما جرى عليه أمر النّاس وتلك سنن الخلق ، كان من العسير ـ بل من أشدّ العسر ـ تقنين السلوك البشري ، ذاك أنّ الفرد الواحد قد تعتوره أطوار مختلفة ، تماثل في اختلافها سمات تلك النماذج جميعاً . ومن هنا يصبح من أشدّ الخطأ تعميم توصيف نهائي للفرد ، إلاّ بعد دراسة مُجمل موقفه ومعرفة دوافعه ، والوقوف على سلوكه في الظروف المختلفة ، وهو ما يجعل مهمّة البحث عن حقيقة الأحداث ، وحقيقة الرجال شاقّة ، أيّما مشقّة .
وإلاّ كيف تفسّر لنفسك ـ على سبيل المثال ـ سلوك صحابي ـ والصحابة كلّهم عدول حسبْما يرى علماء الجرح والتعديل ـ يأتي فعلة ، تشكل بمقاييس كلّ السابقين واللاحقين جريمة خيانة عظمى ؟!
ذلك أنّ رسول الله (صلّى الله عليه وآله) لمّا عزم على فتح مكّة ، أمر بالتجهيز ، وقال (ص) : (( اللهمّ ، غمْ عليهم خبرنا )) . إلاّ أنّ حاطب بن أبي بلتعة ـ وكان رجلاً من المهاجرين حليفاً لعثمان وشهد بدراً ـ بعث بكتاب إلى أهل مكّة يخبرهم الخبر ، فأطلع الله رسوله على أمر حاطب ، وأنزل فيه قرآناً : ( يَا أَيّهَا الذينَ آمَنُوا لاَ تَتّخِذُوا عَدُوّي وَعَدُوّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدّةِ وَقَدْ كَفَرُوْا بِمَا جَاءَكُم مِنَ الحقّ يُخْرِجُونَ الرّسُولَ وَإِيّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللّهِ رَبّكُمْ إِن كُنتُم خَرَجْتُمْ جِهَاداً فِي سَبِيلي وَابْتِغَاءَ مَرْضَاتِي تُسِرّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلّ سَوَاءَ السّبِيلِ )(1) .
فبعث الرسول (صلّى الله عليه وآله) عليّاً (ع) والزبير والمقداد ليأتوا بالمرأة التي أرسلها حاطب بكتابه قبل أن تصل إلى قريش , فلمّا أتوا بها ، قال عمر : يا رسول الله (ص) قد خان الله ورسوله والمؤمنين ، فدعني فلأضربنّ عنقه , فكفّ الرسول (صلّى الله عليه وآله) عمر بعد أنْ ناقش الرجل واستمع لقوله ، ثمّ قال(ص)(2) : (( لعلّ الله اطلع إلى أهل بدر ، فقال : اعملوا ما شئتم ، فقد وجبت لكم الجنّة )) أو : (( قد غفرت لكم )) .
فأنت ترى أنّ حاطباً صحابي عايش رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، ثمّ هو من المهاجرين الذين أُخرجوا من ديارهم وأموالهم ، وتحمّل مشقّة الهجرة وقسوة الغربة ، ثمّ هو جاهد وشهد بدراً وضمن له رسول الله (صلّى الله عليه وآله) الجنّة .
فأنت تتوقع منه إذاً سلوكاً بعيداً عن الشبهة على الأقلّ ، فما بالك بفعل هو خيانة لله ولرسوله (ص) وللمؤمنين بحسب وصف عمر ؟
فقد يأتي الصحابي إذاً بالخطأ ، والخطأ الخطير ، بل قد يقع في الضلال كما قال الله تعالى في أوّل سورة المُمتحنة : ( وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلّ سَوَاءَ السّبِيلِ )(3) . وبها استحقّ حاطب أنْ يستأذن عمر في ضرب عنقه ، وهو لمْ يفلت من توقيع العقوبة عليه بعلّة أنّه بدريّ ـ كما رأى بعض العلماء(4) ـ وإنّما لأسباب أبداها حاطب وقدّرها الرسول (صلّى الله عليه وآله) ، رغم كونها لمْ تلغِ  توصيف الفعل ذاته ، على أنّه  خيانة وضلال عن سواء السبيل ، وهذا هو ما فهمه الصحابة من هذه البشارة , وآية ذلك أنّ عمر ـ إبّان خلافته ـ أقام حدّ الخمر على قدامة بن مظعون الجمحي ، وهو الصحابي الذي هاجر الهجرتين وأحد شهود بدر ، ثمّ عزله عن إمارة البحرين .
وإذا ثبت وقوع الخطأ الخطير من الصحابي البدريّ المُبشّر بالجنّة ، فأيسر منه إذاً وقوعه ممّن ليس بدريّاً وممّن ليس مُبشّراً بالجنّة .
فهذا خالد بن الوليد ينكر عليه رسول الله (صلّى الله عليه وآله) قتله جزيمة ، وأخذه أموالهم بغير الحقّ ، فيرفع يديه إلى السماء ويقول (صلّى الله عليه وآله) : (( اللهمّ ، إنّي أبرأ إليك من فعل خالد )) .
وهذا الوليد بن عقبة بن أبي معيط الأموي ـ أخو عثمان لاُمّه ـ وكان له أيضاً صحبة ، تثبت بحقّه خطيئتان , أمّا أولاهما فهي إتيانه الكذب على رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، حيث بعثه مصدقاً إلى بني المصطلق ، فعاد وأخبر أنّهم ارتدّوا ومنعوا الصدقة ، فبعث رسول الله (صلّى الله عليه وآله) من يتيقّن له من الأمر فثبت كذبه ، وفيه أنزل الله قرآناً : ( يَا أَيّهَا الذينَ آمَنُوا إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيّنُوا أَن تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى‏ مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ )(5) .
وأمّا ثانيتهما ، فهي حين ولاّه عثمان بن عفّان على الكوفة بعد عزله سعد بن أبي وقّاص عنها ، فكان أنْ شرب الخمر في حضور سماره ، فشهد عليه الشهود ، فأقام عثمان عليه الحدّ(6) . على أنْ أكثر الخطايا هولاً وأشدّها نُكراً ، وما ليس بعدها من ذنب يُؤتى ، فتلك هي وقعة الكفر بعد الإيمان .
وممّن مَن كاتب للوحي بين يدي رسول الله (ص) , فذاك هو عبد الله بن سعد بن أبي سرح ، أخو عثمان بن عفّان من الرضاعة ، والذي استعمله عثمان بعدئذٍ والياً على مصر , وقد أسلم قبل الفتح وهاجر ، وكان يكتب الوحي لرسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، ثمّ ارتدّ مشركاً(7) وصار إلى قريش بمكّة ، فكان يقول لهم : إنّي أصرف مُحمّداً (ص) حيث أُريد ، كان يُملي عليّ : عزيز حكيم . فأقول : أو عليم حكيم .
فلمّا كان يوم الفتح , أمر رسول الله (صلّى الله عليه وآله) بقتله ضمن من سمّاهم وإنْ تعلّقوا بأستار الكعبة ، إلاّ أنّ ابن سعد فرّ إلى عثمان بن عفّان فغيّبه طويلاً ، ثمّ أتى به رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ليستأمنه ، فصمت الرسول (صلّى الله عليه وآله) طويلاً، ثمّ قال: (( نعم )) . فلمّا انصرف عثمان، قال رسول (صلّى الله عليه وآله) لمَن حوله: (( ماصمتّ إلاّ ليقوم إليه بعضكم ، فيضرب عنقه )) . فقال رجل من الأنصار : فهلاّ أو مأت إليّ يا رسول الله ؟ فقال (ص) : (( إنّ النبيّ لا ينبغي أنْ يكون له خائنة الأعين ))(8) .
* * *
نخلص من كلّ ما سبق إلى نتيجة مؤدّاها أنّ الصحابة وإنْ تميّزوا على مَن تلاهم بشرف الصحبة ، وسبقوا غيرهم بفضل الجهاد فاستحقّوا بذلك المنزلة الرفيعة ، إلاّ أنّنا نكون غير منصفين إذا ما أطلقنا هذا على عمومه ، وإنّما لا بدّ من التمحيص ، وهم بعد ناس من النّاس ليسوا بمعصومين ، وهذا هو المجمع عليه ، وطروء الأحداث عليهم جائز ، ووقوعهم في الخطأ مُحتمل ، ومنهم من اقترف الذنوب ، ومنهم من اعتورته الأطوار .
فليس كلّهم سار سيرةً واحدةً طوال حياته ، ولا كلّهم حمل نفسه على الجادّة حتّى مماته . وهذا هو عين ما رأوه في أنفسهم ، فقد قال ابن أبي مليكة(9) : أدركت أكثر من خمسمئة من أصحاب النبيّ (صلّى الله عليه وآله) ، كلّ منهم يخشى على نفسه النفاق ؛ لأنّه لا يدري ما يُختم له .
ومن المأثور عن عمر بن الخطاب قوله : إنْ رأيتم فيّ اعوجاجاً ، فقوّموني . ومن المشهور عنه قوله ـ في قصّة المُغالاة في المهور ـ : أصابت امرأة وأخطأ عمر . وعمر نفسه الذي تمنّى آخر حياته أن يُصحح بعض سيرته في المال ، فقال(10) : لو استقبلت من أمري ما استدبرت ، لأخذت فضول أموال الأغنياء ، فقسّمتها على فقراء المهاجرين .
ولنتدبّر قول الله تعالى لنبيّه داوود (عليه السّلام) : ( يَا دَاوُدُ إِنّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ الناس بِالحقّ وَلاَ تَتّبِعِ الْهَوَى‏ فَيُضِلّكَ عَن سَبِيلِ اللّهِ إِنّ الذينَ يَضِلّونَ عَن سَبِيلِ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ )(11) .
وإذا كان الأمر كذلك ، فلنا الحقّ إذاً في مناقشة أمورهم في غير تردّد ، وألاّ نتحرّج فيما لم يكن موضعاً لتحرّجهم ، ولكن علينا أيضاً واجب نلزم به أنفسنا ، ولا يغيب عن أذهاننا ، وهو أنّ نحتاط أشدّ التحوّط ، وأنْ ندقّق أشدّ التدقيق في نقد أخبارهم وتحقيق أحداثهم .
وأيّاً ما كانت النتائج التي يسفر عنها البحث ، فاليقين أنّ الحقّ ثابت أصيل ، لا ينقص منه ولا يزيده تمسّك النّاس به من عدمه ، أو كما قال عليّ بن أبي طالب (ع) : (( الحقّ لا يُعرف بالرجال ، ولكن اعرفْ الحقّ تعرفْ أهله ))(12) .

ـــــــــــــــ
(1) سورة الممتحنة / 1 .
(2) البخاري ، باب المغازي ، ابن كثير ، تفسير سورة المُمتحنة .
(3) سورة المُمتحنة / 1 .
(4) لا يعني ذلك إطلاق الأفعال أو إباحة الأعمال ، وإنّما ـ كما ذكر ابن قيّم الجوزيّة  ـ يعني : أنّ البدريّين وكذلك كلّ مَن بُشّر بالجنّة قد اختصّوا بهذه المنّة ، ولكن ـ كما ذكره الحافظ في الفتح ـ البشارة المذكورة تتعلّق بأحكام الآخرة ، لا بأحكام الدنيا من إقامة الحدود وغيرها . ابن قيّم الجوزيّة ، الفوائد / 16 , بيروت ,  دار الكتب العلميّة / 1973 م .
(5) سورة الحجرات / 5 .
ثبت نزول هذه الآية في الوليد بن عقبة بعدّة طرق ، منها :
أ ـ ذكر ابن الأثير : قال ابن عمر : لا خلاف بين أهل العلم بتأويل القرآن فيما علمت ، أنّ قوله عزّ وجلّ : ( إِن جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيّنُوا ) [ سورة الحجرات / 6 ] . أُنزلت  في الوليد بن عقبة . أُسد الغابة في معرفة الصحابة 5 / 451 .

ب ـ جمع ابن أبي حاتم الرازي طُرق رواية خبر نزول هذه الآية في الوليد ، كالتالي : حديث عمر بن سعد العوفي ، عن عمّه ، عن أبيه ، عن جدّه ، عن ابن عبّاس
 حديث عبد الرحمن ، من حديث الحجّاج بن حمزة ، من حديث شبابة ، من حديث ورقاء ، عن ابن أبي نجيح عن مجاهد .
حديث عبدالرحمن ، من حديث أبيه ، من حديث هشام بن خالد الدمشقي ، من حديث ابن إسحاق ، من حديث سعيد بن أبي عروبة ، عن قتادة.
حديث عبد الرحمن ، من حديث أبيه ، من حديث عبدالعزيز  بن منيب ، من حديث أبي معاذ النحوي ، عن عبيد بن سليمان ، عن الضحّاك . كتاب الجرح والتعديل 1 / 6 .

ج ـ ذكره النيسابوري في أسباب نزول الآية .

د ـ جمع ابن كثير في تفسير عدّة روايات للخبر ، وقال : وقد رُوي ذلك من طرق ، ومن أحسنها ما رواه الإمام أحمد في مسنده ملك بني المصطلق ، وهو الحارث بن ضرار بن أبي ضرار ، والد ميمونة بنت الحارث اُم المؤمنين رضي الله عنهما . قال الإمام أحمد : حدّثنا محمّد بن سابق ، حدّثنا عيسى بن دينار ، حدّثني أنّه سمع الحارث بن ضرار الخزاعي ، ثمّ روى القصّة .
وهذا يثبت خطأ ابن العربي في محاولة تشكيكه في صحّة هذا الخبر ، كما يثبت تهافت محقّق كتابه : محبّ الدين الخطيب . وقد خطّأه في ذلك مخرّج أحاديث الكتاب في ذات الطبعة . ابن العربي ، العواصم من القواصم / 104 , القاهرة ,  دار الكتب السلفيّة / 1405.
(6) لمْ يستطع ابن العربي أنْ يدفع التهمة عن الوليد إلاّ بقوله : وأمّا حدّه في الخمر ، فقد حدّ عمر قدامة بن مظعون على الخمر وهو أمير وعزله , وليست الذنوب مسقطة للعدالة إذا وقعت منها التوبة . العواصم من القواصم ، المرجع السابق / 106 .
(7) ابن هشام ، المرجع السابق 3 / 409 .
(8) ابن الأثير ، أُسد الغابة ، المرجع السابق 3 / 259 .
(9) البغدادي ، أصول الدين 3 / 253 , بيروت ,  دار الكتب العلميّة / 1981.
(10) الطبري ، المرجع السابق 4 / 226 .
(11) سورة ص / 26 .
(12) يُثير هذا القول عدّة مسائل :

أوّلاً : مدى حُجيّة قول وفعل الصحابي مطلقاً ، ولعلماء الأصول فيه آراء مختلفة :
فمنهم مَن قال بحجيّة أقوالهم بعد النصوص إذا اجتمعوا عليها , وأمّا إذا اختلفوا ، فيؤخذ بأقربها إلى الكتاب والسنّة .
فأبو حنيفة ، يقول : إنْ لمْ أجد في كتاب الله تعالى ولا في سنّة رسوله (صلّى الله عليه وآله) ، أخذت بقول أصحابه ، آخذُ بقول مَن شئت وأدع مَن شئت ، ولا أخرج من قولهم إلى قول غيرهم .
والشافعي يقول في الأم : إنْ لمْ يكن في الكتاب والسنْة ، صِرنا إلى أقاويل أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) أو واحد منهم ، ثمّ كان قول أبي بكر وعمر أو عثمان إذا صِرنا فيه إلى التقليد أحبّ إلينا ، وذلك إذا لمْ نجد دلالةً في الاختلاف تدلّ على أقرب الاختلاف من الكتاب والسنّة ، لنتبع القول الذي معه الدلالة .
ومنهم مَن قال بعدم الأخذ بقول الصحابي إلاّ فيما لا يكون إلاّ نقلاً ، وتركه فيما يكون اجتهاداً ، وهذا هو قول الكرخي : والحجّة في ذلك أنّ ما يكون نقلاً فهو سنّة , وأمّا ما يكون أساسه الرأي ، فهو اجتهاد يحتمل الخطأ .
وقد كان ابن مسعود يقول في رأيه الذي يكون نتيجة اجتهاد : إنْ يكن خطأ فمنّي ومن الشيطان ، وإنْ يكن صواباً فمن الله .
فإذا كانوا هم يتظنّنون في آرائهم ، فكيف يتبعون فيها إذاً من غير دليل ؟
ومنهم كانوا هم يتظنّنون في آرائهم ، فكيف يتبعون فيها إذن من غير دليل ؟
ومنهم من رفض حجيّة قول الصحابي ، فيقول الشوكاني : والحقّ أنّه ليس بحجّة ، فإنّ الله تعالى لمْ يبعث إلى هذه الاُمّة إلاّ نبيّاً واحداً محمّداً (صلّى الله عليه وآله) ، وليس لنا إلاّ رسول واحد وكتاب واحد ، وجميع الاُمّة مأمور باتّباع كتابه وسنّة نبيّه (ص) ، ولا فرق بين الصحابة ومن بعدهم في ذلك ، فكلّهم مكلّفون التكاليف الشرعيّة واتّباع الكتاب والسنّة ، فمَن قال أنْ تقوم الحجّة في دين الله عزّ وجلّ بغير كتاب الله تعالى وسنّة رسوله (صلّى الله عليه وآله) وما يرجع إليهما ، فقد قال في دين الله بما لا يثبت , وأثبت في هذه الشريعة الإسلاميّة شرعاً لمْ يأمر الله به , وهذا أمر عظيم وتقوّل بالغ . راجع : أصول الفقه ، محمّد أبو زهرة / 198 , القاهرة ,  دار الفكر العربي .

ثانياً : ضرورة تحديد معنى الصحبة المعدلة ، وللفقهاء في تحديد الصحبة أقوال :
فأبو الحسن الأشعري يقول : كلّ من صحب النبي (صلّى الله عليه وآله) ولو ساعة ، أو رآه ولو مرّة مع إيمانه به وبما دعا إليه ، أفضل من التابعين بذلك .
أصول أهل السنّة والجماعة / 101 ، رسالة الثغر , القاهرة , سلسلة التراث السلفي / 1987م .
وكذلك جمع ابن الأثير مختلف الآراء في معنى الصحبة ، فيذكر قول سعيد بن المسيب : الصحابة لا نعدّهم إلاّ من أقام مع رسول الله (صلّى الله عليه وآله) سنة أو سنتين ، وغزا معه غزوة أو غزوتين .
قول الواقدي ، ورأينا أهل العلم يقولون : كلّ مَن رأى رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، وقد أدرك الحلم فاسلم وعقل أمر دينه ورضيه ، فهو عندنا ممّن صحب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ولو ساعة من نهار ، ولكن أصحابه على طبقاتهم وتقدمهم في الإسلام .
قول أحمد بن حنبل : أصحاب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) كلّ مَن صحبه شهراً أو يوماً أو ساعةً ، أو رآه .
قول البخاري : مَن صحب رسول الله (صلّى الله عليه وآله) ، أو رآه من المسلمين فهو من الصحابة .
قول الغزالي : لا يُطلق اسم الصحبة إلاّ على مَن صحبه ، ثمّ يكفي في الاسم من حيث الوضع ، الصحبة ، ولو ساعة ، ولكن العُرف يخصّصه بمَن كثرت صحبته . أُسد الغابة في معرفة الصحابة ، المرجع السابق 1 / 18 .
وقد بنو على أساس هذا التعريف للصحبة تعديل الصحابة :
فقال ابن الأثير : الصحابة كلّهم عدول ، لا يتطرّق إليهم الجرح . المرجع السابق / 10 .
وقال أبوبكر الباقلاني عن الحصابي : إنّ خبر الثقة الأمين عنه مقبول ومعمول به ، وإنْ لمْ تطل صحبته ، ولا سمع منه إلاّ حديثاً واحداً . المصدر نفسه / 10 .
وقال ابن أبي حاتم الرازي : إنّهم عدول الاُمّة . الجرح والتعديل 1 / 7 .
ونقول كيف يتأتّى إطلاق الثقة هكذا على كلّ مَن صحب الرسول (صلّى الله عليه وآله) ، مع اختزال معنى الصحبة في ساعة من نهار ؟ بل إلى مجرد الرؤية ، وجعلوا ذلك معياراً للعدالة غير القابلة للجرح , كيف وقد عرفوا أنّه كان هناك ظاهرو النفاق ، كعبد الله بن أبي بن سلول ؟ فكيف إذاً بمَن لمْ يتعيّن من المنافقين الذين حدّد الله بعضهم لنبيّه (صلّى الله عليه وآله) وعرّفهم بدوره فقط لحذيفة ، وآخرين لمْ يعلمهم رسول الله ذاته ؟
لقد كان حقّ رسول الله (ص) في صيانة سنّته باتّخاذ معيار موضوعي للعدالة ، بدلاً من تعليقها على مجرّد الرؤية ، أولى من أيّ سبب آخر حملهم على ذلك مهما حسنت النيّة .

ثالثاً : منهج المعرفة ، فليس الرجال دليلاً على الحقّ مهما بلغوا ، وإنّما الحقّ دليل عليهم ، والحقّ في الكتاب والسنّة الصحيحة ، فهذا هو الأصل الثابت الذي لا يتغيّر ولا يتبدّل ، والرجال يتغيّرون ويتبدّلون ، وهل أدلّ على ذلك ممّا ذكره الله تعالى وصفاً للإيمان ذاته بالزيادة والنقصان : ( وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً ) . سورة الأنفال / 2 ، ( الذينَ قَالَ لَهُمُ الناس إِنّ الناس قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً ) . سورة آل عمران / 173 .
هذا وقد قال عليّ بن أبي طالب (ع) قوله ذلك في منهج معرفة الحقّ ، ردّاً على مَن شكّ في خطأ أصحاب الجمل ، وفيهم اُمّ المؤمنين عائشة وطلحة والزبير ، عندما خرجوا مقاتلين لعليّ بن أبي طالب (ع) ومَن معه , فسمّاها عليّ (ع) : (( حرب الناكثين )) . واقرأ معي خبراً من أخبار تلك الحرب ، تقف على معنى التغيّر والتبدّل .
يروي الطبري (1) بسنده : أنّ عائشة ( رضي الله عنها ) لمّا انتهت إلى سرف راجعة في طريقها إلى المدينة ، لقيها عبد ابن اُمّ كلاب ، وهو عبد الله بن أبي سلمة ، يُنسب إلى اُمّه ، فقالت له : مَهيم ؟ قال : قتلوا عثمان (رضي الله عنه) فمكثوا ثمانياً . قالت : ثمّ صنعوا ماذا ؟ قال : أخذها أهل المدينة بالاجتماع ، فجازت بهم الأمور إلى خير مجاز , اجتمعوا على عليّ بن أبي طالب (ع) . فقالت : والله ، ليت أنّ هذه انطبقت على هذه إنْ تمّ الأمر لصاحبك ، ردّوني ، ردّوني . فانصرفت إلى مكّة وهي تقول : قُتل والله عثمان مظلوماً ، والله لأطلبنّ بدمه . فقال لها ابن اُمّ كلاب : ولِمَ ؟ فوالله إنّ أوّل مَن أمال حرفه لأنت ، ولقد كنت تقولين : اقتلوا نعثلاً فقد كفر . قالت : إنّهم استتابوه ثمّ قتلوه ، وقد قلت وقالوا ، وقولي الأخير خير من قولي الأوّل . فقال لها ابن اُمّ كلاب :
فـمنك  الـبداءُ ومنك الغير      ومـنك  الرياح ومنك المطر
وأنـت  أمـرت بقتل الإمام      وقـلت  لـنا إنـه قـد كفر
فـهبنا أطـعناك فـي قـتله      وقـاتله عـندنا مـن أمـر
ولـم يسقط السقف من فوقنا      ولـم  تنكسف شمسنا والقمر
وقـد بـايع الـناس ذا تدرا      يـزيل الـشبا ويقيم الصّعر
ويـلبس  لـلحرب أثـوابها      وما من وفى مثل من قد غدر
الطبري ، المرجع السابق 4 / 459 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page