• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

مدخل : التوسُّل لغةً واصطلاحاً

توسَّل إلى الله بوسيلةٍ : إذا تقرّب إليه بعمل.
ووَسَّل فلانٌ إلى الله وسيلةً : إذا عمل عملاً تقرّب به إليه.
وتوسّل إليه بكذا : تقرّب إليه بحرمةِ آصرةٍ تُعطفه عليه.
والوسيلة : القُربة .. والدرجة .. والمنزلة عند الملك.
وفي حديث الآذان : « اللهم آتِ محمداً الوسيلة » هي في الاَصل ما يُتَوصَّلُ به إلى الشيء ويُتَقَرّب به ، والمراد به في الحديث : القرب من الله تعالى ، وقيل : هي الشفاعة يوم القيامة. وقيل : هي منزلة من منازل الجنّة. هكذا قال ابن منظور (١).
وقال الراغب : الوسيلة : التوصّل إلى الشيء برغبة ، وهي أخصّ من الوصيلة بتضمّنها لمعنى الرغبة ، قال تعالى : ( وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَة ).
وحقيقة الوسيلة إلى الله تعالى ـ كما قال الراغب ـ مراعاة سبيله بالعلم والعبادة ، وتحرّي مكارم الشريعة ، وهي كالقربة (٢).
وقد ورد لفظ « الوسيلة » في القرآن الكريم في موضعين :
الاَول : في قوله تعالى : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُون ) (٣).
قال أهل التفسير : أي اطلبوا إليه القربة بالطاعات ، فكأنّه قال : تقرّبوا إليه بما يرضيه من الطاعات (4).
قال الرازي : الوسيلة ، فعيلة ، من وَسَل إليه إذا تقّرب إليه. قال لبيد الشاعر :
أرى الناسَ لا يدرون ما قدَّ أمرهم ألا كل ذي لبٍّ إلى الله واسِلُ أي متوسل. فالوسيلة هي التي يُتَوسَّل بها إلى المقصود (5).
واستنتج السيد الطباطبائي ممّا تقدَّم في معنى الوسيلة أنّها ليست إلاّ توصلاً واتصالاً معنوياً بما يوصل بين العبد وربّه ويربط هذا بذاك ، ولا رابط يربط العبد بربّه إلاّ ذلّة العبودية ، فالوسيلة هي التحقق بحقيقة العبودية وتوجيه وجه المسكنة والفقر إلى جنابه تعالى ، فهذه هي الوسيلة الرابطة ، وأمّا العلم والعمل فإنّما هما من لوزامها وأدواتها كما هو ظاهر ، إلاّ أن يطلق العلم والعمل على نفس هذه الحالة.
وفي الترابط بين المفردات الثلاثة : « تقوى الله » و « ابتغاء الوسيلة » و « الجهاد في سبيله » الواردة في الآية عرض السيد الطباطبائي صورةً رائعة متماسكة ، خلاصتها أنّ الاَمر بابتغاء الوسيلة بعد الاَمر بالتقوى ، ثمَّ الاَمر بالجهاد في سبيل الله بعد الاَمر بابتغاء الوسيلة ، هو من قبيل ذكرالخاص بعد العام اهتماماً بشأنه (6).
فابتغاء الوسيلة إذن وهو التماس ما يقرّب العبد إلى ربّه ، أخص من التقوى العامة في اجتناب المعاصي والعمل بالطاعات.
والموضع الثاني : في قوله تعالى : ( أُولئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحْذُوراً ) (7).
والآية هنا في معرض الردِّ على أقوام يعبدون الملائكة ، أو يؤلهون المسيح وعزيراً عليهما‌السلام ، فقالت الآية انّ أولئك الذين تدعونهم من ملائكة وأنبياء إنّما هم في أنفسهم يبتغون إلى ربِّهم الوسيلة ويرجون رحمته ويخافون عذابه (8).
والوسيلة هنا لم تخرج عن معناها الاَول ، فهي التوصل والتقرّب. وربّما استعملت بمعنى ما به التوصّل والتقرّب ، ولعلّه الاَنسب بالسياق (9).
ومن كل ما تقدّم يُعلَم أنّ التوسُّل إنّما هو اتخاذ الوسيلةالمقصود ، ومعه يكون الاَنسب في معنى الوسيلة أنّها ما يتم به التوصّل والتقرّب.
هذا هو التوسُّل في معناه اللغوي الجامع.
أمّا التوسُّل إلى الله تعالى في معناه الاصطلاحي ، فهو أن يتقرّب العبد إلى الله تعالى بشيء يكون وسيلة لاستجابة الدعاء ونيل المطلوب (10). وهو ما جاء به قوله تعالى : ( وَلَوْ أَنَّهُمْ إِذ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ جَاءُوكَ فَاسْتَغْفَرَوا اللهَ وَاسْتَغْفَرَ لَهُمُ الرَّسُولُ لَوَجَدُوا اللهَ تَوَّاباً رَحِيماً ) فهم بعد استغفارهم يتّخذون من استغفار الرسول لهم وسيلة لنيل توبة الله عليهم ورحمته إيّاهم. وهذا توسُّل بدعاء الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في حياته.
ولم ينحصر أُسلوب التوسُّل المأمور به شرعاً ، أو الآخر الذي أباحته الشريعة ، بهذا اللون بل تعدَّدت أساليبه بتعدُّد الوسائل المعتمدة فيه ، كما سيأتي في مبحث أقسام التوسُّل.
ومن هنا يمكن ملاحظة أكثر من مصطلح آخر قد يكون مرادفاً للتوسُّل بهذا المعنى ، منها :
١ ـ الاستشفاع : أو التشفّع ، وهو اتخاذ الشفيع إلى الله تعالى لاستجابة الدعاء ونيل القرب والرضا.
وقد كان الاستشفاع بالنبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبدعائه في حياته ثابت في سلوك المسلمين وثقافتهم ، كما هو ثابت أيضاً بعد وفاته ، والاِجماع قائم على تحقّق شفاعته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لاَمّته يوم القيامة.
والشفيع بمثابة الوسيلة في الدعاء وطلب القربى.
٢ ـ الاستغاثة : وهي طلب الاِغاثة من المستغاث به ، إلى المستغاث والمغيث وهو الله تعالى.
٣ ـ التوجّه : وهو التوجّه إلى الله تعالى بما له وجه عنده.
٤ ـ التجوّه : وهو مثل التوجّه ، فهو سؤال الله تعالى بما له وجاهةٌ عنده.
فالوسيلة في التوسُّل ، هو الشفيع في الاستشفاع ، وهو المستغاث به في الاستغاثة ، وهو المتوجَّهُ به في التوجّه ، والمتجوّه به في التجوّه. ولا عبرة في اختلاف الاَلفاظ أو الاختلاف فيها ، ما دام المعنى واحداً ، وهو سؤال الله تعالى بالنبي محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو بغيره ممّا له عند الله تعالى منزلة مقطوع بها.


____________
(١) لسان العرب ( وسل ).
(2) معجم مفردات ألفاظ القرآن ( وسل ) : ٥٦٠ ـ ٥٦١.
(3) سورة المائدة : ٥ / ٣٥.
(4) مجمع البيان ٣ : ٢٩٣.
(5) تفسير الرازي ٦ : ٢٢٥ ـ ٢٢٦.
(6) الميزان ٥ : ٣٢٨.
(7) سورة الاِسراء : ١٧ / ٥٧.
(8) انظر تفسير الرازي ١٠ : ٢٣٣ ـ ٢٣٤ ، والميزان ١٣ : ١٢٨.
(9) الميزان ١٣ : ١٣٠.
(10) انظر : التوسل / جعفر السبحاني : ١٨ ، معاونية التعليم والبحوث الاِسلامية ، بدون تاريخ ورقم طبعة.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page