روى الامام الصادق عليه ، مجموعة من الادعية الجليلة ، عن جده الامام أمير المؤمنين ، عليهالسلام ، باب مدينة علم النبي صلىاللهعليهوآله ومن كان منه بمنزلة هارون من موسى وهذا بعض ما رواه عنه :
١ ـ قال عليهالسلام : إن عليا صلوات الله عليه وآله كان يقول : إذا أصبح :
« سُبْحَانَ اللهِ المَلِكِ القُدُّوسِ ـ كان يقول ذلك ثلاثاً. اللّهُمَّ ، إنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ ، وَمِنْ تَحْوِيلِ عَافِيَتِكَ ، وَمِنْ فجْأَة نَقْمتكَ ، وَمِنْ دَرَكِ الشَّقَاءِ ، وَمِنْ شَرِّ ما سَبَقَ في اللَّيْلَ ، اللّهُمَّ ، إنِّي أَسْأَلُكَ بعِزَّةِ مُلْكِكَ ، وَشِدَّةِ قُوَّتِكَ ، وَتَعْظِيمِ سُلْطَانِكَ ، وَبِقُدْرَتِكَ على خَلْقِكَ .. » (1).
لقد استعاذ الامام أمير المؤمنين ، بالله العظيم ، من زوال النعمة ، وتحويل العافية ، وفجأة النقمة ، فبانعدام هذه الامور تعود الحياة قاسية ، ولا تطاق.
٢ ـ قال عليهالسلام ، كان الامام أمير المؤمنين عليهالسلام يقول : من قال هذا القول كان مع محمد وآل محمد ، إذا قام قبل أن يستفتح الصلاة :
« اللّهُمَّ ، إنِّي أَتوَجَهُ إلَيْكَ بِمُحَمَدً وَآلِ مُحَمَّدٍ ، وَأُقَدِّمُهُمْ بَيْنَ يَدَيْ صَلَاتي ، وَأَتَقَرَّبُ بِهِمْ إلَيْكَ ، فَاجْعَلْني بِهِمْ وَجِيهاً ، في الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ ، وَمِنَ المُقَرَّبِينَ ، اللّهُمَّ ، إنَّكَ مَنَنْتُ عَلَيَّ بِمَعْرِفَتِهِمْ ، فَاخْتُمْ لي بِطَاعَتِهِمْ ، وَمَعْرَفتِهِمْ ، وَوِلَايَتِهِمْ فَإنَّهَا السَّعَادَةُ وَاْخُتْم لي بِهَا فَإنَّكَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .. »
ثم تصلي ، فإذا إنصرفت قلت :
« اللّهُمَّ ، إجْعَلْني مَعَ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ في كُلِّ عَافِيَةٍ وَبَلَاءٍ ، وَاجْعَلْني مَعَ مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ في كُلِّ مَثْوَى ، وَمُتَقَلَّبٍ اللّهُمَّ ، إجْعَلْ مَحْيَايَ مَحْيَاهُمْ ، وَمَمَاتي مَمَاتَهُمْ ، وَاجْعَلْني مَعَهُمْ في المَوَاطِنِ كُلِّهَا ، وَلا تُفَرِّقْ بَيْني وَبَيْنَهُمْ إنَّكَ على كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ .. » (2).
وعرض هذا الدعاء الشريف ، بجميع بنوده ، إلى أهمية آل النبي صلىاللهعليهوآله ، دعاة العدل الاجتماعي في الارض ، وحملة مشعل التوحيد ، الذين ناضلوا كأشد ما يكون النضال ، في محاربة الظلم والاستبداد وتوطيد أركان العدل بين الناس.
٣ ـ قال عليهالسلام : كان الامام أمير المؤمنين ، صلوات الله عليه ، يقول إذا فرغ من الزوال ،
« اللّهُمَّ ، إنِّي أَتَقَرَّبً إلَيَْكَ بِجُودِكَ ، وَكَرَمِكَ ، وَأَتَقَرَّبُ إلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ ، وَأَتَقَرَّبُ إلَيْكَ بِمَلَائِكَتِكَ المُقَرَّبِينَ ، وَأَنْبِيَائِكَ المُرْسَلِينَ ، وَبِكَ.
اللّهُمَّ ، أَنْتَ الغَنِّى عَنِّي ، وَبي الفَاقَةُ إلَيْكَ ، وَأَنْتَ الغَنِيُ ، وَأَنَا الفقيرُ إلَيْكَ أقلْتني مِنْ عَثْرَتي ، وَسَتَرْتَ عَلَيَّ ذُنُوبي ، فَاقْضِ اليَوْمَ حاجتي ، ولا تُعَذّبْني بِقَبِيحِ ما تَعْلَمُ مِنِّي ، بَلْ عَفْوُكَ وَجُودُكَ يَسَعُني .. »
ثم يخر ساجدا ويقول :
« يا أَهْلَ التَقْوَى ، وَيَا أَهْلَ المَغْفِرَةِ ، يا بِرُّ يا رَحِيمُ ، أَنْتَ أَبرُّ بي مِنْ أَبي ، وَأُمِّي ، وَمِنْ جَمِيعِ الخَلَائِقِ ، إقْبَلْني بِقَضَاءِ حَاجَتي ، مُجَاباً دُعَائي ، مَرْحُوماً صَوْتي ، قَدْ كَشَفْتَ أَنْوَاعَ البَلَاءِ عَنِّي .. » (3)
ويلمس في هذا الدعاء ، مدى إنابة سيد المتقين ، والموحدين إلى الله تعالى ، فمن المقطوع به إنه ما عرف الله حق معرفته ، وآمن به كاشد ما يكون الايمان ، سوى الامام أمير المؤمنين ، وأبنائه الائمة الطاهرين عليهمالسلام.
٤ ـ روى معاوية بن عمار قال : قال لي أبو عبد الله عليهالسلام ، أبتداء منه : يا معاوية أما علمت أن رجلا أتى الامام أمير المؤمنين عليهالسلام فشكا الابطاء عليه في الجواب في دعائه ، فقال له : ـ
« أين أنت عن الدعاء السريع الاجابة؟ .. »
ـ « فقال الرجل : ما هو؟.
ـ قال قل :
« اللّهُمَّ ، إنِّي أَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ العَظِيمِ الَأعْظَمِ ، الَأجَلِّ الَأكْرَمِ ، المَخْزُونِ ، المَكْنُونِ ، النُّورِ الحَقِّ ، البُرْهَانِ المُبِينِ ، الذي هُوَ نُورٌ مَعَ نُورٍ ، نُورٌ مَنْ نُورً ، وَنُورٌ في نُورٍ ، وَنُورٌ على نُورٍ ، وَنُورٌ فَوْقَ كُلِّ نُورٍ ، وَنُورٌ يُضِييءُ بِهِ كُلِّ ظُلْمَةٍ ، وَيَكْسِرُ بِهِ كُلِّ شِدَّةٍ ، وَكُلِّ شَيْطَانٍ مَرِيدٍ ، وَكُلَّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ ، وَلا تَقِرُّ بِهِ أَرْضٌ ، وَلا تَقُومُ بِهِ سَمَاءٌ ، وَيَا مَنْ يَأمنُ بِهِ كُلُّ خَائِفِ ، وَيَبْطُلُ بِهِ سِحْرُ كُلِّ سَاحِرٍ ، وَبَغْيُ كُلِّ بَاغٍ ، وَحَسَدُ كُلِّ حَاسِدٍ ، وَيَتَصَدَّعُ لِعَظَمَتِهِ البَرُّ وَالبَحْرُ ، وَتَسْتَقِلُّ بِهِ الفُلْكَ حِينَ يَتَكلَّمُ بِهِ المُلْكُ ، فَلَا يَكُونُ لِلْمَوْجِ عَلَيْهِ سَبِيلٌ ، وَهُوَ إسْمُكَ الَأعْظَمُ ، الَأعْظَمُ ، الَأجَلُّ ، الَأجَلُّ ، النٌّورٌ الَأكْبَرُ ، الذي سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسُكَ ، وَاسْتَوَيْتَ بِهِ على عَرْشِكَ ، وَاَتَوَجَّهُ إلَيْكَ بِمُحَمَّدٍ ، وَأَهْلِ بَيْتِهِ ، أَسْأَلُكَ بِكَ وَبِهِمْ ، أَنْ تُصَلِّي على مُحَمَّدٍ وَآلِ مُحَمَّدٍ .. » ثم تذكر حاجتك التي تريد قضاءها (4).
٥ ـ روى الامام الصادق ، عليهالسلام ، أن رجلا ، أتى الامام أمير المؤمنين عليهالسلام ، فقال له : يا أمير المؤمنين كان لي مال ورثته ، ولم أنفق منه درهما في طاعة الله ، ثم أكتسبت منه مالا فلم أنفق منه درهما في طاعة الله ، فعلمني داء يخلف علي ما مضى ، ويغفر لي ما عملت : أو عملا أعمله ، قال عليهالسلام :
قل .. »
« وأي شيء أقول؟. »
قل :
« يا نُورِي في كُلِّ ظُلْمَةٍ ، وَيَا أُنْسِي في كُلِّ وَحْشَةٍ ، وَيَا رَجَائي في كُلِّ كَرْبَةٍ ، ويا ثِقَتي في كُُلِّ شِدَّةٍ ، وَيَا دَلِيلي في الضَّلَالَةِ ، أَنْتَ دَلِيلي إذَا انْقَطَعَتْ دَلَالَةُ الَأدِلَّاءُ : فَإِنَّ دَلَالَتَكَ لا تَنْقَطِعُ ، وَلَا يَضِلُّ مَنْ هَدَيْتَ ، أَنْعَمْتَ عَلَيَّ فَأسْبَغْتَ ، وَرَزَقْتَني فَوَفَرْتَ ، وَغَذَّيْتَني فَأَحْسَنْتَ غِذَائِي ، وَأَعْطَيْتَني فَأَجْزَلْتَ ، بِلَا اسْتِحْقَاقٍ لِذلِكَ بِفَضْلٍ مِنِّي ، وَلكِن إبْتِدَاءً مِنْكَ لكرمك ، وجُودك ، فتقوُيْتَ بكرمك على معاصيك ، وتقويْتُ برزْقك على سُخْطك ، وأَفْنيْتُ عُمْرِي فيما لا ُتحِبُّ ، فلمْ تمْنعْك جُرْأتي عليْك ، وَرُكُوبي لِمَا نهَيْتَني عنْهُ ، وَدُخُولي فيما حَرَّمْت علي ، أنْ عُدْتَ عليَّ بِفَضْلِكَ ، وَلَمْ يَمْنَعْني حِلْمُك عني ، وَعَوْدُكَ عَلَيَّ بِفَضْلِكَ ، انْ عُدْتُ في مَعَاصيكَ ، فَأَنْتَ العَوَّادُ بِالفَضْلِ ، وَأَنَا العوَّادُ بِالمَعَاصِي ، فيا أكْرمَ مَنْ أُقرَّ لَهُ بِذَنْبٍ ، وَأَعَزَّ مَنْ خُضِعَ لَهُ بِذُلِّ ، لِكَرَمِكَ أَقْرَرْتَ بِذَنْبي ، وَلِعِزِّكَ خَضَعْتُ بِذُلِّي ، فَمَا أَنْتَ صَانِعٌ بي في كَرَمِكَ وَإقْرَارِي بِذَنْبي ، وَعزِّكَ وَخُضُوعي بِذُلِّي إفْعَلْ بي ما أَنْتَ أَهْلُهُ ، وَلَا تَفْعَلْ بي ما أنَا أَهْلُهُ .. » (5)
وحكى هذا الدعاء النعم التي أنعمها الله على عباده ، والالطاف التي أسداها عليهم ، ولجهلهم قابلوها بالتمرد والعصيان له ، وهو مع ذلك يفيض عليهم بعطائه وإحسانه.
٦ ـ قال عليهالسلام : يقول في دعائه ، وهو ساجد :
« اللّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِكَ أَنْ تَبْتَلِيَني بِبَلِيَّةٍ ، تَدْْْعُوني ضُرُورتُهَا على أَنْ أَتَعَّرضَ لِشَيْءٍ مِنَ مَعَاصِيكَ.
اللّهُمَّ ، لا تَجْعَلْ بي حَاجَةً إلى أَحَدٍ مِنْ شِرَارِ خَلْقِكَ وَلِئَامِهِمْ ، فَإنْ جَعَلْتَ لي حَاجَةً إلى أَحَدٍ مِنْ خَلْقِكَ ، فَاجْعَلْهَا إلى أَحْسَنِهِمْ وَجْهاً وَخَلْقاً ، وَخُلُقاً ، وَأَسْخَاهُمْ بهِاَ نَفْساً ، وَأَطْلَقَهُمْ بِهَا لِسَاناً ، وَأَسْمَحَهُمْ بِهَا كَفّاُ ، وَأَقَلَّهُمْ بِهَا عَلَيَّ امْتِنَاناً. » (6)
____________
١ ـ اصول الكافي ٢ / ٥٤٤.
2 ـ اصول الكافي ٢ / ٥٤٥.
3 ـ اصول الكافي ٢ / ٥٨٢ ـ ٥٨٣.
4 ـ اصول الكافي ٢ / ٥٩٥.
5 ـ قرب الاسناد ( ص ١ ).
6 ـ اصول الكافي ٢ / ٥٢٧.
٢ ـ داعية الامام أمير المؤمنين (ع)
- الزيارات: 1047