• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

بيان كيفيّة خلافة ابي بكر

14 ـ: الباب الأول في بيان

كيفية خلافة الصديق والإستدلال على حقيتها بالأدلة النقلية والعقلية وما يتبع ذلك وفيه فصول

الفصل الأول في بيان كيفيتها
روى الشيخان البخاري ومسلم في صحيحيهما الذين هما أصح الكتب بعد القرآن بإجماع من يعتد به إن عمر خطب الناس مراجعة من الحج فقال في خطبته
قد بلغني ان فلاناً منكم يقول لو مات عمر بايعت فلاناً فلا يغترن امره ان يقول إن بيعة أبي بكر كانت فلتة إلا وأنها كذلك إلا إن الله وقى شرها وليس فيكم اليوم من يقطع اليه الأعناق مثل أبي بكر وإنه كان من خيرنا حين توفي رسول الله صلى الله عليه وآله إن علياً والزبير ومن معهما تخلفوا في بيت فاطمة وتخلفت الأنصار عنا بأجمعها في سقيفة بني ساعدة واجتمع المهاجرون الى أبي بكر وقلت له يا أبا بكر إنطلق بنا الى إخواننا من الأنصار فانطلقنا نؤمهم أن نقصدهم حتى لقينا رجلان صالحان فذكرا لنا الذي صنع القوم قالا اين تريدون يامعشر المهاجرين فقلت والله لنأتينهم فانطلقنا حتى وجدناهم في سقيفة بني ساعدة فإذا هم مجتمعون وإذا بين ظهرانيهم رجل مزمل فقلت من هذا فقالوا سعد بن عبادة فقلت ماله قالوا وجع فلما جلسنا قام خطيبهم فاثنى على الله بما هو أهله وقال أما بعد فنحن انصار الله وكتيبة الإسلام وانتم يامعشر المهاجرين رهط منا وقد رفت رافة منكم أي ذب قوم منكم بالإستعلاء والترفع علينا تريدون أي تخزنونا من أصلها وتخضنونا من الأمر أي تنحونا عنه وتستبدون به دوننا فلما سكت اردت أن أتكلم وقد كنت زورت مقالة أعجبتني أردت أن اقولها بين يدي أبي بكر وقد كنت أداري منه بعض الحد وهو كان أحلم مني وأوقر فقال أبو بكر على رسلك فكرهت أن أغضبه وكان أعلم مني والله ماترك من كلمة أعجبتني في تزويري إلا قالها في بديهة وأفضل حتى سكت فقال أما بعد فما ذكرتم من خير فانتم اهله ولم تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش هو أوسط العرب نسباً وداراً وقد رضيت لك أحد هذين الرجلين وأخذ بيدي ويد ابي عبيدة بن الجراح فلم أكره ما قال غيرها وكان والله إن أقدم فيضرب عنقي لا يقربني ذلك من أثم أحب اليّ من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر فقال قائل من الأنصار أي جذيلها المحكك وغديقها المرحب منا أمير ومنكم أمير يامعشر قريش وكثر اللفظ وارتفعت الأصوات حتى خشيت الإختلاف فقلت إبسط يدل يا أبا بكر فبسط يده وبايعته وبايعه المهاجرون ثم بايعه الأنصار والله ماوجدنا فيما حضرنا أمر هو أوفق من مبايعة أبي بكر وخشينا إن فارقنا القوم ولم تكن بيعة أن يحدثوا بعدنا بيعة فأما أن نبايعهم على مانرضى وأما أن نخالفهم فيكون فيه فساد انتهى أقول يتوجه عليه إنه إن اراد إجماع من يعتد به من أهل السنة على صحة ما في الكتابين فهو مصادرة لا يتمشى مع من هو طرف البحث من الشيعة وإن اراد إجماع من يعتد به من الشيعة على صحة مافيهما فبطلانه ظاهر لأن البخاري ومسلم وأضرابهما وضاعون كذابون عند الشيعة بل حكموا بحماقة البخاري وقصور فهمه عن التميز بين الصحيح والضعيف لأمور شتى منها ماصرح به بعض الجمهور من إن البخاري حدث عن المتهم في دينه كعباد بن يعقوب الرواجي واحتج بحديث من اشتهر عنه النصب والبغض لعلي عليه السلام كمحمد بن زياد الأبهاني وحريز بن عثمان الرحبي واتفق البخاري ومسلم على الإحتجاح بحديث أبي معاوية وعبيد الله بن موسى وقد إشتهر عنهم الغلو ومنها ماذكره فقهاء الحنفية في بحث الرضاع من كافيهم وكفايتهم من بلادته وقصور إدراكه عن فهم معاني الأخبار والفتوى بما يضحك منه الصبيان حتى أجمعوا علماء بخارا على إخراجه منها وطرده بأسوأ حال ومن هذا حاله كيف يعتمد على نقله وكيف يقال إن كتابه أصح الكتب بعد كتاب الله تعالى على إن الكرماني شارح البخاري قد روى في أوائل شرحه مايدل على إن صحيح البخاري لن يتم في أيام حياته بل كان كثيراً من مواضعه مبيضاً كان على حواشيه ملحقات وعلى أوساطه قطعات إستصعبوا الإهتداء الى مواضع ربطها وإنما رتبه عدة من تلامذته البخاريين على حسب ماوصل اليه فهمهم ومن البين إنه لو بقي البخاري بعد ذلك مدة لجاز ان يرجع عن الحكم بصحة بعض ما أودع فيه وتصرف فيه بزيادة ونقصان فكيف يعتمد بمثل هذا الأبتر الواهي الذي قد لعب به جماعة من نواصب بخارى وفساقها في تحقيق الكلام الإلهي سيما الأوامر والنواهي وكذا الكلام في مسلم كما فصلنا في شرح كتاب كشف الحق ونهج الصدق ولو سلم صحة نقلهما ذلك عن عمر فالكلام مع عمر وإنه هو الذي عقد البيعة لأبي بكر ظلماً وجوراً على أهل البيت عليهم السلام ولعلمه بأن أبا بكر يجعل الخلافة فيه بعده قال طلحة وليته أمس وولاك اليوم فكيف يسمع كلامه في كيفية خلافة أبي بكر مع ما إشتمل عليه من الأكاذيب الظاهرة وناهيك في ذلك ماقال إبن أبي الحديد المعتزلي من مصححي خلافة الثلاثة إن عمر هو الذي وطأ الأمر لأبي بكر وقام فيه حتى وقع في صدر المقداد وكسر سيف الزبير وكان قد اشهر سيفه عليهم ولهذا إن أبا بكر لما صعد المنبر قام إثني عشر رجلاً ستة من المهاجرين وستة من الأنصار فانكروا على أبي بكر في فعله وقيامه مقام رسول الله صلى الله عليه وآله ورووا أحاديث في حق علي (ع) ووجوب خلافته لما سمعوا من النص عليه من رسول الله صلى الله عليه وآله حتى إن ابا بكر أفحم على المنبر ولم يرد جواباً فقام عمر وقال يالكع إذا كنت لا تستطيع أن ترد جواباً فلم أقمت نفسك هذا المقام وانزله من المنبر وجاءوا في الإسبوع الثاني ومع معاذ بن جبل مائة رجل ومع خالد بن الوليد كذلك شاهري سيوفهم حتى دخلوا المسجد وعلي عليه السلام جالس في نفر من أصحابه فقال عمر والله ياأصحاب علي لئن ذهب رجل منكم يتكلم بالذي تكلم به أمس لنأخذن الذي فيه عيناه فقام سلمان الفارسي وقال سمعت رسول الله (ص) قال بينما حبيبي وقرة عيني جالس في مسجدي إذ وثب عليه طائفة من كلاب أهل النار يريد قتله ولا شك إنكم هم فأومى اليه عمر بالسيف فجذبه علي حتى جلد به الأرض وقال ياإبن صهاك الحبشية أبأسيافكم تهددوننا وبجمعكم تكافروننا والله لولا كتاب من الله سبق وعهد من رسول الله تقدم لأريتكم أينا أقل عدداً واضعف ناصراً وقال لأصحابه تفرقوا انتهى فاحسن تأمله وهل هذا إلا مصادرة.
15 ـ قال: وفي رواية إن أبا بكر إحتج على الأنصار بخبر الأئمة من قريش وهو حديث صحيح ورد من طرق نحو أربعين صحابياً.
أقول: الحديث صحيح ويؤيده قوله عليه السلام في صحاح الأحاديث إن الإسلام لايزال عزيزاً ما مضى فيهم إثني عشر خليفة كلهم من قريش لكن المراد من الخليفة الأول القريشي علي (ع) إلا إنهم لما أوقعوا في القلوب إنه عليه السلام تقاعد من تصدى الخلافة كما ذكرناه سابقاً موهوا ذلك بجواز العدول الى قريشي آخر فتدبر.
16 ـ قال: وأخرج النسائي وأبو يعلى والحاكم وصححه عن إبن مسعود رض إنه قال لما قبض رسول الله صلى الله عليه وآله قالت الأنصار منا أمير ومنكم أمير فاتاهم عمر بن الخطاب فقال يامعشر الأنصار الستم تعلمون إن رسول الله صلى الله عليه وآله قد أمر أبا بكر أن يؤم الناس وأيكم تطيب نفسه أن يتقدم أبا بكر فقال الأنصار نعوذ بالله أن نتقدم أبا بكر انتهى.
اقول: أولاً إن رواية الحاكم لهذا الحديث عن إبن مسعود كاذبة بل هي مما رواه الحسن البصري عن عائشة وقال إنه نص خفي على إمامة أبي بكر والحسن البصري ممن قدح فيه الشيعة والشافعي حيث نقل عنه إبن المعالي الجويني إنه قال فيه كلام وأما عائشة فمع ظهور عداوتها لأمير المؤمنين عليه السلام وكذبها عند الشيعة كما سيجيء بيانها متهمة في خصوص هذه الرواية لما فيها من جر نفع لها ولأبيها وبالجملة الشيعة لا تسلم إن النبي صلى الله عليه وآله أمر بذلك وإنما أمرت به عائشة فقالت للمؤذن مر أبا بكر فليصل بالناس فظن إن النبي صلى الله عليه وآله أمرها بذلك ولما تفطن النبي صلى الله عليه وآله بذلك خرج متكئاً علىعلي عليه السلام وفضل بن العباس ونحى أبا بكر عن المحراب وصلى مع الناس والأنصار أعلم من أن يصدقوا بهذا الحديث الواهي الذي لا دلالة له على مطلوب أولياء أبي بكر بإحدى الدلالات كما سنوضحه وقد صرح بذلك إبن أبي الحديد المعتزلي في قصيدته الكبيرة المشهورة حيث قال في مدح علي عليه السلام تعريضاً بأبي بكر.

ولا كان معزولاً غداة براءة * ولا في صلاة أم فيها مؤخراً

وأهل السنة يوافقون في خروج النبي صلى الله عليه وآله على الوجه المذكور لكن يقولون إنه صلى خلف أبي بكر وقد صرح بذك الشارح الجديد للتجريد حيث قال واستخلفه في الصلاة في مرضه وصلى خلفه انتهى وفيه إن النبي صلى الله عليه وآله لو عجز عن الصلاة فكيف خرج وصلى خلفه ولو لم يعجز فلم إستخلفه المهم إلا أن يقال للدلالة على خلافته كما توهمه بعضهم وفساد هذه الدلالة ظاهر جداً لأن الإمامة الصغرى بمعزل عن الإمامة الكبرى بدليل إنها تجوز خلف قريش وغيرهم إتفاقاً والإمامة الكبرى لاتصح في غير قريش على قول أهل السنة بل عندهم إنه يجوز الصلاة خلف كل مفضول بل كل بر وفاجر فكيف تقاس الإمامة الكبرى على إمامة الصلاة ومما ضحك به السيد الشريف الجرجاني على لحيتهم إنه قال في شرحه للمواقف وأما مارواه البخاري بإسناده الى عروة عن أبيه عن عائشة إن النبي صلى الله عليه وآله أمر أبا بكر أن يصلي بالناس في مرضه فكان يصلي بهم قال عروة فوجد رسول الله صلى الله عليه وآله في نفسه خفة فخرج الى المحراب فكان أبو بكر يصلي بصلاة رسول الله صلى الله عليه وآله والناس يصلون بصلاة أبي بكر أي بتكبيره فهو إنما كان في وقت آخر إنتهى وفيه مافيه فتأمل فيه على إن الإستخلاف لايقتضي الدوام إذ الفعل لا دلالة له على التكرار والدوام إن ثبت خلافته بالفعل وإن ثبت بالقول فكذا كيف وقد جرت العادة بالتبقية مدة الغيبة والإنعزال عند مجيء المستخلف وأيضاً ذلك معارض بأنه صلى الله عليه وآله أستخلف علياً عليه السلام في غزوة تبوك في المدينة وما عزله وإذا كان خليفة على المدينة كان خليفة في سائر وظائف الإمامة لأنه لا قائل بالفصل والترجيح معنا لأن الإستخلاف على المدينة أقرب الى الإمامة الكبرى لأنه متضمن لأمور الدين والدنيا بخلاف الإستخلاف في الصلاة وهو ظاهر.
17 ـ قال: وأخرج إبن سعد والحاكم والبيهقي عن أبي سعيد الخدري إنهم لما إجتمعوا بالسقيفة بدار سعد بن عبادة وفيهم أبو بكر وعمر قام خطباء الأنصار فجعل الرجل منهم يقول يامعشر المهاجرين إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان إذا إستعمل الرجل منكم يقرن معه رجل منا فنرى أن يلي هذا الأمر رجلان منا ومنكم فتتابعت خطباؤهم على ذلك فقام زيد بن ثابت فقال أتعلمون إن رسول الله صلى الله عليه وآله كان من المهاجرين وخليفة من المهاجرين ونحن كنا أنصاره فاخذ بيد أبي بكر فقال هذا صاحبكم فبايعه عمر ثم بايعه المهاجرون والأنصار وصعد أبو بكر المنبر ونظر في وجوه القوم فلم ير الزبير فدعى به فجاء فقال قلت إبن عمة رسول الله صلى الله عليه وحواريه اردت ان تشق عصا المسلمين فقال لاتثريب ياخليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم فقام فبايعه ثم نظر بوجوه القوم فلم ير علياً فدعى به فجاء فقال قلت إبن عم رسول الله صلى الله عليه وختنه على بنته أردت أن تشق عصا المسلمين فقال لا تثريب ياخليفة رسول الله صلى الله عليه فقام فبايع أنتهى.
أقول: بعد الإغماض عن عدم صلاحية الحديث للإحتجاج به على الخصم كما مر إن قول زيد إن النبي صلى الله عليه وآله كان من المهاجرين باطل لأن المهاجر الشرعي من هاجر الى الرسول صلى الله عليه وآله والأنصار أنصاره فلا معنى لوصف الرسول (ص) بالمهاجر ولا وصف أبي بكر به لأنه لم يهاجر الى النبي صلى الله عليه وآله بل كان معه في الفرار من مكة الى المدينة ولو سلم كون المجيء مع رسول الله صلى الله عليه وآله هجرة اليه في الجملة فلا نسلم تحقيق باقي شرائط الهجرة الشرعية في أبي بكر كالإيمان والعدالة فإنهما شرط في تحقيق الهجرة والنصرة الشرعيتين ولو لم يشترط ذلك لزم أن يكون المؤلفة القلوب الذين هاجروا اليه من بلادهم لنصرته مهاجرين وانصاراً شرعية وبطلانه ظاهر وقد روي مؤلف المشكاة في أوائل كتاب الإيمان مايؤيد هذا المعنى حيث قال عن عبدالله بن عمر قال قال رسول الله صلى الله عليه وآله المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه والمهاجر من هجر مانهى الله عنه الحديث ولو سلم فأي ملازمة بين كون رسول الله صلى الله عليه وآله من المهاجرين وكون خليفته أيضاً من المهاجرين مع إنه معارض بدعوى إن رسول الله صلى عليه وآله كان من بني هاشم فكان خليفة من بني هاشم وبأن رسول الله صلى الله عليه وآله من أولاد عبدالمطلب فكان خليفة منهم بل هذان أقيس من قياس زيد وكيف نجعل هذا الكلام الواهي من زيد بن ثابت أو من الواضع عليه حجة ثابتة على الخصم وبذلك يستدل على وضع الباقي وإنه لا يصلحه طبيب ولا راق..
18 ـ قال: وروي إبن إسحاق عن الزهري عن أنس إنه لما بويع يوم السقيفة جاش من الغد على المنبر فقام عمر فتكلم قبله فحمد الله وأثنى عليه ثم قال إن الله قد جمع أمركم على خيركم صاحب رسول الله وثاني إثنين إذ هما في الغار فقوموا فبايعوه فبايع الناس أبا بكر البيعة العامة بعد بيعة السقيفة ثم تكلم ابو بكر فحمد الله واثنى عليه ثم قال أما بعد أيها الناس فإني قد وليتكم ولست بخيركم فإن أحسنت فأعينوني وأن أسأت فقوموني الخ.
اقول: الزهري وأنس عند الشيعة مستحدث موضوع وقد ذكر الزندويسي الحنفي في كتاب الروضة إن ابا حنيفة طعن في أنس وذكر أبو المعالي الجويني الشافعي أيضاً في رسالته المعمولة في بيان أحقية مذهب الشافعي إن أبا حنيفة طعن في أنس ولم يعمل بحديثه وحديث إبن عمر وأبي هريرة وأضرابهم قط فالشيعة في ذلك أعذر ثم لايخفى إن الإمام الذي إحتمل صدور الإساءة عن نفسه وإحتياجه فيها الى تقويم غيره له لا يصلح للإمامة الكبرى عند من لم يكابر عقله وحمل ذلك على هضم النفس تعسف صريح كما سيجيء بيانه انشاء الله تعالى عن قريب.
19 ـ قال: وأخرج أحمد إن ابا بكر لما خطب بهم يوم السقيفة لم يترك شيئاً أنزل في الأنصار ولا ذكره رسول الله صلى الله عليه وآله في شأنهم إلا ذكره وقال لقد علمتم إن رسول الله صلى الله عليه وآله قال لو سلك الناس وادياً وسلكت الأنصار وادياً لسلكت وادي الأنصار ولقد علمت ياسعد أن رسول الله صلى الله عليه وآله قال وانت قاعد قريش ولاة هذا الأمر فبر الناس تبع لبرهم وفاجرهم فقال له سعد صدقت نحن الوزراء وانتم الأمراء ويؤخذ منه ضعف ماحكاه إبن عبد البر إن سعد أبى أن يبايع أبا بكر حتى لقى الله تعالى انتهى.
اقول: بعد تسليم صحة ماأخرجه أحمد لا دلالة فيه على بيعة سعد رضي الله عنه لأبي بكر بل الظاهر من كلامه إن كلاً من قريش والأنصار صنف على حياله من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله لاطاعة لأحدهما على الآخر كما لا طاعة لأحدهما على الآخر كما لا طاعة لأمراء السلطان على وزرائه وبالعكس وأين هذا من الدلالة على البيعة بل الذي ذكره أبو بكر عن النبي صلى الله عليه وآله في شأن الأنصار يدل على أن بيعة أبي بكر إذا لم يسلكه سعد مع كونه سيد الأنصار وسلك غيره يكون باطلاً وبهذا يظهر إن حكم هذا الشيخ الجاهل يضعف ماحكاه إبن عبد البر ضعيف بل أجوف معتل.
20 ـ قال: وفي رواية لإبن سعد عن أبي بكر إنه قال في خطبة أما بعد فإني وليت هذا الأمر وأنا له كاره وولله لوددت أن بعضكم كفانيه إلا وإنكم إن كلفتموني أن أعمل فيكم بمثل ماعمل رسول الله صلى الله عليه وآله لم اقم به كان رسول الله صلى الله عليه وآله عبداً أكرمه الله بالوحي وعصمه به إلا وإنما أنا بشر ولست بخير من أحدكم فراعوني فإذا رأيتموني إستقمت فاتبعوني وإذا رأيتموني زغت فقوموني واعلموا إن لي شيطاناً يعتريني فإذا رأيتموني عصيت فاتنبوني انتهى أقول: لو كان كارهاً للخلافة لما سارع مع عمر الى سقيفة بني ساعدة لإستجلابها ولما رضى بإنتزاعها من أهلها وهو علي عليه السلام ولما أغمض عن وقوع اصحابه على صدر المقداد وكسرهم سيف الزبير عند قولهم نحن لانرضى بخلافة أبي بكر ولصبروا على فراغ أهل البيت عن دفن النبي صلى الله عليه وآله لأن النص أو الظاهر كان فيهم وأما إظهاره لوداده إن بكفيه غيره فهو كذب من الأول ولو كان صادقاً في ذلك لما إرتكبه من أول الأمر ولسلمه الى من علمه متعيناً له أو طرحه حتى يلتقطه الراغبون المشتاقون له كعمر وطلحة والزبير وعثمان وسعد بن أبي وقاص وأمثالهم مع إن قوله لست بخير من أحدكم يدل دلالة واضحة على إعترافه بمفضوليته من الكل فلا يصلح للإمامة والجواب بأن هذا إنما وقع على سبيل التواضع كقول النبي صلى الله عليه وآله لا تفضلوني على يونس بن متي وإنه لا خلاف في إنه صلى الله عليه وآله أفضل الأنبياء يونس ومن هو أعظم منه كإبراهيم وموسى وعيسى عليهم السلام وما ذلك إلا كرم وتواضع منه عليه أفضل الصلاة والسلام مدفوع بأن قياس ذلك على نهي النبي صلى الله عليه وآله قياس مع الفارق إذ الإنشاء لايحتمل الصدق والكذب بخلاف الأخبار ولهذا قالت الإمامية كثرهم الله تعالى لا يخلو قول أبي بكر من أحد قسمين أما أن يكون صدقاً أو كذباً فعلى الأول لايصلح للإمامة لكونه مفضولاً وعلى الثاني لذلك الكذب فالتواضع هاهنا لا ينفع المجيب كما لايخفى على اللبيب وأيضاً ما تضمنه آخر كلامه من التماس التقويم من رعيته والإعتراف بأن له شيطاناً يعتريه دليل واضح على عدم صلوحه للإمامة فالحديث حجة على الشيخ الجاهل لا له.
21 ـ قال: واخرج الحاكم إن أبا قحافة لما سمع بولاية إبنه قال هل رضي بذلك بنو عبد مناف وبنو المغيرة قالوا نعم قال لا واضع لما رفعتم ولا رافع لما وضعتم إنتهى.
اقول: في هذا الحديث شهادة من أبي قحافة على إن إبنه أبا بكر كان قبل الخلافة وضيعاً مهيناً وإنه لم يكن صالحاً للخلافة وهذه شهادة لا يعتريها جرح كما لايخفى فالحديث حجة على الناصبة ولعمري إنه مع ظهور دلالته على ماذكرناه كيف لم ينتبه له هذا الشيخ وأورده زعماً منه إنه من دلائل فضيلة أبي بكر فتأمل فإن الفكر فيه طويل.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page