• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

بيان مواقف وصفات ابي بكر

44 ـ قال:

الفصل الخامس، في ذكر شبة الشيعة والرافضة ونحوهما وبيان بطلانها بأوضح الأدلة واظهرها.

الأولى ـ زعموا إنه صلىالله عليه وسلم لم يول أبا بكر عمداً يقيم فيه قوانين الشرع والسياسة فدل ذلك على إنه لا يحسنهما وإذا لم يحسنهما لم تصح إمامته لأن من شرط الإمام أن يكون شجاعاً والجواب عن ذلك بطلان مازعموه من إنه صلى الله عليه وسلم لم يوله عملاً ففي البخاري عن سلمة بن الأكوع «غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم سبع غزوات وخرجت فيما يبعث من البعوث تسع غزوات، مرة علينا ابو بكر ومرة علينا اسامة وولاه صلى الله عليه وسلم الحج بالناس سنه تسع وما زعموه من إنه لا يحسن ذلك باطل أيضاً كيف وعلي كرم الله وجهه معترف بأنه أشجع الصحابة فقد أخرج البزار في مسنده عن علي عليه السلام إنه قال «أخبروني من أشجع الناس ؟ قالوا: أنت. قال: أما إني مابارزت أحداً إلا إنتصفت منه، ولكن إخبروني بأشجع الناس ؟ قالوا لانعلم، فمن ؟ قال: أبو بكر إنه لما كان يوم بدر جعلنا لرسول الله صلى الله عليه وسلم عريشاً فقلنا من يكون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم لئلا يهوي اليه أحد من المشركين. فوالله ما دنا منا أحد إلا أبو بكر شاهراً بالسيف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يهوي اليه أحد إلا أهوى اليه فهذا أشجع الناس انتهى.
اقول: الحجة التي سماها الشيخ المحجوج المبهوت شبهة قطعية وجوابه عنه ضعيف لما يلوح على ما تشبث به من حديث البخاري وصحيحه من إثار الوضع أما أولاً فلما مر من القدح في البخاري وصحيحه.
وأما ثانياً فلأنه لاوجه لما ذكر فيه من عد سلمة تسع غزوات من غزوات النبي صلى الله عليه وآله وسلم ويكتفي بذكر من كان عليها في مرتين منها وبالجملة مرة اسامة مشهورة فليبين أولياءه إن مرة ابي بكر في أي بعث كانت ؟ وأظن إن بيانه أصعب من خرط القتاد لو لم يرتكبوا وضعاً آخر.
وأما ماذكره من دعوى ولاية أبي بكر للحج فسيأتي مافيه للشبهة الثانية فانتظر.
وأما ماذكره من إعتراف علي عليه السلام بأن أبا بكر أشجع منه فهو من أغرب المحال، واكذب المقال، الذي تكاد تنشق منه الجبال، وفي الفاظه من المجمجة التي لاتصدر عن الفصيح ما لا يخفى على من جاوز قليلاً عن حد الأطفال؛ واغرب من الكل إنه جعل إختياره لكونه مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم في العريش شجاعة مع ظهور إن ذلك كان تستراً عن المبارزة خوفاً وجبناً كما صرح به إبن أبي الحديد المعتزلي. وفي بعض قصائده المشهورْة وبالجملة الوجه في إحتباس أبي بكر في العريش معروف لأنه صلى الله عليه وآله وسلم كان يعهد منه الجبن والهلع لما ظهر في مقام بعد مقام كما أشار اليه إبن أبي الحديد أيضاً في قوله:
وليس بنكر في حني فراره * ففي أحد قد فر خوفاً وحخيبرا فلو تركه يختلط بالمحاربين لم يأمن أن يظهر من جبنه وخوره ما يكون سبباً للهزيمة، وطريقاً الى إستظهار المشركين فاجلسه معه ليكفي هذه المؤنة ويكفي في هذا الوجه أن يكون ماذكرناه جائزاً فتدبر.
45 ـ قال: وقال بعضهم: ومن الدليل على إنه أشجع من علي (عليه السلام) إن علياً (عليه السلام) أخبره النبي صلى الله عليه وسلم بقتله على يد إبن ملجم فكان إذا لقيّ إبن ملجم يقول له متى تخضب هذه بهذه؟ وكان يقول: إنه قاتلي كما يأتي في أواخر ترجمته فحينئذ كان إذا دخل في الحرب ولاقى الخصم يعلم إنه لاقدرة له على قتله فهو معه كأنه نائم على فراش وأما أبو بكر فلم يخبر بقاتله وكان إذا دخل الحرب لايدري يقتل أو لا فمن يدخل الى الحرب وهو لايدري كذلك يقاسي من الكر والفر، والجزع والفزع، مايقاسي بخلاف من يدخلها كأنه نائم على فراشه انتهى.
اقول: من أين علم هذا القائل الذي صوبه الشيخ المخطيء إن علياً عليه السلام علم ذلك بإخبار النبي صلى الله عليه وآله في أول امره لا بإلهام أو نور فراسة أو قرائن تظهر على صفحات وجه إبن ملجم عليه اللعنة وفلتات لسانه عند وجوده عليه اللعنة في ايام خلافته عليه السلام في الكوفة مع إن هذا الشيخ الكذوب الناسي لم ينسب ذلك عندما سيذكر في ترجمته عليه السلام الى أخبار النبي صلى الله عليه وآله ولو سلم إنه صلى الله عليه وآله أخبره عليه السلام بقتله على يد إبن ملجم عليه اللعنة لكن لم يدله عليه بعينه حتى يعرض عنه في الحروب ويتعرض لغيره ولو سلم إنه دله عليه بعينه فالغالب أن يكون المحارب ملثماً دارعاً مستوراً في الحديد والبيضة بحيث لايعرفه اصحابه حينئذ لا أن يتكلم معهم فكيف أمكن الإحتراز عنه ولو سلم إنه دله عليه بعينه ولم يمكن ستره في السلاح عند الحرب فابتلاء المحارب ليس بمجرد أن يصير مقتولاً بل إصابة السهام والنصال أعضاءه ربما كان أصعب من الموت حتى ربما يتمنى المصاب به الموت بدلاً عن اصابة الجرح بل يقطع يده أو يداه، بل رجله أو رجلاه أو يمثل به ويترك على ذلك الحال السوء فكيف يكون دخول أمير المؤمنين عليه السلام في الحرب بمجرد علمه بعدم قتله بيد غير إبن ملجم عليه اللعنة مثل من نام على فراشه وإنما النائم على فراش الجبن من كان يتستر دائماً في العريش، ولم يصبه في حروب النبي صلى الله عليه وآله وسلم شوك من الحشيش، وهو خليفة أهل السنة وشجاعهم. على إن ماذكره معارض بأن النبي صلى الله عليه وآله كما إخبر علياً عليه السلام بذلك أخبر بذلك ابا بكر وعمر بما هو أتم من ذلك في ضمن ماذكره هذا الشيخ الجاهل في كتابه هذا وبزعمه من النصوص الواردة المصرحة بخلافة أبي بكر بعد النبي صلى الله عليه وآله ففي بعضها «إنه أي ابا بكر الخليفة بعدي» وفي بعضها «إقتدوا بالذين من بعدي أبو بكر وعمر» وفي بعضها «إقتدوا بالذين من بعدي أبا بكر وعمر» الى غير ذلك مما في معناها.
46 ـ قال: ومن باهر شجاعته ما وقع له من قتال أهل الردة فقد أخرج الإسماعيلي عن عمر إنه لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم إرتد من إرتد من العرب وقالوا لا نصلي ولا نزكي، فأتيت ابا بكر فقلت: ياخليفة رسول الله صلى الله عليه وآله تألف الناس فارفق بهم فانهم بمنزلة الوحش فقال رجوت نصرتك وجئتني بخذلانك جباراً في الجاهلية خواراً في الإسلام بماذا شئت أتألفهم؟ بشعر مفتعل أو بسحر مفتري هيهات، هيهات، مضى النبي صلى الله عليه وسلم وانقطع الوحي والله لأجاهدنهم ما إستمسكوا السيف في يدي وإن منعوني عقالاً. قال: عمر فوجدته في ذلك أمضى مني وأصرم وأدأب الناس على إمور هانت على كثير من مؤنتهم حين وليتهم» فعلم بما تقرر عظم شجاعته ولقد كان عنده صلي الله عليه وسلم وكذلك الصحابة من العلم بشجاعته وثباته في الأمر ما أوجب لهم تقديمه للإمامة العظمى إذ هذين الوصفان هما الأهمان في أمر الإمامة لا سيما في ذلك الوقت المحتاج فيه الى قتال أهل الردة وغيرهم.
أقول: يتوجه عليه أولاً إنه لادلالة لما ذكره على شجاعة أبي بكر لأن الشجاعة إنما تعرف في الشخص بمبارزته لنفسه الى الأبطال ومصادفة الرماح ومصافحة السفاح وأن لا يتستر بالعريش ولا يهرب براية رسول الله صلى الله عليه وآله كالإماء ولا يذهب فيها عريضته كما قاله سيد الإنبياء وإنما ثبت في فتوحه صلى الله عليه وآله وسلم وقتال من إتهمهم أبو بكر بالردة الشجاعة لمباشرتها بأنفسهم لا بغيرهم وتوضيح ذلك إن الشجاعة لاتعرف بالحس لصاحبها فقط ولا بإدعائها وإنما هي شيء في الطبع يمده الإكتساب والطريق اليها أحد أمرين أما الخبر منها من جهة علام الغيوب فيعلم خلقه حال الشجاع وأما أن يظهر منه أفعال يعلم بها حاله فمبارزة الأقران ومقاومة الشجعان، ومنازلة الأبطال، والصبر عند اللقاء وترك الفرار عند تحقق القتال، ولا يعلم ذلك أيضاً بأول وهلة ولا يفعل واحد حتى يتكرر ذلك على حد يتميز به صاحبه ممن حصل له ذلك على وجه الإتفاق أو على سبيل الهوج والهلع بالتدبير وإذا كان الخبر عن الله تعالى بشجاعة أبي بكر معدوماً وكان النقل الدال على الشجاعة غير موجود فكيف يجوز لعاقل أن يدعي له الشجاعة بقول قاله ليس له دلالة على شيء من ذلك عند أهل النظر لاسيما ودلائل جبنه وخوفه وضعفه أظهر من أن يحتاج فيها الى التأمل وذلك إنه لم يبارز قط قرناً ولا قادم قط بطلاً ولا سفك بيده دما وقد شهد مع رسول الله صلى الله عليه وآله مشاهده وكان لكل واحد من الصحابة اثر في الجهاد إلا له وفر في المشاهد الثلاثة كما ذكرنا سابقاً واسلم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيها مع مع كتب الله عليه من الجهاد فكيف يحتمع دلائل الجبن ودلائل الشجاعة لرجل واحد في وقت واحد لولا إن العصبية تميل بالعبد الى الهوى على إن الإنسان قد يغضب فيقول لوشاء مني هذا السلطان هذا الأمر ماقبلته، وإن في جوازنا لشيخاً ضعيف الجسم ظاهر الجبن يصلي بنا في مسجدنا فما يحدث أمر يضجره وينكره إلا قال والله لأصيرن الى هذا أو لإجاهدن فيه ولو إجتمعت على فيه عساكر وجه الأرض بل أقول الظاهر إن أبا بكر قال هذا القول عند غضبه بمخالفة القوم له ولا خلاف بين ذوي العقول إن الغضبان ربما يعتريه عند غضبه من هيجان الطباع مايفسد عليه رأيه حتى يقدم من القول ما لايفي به عند سكون نفسه ويعمل من الأعمال مايندم عليه عند زوال الغضب عنه فلا يكون في وقوع ذلك منه دليل على شجاعته وقد صرح بذلك في خطبته المشهورة عند اصحابة المذكورة سابقاً في كتاب هذا الشيخ الجاهل ويجعلونها من مفاخره حيث يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج من الدنيا وليس أحد من الأمة يطالبه بضربة سوط فما فوقها وكان صلى الله عليه وآله وسلم معصوماً من الخطأ تأتيه ملائكة بالوحي فلا تكلفوني ما كنتم تكلفونه فإن لي شيطاناً يعتريني عند غضبي، فإذا رأيتموني مغضباً فاجتنبوني على إن مغلوبية من سماهم بأهل الردة عن عساكر أهل المدينة من المهاجرين والأنصار ومن يحق بهما كان أمراً ظاهراً لا يحتاج الى زيادة تكلف من رئيسهم ومع هذا لم يقسم ابو بكر بالله تعالى أن يقاتل أهل الردة بنفسه وإنما اقسم بأن يقاتلهم بإنفاذ جيش من المهاجرين والأنصار اليهم ولهذا أنفذ اليهم خالداً مع جماعة من الفريقين وليس في يمينه بالله سبحانه لينفدن خالداً وأصحابه الى حربهم دليل على شجاعته في نفسه كما لايخفى بل هو في ذلك إلابراق والإرعاد الشديد، وبعث خالد بن الوليد نظير من لايقدر على شيء بنفسه ويحكم به على غيره فيستهزأ عليه ويقال إن مثله كمثل من يقول لغيره بالفارسية «بگير وببند وبدست من بهلوانش ده» فليضحك أوليائه عليه قليلاً وليبكوا كثيراً ولقد أنطق الله تعالى الشيخ الجاهل بالحق فاعترف بأن وصفي الشجاعة والثبات هما الأهمان في أمر الإمامة فإنهم. وبما قررناه يتضح للناضر دفع سائر ماسرده في إثبات شجاعة أبي بكر فلا حاجة لنا الى التعرض لها وتضييع الوقت به فتأمل.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page