1 ـ قال السيوطي : وأخرج ابن أبي حاتم ، عن عبيدة السلماني ، قال : جاء عيينة بن حصين ، والأقرع بن حابس إلى أبي بكر ، فقالا : يا خليفة رسول الله ، إنَّ عندنا أرضاً سَبِخة ، ليس فيها كَلاء ولا منفعة ، فإنْ رأيت أنْ تُعطيناها ؛ لعلَّنا نحرثها ونزرعها ؛ ولعلَّ الله أنْ ينفعنا بها ، فأقطعهما إيَّاها ، وكتب لهما بذلك كتاباً ، وأشهد لهما ، فانطلقا إلى عمر ؛ ليُشهداه على ما فيه ، فلمَّا قرئا على عمر ما في الكتاب ؛ تناوله مِن أيديهما ، فتفل فيه فمحاه ؛ فتذمَّرا وقالا له مقالة سيِّئة . ( الحديث ) ( 2 ) .
وذكره المُتَّقي أيضاً في كنز العمَّال 2/189ط حيدر آباد ـ الهند وزاد في آخره فقال : فأقبلا إلى أبي بكر وهما يتذمَّران ، فقالا : والله ، ما ندري أنت الخليفة أم عمر ؟!
فقال : بلْ هو ، ولو شاء كان .
قال : أخرجه ابن أبي شيبة ، والبخاري في تاريخه ، ويعقوب بن سفيان ، وابن عساكر ( انتهى ) .
2 ـ روى المُتَّقي الهندي ، عن نافع : أنَّ أبا بكر أقطع الأقرع بن حابس والزبرقان قطيعة ، وكتب لهما كتاباً .
فقال عثمان : أشهِدا عمر ؛ فإنَّه أحرز لأمركما ؛ وهو الخليفة بعده ، فأتيا عمر .
فقال : مَن كتب لكما هذا الكتاب ؟
قالا : أبو بكر .
قال : لا والله ، ولا كرامة ـ إلى أنْ قال ـ وتفل فيه فمحاه ، فأتيا أبا بكر ، فقالا : ما ندري أنت الخليفة أم عمر؟! ثمَّ أخبراه .
قال : إنَّا لا نُجيز إلاَّ ما أجازه عمر ( 3 ) .
3 ـ روى مسلم بن حجَّاج بسنده ، عن أبي هريرة رواية طويلة ، قال فيها رسول الله ( صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ) لأبي هريرة : ( اذهب بنعليَّ هاتين ، فمَن لقيت مِن وراء هذا الحائط ، يشهد أنْ لا إله إلاّ الله ، مُستيقناً بها قلبه ؛ فبشِّره بالجَنَّة ) .
فكان أوَّل مَن لقيتُ عمر .
فقال : ما هاتان النعلان يا أبا هريرة ؟
قلت : هاتان نعلا رسول الله ( صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ) ، بعثني بها مَن لقيت يشهد أنْ لا إله إلاّ الله ، مُستيقناً بها قلبه بشَّرته بالجَنَّة .
قال : فضرب عمر بيده بين ثدييَّ ؛ فخررت لإستي .
فقال : ارجِع ـ يا أبا هريرة ـ ؛ فرجعت إلى رسول الله ( صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ) ، فأجهشت بكاء ، وركبني عمر ، وإذا هو على أثَرَي .
فقال لي رسول الله ( صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ) : ( مالك ـ يا أبا هريرة ـ ) .
فقلت : لقيت عمر ، فأخبرته بالذي بعثتني به ، فضرب بين ثدييَّ ضربة ؛ فخررت لإستي ، فقال : ارجِع .
فقال له رسول الله ( صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ) :
( يا عمر ، ما حملك على ما فعلت ؟! ) .
قال : ( يا رسول الله ، أبعثت أبا هريرة بنعليك : مَن لَقي يشهد أنْ لا إله إلا الله ، مُستقيناً بها قلبه بشِّره بالجَنَّة ؟
قال رسول الله ( صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ) : ( نعم ) .
قال : فلا تفعل ؛ فإنِّي أخشى أنْ يتَّكل الناس عليها ، فخلَّهم يعملون . ( الحديث ) ( 4 ) .
المؤلِّف : إنَّ الرواية الأخيرة ـ مُضافاً على اشتمالها على ضرب عمر أبا هريرة بلا ذنب ولا تقصير ـ صريحة ، في أنَّ عمر قد نهى النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، مِن أنْ يُبشِّر مَن يشهد أنْ لا إله إلاَّ الله ، مُستيقناً بها قلبه بالجَنَّة ؛ مخافة أنْ يتَّكل الناس عليها ؛ فلا يعملون ؛ ومُقتضى ذلك : أنَّ عمر في زعمه ، هو أعرف مِن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بالمصالح والمفاسد ، بلْ وأعرف مِن الله الذي أمر رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بالتبشير المذكور ؛ إذ مِن المعلوم أنَّ رسول الله لا يأمر بشيء ، ولا ينهى عن شيء ، إلاّ بأمر الله تعالى ؛ حيث يقول جَلَّ وعلا : ( وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى ) .
ـــــــــــــــــــــ
( 1 ) فيه ثلاثة أحاديث .
( 2 ) الدُّرُّ المنثور في التفسير بالمأثور : 3/252 ، وذكر هذا الحديث العسقلاني في الإصابة : القسم 1/56 ط كلكتا ـ الهند ، وقال : أخرجه البخاري في التاريخ الصغير ، والمحاملي في أماليه .
( 3 ) كنز العمَّال : 6/335 . ط حيدر آباد ـ الهند .
( 4 ) صحيح مسلم : 1/44 ـ 45 ط استانبول ، باب مَن لقي الله بالإيمان ، صحيح مسلم : 1/60 تحقيق محمد فؤاد عبد الباقي باب الدليل على من مات على التوحيد.
11 ـ باب ( في تجسُّر عمر على أبي بكر فتفل في كتابه ومحاه ، وعلى أبي هريرة فضربه بلا ذنب ) ( 1 ) .
- الزيارات: 1184