1 ـ روى البخاري بسنده ، عن أَبي هريرة : أَنَّ رسول الله ( صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ) ، قال : ( ينزل ربُّنا تبارك وتعالى كلَّ ليلة ، إلى السماء الدنيا ، حين يبقى ثُلُث الليل الآخر ، يقول :
مَن يدعوني فأستجب له ؟ مَن يسألني فأُعطيه ؟ مَن يستغفر فأغفر له ؟ ) .
ورواه في كتاب الدعوات أَيضاً ، باب الدعاء نصف الليل .
ورواه في كتاب التوحيد ، باب قول الله تعالى : ( ... إِنَّ رَحْمَتَ اللّهِ قَرِيبٌ مِّنَ الْمُحْسِنِينَ ) ، وباب قول الله تعالى :
( ... يُرِيدُونَ أَن يُبَدِّلُوا كَلاَمَ اللَّهِ ... ) ( 1 ) .
ورواه في الأدب المُفرد أيضاً ، باب الدعاء إذا ذهب ثُلُث الليل ( 2 ) .
ورواه مسلم أيضاً في صحيحه ، في كتاب صلاة المُسافرين ، باب الترغيب في الدعاء بطرق عديدة .( 3 )
ورواه الترمذي أيضاً في صحيحه : 1/90 ، وفي ج2/263 ط بولاق مصر عام 1392هـ .
ورواه أبو داود في سُننه .( 4 )
ورواه مالك بن أنس أيضاً في موطِّأه : 1/214 ، كتاب القرآن ، باب ما جاء في الدعاء .
2 ـ روى الترمذي بسنده ، عن عائشة ، قالت : فقدت رسول الله ( صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ) ليلة ، فخرجت فإذا هو بالبقيع ، فقال : ( أكنتِ تخافين أَنْ يَحيف الله عليكِ ورسولُه ؟ ) .
قلت : يا رسول الله ، إِنِّي ظننت أَنَّك أَتيت بعض نسائك .
فقال : ( إنَّ الله عزَّ وجلَّ ينزل ليلة النِّصف مِن شعبان ، إلى السماء الدنيا ، فيَغفِر لأكثر مِن عدد شَعر غنمِ كلبٍ ) .
ورواه ابن ماجة أيضاً بطريقين في صحيحه ، في كتاب الصلاة ، باب ما جاء في أيِّ ساعات الليل أفضل ( 5 ) .
3 ـ روى الإمام أحمد بن حنبل بسندين ، عن علي ( عليه السلام ) ، قال : سمعت رسول الله ( صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ) يقول : ( لولا أنْ أَشقَّ على أُمَّتي ، لأمرتهم بالسواك عند كلِّ صلاة ، ولأخَّرت عشاء الآخرة إلى ثُلُث الليل الأوَّل ؛ فإنَّه إذا مضى ثُلُث الليل الأوَّل ، هبط الله تعالى إلى السماء الدنيا ، فلم يزل هناك حتَّى يطلع الفجر ) . ( الحديث ) ( 6 ) .
4 ـ روى الإمام أَحمد بن حنبل بسنده ، عن عبد الله ، عن النبي ( صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ) قال : ( إنَّ الله عزَّ وجلَّ ، يفتح أبواب السماء ثُلُث الليل الباقي ، ثمَّ يَهبط إلى السماء الدنيا ، ثمَّ يبسط يده ، ثمَّ يقول : إلا عبد يسألني فأٌعطيه ، حتَّى يسطع الفجر ) ( 7 ) .
المؤلِّف : إنَّ إسناد النزول إلى الله جلَّ وعلا في كلِّ ليلة ، أو في ليلة النِّصف مِن شعبان إلى السماء الدنيا باطلٌ جِدَّاً ؛ فإنَّ الانتقال مِن مكان إلى مكان هو مِن شأن الجسم ، وقد عرفت ـ في الباب السابق ـ بطلان كونه تعالى جسماً ، له الطول ، والعَرْض ، والحَجم .
مضافاً إِلى أنَّه تبارك وتعالى ليس بأصمّ ؛ كي ينزل إلى السماء الدنيا ، فيسمع دعاء مَن يدعوه فيستجيب له ، واستغفار مَن يستغفره فيغفر له ؛ قال الله تعالى : ( وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُواْ لِي وَلْيُؤْمِنُواْ بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ) ( 8 ) .
وأبطل مِن الجميع ، دعوى أنَّه تعالى يهبط في كلِّ ليلة إلى السماء الدنيا ، فلم يزل هناك حتَّى يطلع الفجر ؛ فإنَّ مُقتضى ذلك أنْ يكون هو دائماً في السماء الدنيا ، فإنَّ الفجر إذا طلع علينا ، في مكاننا هذا ، فلم يطلع على قومٍ آخرين ، في مكانٍ ثانٍ في جِهة الغرب .
وإذا طلع عليهم بعد ساعة ، فلم يطلع في مكانٍ ثالثٍ ، في تلك الجِهة ، وهكذا إلى أنْ يصل إلى مَكاننا هذا ؛ إذ في كلِّ آنٍ مِن الآنات هو قبل طلوع الفجر ، لقومٍ مخصوصين ، في مكانٍ مخصوص .
وعليه ؛ فيجب أنْ يكون هو دائماً في السماء الدنيا ، لا في خصوص ثُلُثي الأخير مِن الليل .
وبالجُملة ، إنَّ أحاديث هذا الباب ، وكلَّ حديثٍ آخر ، قد نسب النزول والهبوط ، أَو الصعود والعروج إلى الله تعالى ، وكان المقصود منهما ، هو التحوُّل مِن مكانٍ إلى مكانٍ ، هو باطل جِدَّاً ليس ، إلاَّ مِن أكاذيب الراوي قطعاً ، سواء كان قد نسبه إِلى رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أم إلى عليٍّ أمير المؤمنين ( عليه السلام ) ، عن رسول الله ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، كما في الرواية الأُولى لأحمد .
ــــــــــــــــــــــ
( * ) فيه أربعة أحاديث .
( 1 ) صحيح البخاري : 4/101 ، بحاشية السندي ، ط القاهرة . صحيح البخاري : 7/149ط استانبول ، باب الدعاء نصف الليل .
( 2 ) ط مدينة آگره ـ الهند عام 1306هـ .
( 3 ) صحيح مسلم : 2/175ط استانبول .
( 4 ) سُنن أبي داود : 1/296 ، تحقيق سعيد محمد اللّحام .
( 5 ) صحيح الترمذي : 1/143ط بولاق مصر .
( 6 ) المُسند : 1/120 .
( 7 ) المُسند : 1/446 .
( 8 ) سورة البقرة : الآية 186 .
3 ـ باب ( فيما روته العامَّة في نزوله تعالى إلى السماء الدنيا ) ( * ) .
- الزيارات: 1282