• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

8 ـ باب ( فيما روته العامَّة مِن أنَّ جاريةً كانت تضرب بالدَّفِّ بين يدي النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وتُغنِّي ثمَّ دخل عمر فألقت الدَّفِّ ) ( * ) .

1 ـ روى الترمذي بسنده ، عن عبد الله بن بريدة ، يقول : خرج رسول الله ( صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ) في بعض مغازيه ، فلمَّا انصرف جاءت جارية سوداء ، فقالت : يا رسول الله ، إنِّي كنتُ نذرت إنْ ردَّك الله صالحاً ، أنْ أضرب بين يديك بالدَّفِّ وأتغنَّى .
فقال لها رسول الله : ( إنْ كنتِ نذرتِ فاضربي ، وإلاَّ فلا ) .
فجعلت تضرب ، فدخل أبو بكر وهي تضرب الطَّبل ، ثمَّ دخل عليٌّ وهي تضرب الطَّبل ، ثمَّ دخل عثمان وهي تضرب ، ثمَّ دخل عمر فألقت الدَّفَّ تحت إسْتِها ، ثمَّ قعدت عليه .
فقال رسول الله ( صلّى الله عليه  [ وآله ] وسلّم ) : ( إنَّ الشيطان ليخاف منك يا عمر ؛ إنِّي كنت جالساً وهي تضرب ، فدخل أبو بكر وهي تضرب ، ثمَّ دخل عليٌّ وهي
تضرب ، ثمَّ دخل عثمان وهي تضرب ، فلمَّا دخلت أنت يا عمر ألقت الدَّفَّ ) ( 1 ) .
قال الترمذي : وفي الباب عن عمر وسعد بن أبي وقاص وعائشة انتهى .
ورواه ابو داود ، فيما يؤمر به مِن الوفاء مِن النذر ( 2 ) ، عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جَدِّه ، باختلاف في اللفظ وباختصار .
ورواه أحمد بن حنبل ، عن ابن أبي أوفى ، باختلاف واختصار ويسير ( 3 ) .
2 ـ روى المُحبُّ الطبري ، عن عائشة ، قالت : دخلتْ امرأة مِن الأنصار عليَّ ، فقالت : إِنِّي أَعطيت الله عهداً ، إذا رأيت النبي ( صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ) في أمنٍ ، لأنقُرنَّ على رأسه بالدَّفِّ [ قالت عائشة : ] فأخبرت النبي ( صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ) بذلك .
فقال : ( قولي لها : فلتفِ بما حلفت ) .
 فقامت بالدَّفِّ على رأس النبي ( صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ) ، فنقرت نقرتين أو ثلاثاً ، فاستفتح عمر ؛ فسقط الدَّفُّ مِن يدها ، وأسرعت إلى خِدر عائشة .
فقالت : لها عائشة ما لك ؟!
قالت : سمعت صوت عمر فهِبْتُه .
فقال رسول الله ( صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ) : ( إنَّ الشيطان ليفرُّ مِن حِسِّ عمر ) .
قال : أخرجه ابن السمان في الموافقة ( 4 ) .
ثمَّ إنَّ ههنا حديثين آخرين ، يُناسب ذكرهما في خاتمة هذا الكتاب :
3 ـ أحدهما : ما رواه أبو نُعيم بسنده ، عن الأسود بن سريع ، قال : أتيت النبي ( صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ) ، فقلت: قد حمدت ربِّي بمحامِدَ ومدحٍ وإيَّاك .
فقال : ( إنَّ ربَّك عَزَّ وجَلَّ يُحبُّ الحمد ) ، فجعلت أُنشده ، فاستأذن رجل طويل أصلع .
فقال لي رسول الله ( صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ) : ( أسكُت ) .
فدخل ، فتكلَّم ساعة .
ثمَّ خرج فأنشدته ، ثمَّ جاء فسكَّتني النبي ( صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ) فتكلَّم ، ثمَّ خرج ففعل ذلك مَرَّتين أَو ثلاثاً .
فقلت : يا رسول الله ، مَن هذا الذي أَسكتَّني له .
فقال : ( هذا عمر رجُل لا يُحبُّ الباطل ) .
ثمَّ رواه بطريق آخر عن الأسود التميمي ، قال :
قَدِمت على النبي ( صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ) ، فجعلت أُنشده ، فدخل رجُل طوال أقنى .
فقال لي : ( أمسك ) .
فلمَّا خرج ، قال : ( هات ) ، فجعلت أُنشده ، فلم ألبث أنْ عاد .
فقال لي : ( أمسك ) .
فلمَّا خرج ، قال : ( هات ) ، فجعلت أُنشده ، فلم ألبث أنْ عاد .
فقال لي : ( أمسك ) .
فلمَّا خرج ، قال : ( هات ) .
فقلت : مَن هذا ـ يا نبيَّ الله ـ الذي إذا دخل قلت : أمسِك ، وإذا خرج قلت : هات ؟
قال : ( هذا عمر بن الخطاب ، وليس مِن الباطل في شيء ) ( 5) .
4 ـ ثانيهما : ما رواه الإِمام أحمد بن حنبل بسنده ، عن السائب بن يزيد : أنَّ امرأة جاءت إلى رسول الله ( صلّى الله عليه [ وآله ] وسلّم ) .
فقال : ( يا عائشة ، أتعرفين هذه ؟ ) .
قالت : ( لا ، يا نبيَّ الله ) .
فقال : ( هذه قينة بني فُلان ، تُحبيِّن أنْ تُغنيِّك ؟ ) .
قالت : نعم .
[ قال : ] فأعطاها طبقاً ، فغنَّتها .
فقال النبي ( صلّى الله عليه وسلّم ) : ( قد نفخ الشيطان في مِنخريها ) ( 6 ) .
المؤلِّف : إنَّ الضرب بالدَّفِّ هكذا والتغنَّي ، إنْ كان حراماً شرعاً ، فكيف يَحلُّ بالنذر ، ويُرخِّص فيه النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ؟!!
وهل يُعقل أنْ يَحلَّ الحرام الشرعي كالزنا ، وشرب الخمر ، واللعب بالقمار ، ونحو ذلك بالنذر ؟! كلا
وإنْ كان حلالاً ذاتاً ، أو فرضنا أنَّ الحرام يَحلُّ بالنذر ـ كما هو ظاهر ما نسبه الراوي إلى النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، مِن قول : ( إنْ كنتِ نذرتِ فاضربي ، وإلاَّ فلا ) ـ فلا وجه لإلقاء الجارية الدَّفَّ تحت إسْتِها وقعودها عليه ، بمُجرَّد أنْ دخل عمر ؟
فكأنَّ عمر أعلم بالحلال والحرام مِن النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ؟!!
أوَ كان أتقى منه لله وأبعد مِن الإِثم ؟!!
ثمَّ لا وجه لأنْ يقول النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بعد كون الضرب بالدَّفِّ حلالاً ذاتاً ، أو فرض أنَّه يصير حلالاً بالنذر : ( إِنَّ الشيطان ليخاف منك يا عمر ) ، فعبَّر عن الجارية التي تضرب بالدَّفِّ وتُغنِّي بالشيطان !
ثمَّ هل يُعقل أنْ يخاف الشيطان مِن عمر ويَفرُّ منه ، ولا يخاف مِن النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ، ولا يفرُّ منه ، بلْ يضرب بين يديه بالدَّفِّ ويُغنِّي ؟!!
أوَ ليس كلُّ ذلك باطلاً في باطلٍ .
ونظير ذلك في البطلان الرواية الثالثة ؛ فإنَّ ما أنشده الأسود للنبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) إنْ كان مِن الشعر الباطل ـ كما يظهر مِن قول النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) : ( هذا عمر رجل لا يُحبُّ الباطل ) ـ فكيف يُحبُّه النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ولا يمنع عنه ؟!!
وهل يُعقل أنَّ عمر لا يُحبُّ الباطل ؛ ولذا أمر النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أسوداً بالسكوت بمُجرَّد أنْ دخل عمر ، والنبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) يُحبُّه ؟!!
وأمَّا إذا لم يكُن هو مِن الشعر الباطل ـ كما هو ظاهر قول الأسود : قد حمدت ربِّي بمحامدَ ومدح وإِيَّاك ، فلا معنى لأمر النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) أسوداً بالسكوت ، كلَّما دخل عمر ؛ مُعلِّلاً بأنَّه رجل لا يُحبُّ الباطل ، أو أنَّه ليس مِن الباطل في شيء .
وأبطل مِن الجميع الرواية الرابعة ، المُشتملة على قول النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) لعائشة :
( هذه قينة بني فلان ، تُحبِّين أنْ تُغنِّيك ؟ )
قالت : نعم ، فأعطاها طبقاً ، وقال ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) ـ بعدما غنَّت ـ : ( قد نفخ الشيطان في مِنخريها ) .
فإنَّها قد فعلت أمراً حلالاً جايزاً ، في حضور النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) وبأمره وبإذنه ، وإنْ كان حراماً ، فكيف يأمر النبي ( صلّى الله عليه وآله وسلّم ) بالحرام ، لأجل عائشة ، بمُجرَّد أنْ تُحبَّ ذلك وتستأنس به ؟!
أوَ ليس ذلك بأبطل مِن الجميع ، وأفسد مِن الكلِّ .
فأنصفوا في المقام ـ أَيُّها المُنصفون ـ واحكموا فيه بالحقِّ إِذا حكمتم أيُّها المؤمنون .
هذا آخر ما أراد الله لنا إيراده في هذا الكتاب ، والحمد لله أوَّلاً
وآخراً وظاهراً وباطناً ، وقد وقع الفراغ في الخامس والعشرين مِن
شهر ربيع الثاني ، سنة 1386 ، بقلم المؤلِّف وبتحرير يده .
مُرتضى الحسيني
ـــــــــــــــــــ
( * ) فيه أربعة أحاديث .
( 1 ) سُنن الترمذي : 5/621 ، تحقيق وتعليق إبراهيم عطوة .
( 2 ) سُنن أبي داود: 3/103 ـ 104 تحقيق سعيد محمد اللّحام.
( 3 ) المُسند : 4/353 ، وفي : /5/353 ، في حديث بريدة الأسلمي ، كما تقدَّم عن الترمذي ، باختلاف يسير . كنز العمَّال : 6/338 ، وقال المُتَّقى ـ بعد ذكره الحديث ـ : أخرجه أحمد ، وأبو يعلى ، وابن عساكر . راجع : الكنز ط . حيدر آباد ـ الهند .
( 4 ) الرياض النضرة للمُحبِّ الطبري : 2/300 ـ 301 .
( 5 ) حلية الأولياء : 1/46 . رياض النّضرة : 2/302 ، وقال : أخرجه أحمد . عن الأسود بن سريع .
( 6 ) مُسند الإمام أحمد : 3/449 .
 


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page