و لم تزل كربلاء بين صعود و هبوط، و رقي و انحطاط. تاره تنحط فتخضع لدول الطوايف. و طورا تعمر متقدمه بعض التقدم الي ان دخلت في حوزه الدوله العثمانيه سنه 914 هج. و اخذت تتنفس الصعداء مما اصابها من نكبات الزمان و حوادث الدهر التي كادت تقضي عليها. و بقيت مطمينه البال مده طويله تزيد علي ثلاثه قرون 39 . و لم تر خلالها ما يكدر صفو سكانها حتي مفتتح القرن الثالث عشر الهجري.اذ كان هذا القرن من مبتديه الي منتهاه من اسوء القرون التي مرت بها المدينه المقدسه. كانما القدر ابي ان تعيش ولو الي حين في طمانينه و هدوء. فانزل ضربته القاضيه بما حل بها من محن و اراقه دماء و خراب و نهب. و ان كان ما حل بهذه المدينه المقدسه - في هذا القرن - لم يقتصر عليها وحدها و لم يختص بها بل عم جميع البلاد، و شمل البلاء ساير العباد.و نظرا لعدم تسلسل الحوادث و ترابطها و عدم وقوع حوادث و وقايع متتاليه بها في قرن واحد كهذا القرن في القرون الماضيه. فراينا عدم تثبيت تلك الحوادث هنا. و لا يعني هذا خلو القرون الماضيه من الحوادث و الوقايع المهمه بها. بل العكس من ذلك، اذ حفظ التاريخ لنا حوادث غايه في الاهميه جرت علي بسيط اديمها. و قد ذكر ذلك صاحب الكامل و غيره لكن في قرون متباعده. 40 . صفحه 24 و استميح القاريء عذرا لتركي ذكر السنين و الشهور و الايام علي الترتيب من مبتدا هذا القرن حتي منتهاه، كما يقتضي اذ هو من سنن صفحه 25 مورخي العرب و سبيل الفطاحل من ايمتهم، و لا غرو فقد صنفوا مولفاتهم صفحه 26 في عصر رقي العرب و تمدنهم، و الحال غني عن البيان و الايضاح عن كيفيه ضبطهم للحوادث و الوقايع باوانها.اما هذا القرن فهو احد قرون تاخر العرب و سقوطهم، اذ فاقوا البرابره انفسهم بما جروه علي البلاد من الخراب و الدمار، فاني لهم العلم بضبط الحوادث. و قيد كنه ترتيب الوقايع.و يجدر بنا قبل ان نتكلم عن حوادث كربلاء الداميه في هذا القرن ان نعطف نظرنا الي مجري احوال العراق، السياسيه و الاجتماعيه. ابان الاحتلال العثماني لها، و نعطي للقاريء فكره موجزه عنها، لكي نتقرب و نتمكن من ادء مقصودنا.هذا و يقسم سير اداره الحكم العثماني للعراق الي ثلاثه ادوار امتازت هذه الادوار بعضها عن بعض لنفوذهم و سيطرتهم حينا دون حين.و الذي يهمنا في معرض حديثنا هذا هو سير اداره الحكم العثماني في العراق ابان الدور الثاني و الثالث:
اشارة
- الزيارات: 919