• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

٤ ـ أئمة الضلالة وأعوانهم

لغة وشرعاً يطلق مصطلح الإمام على رئيس الأمة وهاديها ومرجعها ـ أي أمة ـ وتعني الإمامة الرئاسة العامة والمرجعية معاً ، وهي إما أن تكون إمامة برّ وشرعية ، كإمامة أبراهيم والأئمة من بعده ، وإمامة محمد والأئمة الشرعيين من ولده تقود إلى الصراط المستقيم ، وإما أن تكون إمامة فاجرة وغير شرعية سندها القوة والتغلب ، كإمامة فرعون وغيره من أئمة الكفر تقود إلى دار البوار ، وقد فصلنا كل ما يتعلق بهذين المصطلحين في كتابنا : « الإمامة والولاية » فارجع إليه إن شئت.
وما يعنينا أن رسول الله عندما لخص الموقف لأمته ، وأخبرها بما هو كائن ، وما سيكون ، وحذرها من مغبة معصية توجيهاته وأوامره وطاعة أعداء الله وأعداء رسوله توقف طويلاً عند أئمة الضلالة ، الذين سيأتون من بعده ، واعتبرهم ألد الأعداء ، وأعظم الأخطار التي تتهدد الأمة الإسلامية من بعده لأنهم هم الذين سيبدأون بحل عرى الإسلام ، وأول عروة سيحلونها هي نظام الحكم ، ثم يستعينون بالسلطة والنفوذ فيحلون ما تبقى من عرى الإسلام ، حتى لا تبقى فيه ولا عروة واحدة دون حل ، وأن هؤلاء الأمة لن يُبقوا من الإسلام إلا رسمه ، ومن القرآن إلا اسمه ، ومن الدين إلا أشكاله ومظاهره الخارجية لغاية محدودة ، وهي المحافظة على ملك النبوة الذي توقف عنده النبي ، وحذر منه وكرر التحذير ، فقال مرة : « لست أخاف على أمتي جوعاً يقتلهم ، ولا عدواً يجتاحهم ، ولكني أخاف على امتي قبيحهم ، وتصدقوا کذبهم ... [ راجع الطبراني في الکبير ج‍ ٢٢ ص ٣٦٢ ح ٩١٠ وص ٣٧٣ و ٩٣٤ ، والفردوس ج‍ ٢ ص ٣١٧ ح ٣٤٣٧ ، والجامع الصغير ج‍ ٢ ص ٤٩ ح ٤٦٨٠ ، وكنز العمال ج‍ ٦ ص ٦٧ ح ١٤٨٧٦ ، وفيض القدير ج‍ ٤ ص ١٠١ ح ٤٦٨٠ ، والمعجم ج‍ ١ ص ٢٩ ـ ٣٠ ].
ووصفهم النبي مرة أخرى فقال : « لا تقوم الساعة حتى يبعث الله أمراء كذبة ، ووزراء فجرة ، وأمناء خونة ، وقراء فسقة ... [ رواه البزار ، والهيثمي في مجمع الزوائد ج‍ ٥ ص ٢٣٣ ، والمعجم ج‍ ١ ص ٢٦ ].
وقد بين النبي الكريم أن أئمة الضلالة سيستغلون كل شيء لصالحهم ، فالعطاء الذي فرضته الشريعة للمساعدة على تأمين الحاجات الأساسية لأفراد المسلمين سيحوله أئمة الضلالة إلى رشوة!! بمعنى أن أئمة الضلالة لن يعطوا أي مسلم عطاءه إلا إذا بايعهم ، ورضي بجورهم وظلمهم وقبل بوجودهم ، لذلك أمر رسول الله المسلمين أن يأخذوا العطاء ما دام عطاء ، فإذا استغل أئمة الضلالة هذا العطاء فجعلوه رشوة للسكوت ، فلا ينبغي أن يأخذ المسلمون هذا العطاء ، ولكن الرسول قد أخبر الأمة بأنها ستأخذ العطاء ، بالرغم من أنه رشوة ، لأن الفقر
والحاجة يمنع المسلمين من ترك العطاء. [ راجع الطبراني في الصغير ج‍ ١ ص ٢٦٤ ، وحلية الأولياء ج‍ ٥ ص ١٦٥ ـ ١٦٦ ، وتاريخ بغداد ج‍ ٣ ص ٣٩٨ ، ومعجم الأحاديث ج‍ ١ ص ٣١ ـ ٣٢ ]. وأخبر الرسول المسلمين بمداهنة القراء ، ونفاق العلماء وبعد أن أحكم أئمة الضلالة قبضتهم على الأمة ، وسلبوها أمرها من غير مشورة ، وبعد أن نقضوا عرى الإسلام كلها عروة عروة سخروا موارد الدولة وإمكانياتها ، وأمروا ولاتهم وعمالهم وعلماء السوء أن يكذبوا على رسول الله وأن يختلقوا أحاديث تروى بطريقة فنية توجب على المسلمين طاعة أئمة الضلالة ، لأن طاعتهم عبادة بوصفهم خلفاء للنبي ، وتحرم على المسلمين معصية أئمة الضلالة ، لأن معصية أئمة الضلالة معصية لله ، ومعصية الله معصية للرسول ، ومن عصى الله والرسول فقد برئت منه الذمة ، وأحل دمه حتى في الأشهر الحرم. وأحكم أئمة الضلالة وأعوانهم الطوق عندما حرّموا على أي مسلم أن يخرج عليهم مهما فعلوا. وسخر أئمة الضلالة کافة موارد الدولة وإمكانياتها لتعميم هذه الطاعة العمياء ، وأخلوها في مناهجهم التربوية والتعليمية ، ورووا الأحاديث الكثيرة عن رسول الله ، ومع الأيام والعادة والتكرار ، صارت هذه القناعة التي لا يقبلها عقل جزءاً من الدين نفسه.
قال أبو بكر الباقلاني القاضي المعروف في كتابه « التمهيد » باب ذكر ما يوجب خلع الإمام : « قال الجمهور من أهل الإثبات ، وأصحاب الحديث : لا ينخلع الإمام بفسقه وظلمه بغصب الأموال وضرب الأبشار وتناول النفوس المحرمة وتضييع الحقوق وتعطيل الحدود ولا يجب الخروج عليه ، بل يجب وعظه تخويفه ، فالأخبار متضافرة عن الرسول وعن الصحابة في وجوب طاعة الأئمة ».
وقال النووي في شروحه على صحيح مسلم بيان لزوم طاعة الأمراء ج‍ ١٢ ص ٢٢٩ من صحيح مسلم بشرح النووي ما يلي وبالحرف : « قال جماهير أهل السنة من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين : لا ينعزل الإمام بالفسق والظلم وتعطيل الحدود ، ولا يخلع ، ولا يجوز الخروج عليه بذلك ، بل يجب وعظه وتخويفه ، وأما الخروج على الأئمة وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين ، وإن كانوا فسقة ظالمين »!!! أو أئمة مضلين ، إن أطاعوهم فتنوهم ، وإن عصوهم قتلوهم. [ راجع مجمع الزوائد ج‍ ٥ ص ٣٢٩ عن الطبراني ، والجامع الصغير ج‍ ٢ ص ٤٠٣ ح ٧٢٣٨ السيوطي عن الطبراني ، وكنز العمال ج‍ ٦ ص ٢٢ ح ١٤٦٧١ عن الطبراني ، وفيض القدير ج‍ ٥ ص ٢٦٤ ح ٧٢٣٨ عن الجامع الصغير ، ومعجم أحاديث الإمام المهدي ج‍ ١ ص ٣٥ ـ ٣٦ ]. لقد حذر الرسول كثيراً من الدجال ولكن أکد للمسلمين أن الأئمة المضلين أخطر من الدجال ، [ راجع نص الحديث بمسند الإمام أحمد ج‍ ١ ص ٩٨ وج‍ ٥ ص ١٤٥ ، وأبو يعلى ج‍ ١ ص ٣٥٩ عن ابن أبي شيبة ، والفردوس ج‍ ٣ ص ١٣١ ح ٤١٦٣ ، ومجمع الزوائد ، ج‍ ٥ ص ٢٣٨ ـ ٢٣٩ ، والجامع الصغير للسيوطي ج‍ ٢ ص ٢٠١ ، ح ٥٧٨٢ ، وكنز العمال ج‍ ١٠ ص ١٩١ ح ٢٩٠٠٨ ، وفيض القدير ج‍ ٤ ص ٤٠٧ ح ٥٧٨٢ عن الجامع الصغير ، ومعجم أحاديث الإمام المهدي ج‍ ١ ص ٣٣ ـ ٣٤ ]. ووثق الرسول أثناء تحذيره الصلة بين الأئمة المضلين وبين الدجال ، فقال : « إن طعام أمرائي بعدي مثل طعام الدجال ، إذا أكله الرجل ينقلب قلبه ». [ راجع مسند أحمد ج‍ ١ ص ٩٨ وج‍ ٥ ص ٤٥ ، وابن أبي شيبة ج‍ ١٤٢ ح ١٩٣٣٢ ]. وقد وصف رسول الله الأئمة المضلين فقال لأحد الصحابة : « أعاذك الله يا كعب بن عمرة من إمارة السفهاء. قال كعب : وما إمارة السفهاء؟ قال الرسول : أمراء يكونون بعدي لا بهدون بهديي ، ولا يستنون بسنتي ، فمن صدقهم بكذبهم ، وأعانهم على ظلمهم ، فأولئك ليسوا مني ولست منهم ، ولا يردون على الحوض ، ومن لم يصدقهم على كذبهم ، ولم يعنهم على ظلمهم فأولئك مني وأنا منهم وسيردون على الحوض ... [ راجع عبد الرزاق ج‍ ١١ ص ٣٤٥ ـ ٣٤٦ ح ٢٠٧١٩ ، ومسند أحمد ج‍ ٣ ص ٣٢١ عن عبدالرزاق وص ٣٢٩ وج‍ ٥ ص ١١ وج‍ ٦ ص ٣٩٥ ، والبزار عن حذيفة ، والنسائي ج‍ ٧ ص ١٦٠ ، والطبراني في الكبير ج‍ ٤ ص ٦٧ ح ٣١٢٧ وح ٣٦٢٨ ، والطبراني في الأوسط والحاكم ج‍ ١ ص ٧٨ ـ ٧٩ ، ومعجم أحاديث الإمام المهدي ج‍ ١ ص ٢٣ ـ ٢٥ ].
ووصفهم النبي مرة أخرى فقال : « ستكون عليكم أئمة يملكون أرزاقكم يحدثونكم فيكذبونكم ، ويعملون ويسيئون العمل ، لا يرضون منكم حتى تحسنوا إن أئمة الضلالة وأعوانهم في منتهى الدهاء والخبث ، كما أخبر الرسول إنهم شياطين حقيقيون ، سخروا كافة إمكانات الدولة ومواردها للتحريف والتبديل والخلط. لقد « جيروا » أو ظهروا لهم كما بجير وتظهر قسائم الشيكات كافة الحقوق التي رتبها الله للرسول وللأئمة الشرعيين من بعده ، فصار إمام الضلالة يتمتع بنفس حقوق الطاعة والامتيازات التي يتمتع بها الرسول والأئمة الشرعيين الذين اختارهم الله وأعّدهم لقيادة الأمة من بعده!! وانطلى خبث أئمة الضلالة على العوام!! فهل يعقل أن يحذر رسول الله من أئمة الضلالة ، وأن يخبر المسلمين بأن أئمة الضلالة سينقضون عرى الإسلام كلها وأنهم سينتهكون كل محرم ، ويشردون ويطردون ويقتلون آل محمد وأهل بيت النبوة ، وسيذلون المسلمين ، ومع هذا يأمر الرسول بمكافأتهم على جرائمهم العظمى ، فيعتبر طاعتهم كطاعته عبادة وواجبة ، ومعصيتهم كمعصيتهم محرمة توجب العقوبة!!! ثم يحرّم الخروج عليهم مهما فعلوا ويتركهم يتنفعون بظلمهم وفسقهم ومعاصيهم وإذلالهم للأمة والجلوس على رأسها!! فاي مجنون في الدنيا يصدق ذلك!!! وأي عقل يقره ، وأي دين يأمر به!!!
ولكن ولأن أئمة الضلالة هم الحكام المالكون للسلطة والجاه والنفوذ والمتصرفون بشؤون الأمة تصرف المالك فقد اختلقوا هم وأعوانهم على الرسول ، ووضعوا هذه الاختلاقات في مناهجهم التربوية والتعليمية ، وفرضوا هذه المناهج على المسلمين ، وأوجبوا عليهم التدين بها بالإكراه ، وتناقلتها أجيال المسلمين ، وروجت لها وسائل إعلام الدولة ، وبحكم العادة والتكرار وبدعم متواصل من أئمة الضلالة وأعوانهم صارت العامة ، الأكثرية الساحقة من الأمة ، تعتقد بصواب هذا الاعتقاد ، وتتعبد به ، ولم يجرؤ الخاصة على الاعتراض تلك معالم وشواهد وشواخص تكشف أئمة الضلالة وأعوانهم الذين نقضوا مجتمعين ومنفردين عرى الإسلام كلها ، وأوردها الأمة موارد الردى وقدموا الدين بغير صورته الحقيقة ، فحالوا بينه وبين الانتشار ، وبين الأمم وبين الاستفادة من نوره المبين.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page