كانت المدينة المنورة تنتظر ولادة طفلة من أهل بيت الرسول(ص). وعائلة الإمام الكاظم(ع) تستغرق فرحاً لقرب قدوم قرة عين لهم.
و زوجة الإمام(ع)"نجمة" كانت تصبح و تمسي برجاء ولادة الطفل، و البيت يعيش و ينادي بالفرح و السرور.
و أخيراً و في الأول من ذي القعدة سنة 173 هـ . ق. انتهت أيام الانتظار، ورزق الله تبارك و تعالي الإمام الكاظم(ع) لايبلغ أحد فرحة نجمة التي تلطف عليها يد المنان بالمولود الثاني بعد خمس و عشرين سنة من ولادة"علي" الذين عرف فيما بعد بـ"الرضا"(ع)، حيث كانت ولادته في نفس الشهر ذي القعدة من سنة 148هـ . ق. و قد سرت"نجمة" به سروراً لا مثيل له، والآن و بعد مضي تلك السنين المديدة من الله تعالي عليها و علي الإمام الكاظم(ع) بمولودة تكون اختاً للرضا(ع).
ولأجل العلاقة الخاصة من الإمام الكاظم(ع) بجدته فاطمة الزهراء(ع) سمي قرة عينه و كريمه بـ"فاطمة"، التي لفرط تقواها و صلاحها عرفت فيما بعد بـ"المعصومة"، واقتدت بأبيها في العصمة عن الرجس كل إنم ولمم.
لاسم"فاطمة" عند أهل البيت(ع) شجاها لخاص بما يعمل و يحكي من ذكريات حلوة و مرة عن الصديقة الطاهرة"فاطمة الزهراء"(ع). و إذا سموا إحدي بناتهم فاطمة فإنما تحتل مكانة خاصة من الإحترام و الرعاية لمشابهة اسمها لبضعة الرسول(ص)، و السيدة فاطمة المعصومة لم تكن مستشاة من تلك السيرة الحسنة حيث كانت.
و الإمام الكاظم(ع) يجتهد كثيراً في حفظ و تربية بنته هذه ولم يأل جهداً في إظهار عنايته و محبته لها.
عاشت السيدة المعصومة في كنف والديها الكريمين، تكتسب منهما الفضائل و المكارم، إذا كان أبوها إماماً معصوماً وليس له في الفضائل و التقي كفواً أحد، و امها"نجمة" أيضاً من النساء الصالحات المؤمنات التي تعلمت في مدرسة زوجة الإمام صادق(ع). و كانت معروفة بالتقوي في ذلك الزمان. و من هنا فقد أشارت"حميدة" ام الإمام الكاظم(ع) علي ابن الإمام بالزوا من"نجمة".
كانت السيدة المعصومة تستفيد كل يوم من والدها و أخيها المعصومين(ع) و امها التقية العالمة بحيث ثالث إلي مقام رفيع من العلم و الفضيلة و صارت عارفةً بالكثير من العلوم و المسائل الإسلامية في أيام صباها.
في أحد تلك الأيام أتي جمع من الشيعة إلي المدينة لكي يعرضوا بعض أسئلتهم الدينية علي الإمام الكاظم(ع) و يأخذوا العلم من معدنه، ولكن كان الإمام الكاظم و كذالك الإمام الرضا(ع) مسافرين، و لم يكونا حاضرين في المدينة. فاغتم الجمع، لانهم لم يجدوا حجة الله و من يقدر علي جواب مسائلهم، و اضطروا للتفكير بالرجوع إلي بلدهم. و عند ما رأت السيدة المعصومة(ع) حزن هؤلاء النفر أخذت منهم أسئلتهم التي كانت مكتوبة، و أجابت عليهم، و عندئذ تبدل حزن الجماعة بفرح شديد و رجعوا ـ مع ظفر هم بجواب مسائلهم ـ إلي ديارهم راجحين مفلحين. ولكنهم في الطريق و في خارج المدينة التقوا بالإمام الكاظم(ع) وحدوه بما جري عليهم. و بعد ما رآي الإمام جواب ابنته علي تلك المسائل أثني علي بنته بعبارة مختصرة قائلاً:"فداها أبوها".
1ـ الولادة و النشأة..
- الزيارات: 4677