إن خديجة سلام الله عليها أول امرأة تزوج بها النبي صلى الله عليه وآله وسلم، ولدت سنة68 قبل الهجرة من بيت مجد وسؤدد ورياسة، فنشأت على التخلق بالأخلاق الحميدة، واتصفت بالحزم والعقل والعفة حتى دعاها قومها في الجاهلية بالطاهرة، وكانت تاجرة ذات مال تستأجر الرجال، وقد بلغها عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من صدقه وعظم أمانته وكرم أخلاقه، فبعثت إليه وعرضت عليه التجارة في أموالها، فأجاب إلى ذلك وخرج إلى الشام مع غلام لها اسمه ميسرة، فلما قدم إلى الشام استظل تحت شجرة وكانت قريبة من صومعة راهب، فلما رآه قال: من هذا الرجل؟ فقال له: إنه من قريش من أهل الحرم. فقال الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة قط إلا نبي. ثم باع رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم الأموال التي جاء بها واشترى ما أراد، ثم قفل راجعا إلى مكة وأعطى خديجة الأموال(1).
وحدثها ميسرة عن قول الراهب، فقالت إني قد رغبت فيك، وعرضت عليه الزواج بها، وكانت من أوسط قريش نسبا وأعظمهم شرفا وأكثرهم مالا، وخرج الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، فعرض مقالتها على أعمامه، فخرج حمزة ودخل على أبيها خويلد، فخطبها منه، فأجابه إلى ذلك، فتزوج بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم(2).
وفي (الاستيعاب): لم يختلفوا في أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كلهم من خديجة حاشا إبراهيم. وقال: أجمعوا على أنها ولدت له أربع بنات كلهن أدركن الإسلام، وهاجرت زينب (وهي أكبرهن، تزوجها أبو العاص بن الربيع ابن أخت خديجة) وفاطمة(الزهراء وهي أصغرهن، تزوجها علي بن أبي طالب، وانحصرت ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في ولدها) ورقية وأم كلثوم (تزوجها عثمان واحدة بعد الأخرى) وأجمعوا على أنها ولدت له ابنا يسمى القاسم وبه كان يكنى. قال الزبير بن بكار: وهو أكبر ولده، مات بمكة. وقيل: ولدت له عبد الله مات صغبرا، وكان يقال له الطيب ويقال له الطاهر، ولد بعد النبوة(3).
وقال العلامة المجلسي (ره): وفي الأنوار والكشف واللمع وكتاب البلاذري: أن زينب ورقية كانتا ربيبتيه من جحش(4). وقال أيضا: كانت خديجة وزيرة صدق على الإسلام، وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسكن إليها... إن جبرائيل عليه السلام أتى النبي صلى الله عليه وآله فقال: أقرء خديجة من ربها السلام، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: يا خديجة، هذا جبرائيل يقرئك من ربك السلام، قالت خديجة: الله السلام، ومنه السلام، وإليه السلام(5).
1 ـ لما انتهت فاطمة عليها السلام وصفية إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم (في أحد) ونظرتا إليه قال لعلي عليه السلام: أما عمتي فاحبسها عني، وأما فاطمة فدعها. فلما دنت فاطمة عليها السلام من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ورأته قد شج في وجهه وأدمى فوه إدماء صاحت وجعلت تمسح الدم وتقول: اشتد غضب الله على من أدمى وجه رسول الله... [بحار الأنوار، ج20، ص95].
2 ـ... خرجت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تعدو على قدميها حتى وافت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وقعدت بين يديه، وكان إذا بكى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بكت، وإذا انتحب انتحبت. [البحار، ج20، ص43].
3 ـ... فصاحت فاطمة عليها السلام ووضعت يدها على رأسها وخرجت تصرخ وسائر هاشمية وقرشية. [البحار، ج20، ص117].
4 ـ... كان علي عليه السلام يجيء بالماء في ترسه، وفاطمة عليها السلام تغسل الدم عن وجهه وأخذ حصيراً فأحرق وحشي به جرحه. وفي هامش البحار: فلما رأت فاطمة الدم لا يرقأ وهي تغسله وعلي يصب الماء عليها بالمجن أخذت قطعة حصير فأحرقته حتى صار رماداً ثم ألصقته بالجرح فاستمسكت الدم. [البحار، ج20، ص102 ـ103].

___________
1 - في (البحار) ج16، ص49 عنها شعر في ذلك وهو:
جاء الحبيب الذي أهواه من سفر          والشمس قد أثرت في وجهه أثراً
عجبت للشمس من تقبيل وجنته             والشمس لا ينبغي أن تدرك القمرا
2 - راجع (الإمام الحسن (ع) ) للشريف القرشي، ج1، ص39.
3 - (أعيان الشيعة) ج6، ص310.
4 - (البحار): ج 22، ص 153 وج16، ص 11.
5 - (البحار) ج22، ص152 وج16، ص11.

أضف تعليق