2859/ 1- فلاح السائل: و من المهمّات الدعاء عقيب الصلوات الخمس المفروضات، بما كانت الزهراء فاطمة عليهاالسلام سيّدة نساءالعالمين تدعو به، فمن ذلك دعائها عليهاالسلام عقيب فريضة الظهر، و هو:
سبحان ذي العزّ الشامخ المنيف، سبحان ذي الجلال الباذخ العظيم، سبحان ذي الملك الفاخر القديم.
والحمد للَّه الّذي بنعمته بلغت ما بلغت به من العلم، و العمل له، و الرغبة إليه، و الطاعة لأمره، والحمدللَّه الّذي لم يجعلني جاحداً لشيء من كتابه، ولا متحيّراً في شيء من أمره، والحمدللَّه الّذي هداني لدينه، ولم يجعلني أعبد شيئاً غيره.
اللهمّ إنّي أسألك قول التوّابين و عملهم، و نجاة المجاهدين و ثوابهم، و تصديق المؤمنين و توكّلهم، و الراحة عند الموت، و الأمن عند الحساب، واجعل الموت خير غائب انتظره، و خير مطّلع يطلع عليّ.
وارزقني عند حضور الموت، و عند نزوله، و في غمراته، و حين تنزل النفس من بين التراقي، و حين تبلغ الحلقوم، و في حال خروجي من الدنيا، و تلك الساعة الّتي لا أملك لنفسي فيها ضرّاً ولا نفعاً ولا شدّة ولا رخاء، روحاً من رحمتك، و حظّاً من رضوانك، و بشرى من كرامتك قبل أن تتوفّى نفسي، و تقبض روحي، و تسلّط ملك الموت على إخراج نفسي ببشرى منك.
يا ربّ! ليست من أحد غيرك تثلج بها صدري، و تسرّ بها نفسي، و تقرّ بها عيني، و يتهلل بها وجهي، و يسفر بها لوني، و يطمئنّ بها قلبي، و يتباشر بها سائر جسدي، يغبطني بها من حضرني من خلقك، و من سمع بي من عبادك؛
تهوّن عليّ بها سكرات الموت، و تفرّج عنّي بها كربته، و تخفف عنّي بها شدّته، و تكشف عنّي بها سقمه، و تذهب عنّي بها همّه و حسرته، و تعصمني بها من أسفه و فتنته، و تجيرني بها من شرّه و شرّ ما يحضر أهله، و ترزقني بها خيره و خير ما يحضر عنده، و خير ما هو كائن بعده.
ثمّ إذا توفّيت نفسي وقبضت روحي، فاجعل روحي في الأرواح الرابحة، واجعل نفسي في الأنفس الصالحة، واجعل جسدي في الأجساد المطهّرة، واجعل عملي في الأعمال المتقبّلة.
ثمّ ارزقني في خطّتي من الأرض حصّتي، و موضع جنبي حيث يرفت لحمي، و يدفن عظمي، وأترك وحيداً لا حيلة لي، قد لفظتني البلاد، و تخلّى منّي العباد، وافتقرت إلى رحمتك، واحتجت إلى صالح عملي، و ألقى ما مهّدت لنفسي و قدّمت لآخرتي، و عملت في أيّام حياتي، فوزاً من رحمتك، و ضياء من نورك، و تثبيتاً من كرامتك بالقول الثابت في الحياة الدنيا و في الآخرة، إنّك تضلّ الظالمين، و تفعل ما تشاء.
ثمّ بارك لي في البعث والحساب إذا انشقّت الأرض عنّي، و تخلّى العباد منّي، و غشيتني الصيحة، و أفزعتني النفخة، و نشرتني بعد الموت، و بعثتني للحساب؛
فابعث معي يا ربّ! نوراً من رحمتك يسعى بين يديّ، و عن يميني، تؤمنّي به، و تربط به على قلبي، و تظهر به عذري، و تبيّض به وجهي، و تصدّق بها حديثي، و تفلج به حجّتي، و تبلغني به العروة الوثقى من رحمتك، و تحلّني الدرجة العليا من جنّتك، و ترزقني به مرافقة محمّد النبيّ صلى الله عليه و آله عبدك و رسولك في
أعلى الجنّة درجة، و أبلغها فضيلة، و أبرّها عطيّة، و أوفقها نفسة، مع الّذين أنعمت عليهم من النبيّين و الصدّيقين و الشهداء و الصالحين، و حسن اُولئك رفيقاً.
اللهمّ صلّ على محمّد خاتم النبيّين، و على جميع الأنبياء و المرسلين، و على الملائكة أجمعين، و على آله الطيّبين الطاهرين، و على أئمّة الهدى أجمعين، آمين ربّ العالمين.
اللهمّ صلّ على محمّد كما هديتنا به، و صلّ على محمّد كما رحمتنا به، و صلّ على محمّد كما عززتنا به، و صلّ على محمّد كما فضّلتنا به، و صلّ على محمّد كما شرّفتنا به، و صلّ على محمّد كما نصرتنا به، و صلّ على محمّد كما أنقذتنا به من شفا حفرة من النار.
اللهمّ بيّض وجهه، وأعل كعبه، وأفلج حجّته، وأتمم نوره، و ثقّل ميزانه، و عظّم برهانه، وأفسح لي حتّى يرضى، و بلّغه الدرجة و الوسيلة من الجنّة، وابعثه المقام المحمود الّذي وعدته، واجعله أفضل النبيّين و المرسلين عندك منزلة و وسيلة، واقصص بنا أثره، واسقنا بكأسه، و أوردنا حوضه، واحشرنا في زمرته، و توفّنا على ملّته، واسلك بنا سبله، واستعملنا بسنّته، غير خزايا ولا نادمين، ولا شاكّين ولا مبدّلين.
يا من بابه مفتوح لداعيه، و حجابه مرفوع لراجيه، يا ساتر الأمر القبيح، و مداوي القلب الجريح، لا تفضحني في مشهد القيامة بموبقات الآثام، ولا تعرض بوجهك الكريم عنّي من بين الأنام.
يا غاية المضطرّ الفقير، و يا جابر العظم الكسير، هب لي موبقات الجرائر، واعف عنّي فاضحات السرائر، واغسل قلبي من وزر الخطايا، وارزقني حسن الإستعداد لنزول المنايا، يا أكرم الأكرمين، و منتهى اُمنية السائلين.
أنت مولاي! فتحت لي باب الدعاء و الإنابة، فلا تغلق عنّي باب القبول و الإجابة، و نجّني برحمتك من النار، و بوّئني غرفات الجنان، واجعلني
مستمسكاً بالعروة الوثقى، واختم لي بالسعادة، و أحيني بالسلامة.
يا ذاالفضل و الكمال، و العزّة و الجلال، لا تشمت بي عدوّاً ولا حاسداً، ولا تسلّط عليّ سلطاناً عنيداً، ولا شيطاناً مريداً، برحمتك يا أرحمالراحمين، ولا حول ولا قوّة إلّا باللَّه العليّ العظيم، و صلّى اللَّه على محمّد و آله و سلّم تسليماً. (1).
___________
(1). البحار: 83/ 66 ح 4، مسند فاطمه الزهراء عليهاالسلام: 398.
تعقيباتها للصلاة اليوميّة دعاؤها عقيب الظهر
- الزيارات: 914