• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

ثم إننا نذكر أيضا بأمرين

أحدهما:إن هذا النوع من الفهم للأمور، لا يقلل من قيمة الطرح العلمي أو الفكري الذي تقدمه تلك المعالجة، التي ربما يراد حجب تأثيرها بأساليب كهذه، بل تبقى الروح العلمية، ومتانة الدليل هي المعيار والميزان في الرد أو في القبول، إذا اقتضى الأمر أيا من هذين الأمرين في أي مسألة من المسائل التي هي في صلب اهتماماتنا، وتقع في سلم الأولويات عندنا.
الثاني:إننا قد لا نجد مبررا لإساءة الظن هذه، لأن المعابير الشرعية هي التي يجب أن تحكم أي موقف أو سلوك، لا سيما إذا كانت العلاقة فيما بين طرفي الحوار حميمة وسليمة على مدى حين طويل من الدهر، لولا هذه المعارضة للأفكار، يريد أن يروج لها، ويستظهر بها، وينتصر لها بقوة وبحماس، فحرك الطرف الآخر شعوره بالمسؤولية العلمية أو الشرعية لبيان ما يراه حقا وصدقا، ولا حرج ولا غضاضة في ذلك، بل إنه لو لم يفعل ذلك لكان للريب في صلاحه واستقامته مجال ومبرر، مقبول ومعقول.
12 ـ يقول البعض: إن ما يصدر عنه من مقولات هو مجرد اجتهاد، ويحق لكل أحد أن يمارس الاجتهاد، ويخالف الآخرين في آرائهم..
ونقول:
لا حرج في أن يجتهد فلان من الناس، ويخالف الآخرين في آرائهم أو يوافقهم.. إذا كان الأمر يقتصر عليه هو، وينحصر به، ويمثل عقيدة شخصية له، لا تتعداه إلى غيره.
أما إذا كان هذا الشخص يريد أن ينشر بين الناس اجتهاده المخالف لثوابت المذهب التي قامت عليها، البراهين القاطعة، ودلت عليها النصوص الصريحة والصحيحة والمتواترة، فيدعوا الناس إلى مقالاته المخالفة لها، فالموقف منه لا بد أن يختلف عن الموقف من ذاك، حيث لا بد من التصدي له، وتحصين الناس عن الانسياق معه، في أفكاره التي تخالف حقائق الدين وثوابته التي حققها رموز المذهب وأعلامه، ولا بد من وضع النقاط على الحروف، وتوضيح التفاوت والاختلاف فيها بينه وبينهم.
ويتأكد لزوم مواجهة طروحاته حين نجده يقدمها للناس بعنوان أنها هي الفكر المنسجم مع ما تسالم عليه علماؤنا تحت شعار التجديد والعصرنة، ولا يعترف أبدا بأنها تختلف مع كثير من الحقائق الثابتة في النواحي العقيدية والإيمانية، الأمر الذي لا ينسجم مع الأمانة الفكرية ولا مع خلقية الإنسان الناقل والناقد.
13 ـ قد يلاحظ على البعض إيغاله في الاعتماد على عقله، وفي إعطائه الدور الرئيس، والقرار الحاسم، حتى في أمور ليس للعقل القدرة على الانطلاق في رحابها، بل ربما جعل من عقله هذا معيارا ومقياسا، مدعيا أنه يدرك علل الأحكام، فيعرض النصوص عليه، فإن أدرك مغزاها، وانسجم مع محتواها قبلها ورضيها، وإلا فلا يرى في رفضها، والحكم عليها بالوضع والدس أي حرج أو جناح.
ونوضح ذلك في ضمن فرضيتين يظهر منهما موضع الخلل:
إحداهما: إن ظاهر النص قد يتناقض مع حكم العقل، تناقضا ظاهرا وصريحا في أمر هو من شؤون العقل، ويكون للعقل فيه مجال، وله عليه إشراف. ففي هذه الحالة لا بد من تأويل النص بما يتوافق مع العقل، وينسجم مع قواعد التعبير.
فإن لم يمكن ذلك فلا بد من رده، ورفضه، وهذه الفرضية هي الصحيحة والمقبولة لدى العلماء.
الثانية:إن يعجز عقل الفرد عن إدراك وجه الحكمة أو العلة في ما تحدث عنه النص، كما لو تحدث النص عن أن المرأة الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة، أو تحدث عن أن الله سبحانه سيرجع في آخر الزمان أناسا من الأولياء، وأناسا من الأشقياء، فينال الأولياء الكرامة والزلفى، ويعاقب الأشقياء ببعض ما اقترفوه، ويشفي بذلك صدور المؤمنين.
فإذا عجز عقله عن تفسير ذلك الحكم، أو هذا الحدث الذي أخبر عنه النص، رأيته يبادر إلى رفضه، أو يطالب بتأويله، ويقول: إن المراد هو رجعة الدولة والنفوذ مثلا.
مع أنه لا مورد لذلك الرفض، ولا لتلك المطالبة بالتأويل.
إذ ليس من المفترض أن يدرك عقل هذا الشخص جميع العلل والحكم لكل ما صدر أو يصدر عن الله سبحانه.
كما أنه إذا لم يستطع عقله أن يدرك بعض الأمور والأسرار اليوم، فقد يدرك ذلك غدا، بل قد لا يتمكن الآن أحدا من إدراكها، ثم تدركها أجيال سوف تأتي بعد مئات السنين، كما هو الحال بالنسبة لكثير مما تحدث عنه القرآن من أسرار الكون والحياة التي عرفنا بعضها في هذا القرن.
وحتى لو لم ندرك ذلك، وبقي في دائرة من استأثر الله لنفسه بمعرفته، وربما علمه أنبياءه وأولياءه، فما هو الإشكال في ذلك؟!
ويبدو لنا أن الاسراف في تقديس العقل، باعتباره هو مصدر المعرفة الأوحد، وجعله مقياسا لرد أو قبول النصوص حتى في هذه الفرضية الأخيرة ـ إن ذلك ـ مأخوذ من المعتزلة، وقد كان هو الداء الدوي لهم، ومن أسباب انحسار تيارهم، وخمود نارهم في العصور السالفة.
وها هو التاريخ يعيد نفسه، حيث نشهد العودة إلى نفس مقولتهم، التي أثبت الدليل بطلانها، كما عادت مقولات أخرى أكل الدهر عليها وشرب لتطلع رأسها من خبايا التاريخ وزواياه، لتطرح من جديد باسم التجديد، تارة، وباسم العصرنة والفكر الجديد أخرى، والله هو الذي يبدئ ويعيد، وهو الفعال لما يريد.
14 ـ قد يحاول البعض أن يدعي: أن السبب في نقد أفكار هذا الشخص أو ذاك هو إرادة إثارة الأجواء ضده، لأنه يحتل موقعا متميزا، فتحركت العصبيات في هذا الاتجاه أو ذاك، بهدف إسقاطه..
ونقول:
أولا: إن من الواضح:أن الكثيرين ممن أعلنوا رفضهم لتلك الأقاويل ويناقشونها لا يعيشون فكرة أو هاجس المقامات، والعناوين، حتى ولو كان هو عنوان أو فكرة المرجعية بالذات، ولا يقع ذلك كله في دائرة اهتماماتهم.
ثانيا:إننا قد نجد أن أصحاب تلك الأقاويل المتهمة نفسها هم الذين يبادرون إلى طرح الأمور المثيرة، ويعيشون هاجس نشر طروحاتهم بكل الوسائل، ويرفعون من مستوى التوتر والحماس تارة، ويخفضونه أخرى. وقد أثبتت الوقائع ذلك.
ثالثا:عدا عن ذلك كله، فإن المعيار والميزان في الفكرة المطروحة هو عناصر الاقناع فيها، وحظها في ميزان الخطأ والصواب، ومدى قربها وبعدها عن حقائق الدين والمذهب.
وليس لأحد أن يدعي علم الغيب بما في ضمائر الناس، وحقيقة دوافعهم، فلتكن دوافعهم هذه أو تلك، فإن ذلك لا يؤثر في تصحيح أو تخطئة الفكرة، ولا يقلل أو يزيد من خطورتها.
15 ـما زلنا نسمع البعض يطرح مسائل في مجالات مختلفة، لا تلتقي مع ما قرره العلماء، ولا تنسجم مع كثير مما تسالموا عليه استنادا إلى ما توفر لديهم من أدلة قاطعة تستند إلى قطعي العقل، أو صريح النقل أو ظاهره..
وقد بذلت محاولة تهدف إلى بحث هذه الأمور مع نفس أولئك الذين بادروا إلى إثارتها، وطلب منهم في أكثر من رسالة، وعبر أزيد من رسول الدخول في حوار علمي مكتوب وصريح، توضع فيه النقاط على الحروف، ويميز فيه الحق من الباطل بالدليل القاطع وبالحجة الدامغة.
وذلك على أمل أن يؤدي ذلك لو حصل إلى أن تجنب الساحة سلبيات إعلانهم المستمر بما لا يحسن الاعلان به، قبل التثبت واليقين، وسد جميع الثغرات فيه.
ولكن ـ للأسف الشديد ـ قد جاءنا الجواب منهم برفض الحوار، إلا أن يكون ذلك بين جدران أربع، وخلف الأبواب، وهذا ما يسمونه بالحوار!!
لقد أبوا أن يكتبوا لنا ولو كلمة واحدة تفيد في وضع النقاط على الحروف، متذرعين بعدم توفر الوقت لديهم، للكتابة، رغم أنهم قد كتبوا وما زالوا يكتبون حتى هذه المسائل بالذات، ويوزعون ذلك في أكثر من اتجاه، لأناس بأعيانهم تارة، وللناس عامة أخرى... وفي مقالاتهم، وخطاباتهم، ومحاضراتهم عبر وسائل الإعلام المختلفة ثالثة.
وحين لمسوا منا الإصرار على موقفنا، لم يتحرجوا من العودة إلى قواميسهم ليتحفونا بما راق لهم منها، مما له لون، وطعم، ورائحة، من قواذع القول، وعوار الكلم، وتوجيه سهام الاتهام.
وكأن طلبنا للحوار العلمي كان كفرا بالله العظيم. أو ربما أقبح لو كان ثمة ما هو أقبح.
ولعل أيسر ما سمعناه وأخفه وأهونه هو أننا نتحرك بالغرائز، أو نعاني من التخلف والعقد، والوقوع تحت تأثير هذا وذاك، هذا عدا عن وصفنا بالذهنية الايرانية، وبالتعصب. وهذه هي التهمة المحببة إلينا، لأننا إنما نتعصب للحق، وندافع عنه، وهو أمر ممدوح ومرضي عند الله ورسله، وعند أوليائه وأصفيائه صلوات الله عليهم أجمعين.
هذا، مع العلم:أننا كنا وما زلنا إلى ما قبل أشهر يسيرة من تاريخ كتابة هذه الكلمات من خير الأحباب والأصحاب لهم ومعهم، ولم يعكر صفو هذه المحبة والمودة إلا أننا اكتشفنا في هذه الآونة الأخيرة ما رأينا أن تكليفنا الشرعي يفرض علينا أن نطلب منهم الحوار العلمي الهادئ والرصين لحل معضلته.
16 ـإن هذا الكتاب الماثل أمام القارئ الكريم يقدم قدرا كبيرا من النصوص المأخوذة من عشرات بل مئات المصادر، رغم أنه أنجز في أشهر لا تتجاوز عدد أصابع اليد الواحدة، وهي مدة قصيرة، لا تسمح بكثير من التنقيب والتقصي، لا سيما مع وجود كثير من الصوارف عن القيام بأدنى جهد في الأيام ذات العدد، خلال تلك المدة.
ونجدنا بحاجة إلى تذكير القارئ الكريم، بأن المصادر الموضوعة في هوامش الكتاب كانت كثيرة إلى درجة بتنا نخشى معها أن نكون قد وقعنا في أخطاء في أرقام الأجزاء والصفحات، كما أننا أخذنا في موارد كثيرة من طبعات عدة للكتاب الواحد فليلاحظ ذلك..
هذا.. وإن اهتمامنا بالمصادر ـ كما هو ديدننا ـ يأتي على قاعدة وضع القارئ أمام أدق جزئيات الحدث وتفاصيله ليكون هو الذي يوازن، ويفكر، ثم يستنتج ويقرر، من خلال تشبثه بأسباب المعرفة، وإشرافه المباشر على الأمور المطروحة، واطلاعه على ما لها من مناخات وظروف وأحوال، لتكون نظرته إلى الأمور ـ من ثم تتسم بالدقة، والعمق، ومن منطلق الوعي والإحاطة، وتمتاز بالأصالة والثبات.
وهذه الطريقة قد لا يستسيغها بعص الناس، الذين قد تقرأ لهم مئات بل آلاف الصفحات، فتجدهم يستغرقون بالإنشائيات، التي تعتمد على الكلمة الرنانة، وعلى الدعاوى العريضة، من دون أن يوثق ذلك بالنص الصريح، أو أن يفتح لك آفاق المعرفة المباشرة والشاملة، إلا نزرا يسيرا مما يتداوله عامة الناس أو خصوص ما يؤيد فكرته منها!!
إنه يكتم عنك الكثير مما يرى أن من المصلحة أن لا تهتدي إليه، أو أن تطلع عليه، وإن أردت شيئا من ذلك فلن تجد في نفسك معطيات التفكير فيه، حيث لن تملك من وسائله شيئا، ولن يجعلك ـ إن استطاع ـ تحصل على شئ يمكنك أن تمسك به، وتطبق يدك عليه.
إنه يريد منك أن تقرأ ثقافته هو، وتجربته كفرد، وتهوم في آفاقه، وتتلمس آلامه، وآماله، وأحلامه، وحتى تخيلاته وأوهامه، وليس ثمة شئ وراء ذلك إلا السراب، والسراب فقط.
17 ـ وبعد، إننا نأسف كل الأسف إذا قلنا: إن هذا الكتاب لم يقدر له أن يعالج موضوعا محددا له بداية ونهاية، وعناصر لها ما يجمع بين متفرقاتها، ويؤلف بين مختلفاتها، بل هو يعالج شتاتا من المسائل المختلفة، استخدمها البعض للتشكيك في أحداث جرت على الزهراء(ع)، أو أثارها في مناسبة الحديث عنها(ع)، لسبب أو لآخر.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
اللطميات
المحاضرات
الفقه
الصور

اللطميات

مشاهدة الكل

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page