و تحدث الامام أبو جعفر (ع) في كثير من احاديثه عن سيرة جده الامام أمير المؤمنين (ع) رائد الحق و العدالة في الارض، و كان من بين ما رواه هذه البادرة.
روى زرارة بن أعين عن أبيه، عن الامام أبي جعفر (ع) قال:
كان علي (ع) إذا صلى الفجر لم يزل معقبا الى أن تطلع الشمس، فاذا طلعت اجتمع إليه الفقراء و المساكين و غيرهم من الناس فيعلمهم الفقه و القرآن، و كان له وقت يقوم فيه من مجلسه ذلك، فقام يوما، فمر برجل فرماه بكلمة هجر-و لم يم ابو جعفر ذلك الرجل-فرجع الامام، و صعد المنبر، و أمر فنودي الصلاة جامعة، فلما حضر الناس، حمد اللّه و أثنى عليه، و صلى على نبيه، ثم قال: أيها الناس انه ليس شيء أحب الى اللّه، و لا أعم نفعا من حلم إمام و فقهه، و لا شيء ابغض الى اللّه، و لا أعم ضررا من جهل إمام و خرقه، إلا و انه من لم يكن له من نفسه واعظ لم يكن له من اللّه حافظ إلا و انه من انصف من نفسه لم يزده اللّه الا عزا، إلا و ان الذل في طاعة اللّه اقرب الى اللّه من التعزز في معصيته، ثم قال: اين المتكلم آنفا؟ فلم يستطع الانكار، فقال:
ها أنا ذا يا أمير المؤمنين، فقال: أما اني لو أشاء لقلت: فقال: إن تعف و تصفح فأنت اهل لذلك فقال: قد عفوت و صفحت 1 .
و ليس في تأريخ الانسانية على الاطلاق مثل الامام أمير المؤمنين (ع) في عدله و رحمته، و صفحه عمن اساء إليه. . . لقد كان المؤسس الأول بعد النبي (ص) لمكارم الاخلاق و نكران الذات، و قد ساس الناس أيام خلافته سياسة قوامها العدل الخالص و الحق المحض، فآثر طاعة اللّه على كل شي
_______________
1 ) شرح النهج ۴ / ١٠٩ - ١١٠ .
سيرة الامام علي:
- الزيارات: 360