ولي الخلافة يزيد بن عبد الملك بعهد من أخيه سليمان، و أقام أربعين يوما يسير بين الناس بسياسة عمر بن عبد العزيز، فشق ذلك على بني أمية، فأتوه باربعين شيخا فشهدوا عنده بأنه ليس على الخلفاء حساب، و لا عقاب 1 فعدل عن سياسة عمر، و ساس الناس سياسة عنف و جبروت و عمد إلى عزل جميع ولاة عمر، و كتب مرسوما إلى عماله جاء فيه:
«أما بعد فان عمر بن عبد العزيز كان مغرورا، فدعوا ما كنتم تعرفون من عهده، و اعيدوا الناس إلى طبقتهم الأولى أخصبوا أم أجدبوا، أحبوا أم كرهوا، حيوا أم ماتوا. . .» 2 و عاد الظلم على الناس بأبشع صوره و ألوانه، و انتشر الجور، و عم الطغيان جميع أنحاء البلاد.
و مما تجدر الاشارة إليه أن يزيد بن عبد الملك كان جاهلا، و حقودا على أهل العلم، فكان يحتقر العلماء، و يسمي الحسن البصري بالشيخ الجاهل 3 كما كان مسرفا في اللهو و المجون هام بحب حبابة، و قد ثمل يوما، فقال: دعوني أطير، فقالت حبابة: على من تدع الأمة؟ قال:
عليك 4 و خرجت معه إلى الأردن يتنزهان فرماها بحبة عنب فدخلت حلقها فشرقت، و مرضت، و ماتت فتركها ثلاثة أيام لم يدفنها حتى انتنت، و هو يشمها، و يقبلها، و ينظر إليها و يبكي، فكلم في أمرها حتى أذن في دفنها، و عاد إلى مقره كئيبا حزينا 5 و يقول المسعودي: إنه أقام على قبرها، و هو يقول:
فان تسل عنك النفس أو تدع الهوى فباليأس تسلو النفس لا بالتجلد
6 و قيل انه نبشها بعد الدفن حتى شاهدها 7 و له أخبار كثيرة مخزية في الدعارة و اللهو أعرضنا عن ذكرها، هلك سنة ( ١٠۵ ه) .
____________
١ ) تأريخ ابن الأثير ۴ / ١۶١ .
٢ ) الانافة في مآثر الخلافة ١ / ١۴٢ .
٣ ) تأريخ ابن الأثير ۴ / ١۶١ .
۴ ) تأريخ ابن كثير ٩ / ٢٣٢ .
۵ ) العقد الفريد ٣ / ١٨٠ .
6 ) الطبقات الكبرى ۵ / ٩۵ .
7 ) تأريخ ابن الأثير ۴ / ١٩١ .
8 ) تأريخ ابن الأثير ۴ / ١٩١ .
9 ) مروج الذهب ٣ / ١٣٩ ، البدء و التأريخ ٣ / ۴٨ .
10 ) الانافة في مآثر الخلافة ١ / ١۴۶
يزيد بن عبد الملك:
- الزيارات: 516