• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

المبحث الرابع استنباط المعاني للآيات

الاستنباط كما قال ابن قيم الجوزية: استنباط المعاني و العلل و نسبة بعضها إلى بعض، فيعتبر ما يصح منها بصحة مثله و مشبهه و نظيره، و يلغى ما لا يصح، و الاستنباط كالاستخراج و معلوم أن ذلك قدر زائد على مجرد فهم اللفظ  ١ ، و هذا الاستنباط هو ما يسمى بالتأويل في معناه العام، و دعا به النبي (صلى الله عليه و آله) لابن عباس في قوله: اللهم فقهه في الدين و علمه التأويل  ٢ ، و قد أشار اليه بعض العلماء بقوله: التفسير بالمقتضي من معنى الكلام و المقتضب من قوة الشرع  ٣ ، غير أن الحديث عن الاستنباط أو التأويل بمعناه العام يجرنا إلى الحديث عن معنى التأويل و أنواعه و الفرق بينه و بين التفسير، و البحث في هذه المسألة ليس هنا محله، فلذلك نريد أن نقول:
إن استنباطات الإمام الباقر كثيرة لكثرة ما روي عنه في التفسير، فقد كان غواصا على المعاني، مقتنصا لشوارد المسائل، متلمسا وجه العلة و مناسبة الحكم و قد أورد له الشيخ الصدوق وحده في كتابه علل الشرائع أكثر من « ٩٣ » مسألة في علل الأحكام و توجيهاتها، و سنورد هنا بعض النماذج على ما قررناه.
 ١ -روى الطبرسي في تفسير قوله تعالى: وَ مَثَلُ اَلَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ اَلَّذِي يَنْعِقُ بِمٰا لاٰ يَسْمَعُ إِلاّٰ دُعٰاءً وَ نِدٰاءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لاٰ يَعْقِلُونَ  ۴ عن الإمام الباقر قال: أي مثلهم في دعائك إياهم إلى الإيمان كمثل الناعق في دعائه و المنعوق به من البهائم التي لا تفهم و إنما تسمع الدعاء  ۵ .
و عدّ الشيخ الطوسي هذا التفسير بأنه أكثر في باب الفائدة من أي وجه آخر من التفسير، و قد فسر به ابن عباس، و الحسن، و مجاهد، و قتادة، و اختاره عدد من العلماء كالفراء و الطبري و الرماني  6 .
 ٢ -روى العياشي بسنده عن جابر بن يزيد الجعفي في تفسير قوله تعالى:
وَ أْتُوا اَلْبُيُوتَ مِنْ أَبْوٰابِهٰا  7  قال: قال الإمام الباقر: يعني أن يأتي الأمر من وجهه، أي الأمور كان  8 .
و قد أورد الواحدي روايتين في سبب نزول هذه الآية  9 ، غير أن ما فسره الإمام الباقر كان هو معنى الآية الشريفة على نحو المعنى الكلي فيكون ما أورده الواحدي في نزولها من باب ذكر بعض المصاديق.
 ٣ -روى الطبرسي في تفسيره، في تفسير قوله تعالى: كٰانَ اَلنّٰاسُ أُمَّةً وٰاحِدَةً فَبَعَثَ اَللّٰهُ اَلنَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَ مُنْذِرِينَ  10 ، قال الإمام الباقر: كانوا قبل نوح أمة واحدة على فطرة اللّه لا مهتدين و لا ضلالا فبعث اللّه النبيين 11 .
و اختلف المفسرون في معنى الأمة المعنية بهذه الآية:
-فقال ابن عباس و قتادة: هم الذين كانوا بين عاد و نوح.
-و قال مجاهد: المراد بالآية آدم، فبعث النبيين إلى ولده، و غير ذلك من الأقوال  12 .
و تفسير الإمام الباقر لهذه الآية موافق للأمر التكويني لعدم تشعب الأفكار، بل كانوا على سذاجة الفطرة لا مهتدين بالهداية التشريعية و لا ضلالا بضلالة
الكفر، لعدم إتمام الحجة بالرسل و عدم حدوثها بعد، فلما بعث اللّه الرسل و أتم الحجة بهم اختلفوا و تفرقوا  13 .
 ۴ -روى الشيخ الصدوق في العلة التي من أجلها دعا نوح على قومه بسنده عن سدير الصيرفي قال: قلت لأبي جعفر (عليه السّلام) : أ رأيت نوحا (عليه السّلام) حين دعا على قومه فقال: رَبِّ لاٰ تَذَرْ عَلَى اَلْأَرْضِ مِنَ اَلْكٰافِرِينَ دَيّٰاراً* إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبٰادَكَ وَ لاٰ يَلِدُوا إِلاّٰ فٰاجِراً كَفّٰاراً 14 ، قال الإمام: علم أنه لا ينجو من بينهم أحد، قال: قلت: و كيف علم ذلك؟ قال: أوحى اللّه إليه أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلاّٰ مَنْ قَدْ آمَنَ 15 فعند هذا دعا عليهم بهذا الدعاء 16 .
 ۵ -سنورد هنا مثالا على طوله لنبين مدى استطاعة الإمام الباقر في استنباط المعاني للآيات القرآنية الكريمة، فقد روى محمد بن يعقوب الكليني بسنده عن حمران و زرارة ابني أعين و محمد بن مسلم الطائفي، في تفسير قوله تعالى: هُوَ اَلَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي اَلْأَرْحٰامِ كَيْفَ يَشٰاءُ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ اَلْعَزِيزُ اَلْحَكِيمُ  17 ، عن الإمام الباقر قال: إن اللّه إذا أراد أن يخلق النطفة التي هي مما أخذ عليه الميثاق من صلب آدم (عليه السّلام) أو مما يبدو له فيه و يجعلها في الرحم حرك الرجل للجماع و أوحى إلى الرحم أن افتحي بابك حتى يلج فيك خلقي و قضائي النافذ و قدري، فتفتح بابها، فتصل النطفة إلى الرحم فتردد فيه أربعين يوما ثم تصير علقة أربعين يوما ثم مضغة أربعين يوما ثم تصير لحما فيه عروق متشابكة، ثم يبعث اللّه ملكين خلاقين يخلقان في الأرحام ما يشاء اللّه، يقتحمان في بطن المرأة من فم المرأة، فيصلان إلى الرحم و فيها الروح القديمة في أصلاب الرجال و أرحام النساء فينفخان فيها روح الحياة و البقاء، و يشقان له السمع و البصر و الجوارح و جميع ما في البطن بإذن اللّه تعالى، ثم يوحي اللّه إلى الملكين، اكتبا عليه قضائي و قدري
و نافذ أمري و اشترطا لي البداء فيما تكتبان فيقولان، يا رب ما نكتب؟ فيوحي اللّه (عزّ و جلّ) إليهما: أن ارفعا رءوسكما إلى رأس أمه، فيرفعان رأسيهما فإذا اللوح يقرع جبهة أمه فينظران فيه فيجدان في اللوح صورته و زينته و أجله و ميثاقه سعيدا أو شقيا و جميع شأنه، فيملي أحدهما على صاحبه، فيكتبان جميع ما في اللوح و يشترطان البداء فيما يكتبان، ثم يختمان الكتاب و يجعلانه بين عينيه ثم يقيمانه قائما في بطن أمه، قال: فربما عتا فانقلب، و لا يكون ذلك إلا في كل عات أو ما رد و إذا بلغ أوان خروج الولد تاما أو غير تام أوحى اللّه للرحم أن افتحي بابك حتى يخرج خلقي إلى أرضي و ينفذ فيه أمري فقد بلغ أوان خروجه قال: فتفتح الرحم باب الولد فينقلب فتصير رجلاه فوق رأسه و رأسه في أسفل البطن ليسهل اللّه على المرأة و على الولد الخروج، فيبعث اللّه (عزّ و جلّ) ملكا يقال له زاجر فيزجره زجرة فيفزع منها الولد فإذا احتبس زجره الملك زجرة أخرى فيفزع منها فيسقط الولد إلى الأرض باكيا فزعا من الزجرة  18 .
في هذا الحديث يبين الإمام الباقر جملة وافرة من أسرار التكوين ببيان واضح جلي معتمدا على قوة استنباطه و غوصه على المعاني القرآنية من خلال الآيات، و الأمور التي ذكر فيها أسرارا معنوية و أسرارا تكوينية حقيقية لا تنافي الأسباب الطبيعية المعروفة، إذ يمكن أن يكون في شيء واحد أسباب جلية واضحة، و أسباب خفية معنوية لا يحيط بها إلا اللّه تعالى، و هما في الواقع يرجعان إلى منشأ واحد، و كل واحد منهما يكون من المقتضي لتحصيل المعلول، أو يكون كل واحد منهما علة تامة مترتبة كل سابقة علة للاحقتها، فيصير كل واحد علة تامة من جهة و مقتضيا من جهة أخرى.
و أما قوله (عليه السّلام) : النطفة التي مما أخذ اللّه عليها الميثاق، فهو مطابق تمام الانطباق للقانون العقلي و هو انبعاث المعلول عن علته، و لا ريب في أن جميع الموجودات خصوصا النطفة التي لا يريد أن يجعلها بشرا سويا أتم خلق اللّه و أهمه، و ارتباطه تكوينا مع اللّه ثابت و يصح أن يعبر عن هذا الارتباط بالميثاق، قال تعالى: وَ إِذْ أَخَذَ رَبُّكَ مِنْ بَنِي آدَمَ مِنْ ظُهُورِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَ أَشْهَدَهُمْ عَلىٰ أَنْفُسِهِمْ أَ لَسْتُ بِرَبِّكُمْ قٰالُوا بَلىٰ شَهِدْنٰا أَنْ تَقُولُوا يَوْمَ اَلْقِيٰامَةِ إِنّٰا كُنّٰا عَنْ هٰذٰا غٰافِلِينَ  19 .
 ۶ -روى علي بن إبراهيم في تفسيره، في تفسير قوله تعالى: شَهِدَ اَللّٰهُ أَنَّهُ لاٰ إِلٰهَ إِلاّٰ هُوَ وَ اَلْمَلاٰئِكَةُ وَ أُولُوا اَلْعِلْمِ قٰائِماً بِالْقِسْطِ  20 عن جابر بن يزيد الجعفي عن الإمام أبي جعفر الباقر قال: شهد اللّه أنه لا إله إلا هو، فإن اللّه تبارك و تعالى يشهد بها لنفسه و هو كما قال، فأما قوله (و الملائكة) فإنه أكرم الملائكة بالتسليم لربهم و صدقوا و شهدوا كما شهد لنفسه، و أما قوله تعالى (و أولي العلم قائما بالقسط) فإنّ أولي العلم الأولياء و الأوصياء، و هم قيام بالقسط، و القسط هو العدل  21 .
و بيان هذا الحديث الذي استطاع الإمام الباقر فيه أن يستنبط معناه من الآية الكريمة فهو إمّا جهة إكرام الملائكة لأنه تعالى ذكرهم بعد نفسه الأقدس، و إمّا التسليم لربهم فلا ريب في أن المجردات مطلقا خاضعة خضوعا تكوينيا للّه جل جلاله لذاته و لجميع صفاته خصوصا لوحدانيته تعالى، و أنه جلت عظمته يتجلى لهم بوحدانيته فتكون شهادة الملائكة بالتوحيد بتجليه تبارك و تعالى لهم بتلك الصفة، و لو لوحظ مراعاة الاصطلاح تكون شهادتهم من عين اليقين فضلا عن حق اليقين، و أما قوله (عليه السّلام) (و هم قيام بالقسط) فهو من ذكر المصدر من باب المبالغة في التعبير و الاختصاص للقيام بخصوص أولي العلم بل يشمل الملائكة أيضا  22 .
 ٧ -روى العياشي في تفسيره، في تفسير قوله تعالى: وَ لَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اَللّٰهِ تُحْشَرُونَ  23 عن زرارة بن أعين قال: سألت أبا جعفر عن قوله
تعالى: وَ لَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اَللّٰهِ تُحْشَرُونَ و قد قال تعالى كُلُّ نَفْسٍ ذٰائِقَةُ اَلْمَوْتِ  24 فقال أبو جعفر الباقر: قد فرق اللّه بينهما، ثم قال: أ كنت قاتل رجل لو قتل أخاك؟ قلت: نعم، قال: فلو مات موتا أ كنت قاتلا به أحدا؟ قلت:
لا، قال: أ لا ترى كيف فرق اللّه بينهما  25 .
و لا ريب في اختلاف أصناف الموت و أنواعه و لا ربط لأحد الأصناف و الأنواع بالآخر، فذات الموت شيء و القتل شيء آخر و إن كان الأخير سببا له، و هو-أي الإمام الباقر-يبين منشأ الخلاف و السائل تمسك بذكر جنس الموت كما في قوله تعالى: كُلُّ نَفْسٍ ذٰائِقَةُ اَلْمَوْتِ  26 .
و للإمام الباقر استنباطات كثيرة و خاصة في الأحكام الفقهية و غيرها تدل على عمق فهمه، و حسن استنباطه، و في أكثرها إجابة لتساؤلات من أصحابه و تلامذته أو من عامة الناس، فقد كان يرجع إليه الكثير من العلماء في مثل تلك الاستنباطات.
و أخيرا: إن المتتبع لأقواله و آرائه في التفسير يجد غوصه في المعاني و استنباطه الأحكام واضحا جليا، فهو يعلل و يقارن و يوجه و يستنبط من الآية ما تشير إليه من معان قد لا تدرك بسهولة و يسر إلا للمتبحرين من العلماء، و كيف لا يتأتى ذلك للإمام أبي جعفر الباقر و هو الذي لقب بباقر علوم الأولين و الآخرين و قد تحصل إجماع العلماء على ذلك.
_____________
 ١ ) اعلام الموقعين، ابن القيم، ١ / ٢٢۵ +التبيان في أقسام القرآن، ١۴۴ .
 ٢ ) مسند الإمام أحمد، شرح أحمد محمد شاكر، ۴ / ١٢٧ .
 ٣ ) البرهان في علوم القرآن، الزركشي، ١ / ١۶٠ +الاتقان، السيوطي، ٢ / ١٢٨ .
 ۴ ) البقرة/ ١٧١ .
 ۵ ) مجمع البيان، الطبرسي، ١ / ٢۵۵ +مواهب الرحمن، السبزواري، ٢ / ٣٢۶ .
 6 ) التبيان في تفسير القرآن، الشيخ الطوسي، ٢ / ٧٧ .
 7 ) البقرة/ ١٨٩ .
 8 ) تفسير العياشي، ١ / ٨۶ +تفسير القرآن، القمي، ١ / ١٩٠ +الصافي في تفسير القرآن، الفيض الكاشاني، ١ / ١٧١ .
9 ) أسباب النزول، الواحدي، ٣٩ - ۴٠ .
 10 ) البقرة/ ٢١٣ .
 11) مجمع البيان، الطبرسي، ٢ / ٣٠٧ .
 12 ) ظ: التبيان في تفسير القرآن، الشيخ الطوسي، ٢ / ١٩٧ .
 13 ) ظ: مواهب الرحمن، السبزواري، ٣ / ٢٩٠ .
 14 ) نوح/ ٢۶ - ٢٧ .
 15 ) هود/ ٣۶ .
 16 ) علل الشرائع، الشيخ الصدوق، ١ / ٣١ .
 17 ) آل عمران/ ۶ .
 18 ) الشافي في أصول الكافي، الشيخ عبد الحسين المظفر، ١ / ٣۴ .
 19 ) الأعراف/ ١٧٢ .
 20 ) آل عمران/ ١٨ .
 21 ) تفسير القرآن، القمي، ١ / ٢٧٣ +تفسير العياشي، ١ / ١۶۵ - ١۶۶ +الصافي في تفسير القرآن، الفيض الكاشاني، ١ / ٢۵٠ .
 22 ) ظ: مواهب الرحمن، السبزواري، ۵ / ١٨٢ .
 23 ) آل عمران/ ١۵٨ .
 24 ) آل عمران/ ١٨۵ .
 25 ) تفسير العياشي، ١ / ٢٠٢ +تفسير القرآن، ١ / ٣٢٣ +بحار الأنوار، المجلسي، ٩ / ٧٠ .
 26 ) ظ: المواهب الرحمن، السبزواري، ۶ / ٢٣۵ - ٢٣۶ .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page