• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

( تايف بن جرمان الهذلي . السعودية . سنّي ) أدلّته من الكتاب والسنّة

السؤال : فرض الله خمس صلوات على المسلمين ، وأراد تبارك وتعالى : إتيان الصلاة في وقتها ، هل تصلّون الخمس صلوات في أوقاتها ؟ ولكم جزيل الشكر ، وبحفظ الله .
الجواب : إنّ الشيعة الإمامية ينفردون تطبيقيّاً في الجمع بين الصلاتين ، ويذهبون إلى جوازه مطلقاً بلا خلاف بينهم ، بل الجمع عندهم من البديهيات ، وهم يعملون به في جميع الآفاق ، تابعين في ذلك أئمّتهم (عليهم السلام) ، الذي نهجوا نهج رسول الله (صلى الله عليه وآله)، ولذا لا تجد لهذه المسألة عنواناً في فقههم ـ مع أنّه موجود في أخبارهم ـ بينما على العكس من ذلك في فقه غيرهم .
فلقد جوّز مالك والشافعيّ وأحمد الجمع بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء في السفر والمطر و ... على تفصيل عندهم ، في حين منع أبو حنيفة ذلك !!
وممّا اتفق عليه الفريقان ـ شيعة وسنّة ـ هو الجمع بين الظهر والعصر في عرفة ، وبين المغرب والعشاء في المزدلفة ؟ والدليل على صحّة ما يذهب إليه الإمامية هو القرآن الكريم ، والسنّة النبويّة المطهّرة ، التي ترويها كتب الجمهور !
مواقيت الصلاة في القرآن :
1ـ قوله تعالى : { أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُودًا } (1) يقول الفخر الرازيّ ـ وهو أحد أعلام المفسّرين من أهل السنّة ـ : ( فإن فسّرنا الغسق بظهور أوّل الظلمة ، كان الغسق عبارة عن أوّل المغرب ، وعلى هذا التقدير يكون المذكور في الآية ثلاثة أوقات ، وقت الزوال ، ووقت أوّل المغرب ، ووقت الفجر .
وهذا يقتضي أن يكون الزوال وقتاً للظهر والعصر ، فيكون هذا الوقت مشتركاً بين هاتين الصلاتين ، وأن يكون أوّل المغرب وقتاً للمغرب والعشاء ، فيكون هذا الوقت مشتركاً أيضاً بين هاتين الصلاتين ، فهذا يقتضي جواز الجمع بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء مطلقاً .
إلاّ أنّه دلّ الدليل على أنّ الجمع في الحضر من غير عذر لا يجوز ، فوجب أن يكون الجمع جائزاً بعذر السفر وعذر المطر وغيره ) (2) .
وعلى عادته في عدم استغلال النتائج ، وتنكّره لصحّتها ، مع كامل اعترافه الصريح بدلالة الآية على جواز الجمع ، يفضّل الرازيّ التشبّث ببعض الروايات الملائمة لأهوائه !
كما أيّد البغداديّ هذا الأمر بقوله : ( والحمل على الزوال أولى القولين : لكثرة القائلين به ، وإذا حملناه عليه كانت الآية جامعة لمواقيت الصلاة كلّها، فدلوك الشمس يتناول صلاة الظهر والعصر ، { إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ } أي ظهور ظلمته ، وقال ابن عباس : بدو الليل ، وهذا يتناول المغرب والعشاء ، { وَقُرْآنَ الْفَجْرِ } يعني صلاة الفجر ) (3) .
2ـ قوله تعالى : { وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِّنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّـيِّئَاتِ } (4) .
يقول القرطبيّ في تفسير هذه الآية : ( لم يختلف أحد من أهل التأويل في أنّ الصلاة في هذه الآية يراد بها الصلوات المفروضة ... قوله تعالى : { طَرَفَيِ النَّهَارِ } قال مجاهد : الطرف الأوّل صلاة الصبح ، والطرف الثاني صلاة الظهر والعصر ، واختاره ابن عطية ... والزلف المغرب والعشاء ... ) (5) .
وفي تفسير القرآن العظيم عن مجاهد في قوله تعالى : { وَأَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ ... } قال : ( هي الصبح في أوّل النهار ، والظهر والعصر مرة أُخرى ....
وقال الحسن في رواية ابن المبارك عن مبارك بن فضالة عنه : وزلفاً من الليل يعني المغرب والعشاء ، قال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : هما زلفا الليل ، المغرب والعشاء ...، وكذا قال مجاهد ومحمّد بن كعب وقتادة والضحّاك : أنّها صلاة المغرب والعشاء ) (6) .
فهذه الآيات ، وأقوال المفسّرين قد دلّت بصراحة على أنّ أوقات الصلاة ثلاثة ، وهذا يعني أنّ جمع الصلاة عند الشيعة الإمامية موافق للأصل .
جمع النبيّ (صلى الله عليه وآله) للصلاة :
ولقد جمع النبيّ (صلى الله عليه وآله) بين صلاتي الظهر والعصر ، وبين صلاتي المغرب والعشاء في المدينة ـ أي أنّه كان حاضراً وغير مسافر ـ ولم يكن هناك عارض من مطر أو مرض أو ... وقد أقرّت بذلك كتب أهل السنّة .
فقد أخرج مسلم عن ابن عباس قال : ( صلّى رسول الله (صلى الله عليه وآله) الظهر والعصر جميعاً ، والمغرب والعشاء في غير خوف ولا سفر ) (7) .
وأيضاً عن ابن عباس قال : ( إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) صلّى بالمدينة سبعاً وثمانياً ، الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء ) (8) .
وعن عبد الله بن شقيق قال : ( خطبنا ابن عباس يوماً بعد العصر حتّى غربت الشمس وبدت النجوم ، وجعل الناس يقولون : الصلاة الصلاة ، قال : فجاءه رجل من بني تميم لا يفتر ولا ينثني ، الصلاة الصلاة .
فقال ابن عباس : أتعلّمني بالسنّة لا أُمّ لك ؟! ثمّ قال : رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) جمع بين الظهر والعصر ، والمغرب والعشاء .
قال عبد الله ابن شقيق : فحاك في صدري من ذلك شيء ، فأتيت أبا هريرة فسألته ، فصدّق مقالته ) (9) .
وعن معاذ بن جبل قال : ( جمع رسول الله (صلى الله عليه وآله) في غزوة تبوك بين الظهر والعصر ، وبين المغرب والعشاء ، قال : فقلت : ما حمله على ذلك ؟ فقال : أراد أن لا يحرج أُمّـتـه ) (10) .
وأخرج البخاريّ بسنده عن أبي أمامه قوله : ( صلينا مع عمر بن عبد العزيز الظهر ، ثمّ خرجنا حتّى دخلنا على أنس بن مالك ، فوجدناه يصلّي العصر ! فقلت : يا عم ! ما هذه الصلاة التي صلّيت ؟ قال : العصر ، وهذه صلاة رسول الله (صلى الله عليه وآله) التي كنّا نصلّي معه ) (11) .
وكذا اخرج مالك في موطّئه عن ابن عباس : ( صلّى رسول الله (صلى الله عليه وآله) الظهر والعصر جميعاً ، والمغرب والعشاء جميعاً ، في غير خوف ولا سفر ) (12) .
كما أخرج أحمد في مسنده عن ابن عباس أنّه قال : ( صلّى رسول الله (صلى الله عليه وآله) في المدينة مقيماً غير مسافر سبعاً وثمانياً ) (13) .
ومصادر أُخرى ذكرت جمع النبيّ (صلى الله عليه وآله) لصلاتي الظهر والعصر ، وصلاتي المغرب والعشاء ، من غير اضطرار (14) .
وبالجملة : فإنّ علماء الجمهور ـ القائلين بجواز الجمع وغير القائلين به ـ متّفقون على صحّة هذه الأحاديث وظهورها ، وتعليقاتهم خير دليل على ذلك ! وحسبك ما نقله النوويّ في شرحه لصحيح مسلم ، والزرقانيّ في شرحه لموطّأ مالك ، والعسقلانيّ والقسطلانيّ ، وزكريا الأنصاريّ في شروحهم لصحيح البخاريّ ، وسائر من علّق على أيّ كتاب من كتب السنن المشتمل على أحاديث عبد الله بن عباس في الجمع بين الصلاتين .
علّة الجمع :
ولقد كانت الأحاديث التي روتها الصحاح ، كحديث ابن عباس : أراد أن لا يحرج أحداً من أُمّته ، وحديث معاذ بن جبل : أراد أن لا يحرج أُمّته ، صريحة في بيان العلة ، فجمع النبيّ (صلى الله عليه وآله) بين صلاتي الظهرين وصلاتي العشائين ، هو للتوسعة على الأُمّة ، وعدم إحراجها بالتزام التفريق ، رأفة بأهل المشاغل ـ وهم أغلب الناس ـ لأنّ التفريق لا يتيسّر لكلّ أحد ، وعدم اليسر لا يجتمع مع سهولة الشريعة وسماحتها ، إذ إنّ التزام التفريق بين الصلوات قد يجعل البعض متوجّهاً للصلاة على مضض ! أو تركها أصلاً !
ولقد جرت حكمة الله تعالى بتشريع الجمع على لسان نبيّه (صلى الله عليه وآله) ، ومن خلال فعله المبارك ، فلماذا ينكر المخالفون أمر الله وسنّة رسوله
(صلى الله عليه وآله) ؟! ولماذا يتأوّلون هذا التشريع ويتركون غيره ؟!
فالجمع ميسور لكلّ إنسان ، ولا يتنافى مع الشرع الصحيح ، ويقبله العقل والذوق السليم ، فهو يتماشى مع القرآن ، ويهتدي بالسنّة .
ولقد اتفقت مرويّات أهل البيت (عليهم السلام) مع الآيات المباركة التي ذكرت في مورد الاستدلال ، ومع الأحاديث الشريفة التي رويت عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) .
فقد ورد عن الإمام الصادق (عليه السلام) أنّه قال : ( إنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) جمع بين الظهر والعصر بأذان وإقامتين ، وجمع بين المغرب والعشاء في الحضر من غير علّة بأذان وإقامتين ) (15) .
هذا بالإضافة إلى أحاديث كثيرة مروية عن أهل البيت النبويّ الطاهر بهذا الخصوص .


____________
1- الإسراء : 78 .
2- التفسير الكبير 5 / 384 .
3- تفسير الخازن 3 / 140 .
4- هود : 114 .
5- الجامع لأحكام القرآن 9 / 109 .
6- تفسير القرآن العظيم 2 / 478 .
7- صحيح مسلم 2 / 151 .
8- المصدر السابق 2 / 152 .
9- صحيح مسلم 2 / 153 ، مسند أحمد 1 / 251 ، السنن الكبرى للبيهقيّ 3 / 168 ، تحفة الأحوذيّ 1 / 475 ، مسند أبي داود : 355 ، المعجم الكبير 12 / 162 ، تهذيب الكمال 9 / 303 .
10- صحيح مسلم 1 / 284 ، الجامع الكبير 2 / 33 ، السنن الكبرى للبيهقيّ 3 / 162 ، المصنّف لابن أبي شيبة 2 / 344 و 8 / 373 ، المعجم الأوسط 6 / 267 ، المعجم الكبير 20 / 58، كنز العمّال 8 / 247، علل الدارقطنيّ 6 / 43 ، سبل الهدى والرشاد 8 / 235 .
1- صحيح البخاريّ 1 / 138 .
12- الموطّأ 1 / 144 .
13- مسند أحمد 1 / 221 .
14- سنن أبي داود 1 / 271 ، سنن النسائيّ 1 / 286 ، السنن الكبرى للنسائيّ 1 / 491 .
15- من لا يحضره الفقيه 1 / 278 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page