• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

( سامي العبسي . البحرين . سنّي ) تعليق على الجواب السابق وجوابه

السؤال : هناك تعليق عمّا قرأته عن رؤية الله تعالى المستحيلة عندكم :
أوّلاً : في النقاط التي استدللتم بها عن عدم إمكانية رؤية الله في الدار الآخرة .
1ـ ما معنى قوله تعالى : { وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } (1) ، ما المراد بالنظر هنا ؟
2ـ قولكم : إنّ الرؤية لا تتحقّق إلاّ بانعكاس الأشعة من المرئي ... قوله تعالى: { إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ } (2) ، هل كانت الرؤيا هنا بانعكاس الأشعة ؟
3ـ قولكم : إنّ الرؤية إنّما تقع على الذات كلّها أو بعضها ... قال الرسول متحدثاً عن الجنّة : ( فيها ما لا عين رأت ، ولا أُذن سمعت ، ولا خطر على قلب بشر ) ، فهل تقولون لما لا تستطيع عقولكم أن تتخيّله هو مستحيل الوقوع ؟ وجزى الله خيراً من تعلّم العلم واتبع أحسنه .
الجواب : إنّ موضوع عدم إمكانية رؤية الله تعالى لا يخالجه شكّ ، فلابأس الانتباه للنقاط التالية :
1ـ إنّ الأدلّة العقليّة القائمة في المقام ، لا ينبغي المناقشة فيها ، إذ القاعدة العلميّة في هذه الأدلّة أن تناقش بوجوه علميّة وعقلية لا بأمثلة قابلة للتأويل .
وبيانه : أنّ الرؤية المادّية تستلزم لا محالة تحديد المرئي ، وهذا يتطلّب تمييز المورد المشاهد بالعيان ، والتمييز يترادف مع إفراز المرئي والمشاهد في الخارج ، وهذا هو الجسمية بعينها ، وهو مردود عقلاً ونقلاً ، إذ فيه التزام بافتقار الجسم إلى مكان وزمان { سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ } (1) .
فحذراً من هذه الملازمات الباطلة ، يجب علينا الاعتقاد بعدم إمكانية رؤيته جلّ وعلا .
2ـ إنّ الآية التي ذكرتها لم تصرّح بالرؤية المادّية ، بل هي قابلة للتأويل من حيث احتمال النظر إلى آلاء الله تبارك وتعالى ، أو ثوابه وما شابه ذلك ، وبما أنّ الأدلّة العقلية الدالّة على استحالة طروّ المواصفات المادّية على الباري عزّ وجلّ هي أدلّة ثابتة ومسلّمة ، فيجب صرف ظهور معنى الرؤية في الآية ، إلى المعاني التي لا تنافي تلك الأدلّة العقلية ، من رؤية أمر الله ، أو نعمه أو عظمته ، وأمثال ذلك .
وهذا التفسير والتأويل متّفق عليه عند الشيعة ، وعليه علماء المعتزلة من أهل السنّة .
والغريب في المقام ما صدر عن البعض ـ كالرازيّ والقرطبيّ ـ عند تفسيرهم الآية : { وَجَاء رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا } (1) ، إذ يأتون بأدلّة متعدّدة على استحالة مجيء الربّ عزّ وجلّ يوم القيامة بنفسه وهيكله ، لامتناع الجسمية والتحوّل والتحرّك وغيرها عليه ، وفي نفس الوقت يؤيّدون رؤيته تعالى يوم القيامة ، بآية : { إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ } (2) ، اعتماداً على روايات مردودة سنداً أو دلالةً ، أليس هذا تهافتاً واضحاً في كلام هؤلاء ؟
3ـ وأمّا بالنسبة لآية { إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ } ، فإنّها لم تعبّر عن الرؤية المادّية المحسوسة في اليقظة ـ والكلام في هذا الفرض ـ والشاهد على ما نقول هو : { فَانظُرْ مَاذَا تَرَى } (3) ، إذ ليس المقصود النظرة والرؤية بالعين ، بل بمعنى إبداء الرأي في الموضوع .
وبعبارة واضحة : أنّ إبراهيم (عليه السلام) كان يريد أن يذكر لابنه إسماعيل (عليه السلام) بنزول الوحي في المنام بذبحه ، والدليل الواضح جواب إسماعيل : { قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ } (4) ، فإنّه يدلّ على ورود الوحي ، ولو في الرؤيا .
وعلى كلّ ، فإنّ الكلام في امتناع رؤية الله عزّ وجلّ بالرؤية البصرية ، والآية لا تدلّ على إمكانية الرؤية المذكورة بدون انعكاس الضوء وتمييز المرئي .
4ـ ليس هناك أيّ تناقض بين لزوم وقوع الرؤية بالبصر على المرئي كلّه أو بعضه ، وتشخيصه وتمييزه عمّا سواه ، وبين الرواية التي ذكرت فيها صفة الجنّة بأنّ ( فيها ما لا عين رأت ... ) ، فإنّ الحديث يذكر عظمة أنعم الله تعالى في الجنّة ، بأنّ فيها نعم ظاهرة وباطنة لم تراها أعين البشر في الدنيا ، فأين هذا من جواز رؤية الله عزّ وجلّ في الآخرة ؟!
هذا ، وإن كان مقصودك في هذه الفقرة ، من أنّنا نحكم باستحالة ما لا تستوعبه عقولنا ، فهذا خطأ واضح ، وقد خلط عليك الأمر ، بل إنّنا ـ وبمعونة العقل والشرع ـ نحكم باستحالة وامتناع الرؤية المادّية ، والمشاهدة بالعيان بالنسبة لله عزّ وجلّ مطلقاً ، لملازمتها التوالي الفاسدة والباطلة من الجسمية والتمييز و ...
أي أنّ لنا دليلاً على عدم إمكان الرؤية ، لا أنّنا حكمنا في المقام لعدم الظفر بأدلّة الرؤية حتّى تأتينا ـ مثلاً ـ بأحاديث الرؤية .
فالموضوع دقيق وخطير ، ويحتاج إلى تأمّل منك ، حتّى تتجلّى لك الحقيقة بصورة واضحة ، فإنّ الأحكام العقلية البحتة غير قابلة للمناقشة ، وإلاّ لبطلت كافّة الأدلّة العقلية والنقلية ، فمثلاً هل تناقش الذي حكم ( 1 + 1 = 2 ) بأنّه يمكن أن يكون الجواب ( 3 ) ، حتّى ولو لم يستوعبه عقلك ؟!
إذ يردّك بأنّ الدليل قائم على المسألة بما لا ريب فيه ، فمن أين أتيت بحكم يخالف العقل ؟ أليس هذا أيضاً حكماً عقلياً ؟ فأين تذهبون .
وبالجملة : فالقاعدة العامّة أن نحكم بعدم إمكان رؤيته تعالى في الدنيا والآخرة ، لا لعدم وجود الدليل على الرؤية ، بل لقيام الدليل على استحالتها وامتناعها .


___________
1- القيامة : 22 ـ 23 .
2- الصافّات : 102 .
3- الأنعام : 100 .
4- الفجر : 22 .
5- القيامة : 23 .
6- الصافّات : 102 .
7- الصافّات : 102 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page