السؤال : هل صحيح أنّه يستحبّ الترضي للصحابة ، ولا يصحّ أن يقال بعد ذكر اسم الإمام علي بقول (عليه السلام) أو (كرّم الله وجهه) ، والصحيح أن يقال : (رضي الله عنه) .
الجواب : هذه دعوى بلا دليل ، إذ إنّ من الصحابة :
1ـ يسار بن سبع ـ المعروف بأبي الغادية الجهني ـ وهو من الصحابة بإجماع أهل السنّة ، وهو قاتل عمّار بن ياسر (رضي الله عنه) ، وقد صحّ عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) قولـه
: " قاتل عمّار وسالبه في النار " (1) ، فهذا الشخص في النار بشهادة النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، كما اعترف شيخ الوهّابية ناصر الدين الألباني ، فكيف ترضى على أهل النار ؟!
2ـ مسلم بن عقبة المري ، ذكره ابن عساكر وابن حجر من الصحابة (2) ، وهو الذي غزا المدينة ، واستباح بنات الصحابة والتابعين ، وقد صحّ عن النبيّ(صلى الله عليه وآله) قولـه : " من آذى أهل المدينة آذاه الله ، وعليه لعنة الله والملائكة " (3)، واعترف النووي بأنّه من أهل النار ، فكيف تترضى عليه ؟!
3ـ بسر بن أرطاة ، قد أوقع بأهل المدينة ومكّة أفعال قبيحة ، وآذى الصحابة ، وارتكب الأُمور العظام منها ما نقله أهل الأخبار والحديث : من ذبحه عبد الرحمن وقثم ابني عبيد الله بن العباس بن عبد المطلب ، وهما صغيران بين يدي أُمّهما ، وكان معاوية سيّره إلى الحجاز واليمن ليقتل شيعة علي ، ويأخذ البيعة لـه ، فسار إلى المدينة ففعل بها أفعالاً شنيعة ، وسار إلى اليمن ففعل فيها كذلك .
وقال الدارقطني : " بسر بن أرطاة لـه صحبة ، ولم تكن لـه استقامة بعد النبيّ(صلى الله عليه وآله)، ... ودخل المدينة فهرب منه كثير من أهلها ... ، وقتل فيها كثيراً ، وأغار على همدان باليمن ، وسبى نساءهم ، فكنّ أوّل مسلمات سُبين في الإسلام " (4) .
فكيف ترضى على القتلة المستبيحين للنفس المحرّمة ، وللزنا ؟!
4ـ معاوية بن خديج أو حديج ، ذكروا في ترجمته أنّه كان صحابياً ، وكان من أسبّ الناس لعلي (عليه السلام) ، وقد صحّ عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) قولـه : " من سبّ علياً فقد سبّني " (5) ، فكيف تترضى على رجل يسبّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ؟
5ـ المغيرة بن شعبة ، ولي لمعاوية الكوفة ، وكان ينال من علي (عليه السلام) ، ولم يكتفِ بذلك ، بل أمر الولاة بالنيل منه ، وقد صحّ عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) قولـه : " ولا يحبّه إلاّ مؤمن ، ولا يبغضه إلاّ منافق " (6) ، فكيف تترضى على المنافقين ؟!
6ـ مروان بن الحكم ، كان يسبّ علياً (عليه السلام) ، فكيف تترضى عليه ؟!
7ـ معاوية بن أبي سفيان ، كان يسبّ علياً ، ويأمر الولاة بسبّه ، فكيف تترضى عليه ؟!
8ـ طليحة بن خويلد ، ارتدّ بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله) وادّعى النبوّة (7) ، وقتل هو وأخوه بعض الصحابة ، فكيف تترضى عليه ؟!
9ـ عمرو بن العاص ، قد ورد بإسناد صحيح أنّ الإمام الحسن (عليه السلام) شهد بأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) لعنه ، وقد كان يسبّ علياً (عليه السلام) ، فكيف تترضى على من لعنه النبيّ(صلى الله عليه وآله) ؟!
هذه غيض من فيض الصحابة ، الذين يطهر اللسان عن ذكرهم فضلاً عن الترضّي عليهم ، فبأيّ حقّ يقال باستحباب الترضّي على جميع الصحابة ، روايات أُموية أظهرت لنا عموم الصحابة بمظهر ملائكي !!
وماذا يفعل لحديث الحوض المتواتر والمروي في صحيح مسلم والبخاري ، والذي فيه ارتداد الصحابة ، ولا يبقى منهم بدون ردّة إلاّ مثل همل النعم ، أي القليل جدّاً ؟!
وليس بعيد على الدين الأموي أن يترضّى حتّى على إبليس وحزبه ، ويخالف صريح القرآن ، كالغزّالي الذي يمنع من لعن يزيد ، بل وحتّى الكافر إذا لم يتيقّن من موته على الكفر ، ويقول : ولا خطر في السكوت عن لعن إبليس (8) !! أي لعن إبليس لعلّه فيه خطر ، لكن ترك لعنه لا خطر فيه !!
____________
1- المستدرك 3 / 387 ، مجمع الزوائد 7 / 244 و 9 / 297 ، الآحاد والمثاني 2 / 102 ، الجامع الصغير 2 / 233 ، تاريخ مدينة دمشق 43 / 474 .
2- تاريخ مدينة دمشق 58 / 102 ، الإصابة 6 / 232 .
3- مجمع الزوائد 3 / 307 ، الجامع الصغير 2 / 547 ، كنز العمّال 12 / 237 ، فيض القدير 6 / 25 .
4- أُسد الغابة 1 / 180 ، تهذيب 4 / 62 .
5- مسند أحمد 6 / 323 ، ذخائر العقبى : 66 ، المستدرك على الصحيحين 3 / 121 ، السنن الكبرى للنسائي 5 / 133 ، خصائص أمير المؤمنين : 99 ، نظم درر السمطين : 105 ، الجامع الصغير 2 / 608 ، كنز العمّال 11 / 573 و 602 ، تاريخ مدينة دمشق 14 / 132 و 30 / 179 و 42 / 266 و 533 ، البداية والنهاية 7 / 391 ، سبل الهدى والرشاد 11 / 250 و 294 ، ينابيع المودّة 1 / 152 و 2 / 102 و 156 و 274 و 395 ، جواهر المطالب 1 / 65 .
6- شرح نهج البلاغة 8 / 119 و 9 / 172 و 18 / 24 ، كنز العمّال 14 / 81 ، تاريخ مدينة دمشق 12 / 398 و 42 / 134 و 279 ، تهذيب التهذيب 8 / 411 ، جواهر المطالب 1 / 250 ، ينابيع المودّة 2 / 179 و 492 .
7- السنن الكبرى للبيهقي 8 / 175 ، فتح الباري 13 / 180 ، كنز العمّال 14 / 551 ، الثقات 2 / 167 و 3 / 321 ، تاريخ مدينة دمشق 25 / 149 .
8- إحياء علوم الدين 3 / 186 .
( فراس العبدواني . ... . ... ) لا يصحّ الترضي على جميعهم
- الزيارات: 454