السؤال : ما هو عالم الذرّ ؟ وكيف يؤثّر هذا العالم على شخصيتنا ومستقبلنا ؟
الجواب : المستفاد من النصوص أنّ عالم الذرّ هو عالم الميثاق وأخذ العهود ، أي أنّ العنصر البشري قد مرّ بمرحلة خاصّة في تكوينه ، تسمّى عالم الذرّ ، أودع الله سبحانه فيه قدرة كامنة في وجوده ، يمكنه من التطلّع على الحقّ ، والانجذاب نحوه ، وهي ما تسمّى بالفطرة .
وبهذه الميزة الفريدة يميل الإنسان في عالم الدنيا إلى التقرّب من المُثل العليا ، والكمال المطلق ، ومن ثمّ معرفة التوحيد ، وبعض أركان العقيدة الصحيحة .
وعليه ، فالفطرة الإنسانية هي القدرة المودعة في عالم الذرّ ، من قبل الباري تعالى لتيسير معرفته في عالم الدنيا ؛ فالإنسان كما أُعطي العقل للوصول إلى الحقيقة ، وكذلك أودع فيه الفطرة ، وهي التي تحثّه نحو الخيرات ، وتأمره بإتباع الحقّ .
وممّا ذكرنا يظهر : أنّ عالم الذرّ عالم تكويني لا تشريعي ، فلا تكليف فيه ـ كما يتوهّمه البعض ـ وحكمة وجود هذا العالم هي من أجل معونة الإنسان لمعرفة الله عزّ وجلّ ، وبعض المعتقدات الأساسية والقيم الأخلاقية .
وأمّا تأثير هذا العالم على الوجود البشري فهو واضح ممّا قلنا ، فكُلّ ما كان من ميزة وجودية مكنوّنة في عمق الضمير الإنساني ، والذي يدعوه نحو المبدأ الأعلى وما يتعلّق به ، ويصرف نظره عن الوقوع في متاهات المادّة ، فهو حصيلة ذلك العالم الذي تمثّله الفطرة السليمة .
ومجمل القول : أنّ الله تعالى قد جعل لهداية الإنسان ثلاث طرق : الرسل (عليهم السلام) ، والعقل ، والفطرة ، ومنشأ هذه الفطرة هو عالم الذرّ .
فالنتيجة : يجب علينا في هذه الدنيا إتباع هذه الفطرة ، حتّى تتمّ بها حكمة الهداية في الخلق ، وفي عكس هذه الحالة ، فسوف يكون الوجود الإنساني ناقصاً من حيث السير نحو الكمال .
( علي . ... . ... ) تأثيره في وجود الإنسان
- الزيارات: 364