• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

( عبد الله . ... . ... ) اعتراضاته

السؤال : تحية طيّبة وبعد ، أنا من الذين يتعرّضون لبعض المواجهات مع بعض الأشخاص من العامّة والوهّابية ، وحيث إنّه يوجّهون بعض الإشكالات على مذهب الحقّ ، ورغبتنا منّا في الحصول على الردّ المناسب وعدم الرد المتسرّع ، أوجّه لكم هذه الرسالة من أحد أهل السنّة ، والتي سوف أكون شاكراً لكم ، لو حصلت على الردّ المناسب على هذه الرسالة .
أمّا أنّ عمر ابن الخطّاب اعترض على أمر الرسول (صلى الله عليه وآله) في حياته ، فاعلم أنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) لـه أمران : أمر في شؤون الدين والتشريع ، فلا يسع أحداً أن يشاور فيها ، ولا يقدّم بين يدي الله ورسوله ، وأمر في شؤون الحياة ، وهو الذي تطبّق فيه الشورى .
في غزوة بدر نزل الرسول (صلى الله عليه وآله) بالصحابة في مكان ، وأشار الحباب بن المنذر بمكان أخر فاختير مكان الحباب .
في غزوة أُحد كان رأي الرسول(صلى الله عليه وآله) المكوث في المدينة ، وكان رأي شباب الصحابة الخروج ، وكان الخروج ... .
هنا يقول : أنّه لم يصدر أيّ حديث بذمّ عمر بن الخطّاب من الرسول (صلى الله عليه وآله) ، ولا أيّ قول أثر عن علي بن أبي طالب يذمّ فيه عمراً ، إذا كان لديك قول ممّا سبق فإلينا به .
ثالثاً : إذا حكمت بعدم عدالة عمر ، فهذا يعني أنّه ليس بكفؤ للزواج من بنت علي بن أبي طالب ، فلماذا زوجّه إذن ؟ إن قلت : بسبب التهديد ، فهذا قول مردود ، لأنّه لا اعتقد أنّ الفارس يرضخ لتهديد عمر ، الذي ذكرتم في جبنه الأقاويل .
وإن قلت : بسبب التهديد ، فكيف يحلّ لمعصوم أن يتنازل عن أمر فاضل إلى مفضول تحت التهديد ، وهو المعصوم من الله عصمتين ، عصمة من الخطأ في أمر الدين ، وعصمة من أن يقتله أحد من البشر ، قال تعالى : { وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى } (1) ، وقال تعالى : { وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ } (2) .
فإن أسقطت هاتين العصمتين على الإمام علي بن أبي طالب ، فهذا يتنافى تماماً مع رضوخه للتهديد ، وإن لم تسقطها عليه ، فهذا يناقض عقيدة العصمة عندكم ، وإن قلت بالأُولى دون الثانية ، فهذا يعني أنّ كلام الإمام هو وحي من الله ، فهل أنت تقول بهذا القول ؟ وإن قلت بالثانية دون الأُولى ، فالإمام علي مات شهيداً مقتولاً .
إن قلت : إنّ الرسول (صلى الله عليه وآله) زوّج ابنته بأحد المشركين قبل الهجرة ، فأقول لك : إنّ ذلك قبل اكتمال شرائع الدين ، ولكن بعد اكتمال شرائع الدين لا يحلّ ذلك ، وإن قلت : إنّ الإمام زوّج عمر عن رضى منه ، فهذا يعني كفاءة وعدالة عمر ، وهو عكس ما أنت عليه الآن .
وإن قلت بالقول الشائع ، إنّه هناك ملابسات خاصّة ، فعليك بذكر تلك الملابسات .
وإن قلت : إنّ الإمام زوّجها خطأً ، فذلك ينافي العصمة ، وهل صحيح أنّه هناك من اجتهد مقابل قول الرسول في حياته ، ولم يصدر من الرسول أيّ شيء حيال هذا الاجتهاد ؟
انتظر الردّ بفارغ الصبر ، وأرجو أن يكون سريعاً .
الجواب : يمكنكم أن تبعثوا بهذه الرسالة إلى من ذكر لكم هذه الإشكالات لتكون جواباً على استفساراته :
أودّ في البداية أن الفت انتباهكم إلى أنّ المشكلة تكمن في أنّكم في مقام الاستشهاد والاستدلال تحاولون التمسّك بالأخبار والتاريخ الوارد في كتبكم ، وتجعلون ذلك حجّة علينا ، أمّا حينما تصل النوبة إلينا فلا حقَّ لنا أن نستشهد بما ورد في كتبنا ، فلماذا باؤكم تجرُّ دون بائنا ؟ وهل هذا من العدل والإنصاف ؟!
وعلى أيّ حال ما أشرتم إليه أوّلاً من انقسام الأمر إلى قسمين فهذا وجيه ، ولكن ماذا نفعل إذا كانت المخالفة في شؤون الدين ، فتعال واقرأ :
1ـ عن ابن عباس : لما حضر رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطّاب ، قال النبيّ (صلى الله عليه وآله): " هلمَّ اكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده " ، قال عمر : إنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) قد غلب عليه الوجع ، وعندكم القرآن ، حسبنا كتاب الله.
فاختلف أهل البيت فاختصموا ، فمنهم من يقول : قربّوا يكتب لكم النبيّ (صلى الله عليه وآله) كتاباً لن تضلّوا بعده ، ومنهم من يقول ما قال عمر ، فلمّا اكثروا اللغو والاختلاف عند النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، قال رسول الله : " قوموا " (3) .
وينقل البخاري نفسه أنّه (صلى الله عليه وآله) قال : " آتوني بكتاب اكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده أبداً " ، فتنازعوا ولا ينبغي عند نبيّ تنازع ، فقالوا : هجر رسول الله (صلى الله عليه وآله) (4) .
إنّه ما أعظمه من اعتراض ! وهل يوجد اعتراض أكبر من هذا يوجّه إلى النبيّ ؟ ويقابل به بهذا الشكل من الوقاحة ؟ إنّه (صلى الله عليه وآله) يطلب أن يكتب لهم كتاباً لن يضلّوا بعده أبداً ، وهل يوجد كتاب أعظم من هذا الكتاب الذي لا يضلّ بعده المسلمون ؟ ويأتي الاعتراض والردّ على النبيّ (صلى الله عليه وآله) بأنّه غلبه الوجع أو هجر ، وهل تعلم ما معنى ذلك ؟ أي أنّه يتكلّم بلا شعور ولا إدراك ، في الوقت الذي يقول عنه تعالى : { وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلاَّ وَحْيٌ يُوحَى } (5) ، ماذا يتصوّر من جريمة أعظم من هذه الجريمة ؟
واقبح من هذا أن يأتي المرقّع فيقول : إنّ المقصود الاستفهام ، أي أهَجَر ، وهل الاستفهام أقلّ قبحاً من نسبة الهجر إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) من دون الاستفهام .
2ـ عن أبي وائل قال : " قام سهل بن حنيف يوم صفّين فقال : أيّها الناس اتهموا أنفسكم ، لقد كنّا مع رسول الله (صلى الله عليه وآله) يوم الحديبية ، ولو نرى قتالاً لقاتلنا ، وذلك في الصلح الذي كان بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) وبين المشركين ، فجاء عمر بن الخطّاب ، فأتى رسول الله (صلى الله عليه وآله) فقال : يا رسول الله ألسنا على حقّ وهم على باطل ؟
قال : " بلى " ، قال : أليس قتلانا في الجنّة وقتلاهم في النار ؟ قال : " بلى " ، قال : ففيم نعطي الدنية في ديننا ونرجع ، ولمّا يحكم الله بيننا وبينهم ؟ فقال : " يا بن الخطّاب إنّي رسول الله ، ولن يضيعني الله أبداً " .
قال : فانطلق عمر فلم يصبر متغيّظاً ، فأتى أبا بكر ، فقال : يا أبا بكر ألسنا على حقّ وهم على باطل ؟ قال : بلى ، قال : أليس قتلانا في الجنّة وقتلاهم في النار ؟ قال : بلى ، قال : فعلامَ نعطي الدنية في ديننا ونرجع ، ولمّا يحكم الله بيننا وبينهم ؟
فقال : يا بن الخطّاب إنّه رسول الله ، ولن يضيعه الله أبداً ، قال : فنزل القرآن على رسول الله (صلى الله عليه وآله) بالفتح ، فأرسل إلى عمر فأقرأه إيّاه ، فقال : يا رسول الله أو فتح هو ؟ قال : " نعم " فطابت نفسه ورجع " (6) .
ولا ندري ما هو الاعتراض إذا لم تكن مواجهة النبيّ (صلى الله عليه وآله) بهذه الشدّة اعتراضاً .
وقد يقول قائل : هل في المشورة بأس ؟ وهل من القبيح أن يدلي بعض الصحابة برأيه في موضوع معيّن ؟ ولماذا لا نحمل هذين الخبرين على ذلك ؟
والجواب واضح ، فإنّ التشاور يعني إبداء الرأي من دون رفض ومعارضة بخلاف الاعتراض ، فإنّه يعني الرفض والإنكار دون مجرد إبداء الرأي ، وواضح أنّه في هذين الحديثين نجد الرفض والإنكار بأعلى درجاته ، إنّه إلى حدِّ نسبة الهجر إلى النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، وإلى حدٍّ لا يكتفي عمر بجواب الرسول (صلى الله عليه وآله) حتّى يذهب إلى أبي بكر ، وينزل القرآن بعد ذلك ، وتطيب آنذاك نفس الخليفة ، إنّه إلى حدٍّ يتغيّض على النبيّ (صلى الله عليه وآله) .
وأمّا ما أشرتم إليه من أنّه هل هناك ذمّ من الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) ؟ فجوابه : إنّ الشخص الذي تصدر منه مثل هذه المواجهة للنبي (صلى الله عليه وآله) ـ الذي هو أعظم شخصية إسلامية ـ ويسكت النبيّ (صلى الله عليه وآله) خوفاً على الإسلام من أن يصاب بثلمة بسبب الاختلاف ، فكيف بالإمام علي (عليه السلام) ؟
هل تتوقّعون منه الاعتراض والذمّ ؟ وقد صدر أكبر ذمّ منه (عليه السلام) للخليفة الثاني ، وذلك بعد موت الخليفة في الخطبة الشقشقية المعروفة ، التي من أجلها أنكرتم وأنكر أصحابكم نسبة نهج البلاغة إلى الإمام علي (عليه السلام) ، ولكن ليس وراء الحقّ إلاّ الضلال .
وأمّا ما أشرتم إليه من أنّه إذا حكمت بعدم عدالة عمر فكيف زوجّه الإمام (عليه السلام) بابنته ، بعد عدم كونه كفؤاً ، فهو مضحك حقّاً ، حيث ليس لكم اطلاع على أنّ المسلم كفؤ المسلمة ، وليس العادل كفؤ العادلة ، إنّ التكافؤ لابدّ أن يكون بالإسلام وليس بالعدالة ، وبهذا تبطل جميع المقدّمات والشقوق المنطقية أو العقلية ، التي سوّدتم صحيفتكم بها .
نسأله تبارك وتعالى الهداية والتوفيق .


__________
1- النجم : 3 .
2- المائدة : 67 .
3- صحيح البخاري 7 / 9 و 8 / 161 ، صحيح مسلم 5 / 76 ، المصنّف للصنعاني 5 / 438 ، مسند أحمد 1 / 324 .
4- صحيح البخاري 4 / 31 .
5- النجم : 3 ـ 4 .
6- صحيح مسلم 5 / 175 ، صحيح البخاري 4 / 70 و 6 / 45 ، مسند أحمد 3 / 486 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page