• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

( سعد . الكويت . ... ) تحقيق حول معنى المولى

السؤال : أهل السنّة يقولون : إنّ كلمة مولاه لا تعني أولى بالشيء ، ويقولون : تعني النصرة والمحبّة ، ويستندون بآية { فَإِنَّ الله هُوَ مَوْلاَهُ وَجِبْرِيلُ وَصَالِحُ الْمُؤْمِنِينَ } (1) فكيف نردّ على هذه الآية ؟
ثمّ هل هناك فرق بين كلمة مولى وكلمة والي وكلمة أُولي ؟ ولماذا لم يقل النبيّ (صلى الله عليه وآله) في الغدير أُولي ؟ وشكراً .
الجواب : إنّ الولاية التي نؤمن بها هي : الإمامة والإمارة ، والسلطة الدينية والدنيوية ، وقيادة الأُمّة بعد نبيّها (صلى الله عليه وآله) على الصراط المستقيم ، والمحجّة البيضاء ، والحفاظ على الإسلام والمسلمين .
وقد عبَّر النبيّ (صلى الله عليه وآله) عن هذه الولاية بعدّة ألفاظ منها : " ولي ومولى " ، وهذين اللفظين قد صحّحهما أهل السنّة أيضاً ، ووردت بألفاظٍ أُخرى عند الفريقين ، ولكن أهل السنّة ضعّفوها ، مثل لفظ : " خليفة وأمير و ... " .
وأمّا النقاش في اللفظين الصحيحين عند الفريقين ، فهما بالاتفاق بمعنى واحد ، وهو الولاية ، قال الفرّاء : والوليُّ والمولى واحدٌ في كلام العرب .
قال أبو منصور : من هذا قولُ سيّدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " أيُّما امرأة نكحتْ بغير إذن مولاها " ، ورواه بعضهم : " بغير إذن وليِّها " لأنّهما بمعنى واحد .
وروى ابن سلام عن يونس قال : ... ومنه قول سيّدنا رسول الله (صلى الله عليه وآله) : " من كنت مولاه فعلي مولاه " أي : مَنْ كنت وليُّه .
قال الزجاج : والولاية التي بمنزلة الإمارة مكسورة ... والوليُّ : ولي اليتيم الذي يلي أمره ، ويقوم بكفايته ، وولي المرأة : الذي يلي عقد النكاح عليها ، ولا يدعها تستبد بعقد النكاح دونه .
وقال ابن منظور : وليّ : في أسماء الله تعالى : الوليُّ هو الناصر ، وقيل : المتولّي لأُمور العالم والخلائق القائم بها ، ومن أسمائه عزّ وجلّ : الوالي ، وهو مالك الأشياء جميعها المتصرّف فيها .
وقال ابن الأثير : وكأنّ الولاية تُشعر بالتدبير والقدرة والفعل ، وما لم يجتمع ذلك فيها لم يطلق عليه اسم الوالي (2) .
ومن هذا القول الأخير لابن الأثير تعلم الردّ على أهمّ إشكالاتهم حول الولاية ، بأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) كان يجب عليه أن يقول " والي " ، وليس ولي أو مولى .
فاشتراط الفعل والقدرة على الولي كي يسمّى والياً ، غير متوفّر في الإمام علي (عليه السلام) في زمان النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، وهو (صلى الله عليه وآله) على قيد الحياة ، فهو (عليه السلام) لم يعمل ، ولم يباشر بالولاية في زمان النبيّ (صلى الله عليه وآله) أبداً ، وهذا ما أشار إليه النبيّ (صلى الله عليه وآله) في بعض الروايات بقولـه : " بعدي " .
وفي البعض الآخر قولـه (صلى الله عليه وآله) : " تركت فيكم " ، وفي حديث الغدير قال (صلى الله عليه وآله) : " يوشك أن يأتيني رسول ربّي عزّ وجلّ فأُجيب ، وإنّي مخلّف فيكم الثقلين ... " (3) .
وروي عن أبي هريرة عن النبيّ (صلى الله عليه وآله) قال : " ما من مؤمن إلاّ وأنا أولى الناس به في الدنيا والآخرة اقرؤا إن شئتم : النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ " (4) .
فهذا البيان كُلّه قد قرَّره أهل اللغة ، وهو المرجع الذي سوف نفهم الآيات الكريمة ، والأحاديث الشريفة على أساسه ، ونرى ما إذا دلّت على ذلك .
فبعد أن رأينا أنّ لفظة " ولي أو مولى " تأتي في اللغة بمعان عديدة ، منها ما ندّعيه هنا في هذا المقام ، وكذلك تدلّ على معانٍ عدّة أُخرى ، فيشترط أهل اللغة والعقل والعلم الشرعي : بأنّ اللفظ المشترك بين معانٍ متعدّدة ، يسمّى مشتركاً لفظياً ، ولا يجوز استخدامه في أيّ معنى من المعاني ، حتّى تنصب لـه القرينة الدالّة ، والمحددة للمعنى الذي يريده المتكلّم .
ولدينا على إثبات مدّعانا قرائن عديدة ، منها حالية ، ومنها مقالية ، نذكر أهمها :
1ـ القرائن الحالية : وهي اختيار النبيّ (صلى الله عليه وآله) غدير خم ـ ذلك المكان الذي يعتبر مفترق الطرق بين مكّة والمدينة ـ وبعد الحجّ ، بل بعد حجّة الوداع التي دعا النبيّ (صلى الله عليه وآله) المسلمين كافّة للتشرّف بحضورها ، حتّى حضر معه مائة ألف مسلم أو أكثر ، وهذا المكان منه يفترق المسلمون للرجوع إلى ديارهم ، وهو أقرب نقطة على كلّ أحد من الجهات المختلفة للبلاد الإسلامية .
فهو آخر مكان يمكن فيه اجتماع النبيّ (صلى الله عليه وآله) بأكثر المسلمين في ذلك الوقت ، قبل الافتراق والرحيل إلى الرفيق الأعلى .
وكذلك تقديم النبيّ (صلى الله عليه وآله) المتأخّرين بانتظارهم حتّى اجتمعوا ، وإرجاع المتقدّمين الذين أسرعوا بالسير ، وجمعهم في تلك البقعة ، وفي ذلك الوقت الحارّ ، وقت الظهيرة الشديد الحرّ ، وخصوصاً أنّهم قد قضوا مناسكهم وهم مسافرون ، وتنتظرهم مسافات شاسعة للوصول إلى ديارهم وأهليهم .
فما هو ذلك الأمر المهمّ ، الذي يستوجب كُلّ هذا من جمع كبير ، وحشد مؤمن راجع من شعيرة عظيمة تمحي الذنوب ، وترجع العبد إلى ربّه كالثوب الأبيض ، وتهيأه لتحمّل أمر صعب القبول على النفس الأمارة بالسوء ؟
فأوضح رسول الله (صلى الله عليه وآله) بعد ذلك بخطبته البليغة ما يريد أن يزفّ من بشرى وعيد للمؤمنين ، مع خوفه وإشفاقه على الآخرين ، الذين سيغيّرون ويحدثون في الدين من بعده (صلى الله عليه وآله) ، كما صرّح بذلك في مناسبات أُخر .
2ـ القرائن المقالية : وهي ابتداء النبيّ (صلى الله عليه وآله) بقولـه : " يوشك أن يأتيني رسول ربّي عزّ وجلّ فأُجيب " .
فهذه قرينة واضحة لكُلّ عاقل ، بأنّ النبيّ (صلى الله عليه وآله) يريد أن يوصي أُمّته وصية موته ، وأمر الأُمّة من بعده ، وقولـه (صلى الله عليه وآله) : " وإنّي تارك فيكم الثقلين : كتاب الله فيه الهدى والنور ... وأهل بيتي " (5) ففيها دلالة على ترك البديل لـه (صلى الله عليه وآله) ، والممثّل الشرعي من بعده .
وقولـه (صلى الله عليه وآله) : " أذكركم الله في أهل بيتي " تأكيد عميق منه (صلى الله عليه وآله) ، بعد أن أكّد ذلك ثلاث مرّات بالتكرار ، للتأكيد على هذا الأمر العظيم الثقيل ، الذي يتوقّع عدم قبوله من أكثرهم .
وأمّا في الرواية الأُخرى ، ففي بدايتها يشهدهم النبيّ (صلى الله عليه وآله) بقولـه : " ألست أولى بالمؤمنين من أنفسهم " ؟ قالوا : بلى ، فأكّد ثانياً ، وقال : " ألست أولى بكُلّ مؤمن من نفسه " ؟ قالوا : بلى ، بعد الإقرار منهم لـه (صلى الله عليه وآله) ، بأنّه أولى بالتصرّف بهم من أنفسهم ، وله الولاية العظمى عليهم ، أتبع ذلك بقولـه : " من كنت مولاه فعليٌّ مولاه " (6) ، فهذا تفريع على ذلك الإقرار وتلك المقدّمة .
وأمّا عدم قول النبيّ (صلى الله عليه وآله) أولى صراحة فلأنّه إمام البلغاء ، فلو استخدم هذا اللفظ فسوف يقول : " من كنت أولاه فعلي أولاه " ، وهذا لا يجوز في اللغة العربية ، وكذلك أنّ لفظة " أولى " مبنية على أفعل التفضيل ـ الذي فيه مشاركة وزيادة ـ فتعني أنّ علياً أولى من ولي آخر ، ولا يوجد هناك ولي آخر في ذلك الوقت ، لأنّ الإمام والقائد يجب أن يكون واحداً للزمان الواحد ، وهذا بديهي ومسلّم من الجميع .
وعليه ، فإنّ علياً (عليه السلام) الولي الوحيد بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) ، ويشهد لهذا المعنى قولـه تعالى : { إِنَّمَا وَلِيُّكُمُ اللهُ وَرَسُولُهُ وَالَّذِينَ آمَنُواْ الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ رَاكِعُونَ } (7) ، وإنّما تفيد الحصر والقصر .
ولو أردت قرائن أُخر ، وروايات شتّى ، وأقوال لعلماء أهل السنّة ، وحتّى الصحابة بمعنى الولاية وقصدها من النبيّ (صلى الله عليه وآله) لزدناك .


___________
1- التحريم : 4 .
2- لسان العرب 15 / 406 .
3- مسند أحمد 4 / 367 ، صحيح مسلم 7 / 122 ، السنن الكبرى للبيهقي 2 / 148 ، الجامع الصغير 1 / 244 ، كنز العمّال 1 / 178 ، دفع شبه التشبيه : 103 .
4- صحيح البخاري 6 / 22 ، السنن الكبرى للبيهقي 6 / 238 ، جامع البيان 21 / 147 ، تفسير القرآن العظيم 3 / 476 ، الدرّ المنثور 5 / 182 .
5- صحيح مسلم 7 / 123 ، سنن الدارمي 2 / 432 ، السنن الكبرى للبيهقي 7 / 30 و 114 ، تحفة الأحوذي 10 / 197 .
6- مسند أحمد 4 / 281 ، سنن ابن ماجة 1 / 43 ، المصنّف لابن أبي شيبة 7 / 503 ، تاريخ مدينة دمشق 42 / 221 ، البداية والنهاية 5 / 229 و 7 / 385 ، المناقب : 155 ، السيرة النبوية لابن كثير 4 / 417 ، ينابيع المودّة 1 / 98 .
7- المائدة : 55 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page