السؤال : الإخوة القائمين على هذا المركز : تحية طيّبة ، وشكراً على هذه الجهود الجبّارة ، التي تقومون بها لترويج مذهب أهل البيت (عليهم السلام) .
قد يثير البعض شبهة حول الأدلّة العقلية التي نستدلّ بها في إثبات الإمامة ، من خلال الاحتجاج بغيبة مولانا صاحب الأمر (عليه السلام) ، وكمثال على ذلك : حينما نمرّ بذكر الأدلّة التي ساقها أهل البيت (عليهم السلام) وأصحابهم الكرام في إثبات الإمامة ، وأنّها ضرورة عقلية ، في باب الاضطرار إلى الحجّة من كتاب الحجّة في أُصول الكافي : نرى أنّ الأئمّة (عليهم السلام) وأصحابهم ، قد احتجّوا بأنّه لابدّ للناس من إمام يكون حجّة بعد النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، ويكون سفيراً لله تعالى يدلّ الناس على منافعهم ومصالحهم ، وما به بقاؤهم ، وفي تركه فناؤهم ، وأنّه لابدّ للناس من إمام يردّون إليه شكّهم وحيرتهم .
وبما أنّ الإمام المهدي (عليه السلام) غائب ، فلا يمكنه القيام بتلك الوظائف ، أي أنّه لا يدلّ الناس على مصالحهم ، ولا يستطيع الناس ردّ حيرتهم وشكّهم إليه ، بل يردّونها إلى العلماء ، وهنا لا يختلف الشيعة عن السنّة ، فهم أيضاً يردّون مسائلهم إلى علمائهم .
وبالنتيجة ، لا يمكن الاعتماد على هذه الأدلّة العقلية في إثبات الإمامة ، إذ لو اعتمدنا عليها لأبطلنا إمامة الإمام المهدي (عليه السلام) ، ولو قلنا بإمامته ـ مع غيبته ـ فلا يصحّ الاستدلال بتلك الأدلّة السابقة .
أرجو أن أجد لديكم الإجابة الشافية للردّ على هذه الشبهة .
الجواب : إنّ الأدلّة العقلية التي أشرتم إليها هي صحيحة لا محيص منها ـ كما ذكر في محلّه ـ ولكن يجب التنبّه إلى مفادها ، فهي تأخذ على عاتقها إثبات وجود الإمام في الكون ؛ وهذا أعمّ من الإمام الحاضر والغائب ، فعلى سبيل المثال : دليل الاحتجاج بوجود الإمام (عليه السلام) يستنتج منه وجوده فقط لا وجوده الحضوري ؛ فالغيبة لا تنفي مصلحة وجوب وجود الإمام (عليه السلام) ، والإمامة والهداية لا تنحصر بحال الحضور ، فمثلاً الهداية التكوينية لا علاقة لها بالحضور أو الغيبة ، بل ترتبط بمجرّد وجود الإمام (عليه السلام) .
نعم ، إنّ صفة الغيبة تضع عراقيل في طريق الاتّصال بالحجّة (عليه السلام) ، من جهة عدم بسط يده وعلمه وإمامته الظاهرية ؛ وهذا وإن كان مورداً للقبول عند كافّة الشيعة ، إلاّ أنّه لمّا لم تكن العلّة في الغيبة من جهته (عليه السلام) ، فالمسؤولية في هذا المجال تبقى على عاتق الناس .
وبعبارة أوضح : لو كانت المصالح تقتضي ـ ومنها تلقّي الوسط العام من المجتمع قبول الإمام (عليه السلام) ـ لما استمرّت الغيبة طوال هذه الفترة المديدة ، وهذا معنى كلام بعض العلماء : " وجوده لطف ، وتصرّفه لطف آخر ، وعدمه منّا " .
( يوسف . الكويت . ... ) غيبة المهدي لا تنفي مصلحة وجوب وجوده
- الزيارات: 339