الفرق بين إنجيل برنابا وسائر الأناجيل
كان برنابا من أتباع المسيح المواظبين على نشر دعوته والتبشير باقتراب ملكوت السماوات . وهذا الإنجيل كانت نسخته بمكتبة البابا ((سكتس)) بروما واختلسها اُسقف يقال لـه ((فرامرينو)) حين عثر عليها مصادفة ، فقرأها واعتنق الإسلام ، وذلك أواخر القرن السادس عشر للميلاد .
وقـد حـرّم البابا ((جلاسيوس الأول)) قـراءة إنجيـل برنابـا . وقـد تـولّى ((جلاسيوس)) البابوية في أواخر القرن الخامس للميلاد ، أي قبل بعثة نبينا محمد (ص) . وإنجيل برنابا واحد من الأناجيل التي اُلّف في قصة المسيح ، وإن كان يمتاز عن سائرها بالبلاغة ودقّة التعبير ، ويصرّح باُمور لعلّها هي التي زهّدت الكنيسة فيه حتى حرّمه ((البابا جلاسيوس)) . ومن ذلك التصريح باسم ((محمد)) في كثير من المواضع .([1])
ويختلف إنجيل برنابا عن باقي الأناجيل في خمسة اُمور أساسية وهي :
1 ـ إنّه لم يعتبر السيد المسيح (ع) إلهاً ولا اعتبره ابن الله ، بل هو عبد الله ورسوله .
2 ـ إنّ مِسْيا أو المسيح المنتظر ليس عيسى (ع) ، بل هو رسول الله
محمد (ص).
3 ـ إنّ الذبيح الذي قدّمه النبي إبراهيم (ع) للفداء هو إسماعيل (ع) وليس إسحاق (ع) .
4 ـ إنّ النبي المُنتظر هو من نسل إسماعيل لا من نسل داود ‘ .
5 ـ إنّ عيسى (ع) لم يُصلب ولكنّ الله تعالى ألقى شبهه على تلميذه الخائن يهودا الأسخريوطي ، ورفع الله إليه عيسى (ع) .
ويوافق إنجيل برنابا في هذه الاُمور القرآن الكريم . وكذلك يوافقه في قصّة ولادة مريم لعيسى (ع) . وأيضاً يطابق إنجيل برنابا إلى حدٍّ كبير ما جاء في الأحاديث النبوية الشريفة في اُمور منها : شفاعة النبي (ص) يوم القيامة، أنّ النبي (ص) هو أول الأنبياء في الخلق وآخرهم في البعث ، وسواها . وكذلك يوافق الحديث القدسي : ((لولاك لما خلقت الأفلاك)) . فقد جاء في أكثر من موضع منه ، أنّ الله تعالى خلق لأجل محمد (ص) العالم والخلائق والجنّة .
والذي يطالع إنجيل برنابا يجده أقرب الأناجيل للحقّ وللعقل وللذوق السليم ، وأبعدها عن التحريف والتناقضات . وبما أنّ القرآن الكريم هو الكتاب السماوي الوحيد الذي تكفّل الله تعالى بحفظه من التحريف ، حيث قال تعالى : {إنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} ([2]) .
وهو الفرقان بين الحقّ والباطل ، فما وافقه نأخذ به وما خالفه نضرب عنه. وبما أنّ إنجيل برنابا هو أقرب الأناجيل إلى الحق والصدق فسيكون هو الإنجيل الذي نستند إليه في الدرجة الاُولى . وقد ذكرت آنفاً أنّ إنجيل برنابا يوافق القرآن الكريم في قصة ولادة السيدة مريم لعيسى (ع) فلا بأس أن نذكر ما جاء فيه في هذا الخصوص .
إنجيل برنابا : فصل 1 / 2- 7 : يوماً كانت مريم وحدها ، فدخل عليها الملك جبرئيل وسلّم عليها وقال : ليباركك الله يامريم ، فخافت مريم من ظهور الملك ولكنّ الملك هدّأ من روعها وقال : يا مريم إنّ الله اصطفاك لتكوني اُمّاً لنبيٍّ يبعثه إلى بني إسرائيل ليسيروا بشريعته بإخلاص ، فأجابت العذراء :كيف ألِدُ ولداً وأنا لا أعرف رجلاً ؟! فأجاب الملك : إنّ الله الذي خلق الإنسان من غير إنسان ؛ لقادر كل حين أن يخلق فيك إنساناً من غير إنسان ، لأنّ لا محال عنده ، فأجابت مريم إنّي أعلم بأنّ الله قادر ، فلتكن مشيئته .
--------------------------------------------------------------------------------
[1] قصص الأنبياء ، عبد الوهاب النجار : ص 405 .
[2] الحجر : 9 .