السؤال : ما هي الانتقادات الموجّهة لعملية جمع القرآن الكريم من طرف عثمان ؟
الجواب : إنّ إسناد جمع القرآن الكريم إلى الخلفاء أمر موهوم مخالف للكتاب والسنّة والإجماع والعقل ، بل إنّ جمعه وتأليفه قد حصل في زمن النبيّ (صلى الله عليه وآله) ، إذ أنّ القرآن كان معروفاً بسوره وآياته حتّى عند المشركين وأهل الكتاب ، لما ثبت من تحدّي الرسول (صلى الله عليه وآله) على الإتيان به أو بسورة منه ، ومعناه إنّ سور القرآن كانت في متناول أيدي الناس ، وأيضاً وردت مجموعة كثيرة من الروايات بهذا المضمون حتّى عند أهل السنّة ، تصرّح بجمعه وتأليفه في زمن الرسول (صلى الله عليه وآله) (1) .
ومن جانب آخر لا يعقل أن يكون القرآن ـ مع اهتمام النبيّ (صلى الله عليه وآله) والمسلمين به ـ عرضة للضياع في عهد الرسالة ، بل كان مورد تعظيمهم وتبجيلهم وحفظهم له ، مضافاً إلى إجماع المسلمين قاطبة : بأنّ القرآن لا طريق لإثباته إلاّ التواتر ، والحال أنّ الروايات المزعومة في جمع الخلفاء تعتمد في إثباته على شهادة شاهدين ، بل وشهادة رجل واحد في بعض الأحيان ، خصوصاً أنّ هذه الروايات مختلفة فيما بينها في مسألة الجمع ، فلم يعلم أنّ عملية الجمع كانت في زمن أبي بكر أو عمر أو عثمان ؟ ومن كانوا العاملين عليها ؟
فبالجملة : لا دليل على جمع القرآن أو تدوينه في زمن الخلفاء الثلاثة ، نعم قد ثبت أنّ عثمان جمع الناس على قراءة واحدة ، وحذف القرائات الأُخر ، وهذا ممّا لا كلام فيه ، ولكن الأمر الذي يؤخذ عليه هو إحراقه لمجموعة كبيرة من المصاحف ، وأمره بإحراقها في مختلف الأمصار في سبيل توحيد القراءة ، وهو كما ترى لا وجه لعمله هذا ، وقد اعترض جماعة من المسلمين في ذلك عليه ، حتّى أنّهم سمّوه بحرّاق المصاحف (2) .
____________
1- أُنظر : صحيح البخاري 4 / 229 و 6 / 103 ، صحيح مسلم 7 / 149 ، الجامع الكبير 5 / 331 ، مسند أحمد 3 / 233 و 277 ، السنن الكبرى للبيهقي 6 / 211 ، مسند أبي داود : 270 ، السنن الكبرى للنسائي 5 / 9 ، مسند أبي يعلى 5 / 258 و 467 و 6 / 22 ، صحيح ابن حبّان 16 / 72 .
2- أُنظر : الجامع لأحكام القرآن 1 / 54 ، تاريخ المدينة 3 / 995 .
(... . ... . ... ) حصل جمعه في زمن النبيّ (صلى الله عليه وآله)
- الزيارات: 487