السؤال : أسأل الله تعالى أن تكونوا في أتمّ الصحّة والعافية ، وأن يسدّد خطاكم لما هو خير ، ويوفّقكم لإعلاء كلمة الحقّ ، إنّه سميع مجيب .
لقد شجّعتموني على أن أسألكم كُلّما احتجت إلى ذلك ، ويا كثرة احتياجاتي ، وأعانكم الله عليها .
في الحقيقة أنا أحاور في كُلّ الأُمور ومع الجميع ، حيث أحاور الشيعة على التمسّك بخطّهم ، وخصوصاً من له ميل للعلمانية ، وحوار مثل هؤلاء أشدّ من غيرهم ، وأحاور أهل السنّة لأثبت لهم أنّ منهج الحقّ ليس منهجهم ، كما وأحاور النصارى ، وأنا دارس جيّد لكتابهم بعهديه القديم والجديد ، كما وأحاور غيرهم ، وبأساليب مختلفة ، كُلّ حسب طريقته أو الطريقة التي تنفع معه .
سادتي الكرام ، يقول تعالى ـ وهو يتحدّث عن الحوار مع إبليس اللعين ـ : { قَالَ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ } (1) ، وقد وعده الله سبحانه بذلك .
وحسب علمي البسيط أنّ يوم البعث بعد الممات ، أي يوم القيامة ، { ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ } (2) ، ونحن نعلم من الروايات بأنّه يوم القيامة ـ أي يوم البعث ـ يكون بعد أن يموت الكُلّ ، ولا يبقى إلاّ وجهه الكريم ، ومن بعد ذلك أوّل من يحيه الله إسرافيل (عليه السلام) حيث ينفخ في الصور .
ما استشكل عليّ هو :
أ ـ أمّا بقاء إبليس اللعين إلى يوم البعث حسب ظاهر الآية ، وبالتالي يبقى هو مع الله ، ونحن نعلم بعد البعث الحساب والكتاب والخلود ، إمّا في الجنّة أو في النار ، ومعنى ذلك أنّ إبليس اللعين سيكون من الخالدين ، ولم يمر بمرحلة الموت ! وهذا مخالف لما نؤمن به .
ب ـ وأمّا أن يبقى إلى يوم البعث ثمّ يموت بمفرده ، كخصوصية له حيث لا موت بعد البعث ، وقد أعطاه الله ما وعده ، وبالتالي يكون قد انتهى كمخلوق ! وهنا استشكال أكبر حيث سوف لن يعاقب ولن يكون في جهنّم خالداً فيها ، كما خبّرنا بذلك .
سادتي الكرام : قد يكون الموضوع ليس موضوع ابتلاء ، ولكن قد ابتلاني الله بحبّ المعرفة ، والتأكّد من كُلّ شيء لأزداد علماً .
أرجو أن لا أكون قد أطلت عليكم ، هذا وتقبّلوا فائق التقدير والاحترام .
الجواب : إنّ السؤال ذو جهتين : أصل الإمهال ، وغاية الإمهال ، أي أنّ الشيطان كان يريد الحياة إلى يوم القيامة ، ولكن الله تعالى ووفقاً لحكمته أجابه على أصل الإمهال ، ولم يجبه من جهة غايته ، إذ قال تعالى في جوابه : { قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ الْمُنظَرِينَ إِلَى يَوْمِ الْوَقْتِ الْمَعْلُومِ} (3) ، والوقت المعلوم ـ كما في بعض الأحاديث ـ يوم ظهور القائم (عليه السلام) ، أو رجعة الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله) والأئمّة (عليهم السلام) .
وبهذا التفسير يندفع كافّة الإشكالات المذكورة كما هو واضح .
وهناك بعض الروايات تشير إلى أنّ إبليس يموت في النفخة الأُولى ، وفي بعضها الآخر أنّ موته بين النفختين الأُولى والثانية ؛ فحتّى على هذين الاحتمالين يذوق الموت لا محالة .
والأصل في هذا المقام ونظائره هو : { كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ } (4) فلا يشذّ من هذه القاعدة أحد من الإنس والجنّ والملائكة .
____________
1- الأعراف : 14 .
2- المؤمنون : 16 .
3- ص : 79 ـ 80 .
4- العنكبوت : 57 .
( علي العلي ـ السويد . ... ) وقت موت إبليس
- الزيارات: 436