الله يرفع عيسى اليه
وفي ليلة ليلاء، بينما كان عيسى (عليه السلام) وتلامذته مختبئين في بستان، وإذ بالجند يُداهمهم، فيفر الأتباع مولّين الأدبار. وتتحرك مشيئة الله سريعاً، على غير ما ينتظره أعداء الله، فإذا بعيسى لاتراه عين، وقد كان منذ لحظات بين أيديهم. فكأن الارض ابتلعته، أو رفعته إليها السماء!. ويساهدون رجلاً مقبلاً نحوهم، ويتأمّلونه جيّداً، إنه يشبه عيسى كثيراً،
فيتصايحون:
- هذا عيسى، هذا عيسى؟..
فانقضّوا عليه، وأمسكوا بتلابيبه، ساقوه أمامهم مخفوراً.
اما الرجل، فقد أخذته المفاجأة، فما استطاع كلاماً..
وانهالت عليه حشود الجماهير تتقاذفه أمامها صاغراً ذليلاً!.
عند ذلك أخذ الرجل يصرخ بأعلى صوته: أنا لستُ عيسى، بل أنا الذي دلّكم عليه. أنا يهوذا الإسخريوطي!..
فهزئوا منه مقهقهين. ووصلوا به إلى وسط الساحة وهم يجذبونه جذباً عنيفاً، ويجرّونه جراً شديداً، بعد أن ساروا به على درب الجلجلة، زيادة منهم في العذاب الأليم، والنكال المهين.
وفي وسط الساحة، رفعوه بين الصخب والضجيج، وصلبوه، بعد أن جرّعوه كأساً من علقم، وتوّجوا رأسه بالشوك إكليلاً!..
{.. وما قتلوهُ، وماصلبوهُ، ولكنْ شُبّه لهم، وإنّ الذين اختلفوا فيه لفي شكٍّ منه، مالهم به من علم إلا اتباع الظنّ، وما قتلوه يقيناً. بل رفعه الله اليه، وكان الله عزيزاً حكيماً!}.
(صدق الله العلي العظيم)