• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الكارثة الحقيقية والدمار المحقق

 من سيخلف الرسول ، من سيبين القرآن ، ويبلغ سنة الرسول ، ويتولى مهام الرسول بعد موته ، فيمارس اختصاصاته وصلاحياته ، ويكمل المشوار من حيث انتهى الرسول ، من الذي سيؤتمن على أمور الدين والدنيا بعد قتل الرسول أو موته ؟
خاصة وأن مسألة قتل الرسول أو موته كانت واردة ومطروحة كإحدى خيارات الشرك ، فقبل الهجرة فكرت زعامة بطون قريش التي كانت تقود جبهة الشرك بقتل النبي ، ولولا خوفها من بني هاشم ومن فكرة الثأر لقتله ، لشرعت بقتله ، وليلة هجرة النبي من مكة إلى المدينة قررت زعامة بطون قريش قتل النبي ، وشرعت بقتله فعلا ، ولكن الله نجا نبيه بسبب لا يد لزعامة البطون به ، وحتى والرسول في طريقه إلى دار هجرته طاردته زعامة البطون ، وخصصت الجوائز لمن يقبض عليه حيا أو ميتا ، بل وأعظم من ذلك أنه حتى وبعد أن أسس النبي دولة الإيمان ، وأخضع العرب للشرعية الإلهية ، شرعت زعامة بطون قريش بقتل النبي أثناء عودته من غزوة تبوك ، والذين شرعوا بقتله خرجوا معه تحت مظلة الجهاد في سبيل الله ! ! قال تعالى ( أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ ... ) الكارثة الحقيقية والدمار المحقق
فقتل الرسول أو موته دون تحديد من يخلفه كارثة حقيقية ، تعرض سلامة الدين والدنيا لأشد الأخطار ، وتهدد وجود الأمة نفسه ، وتهدم الدعوة والدولة وكل ما بناه النبي ، أو تورث ما بناه لألد أعدائه المتحدين ضده الذين يتربصون برسول الله ودين الإسلام الدوائر ، وتضع مستقبل كل ما يمت للإسلام بصلة في مهب الرياح العاصفة .
ثم إن المشرع الوضعي مع قصوره وضيق أفقه ، يترفع عن السقوط في هذا التصور ، فقد احتاط لهذه الناحية ، فما من دولة من دول العالم كله - قديمها وحديثها - إلا وقد نص دستورها على من يتولى الرئاسة العامة في حالة قتل الرئيس أو موته أو عزله ، وهذا أمر تسالمت البشرية قاطبة ، واتفقت كافة الأنظمة المتناقضة على صحته ووجاهته ومنطقيته ، وأثبتت الوقائع فائدته وضرورته .

العناية الإلهية بمن يخلف النبي
من الطبيعي أن ينال موضوع من يخلف الرسول بعد قتله أو موته الجزء الأعظم من العناية الإلهية ، والجزء الأكبر من اهتمام رسول الله خاصة وأن من يخلف الرسول هو حجر الأساس لنظام الحكم الإسلامي ، سواء من حيث الصلاحيات الهائلة التي يتمتع بها ، أو من حيث المهام الكبرى الملقاة على عاتقه ، أو من حيث مركزية ومحورية الدور الذي سيقوم به بوصفه القائم مقام نبي الله ورسوله .
والمنهج نفسه الذي سلكه القرآن الكريم في الصلاة وهي عماد الدين سلكه في نظام الحكم ، أو في خلافة النبي ، لقد تحدث القرآن الكريم عن ولاية الله ورسوله والمؤمنين ، وعن أولي الأمر ووجوب طاعتهم ، وعن الحكم بكتاب الله ، وإقامة الحدود ، والحكم بالعدل ، وعن الشورى ، وعن البيعة ، وعن الأحزاب ، وعن حزب الله ، وحزب الشيطان ، وعن الأمة . . . الخ وكل هذه الأمور من لوازم نظام الحكم وضرورات وجوده ، ولكن القرآن الكريم لم يبين كل ذلك ولا فصله تفصيلا ، إنما ذكر هذه الأمور كأصول ومبادئ عامة ، تاركا للرسول الأعظم مهمة بيان وتفصيل تلك المبادئ والأصول على ضوء توجيهات الوحي الإلهي ، وكل في حينه ، تماما كما فعل بالصلاة وهي عماد الدين ، وبالزكاة ، والحج . . . الخ
فقد اكتفى القرآن الكريم بذكر الأصول والمبادئ ، وترك للرسول البيان والتفصيل ، فالقرآن الكريم كدستور ليس معنيا بالتفصيلات ، فأكثر التفصيلات قد أحالها القرآن الكريم على رسول الله بوصفه المختص والمؤهل لبيان ما أنزل الله ، ولكن الرسول لا يبين ولا يفصل إلا وفق التوجيهات الإلهية ، فهو يتبع تماما ما يوحى إليه من ربه .
فالذين يرفضون بيان الرسول وتفصيله المتعلق بنظام الحكم مثلا تماما كالذين يرفضون بيان الرسول وتفصيله المتعلق في أمور الصلاة والزكاة والحج . . الخ وهم منحرفون حسب الموازين الإلهية ، وقد اضطرهم هذا الانحراف والتمادي فيه إلى القول بعصمة الرسول في العبادات وفي ما يتلقاه من القرآن بالوحي ، وعدم عصمته في الأمور الأخرى ، وقد افتعلوا هذا التقسيم ليبرروا خروجهم على الشرعية الإلهية ، ورفضهم لبيان النبي في ما أنزل الله ، لذلك قالوا باحتمال صدور الخطأ من الرسول ومجانبته للصواب - والعياذ بالله - في ما هو خارج عن دائرة العبادات ! ! ! وهذا الزعم الفاسد يتعارض مع صريح القرآن ، ومع طبيعته ، وطبيعة الرسالة الإسلامية ، وقد تمخضت عنه عقول الذين بدلوا نعمة الله كفرا ، وانحصر همتهم بتبرير مفاسد التاريخ وفضائحه ولو على حساب هدم الدين نفسه فوق رؤوس معتنقيه .
وما يعنينا هو التأكيد أن القرآن الكريم قد أعار نظام الحكم وبالتحديد خلافة الرسول عناية فائقة ، من خلال الأصول والمبادئ العامة التي كرسها ومن خلال تكليفه لرسول الله ببيانها وتفصيلها وتطبيقها من خلال سنته المباركة بفروعها الثلاثة ، ومن يمعن بالقرآن الكريم وينظر له بنظرة شمولية ، ويقف على السنة المباركة يوقن بما لا يدع مجالا للشك ، بأن الإسلام من خلال القرآن والسنة ، قد عالج أدق تفاصيل ظاهرة السلطة ، وبين للناس من سيخلف النبي في كل وقت من الأوقات ، وبين لهم كل ما يحتاجونه إلى يوم القيامة .
وكانت سيرة الرسول وسنته ببناء دولة الإيمان خطوة بعد خطوة بمثابة التصوير الفني البطئ لطبيعة الرئاسة العامة والمرجعية في الإسلام ، وخصوصيتها سواء على صعيد عصر النبوة الزاهر أو على صعيد الخلفاء الشرعيين الذين اختارهم الله لخلافة نبيه ، ولو أن رسول الله قد أطيع لما اختلف اثنان ، لأن الأمور كانت مرتبة إلهيا ترتيبا محكما . 


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page