• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

سنة الرسول للتجميل والتبرير فقط !!!

رأينا أن سنة الرسول قد استبعدت تماما من كافة الأمور المتعلقة بمنصب الخلافة ، أو بمن يخلف النبي ، ولم يطبق منها نص واحد ، ورأينا أن سنة الرسول المكتوبة والتي تمكن الخلفاء منها قد أحرقت ، وأن الخلفاء قد عمموا على كافة البلاد الخاضعة لحكمهم لمحو سنة الرسول ، ورأينا أن الخلفاء قد منعوا المسلمين من رواية أي شئ عن رسول الله ، وعاقبوا الرواة الذين لا يتقيدون بأوامرهم ولما استقرت سنة الخلفاء ، صار المتداول من سنة الرسول كالمتداول من سنة الخلفاء ، والمسلمون أحرار باتباع سنة الرسول أو سنة الخلفاء ، لأن السنتين بدرجة واحدة " اتبعوا سنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي " ، فسنة الخليفة الراشد كسنة الرسول واجبة الاتباع ، أما سنة الرسول غير المتداولة أو بتعبير أدق الممنوعة ، فمن غير الجائز العمل بها ، فلو أن أحدا من المسلمين قال للإمام علي ، أنت وليي يا أبا الحسن لأني سمعت رسول الله يقول : " من كنت وليه فهذا علي وليه " فإن سمعه الخليفة يذكر هذا الحديث النبوي ، فمن الجائز أن يتعرض هذا المسلم إلى الموت بسبب روايته لهذا النص من السنة النبوية المعارض لسنة الخلفاء ! ! ! ولكن لو قال أحد من المسلمين : إني سمعت رسول الله يقول " صلاة الصبح ركعتان " وسمعه الخليفة فلن يسأله ! ! ! .
ولكن لو أن أحد المسلمين قد قال بأن رسول الله قد صلى التراويح في غير جماعة ومات وهو على ذلك ، وسمعه الخليفة ، فقد يواجه هذا المسلم عقوبة الموت ، لأنه يتجه اتجاها معاكسا لسنة الخلفاء .
ومع هذا فقد كان الخلفاء وعمالهم يؤكدون وبكل وسائل التأكيد بأنهم ملتزمون بكتاب الله وسنة رسوله ، ويعلنون ذلك وبكل وسائل الإعلان المعروفة ، لأن شعار الالتزام بالكتاب والسنة من ضرورات المحافظة على الملك ومن ضرورات توسعه ، وعندما كان بعض قواعد سنة الخلفاء تتعارض مع القواعد المعروفة لسنة الرسول ، كان أولياء الخلفاء يختلقون أحاديث على رسول الله تثبت أن سنة الخلفاء المتعارضة مع سنة الرسول ما هي في الحق والحقيقة إلا تطبيق لأمر رسول الله بدليل تلك الأحاديث المختلقة ، وهكذا تمثل الأحاديث الصحيحة حكم رسول الله ، وتمثل الأحاديث المختلقة حكم الخلفاء ، ولأن الدولة تملك وسائل التنفيذ والقسر فقد كانت ترجح الأحاديث التي كانت تخدم توجهاتها حتى وإن كانت مختلقة ، لقد كانت سنة الرسول من الناحية العملية واجهة تجميلية .
وأحيانا كانت سنة الرسول تستعمل كأداة تثبيتية لسلطة الخلفاء وأداة تشجيعية على الانقياد الأعمى والطاعة العمياء للخلفاء ، فكان أولياء الخلفاء يضعون أو يختلقون الأحاديث التي تحت المسلمين على طاعة الخلفاء مهما فعلوا ، وعلى الانقياد لهم وعدم معصيتهم مهما عملوا ، وتصور الطاعة العمياء والانقياد الأبله للخلفاء بصورة العبادات التي تقرب المطيع والمنقاد للخلفاء إلى الله زلفى ، وأثمرت هذه المختلقات والموضوعات ثقافة عامة أدت إلى قناعة عامة بوجوب طاعة الخلفاء .
قال النووي في شرحه بباب لزوم طاعة الأمراء في غير معصية ! ! " وقال جماهير أهل السنة من الفقهاء والمحدثين والمتكلمين : لا ينعزل الإمام بالفسق والظلم وتعطيل الحقوق ، ولا يخلع ولا يجوز الخروج عليه بذلك بل يجب وعظه وتخويفه للأحاديث الواردة بذلك ، وأما الخروج عليهم وقتالهم فحرام بإجماع المسلمين وإن كانوا فسقة ظالمين ، وقد تظافرت الأحاديث بمعنى ما ذكرته ، وأجمع الله السنة أنه لا ينعزل السلطان بالفسق " ( 1 ) .
وقال القاضي أبو بكر محمد بن الطيب الباقلاني : قال الجمهور من أهل الإثبات وأصحاب الحديث : لا ينخلع الإمام بفسقه وظلمه بغصب الأموال ، وضرب الابشار ، وتناول النفوس المحرمة ، وتضييع الحقوق وتعطيل الحدود ، ولا يجب الخروج عليه ، بل يجب وعظه وتخويفه وترك طاعته في شئ مما يدعو إليه من معاصي الله ، واستدلوا على ذلك بأخبار كثيرة متظافرة عن النبي وعن الصحابة في وجوب طاعة الأئمة ، وإن جاروا واستأثروا بالأموال وأنه صلى الله عليه وآله وسلم قال : " اسمعوا وأطيعوا ولو لعبد أجدع ، ولو لعبد حبشي وصلوا وراء كل بر وفاجر ، ورووا أيضا أنه قال " أطعهم وإن أكلوا مالك وخربوا ظهرك " ( 2 ) .
والأعظم من ذلك أن أولياء الخلفاء اعتبروا ارتكاب بعض الخلفاء وأوليائهم للجرائم الخطيرة ، والخروج الفاضح على كتاب الله وسنة رسوله من قبيل الاجتهاد ، وأن الخلفاء وعمالهم مأجورون أجرا واحدا على جرائمهم وخروجهم على كتاب الله وسنة رسوله ، لأنهم مجتهدون ، ووضعوا أحاديث على رسول الله تثبت هذه المزاعم الكاذبة ! ! قال أبو الخير الشافعي في حق يزيد بن معاوية الذي قتل الإمام الحسين ، وأباد أهل بيت النبوة في كربلاء ، واستباح مدينة الرسول ، وختم أعناق الصحابة وهدم الكعبة " ذلك إمام مجتهد " ( 3 ) .
ونقل ابن حجر في الصواعق المحرقة عن الغزالي والمتولي القول بأنه " لا يجوز لعن يزيد وتكفيره لأنه من جماعة المؤمنين " ( 4 ) .
وقال ابن حزم " إن معاوية ومن معه مخطئون مجتهدون مأجورون أجرا واحدا " ( 5 ) .
ومن المثير حقا أن الذين أطاعوا الخلفاء ، والتزموا بسنتهم سموا بأهل السنة ، وأن الذين أخذوا على الخلفاء خروجهم على كتاب الله وسنة رسوله ، سموا شواذا ومبتدعة على حد تعبير ابن خلدون في مقدمته .
**************************
( 1 ) صحيح مسلم بشرح النووي ج 12 ص 229 وراجع سنن البيهقي ج 8 ص 158 - 159 .
( 2 ) التمهيد للباقلاني .
( 3 ) تاريخ ابن كثير ج 13 ص 9 .
( 4 ) معالم المدرستين ج 2 ص 75 .
( 5 ) الفصل في الملل والأهواء والنحل علي بن حزم الأندلسي ج 4 ص 61 .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page