• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الفصل الثانى والثلاثون : «اختصاص آية المناجاة بعلي (عليه السلام)»

(1) روى العلامة الحلّي اعلا الله مقامه في كتابه (1) قال : (الخامسة عشرة» : آيه المناجاة لم يفعلها غير علي (عليه السلام) قال ابن عمر : كان لعلي ثلاثة لو كانت لي واحدة منها كانت احب اليّ من حمر النعم : تزويجه بفاطمة واعطاء الراية يوم خيبر وآية النجوى .
وعلَّق العلامة المظفر (قدس سره) على ذلك قائلاً : ينبغي اولا ذكر بعض الاخبار الواردة من طرق القوم في نزول هذه الآية الكريمة تيمناً بذكر فضله (عليه السلام) روى الحاكم في «المستدرك على الصحيحين» (2) في تفسير سورة المجادلة عن أمير المؤمنين (عليه السلام) قال :
«ان في كتاب الله آية ما عمل بها احد قبلي ولا يعمل بها احد بعدي آية النجوى (ياايها الذين آمنوا اذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة)الآية : قال : كان عندي دينار قيمته بعشرة دراهم فناجيت النبي (صلى الله عليه وآله) وكنت كلما ناجيتُ النبي قدمتُ بين يدي نجواي درهماً ثم نُسخت فلم يعمل بها احد فنزلت : (أأشفقتم ان تقدموا بين يدي نجواكم صدقات ) الآية ثم قال الحاكم : هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه ولم يتعقبه الذهبي بشيء ونقله السيوطي في «الدر المنثور» عن الحاكم أيضاً وعن سعيد بن منصور وابن راهويه وابن ابي شيبة وعبد بن حميد وابن المنذر وابن ابي حاتم وابن مردويه .
ومثل هذا الحديث باختصار في تفسيري الزمخشري والرازي وفي اسباب النزول للواحدي وعن معالم البغوي وتفسير الثعلبي والطبري .
وقال السيوطي : اخرج ابن حميد وابن المنذر وابن ابي حاتم عن مجاهد قال : نهوا عن مناجاة النبي (صلى الله عليه وآله) حتى يقدموا صدقة فلم يناجيه الا علي بن ابي طالب فانه قد قدم ديناراً فتصدق به ثم ناجى النبي (صلى الله عليه وآله) فسأله عن عشر خصال ثم نزلت الرخصة .
وقال السيوطي أيضاً : قال الكلبي : تصدق به في عشر كلمات سألهنّ رسول الله (صلى الله عليه وآله) ثم نقل عن ابن عمر ما نقله المصنف (رحمه الله) الى غير ذلك من الاخبار التي لاتحصى من طرقهم فضلا عن طرقنا حتى ان ابن تيمية مع شدة نصبه قال في ردّ «منهاج الكرامة» : (ثبت ان علياً تصدق وناجى ثم نُسخت الآية قبل ان يعمل بها غيره) .
ولايعارض ذلك ما حكاه السيوطي عن الطبري وابن مردويه عن سعد بن ابيوقاص قال : نزلت (ياايها الذين آمنوا اذا ناجيتم الرسول فقدموا بين يدي نجواكم صدقة) فقدَّمتُ شعيرة فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله) : انك لزهيد فنزلت الآية الآخرى :( أأشفقم ان تقدموا بين يدي نجواكم صدقات )فان خبر سعد انما يدل على شُحِّه وعدم قيامه بالصدقة المطلوبة لاعلى مناجاته ولذا نزلت الآية الاخرى بعد قول النبي (صلى الله عليه وآله) له : انك لزهيد فكان ممن اشفق وتعلق به اللوم والانكار .
هذا ولاريب بدلالة الاية الشريفة على امامة أمير المؤمنين (عليه السلام) دون غيره ممن يقدر على الصدقة من الصحابة كالخلفاء الثلاثة وذلك لدلالتها على فضله عليهم وعلى معصيتهم بما يقتضي عدم صلاحهم للامامة حتى لو لم نعتبر العصمة في الامام .
اما دلالتها على فضله فلمسارعته للطاعة وعدم تساهله في طلب العلم بخلاف غيره ، واما على معصية من يقدر على الصدقة فلقوله تعالى : (أأشفقتم ان تقدموا بين يدي نجواكم صدقات ) فانه انكار ولَومٌ وهو يقتضي المعصية
وقوله تعالى : (فان لم تفعلوا وتاب الله عليكم ) فان التوبة تستدعي المعصية .
وقوله تعالى : (فقدموا بين يدي نجواكم صدقة ) فان الامر بتقديم الصدقة ظاهر في وجوبها فتجب المناجاة أيضاً ، والا لم يحصل عصيان بترك الصدقة لان وجوب الصدقة مشروط بالمناجاة فاذا تركا معاً لم يثبت عصيان ، وهو خلاف ما يقتضيه الانكار والتوبة ، فلابد من الالتزام بوجوبها معاً وبالعصيان بتركهما ومن الواضح ان المعصية بترك الصدقة اليسيرة ذات المصلحة الكبيرة الحاصلة بمناجاة الرسول (صلى الله عليه وآله) لاكبر دليل على البُخل والشُح ، ولذا عبر سبحانه بالاشفاق والبخيل لايصلح للامامة لاسيما بهذا البخل .
ومما صرح ببخلهم ما حكاه المصنف (رحمه الله) في «منهاج الكرامة» عن ابي نعيم عن ابن عباس قال : (ان الله حرم كلام رسول الله الا بتقديم الصدقة وبخلوا ان يتصدقوا قبل كلامه وتصدَّق علي ولم يفعل ذلك احد من المسلمين غيره ) واُجيب عن اشكال معصيتهم بضيق الوقت ، وفيه : انه لو ضاق لم يكن معنى للنسخ ولا للتنويه والانكار بالاشفاق على ان الوقت متسع وهو عشرُ ليال او نحوها ، بل الوقت الذي يتسع لمناجاة أمير المؤمنين ولو مرة وتقديم صدقته متسع لمناجاة غيره معه وتقديم صدقته .
ومن ذلك يظهر كذب ما رووه من بذل ابي بكر لماله الكثير في سبيل الله ، وان النبي (صلى الله عليه وآله) قال : ما نفعني مال مثل ماله ! فان من يُشفق ان يتصدق بالقليل في الفائدة الكثيرة لحري ان لايبذل المال الكثير .
وكذلك يظهر ان عثمان لم يبذل ما بذل في جيش العسرة كما زعموه الا للسمعة التي لم يكن يحسب انها تحصل في صدقة النجوى !
هذا وقد ذكر الرازي هنا ما يفيد العجب قال : (اقول : على تقدير ان افاضل الصحابة وجدوا الوقت وما فعلوا ذلك فهذا لم يجّرِ اليهم طعناً ! لان ذلك الاقدام على هذا العمل مما يضيق قلب الفقير فانه لا يقدر على فعله ويوحش قلب الغني فانه لما لم يفعل ذلك وفعله غيره صار سبباً للطعن فيما لم يفعل فهذا الفعل لما كان سبباً لحزن الفقراء ووحشة الاغنياء لم يكن في تركه كبير مضرة ! لان الذي يكون سبباً للالفة اولى مما يكون سبباً للوحشة ) !
وفيه : اوّلا : ان هذا يستلزم تخطئة الله سبحانه في الايجاب او الندب وهو كفر .
ثانياً: انه يرفع فضل ابي بكر في بذل ماله ، وفضل عثمان في تجهيز جيش العسرة وهو خلاف رأي اصحابه .
ثالثاً: انه يستلزم عُذر الغني في ترك الحج والزكاة وجميع المطلوبات المالية لان فعلها يضيق قلب الفقير ويوحش الغني .
رابعاً: انه لايضيق على قلب الفقير لعلمه بانه معذور عند الله وعند الناس مع دخول فائدة عليه بالصدقة .
خامساً: ان قوله لم يكن في تركه كبير مضرة بثبوت أصلها وهو مناف لباقي كلامه على ان اثبات أصلها اثبات للطعن .
ثم قال الرازي : (أيضاً فهذه المناجاة ليست من الواجبات ولا من الطاعات المندوبة بل قد بيَّنّا انهم كلّفوا بهذة الصدقة ليتركوا هذه المناجاة ولما كان الاولى بهذه المناجاة ان تكون متروكة لم يكن تركها سبباً للطعن !) .
وعليه فالطعن على أمير المومنين (عليه السلام) بفعل المناجاة لانه خلاف الاولى وهذا لعمر الله هو النصب والجور والاستهزاء بآيات الله والتلاعب بكتابه وأحكامه ، واي مسلم ينكر رجحان المناجاة بعد الصدقة ولم يدع احد ان الداعي لوجوب الصدقة ترك المناجاة بالكلية على انك عرفت دلالة الآية على وجوب المناجاة فضلا عن استحبابها ، وما كنت احب ان يبلغ هذا العناد بالرازي حتى يجعل الفضيلة التي تمناها ابن عمر منقصة ثم قال الرازي : (واما قوله : (وتاب عليكم ) فليس في الآية انه تاب عليكم من هذا التقصيرين يحتمل انكم اذا كنتم تائبين راجعين الى الله سبحانه واقمتم الصلاة وآتيتم الزكاة فقد كفاكم هذا التكليف ) وكأنه يرى ان الله تعالى قد أوكل اليه معاني الكتاب العزيز وان يحدث له معاني لا تنطبق على الفاظه فان الجملة الشرطية التي احتملها لا اثر لها في الآية اصلا ولا تدل عليها باحدى الدلالات وظاهر الآية او صريحها هو التوبة عليهم من عدم فعلهم للصدقة وان المعنى : فاذ لم تفعلوا ما امرتم به وتاب الله عليكم فلا تخُلُّوا بالواجبات الاخَر وهي اقامة الصلاة وايتاء الزكاة وطاعة الله ورسوله ومن تأمل في الحقيقة وتدبر في ايجاب عالم الغيب للصدقة على من يعلم انهم لم يعملوا مع نسخه عنهم قريباً بعد فعل أمير المؤمنين (عليه السلام) حتى اُنزل بذلك قرآناً يتلى على مرور الايام وانكر على المسلمين اشفاقهم وبخلهم علم ان المقصود كشف احوال المسلمين وبيان فضل أميرهم عليهم .

الهوامش
(1)دلائل الصدوق : 2 : 7 / 385 وفي ط بصيرتى قم : 15 / 104 ـ 107 .
(2) (ج 2 : 482) .


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page