• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الفصل الأول: عـهـــد الــطـــفــــولــــــة

نسب النبي صلى الله عليه وآله:

هو أبو القاسم محمد >صلى الله عليه وآله<، بن عبد الله، بن عبد المطلب، شيبة الحمد، بن هاشم، بن عبد مناف، بن قصي، بن كلاب بن مرة، بن كعب، بن لؤي، بن غالب، بن فهر، بن مالك، بن نضر، بن كنانة، بن خزيمة، بن مدركة، بن إلياس، بن مضر، بن نزار، بن معد، بن .
قالوا: إن هذا هو المتفق عليه من نسبه الشريف، أما ما فوقه ففيه اختلاف كثير، غير أن مما لا شك فيه هو أن نسب عدنان ينتهي إلى إسماعيل >عليه السلام<.
وقد روي أنه >صلى الله عليه وآله< قال: >إذا بلغ نسبي إلى عدنان فأمسكوا<([1]).
ونحن نمسك هنا امتثالاً لأمره >صلى الله عليه وآله<.
وأمه >صلى الله عليه وآله<: هي آمنة بنت سيد بني زهرة، وهب بن عبد مناف، بن زهرة، بن كلاب.

مولد النبي صلى الله عليه وآله:

ولد النبي >صلى الله عليه وآله< بمكة عام الفيـل على المشهور([2])، أي قبل البعثة بأربعين سنة.
والمشهور عند الإمامية وبعض من غيرهم أنه ولد في السابع عشر من شهر ربيع الأول.
والمشهور عند غيرهم ووافقهم الكليني: أنه ولد لاثنتي عشرة ليلة خلت منه([3]).
وثمة أقوال أخر لا مجال لذكرها.
ونص الطبرسي، والكليني على: أنه >صلى الله عليه وآله< قد ولد في يوم الجمعة، وعند غير الإمامية: أنه ولد في يوم الإثنين، وورد: أن أمه قد حملت به في أيام التشريق، وهي الحادي عشر، والثاني عشر والثالث عشر من ذي الحجة([4]).
ولا يخلو ذلك من إشكال؛ لأنها إن كانت ولدته في تلك السنة، فإن حملها به >صلى الله عليه وآله< يكون ثلاثة أشهر، وتزيد قليلاً، وإن كانت ولدته في السنة الثانية، فمدة حمله تكون خمسة عشر شهراً، مع أن أقل مدة الحمل ستة أشهر، وأقصاها سنة عند المشهور من الإمامية.
وأجيب: بأن ذلك مبني على النسيء في الأشهر الحرم عند العرب، فإنهم كانوا يقولون مثلاً:
إن الأشهر الحرم توضع بعد أربعة أشهر مثلاً، ثم يستحلون القتال في نفس الأشهر التي رُفع الاعتبار عنها.
ولكن إن لم نقل بأن الحمل به >صلى الله عليه وآله< أربعة أشهر قد كان من خصوصياته >صلى الله عليه وآله< فلا يمكننا قبول تلك الرواية حتى ولو صح سندها، وذلك لأن كون تلك الرواية واردة بناءً على أشهر النسيء يحتاج إلى إثبات، إذ لم نعهد في تعبيرات المعصومين بناء كلامهم على النسيء، الذي هو زيادة في الكفر، كما لم نعهد ذلك في كلمات المحدثين والمؤرخين، ولا سيما مع عدم نصب قرينة على ذلك.

تعقيب هام وضروري:

لقد قال الإربلي >رحمه الله<، بعد أن أشار إلى الاختلاف في تاريخ ولادته >صلى الله عليه وآله<: >إن اختلافهم في يوم ولادته سهل، إذ لم يكونوا عارفين به، وبما يكون منه، وكانوا أميين لا يعرفون ضبط مواليد أبنائهم، فأما اختلافهم في موته، فعجيب، والأعجب من هذا، اختلافهم في الأذان والإقامة، بل اختلافهم في موته أعجب؛ فإن الأذان ربما ادعى كل قوم أنهم رووا فيه رواية، فأما موته فيجب أن يكون معيناً معلوماً<([5]).
وكلام الإربلي >رحمه الله< ظاهر المأخذ، فهو يقول: إن اختلافهم في تاريخ ولادة النبي >صلى الله عليه وآله< ربما تكون له مبرراته، ولكن ما يثير الدهشة حقاً هو اختلافهم في يوم وفاته >صلى الله عليه وآله<، مع أنهم كانوا قد عرفوا فيه >صلى الله عليه وآله< المنقذ والمخرج لهم من الظلمات إلى النور، ومن الموت إلى الحياة، مع عدم وجود هوى سياسي أو مذهبي يقتضي إبهام ذلك، أو إجماله، أو التلاعب فيه.
وأغرب من ذلك كله، هو اختلافهم في الكثير الكثير من الأمور التي كانوا يمارسونها مع النبي >صلى الله عليه وآله< عدة مرات يومياً، طيلة سنين عديدة، حتى إنك لتجدهم يروون المتناقضات عنه >صلى الله عليه وآله< في أفعال الوضوء والصلاة، وهم كانوا يؤدونها معه >صلى الله عليه وآله< خمس مرات في كل يوم.
بل قد تجد بعضهم يقول: إنهم إنما كانوا يعرفون أنه >صلى الله عليه وآله< يقرأ في صلاة الظهر والعصر من اضطراب لحيته([6]).
أما اختلافهم في الأذان الذي كانوا يتربَّون على سماعه منذ صغرهم، فذلك ظاهر أيضاً، كما أشار إليه الأربلي >رحمه الله<.
وإذن.. فما هو مدى معرفتهم بتلك الأحكام التي يقل الابتلاء بها، والتعرض لها عادة يا ترى؟!.
وأيضاً.. هل يصح اعتبار أقوال هؤلاء وأفعالهم سُنة ماضية، وشريعة متبعة؟ ـ كـما هو عند بعض الفرق الإسلاميـة ـ بل تجد بعضهم ربما يردُّ الحديث الصحيح لقول صحابي، أو لقول حاكم، إن ذلك لعجيب! وأي عجيب!!
وإذا كانوا يختلفون حتى في مثل هذه الأمور؛ فهل يعقل بعد هذا أن يصح قول البعض: إنه >صلى الله عليه وآله< قد ترك الأمة هكذا هملاً، بلا قائد ولا رائد؟ ولا معلم، ولا مرشد؟ على اعتبار أن الأمة تكون مستغنية عن الهداية والرعاية؟!.
وهذا موضوع هام جداً يحتاج إلى بحث وتمحيص بصورة مفصلة.

قصة كاذبة:

وقد روي عن عبد الله بن عباس أنه قال: سمعت أبي العباس يحدث، قال: ولد لأبي عبد المطلب عبد الله فرأينا في وجهه نوراً يظهر كنور الشمس، فقال أبي: إن لهذا الغلام شأناً عظيماً.
قال: فرأيت في منامي أنه خرج من منخره طائر أبيض..
إلى أن قال: فلما انتبهت، سألت كاهنة من بني مخزوم، فقالت: يا عباس، لئن صدقت رؤياك ليخرجن من صلبه ولد يصير أهل المشرق والمغرب تبعاً له.
إلى أن قال: فلما مات عبد الله، وولدت آمنة رسول الله >صلى الله عليه وآله< أتيته، ورأيت النور بين عينيه يزهر، فحملته، وتفرست في وجهه..
ثم تذكر الرواية ما رأته آمنة، ثم تقول: فهذا ما رأيت يا عباس.
قال ـ يعني العباس ـ : وأنا يومئذٍ أقرأ، وكشفت عن ثوبه، فإذا خاتم النبوة بين كتفيه، فلم أزل أكتم شأنه وأنسيت الحديث، فلم أذكره إلى يوم إسلامي، حتى ذكرني رسول الله >صلى الله عليه وآله<([7]).
وأقول:
إن هذا الحديث لا يصح، لأن العباس كان أكبر من النبي >صلى الله عليه وآله< بسنتين ـ كما يدّعون ـ([8]) فكيف يكون قد حضر ولادة أبيه عبد الله، ورأى ذلك المنام ثم ذهب إلى الكاهنة، ثم حين ولادة الرسول أخذه وحمله الخ.؟
هذا بالإضافة إلى: أن نسيانه لهذا الأمر الخطير جداً هو الآخر غير معقول.
ولو سلمنا: أنه نسيه، فكيف لا يذكره حين بعثة الرسول >صلى الله عليه وآله<، ويبادر إلى التصديق به، وإعلان إسلامه، بل يتأخر في ذلك هذه السنين الطويلة، إلى عام الفتح كما يقولون.
والحقيقة هي: أنهم يريدون من أمثال هذه الحكايات إثبات فضائل للعباس >رحمه الله<، مثل كونه أول من أسلم، بل أسلم قبل ولادة النبي >صلى الله عليه وآله< نفسه، وما إلى ذلك.

مصير الدار التي ولد فيها صلى الله عليه وآله:

وكانت ولادته >صلى الله عليه وآله<، في شعب بني هاشم، أو شعب أبي طالب؛ في الدار التي اشتراها محمد بن يوسف، أخو الحجاج من ورثة عقيل بن أبي طالب >رحمه الله تعالى< بمائة ألف دينار، ثم صيرتها الخيزران أم الرشيد مسجداً، يصلي فيه الناس([9]) ويزورونه، ويتبركون به، وبقي على حالته تلك، فلما: >أخذ الوهابيون مكة في عصرنا هذا هدموه، ومنعوا من زيارته، على عادتهم في المنع من التبرك بآثار الأنبياء والصالحين، وجعلوه مربطاً للدواب<([10]).

رضاعه صلى الله عليه وآله:

ويقولون: إن أمه >صلى الله عليه وآله< قد أرضعته يومين أو ثلاثة، ثم أرضعته ثويبة مولاة أبي لهب أياماً([11]).
ثم قدمت حليمة السعدية >رحمها الله< مكة مع رفيقات لها، بحثاً عن ولد ترضعه؛ لتستفيد من رعاية أهله، ومعوناتهم؛ فعُرض >صلى الله عليه وآله< عليها، فرفضته ـ في بادئ الأمر ـ ليتمه، ولكنها عادت، فقبلته، حيث لم تجد غيره، فرأت فيه كل خير وبركة؛ فأرضعته سنتين، ثم أعادته إلى أهله، وهـو ابـن خمس سنين ويومين ـ كما يقـولـون ـ ليكون في كفالة جده عبد المطلب، ثم عمه أبي طالب.
ويقول العلامة المحقق السيد مهدي الروحاني: إن قولهم: إنها رفضته في أول الأمر ليتمه إنما يصح بالنسبة ليتيم ضائع، لا أهمية له، وأما بالنسبة لمحمد >صلى الله عليه وآله< فإن كافله عبد المطلب سيد هذا الوادي، وأمه آمنة بنت وهب، من أشراف مكة.
بل ثمة من يقول: إنه لم يكن حينئذٍ يتيماً، وإن أباه قد توفي بعد ولادته بعدة أشهر، قيل: ثمانية وعشرين شهراً، وقيل: سبعة أشهر.([12]) انتهى كلامه.

لماذا الرضاع في البادية؟!:

وعلى كل حال فقد كان إرسال الأطفال إلى البادية للرضاع، هو عادة أشراف مكة، حيث يرون أن بذلك ينشأ أطفالهم:
أصح أبداناً، وأفصح لساناً، وأقوى جناناً، وأصفى فكراً وقريحة، وهي نظرة صحيحة وسليمة، وذلك لما يلي:
أما كونهم:
1 ـ أصحّ ابداناً، فلأنهم يعيشون في الهواء الطلق، ويواجهون مصاعب الطبيعة فتصير لـديهم منـاعة طبيعية تجـاه مختلف المتغيرات، في مختلف الظروف.
2 ـ وكونهم أفصح لساناً، من حيث إنهم يقل اختلاطهم بأهل الأقطار الأخرى، من الأمم الأخرى، على عكس سكان المدن، ولا سيما مكة، التي كانت تقيم علاقات تجارية بينها وبين سائر الأقطار والأمم، ولها رحلتا الشتاء والصيف إلى البلاد التي تتاخم البلاد الأجنبية، التي لا يبعد تأثرها بها ـ قليلاً كان ذلك أو كثيراً ـ .
3 ـ وكونهم أقوى جناناً، لما قدمناه في مطاوي كلماتنا في الفصل الأول.
4 ـ وأما أنهم أصفى فكراً وقريحة، فهو حيث يبتعد الإنسان حينئذٍ عن هموم المدينة، وعن علاقاتها المعقدة والمرهقة، حيث لا يواجه في البادية إلا العيش الساذج والبسيط، والحياة على طبيعتها، ولا يتأثر فكره وعقله بالمفاهيم والأفكار التي تفرضها تلك الحياة المثقلة بالعلاقات المنحرفة، ثم هو يجد الفرصة للتأمل والتفكر والتعرف على أسرار الطبيعة والكون، ولو في حدود عالمه الناشئ المحدود، ومداركه الناشئة أيضاً. وليكون من ثم ذا فكر مبدع خلاق، وقريحة صافية وغنية، ولكن بشرط عدم الاستمرار في هذه الحياة طويلاً، فإن الاستمرار في حياة البادية من شأنه أن يجعل الإنسان يعاني من الجمود والانغلاق، ثم هو يكوِّن لنفسه مفاهيم وأفكاراً؛ يحولها الزمن إلى حقائق لا تقبل الجدل عنده، ويصير من الصعب عليه قبول أي رأي آخر يسير في غير اتجاه قناعاته وأفكاره، فإن تدرب الإنسان على أن يسمع النقد والمخالفة في الرأي يبعده عن الاستبداد الفكري، ويجعله يبحث عن الدليل والمبرر لكل فكرة لديه، وإلا؛ فإنه يصير على استعداد للتخلي عنها إلى غيرها مما يستطيع أن يدافع عنه ويستدل عليه، وهذا أمر طبيعي يعرفه الإنسان بالمشاهدة، ويستدل عليه بالتقصي والتجربة.
غير أننا لا نستطيع تطبيق هذا المنطق على رسول الله >صلى الله عليه وآله<، الذي كان مرعياً بعين الله، وموضعاً لألطافه وعناياته.. وقد كان غنياً بالله عن ذلك كله..

أخوا النبي صلى الله عليه وآله من الرضاعة:

ويقال: إن أبا سلمة كان أخاً للنبي >صلى الله عليه وآله< من الرضاعة، وأخوهما منها أيضاً حمزة بن عبد المطلب، أرضعتهم ثويبة، مولاة أبي لهب بلبن ولدها مسروح([13]).
وقد تقدم: قولهم: إن ثويبة قد أرضعت النبي >صلى الله عليه وآله< أياماً، ونحن نشك في ذلك، ولا بد لنا في مجال توضيح ذلك من التوسع في البحث نسبياً فنقول:
إرضاع ثويبة للرسول صلى الله عليه وآله لا يصح:
إننا نشك في: أن تكون ثويبة قد أرضعت هؤلاء، ولا سيما رسول الله >صلى الله عليه وآله<، وشكنا في ذلك ناشئ عن الأمور التالية:
أولاً: تناقض الروايات، ويكفي أن نذكر:
أ ـ بالنسبة للمدة التي أرضعتها رسول الله >صلى الله عليه وآله<، نجد بعضها يقول: أرضعته أياماً([14]) من دون تحديد، وبعضها يقول: أربعة أشهر تقريباً([15]).
وفي حين نجد بعضها يقول: إن أمه أرضعته ثلاثة أيام([16])، وقيل: سبعة([17]). وقيل: تسعة([18]).
>ولعل أحدهما تصحيف للآخر، بسبب عدم النقط في تلك العصور، وتشابه رسم الكلمتين<.
وقيل: سبعة أشهر([19]).
وبعضهم لم يحدد مدة إرضاعها له >صلى الله عليه وآله<([20]).
نعم، إننا في حين نجدهم يقولون ذلك بالنسبة لإرضاع أمه له، فإننا نجدهم يذكرون: أن حليمة السعدية أرضعته >صلى الله عليه وآله<، بعد سبعة أيام من مولده فقط([21]) من دون تحديد من أرضعه مدة الأيام السبعة نفسها، مع العلم: أنه بعد إرضاع حليمة له، لم يرتضع من غيرها، وإذا كانت أمه قد أرضعته فيها، فمتى أرضعته ثويبة يا ترى؟!.
ومن جهة أخرى: فإن البعض يصرح بأن أول من أرضعته ثويبة([22]).
وبعضهم يصرح بأن أمه أول من أرضعته([23]).
ب ـ تناقض الروايات في وقت عتق ثويبة، هل كان ذلك حينما بشرت أبا لهب بولادته >صلى الله عليه وآله< فأعتقها فأرضعته، أو كان بعد حوالي خمسين سنة، قبيل الهجرة، أو بعدها، كما سيأتي إن شاء الله تعالى؟!.
وثانياً: لقد ذكرت الرواية: أن ثويبة قد أرضعت النبي >صلى الله عليه وآله< وأرضعت معه حمزة، وأبا سلمة بلبن ولدها مسروح، ونقول: إن ذلك لا يكاد يصح، لأن حمزة كان أكبر من النبي >صلى الله عليه وآله< بأربع سنين([24]) وقيل: كان أكبر منه بسنتين([25]).
فإننا حتى لو أخذنا بالسنتين، فإن حمزة يكون قد بلغ الفطام قبل أن يولد رسول الله >صلى الله عليه وآله<، كما أنها إذا كانت قد ولدت ولدها قبل فطام حمزة، فلا بد أن يفطم قبل ولادة رسول الله >صلى الله عليه وآله<، فكيف تكون قد أرضعت الرسول بلبن ولدها؟ وإن كان قد ولد بعد فطام حمزة فكيف تكون قد أرضعت حمزة بلبن ولدها مسروح؟
وأما إذا أخذنا بالقول الأول، فإن القضية تصبح أكثر إشكالاً، وأبعد منالاً.

مع أبي عمر في ترجيحه للقول الثاني:

ويلاحظ، أن أبا عمر قد رفض القول الأول، ورجح الثاني، استناداً إلى قضية الإرضاع، ثم استدرك على ذلك، قائلاً: >إلا أن يكون أرضعتهما في زمانين<([26]).
ولكنه كلام لا يصح، لأن ما ذكره ليس بأولى من العكس، بحيث تكون زيادة عمره أربع سنين دليلاً على عدم صحة إرضاع ثويبة له بلبن مسروح.
وأما استدراكه المذكور، فيبعِّده: أن الرواية تقول: إنهما معاً قد رضعا بلبن مسروح([27])، فلا يصح: أن يكون رضاعهما في زمانين.

توجيه غير وجيه:

وحاول محب الدين أحمد بن عبد الله الطبري توجيه ذلك بأنه: يمكن أن تكون أرضعت حمزة في آخر سنيه، في أول رضاع ابنها؛ وأرضعت النبي >صلى الله عليه وآله< في أول سنيه، في آخر رضاع ابنها، فيكون أكبر بأربع سنين([28]).
ونقول:
أولاً: إن ذلك، وإن كان ممكناً في نفسه، ولكنه أمر بعيد الوقوع عادة، لأنه يتوقف على أن تكون قد أرضعت ولدها مسروحاً أكثر من سنتين، فكيف إذا كانت قد أرضعته أربعة أشهر، حسبما تقدم عن بعض الروايات؟
وثانياً: يزيده بعداً: أننا نجد في بعض النصوص ما يفيد: أن حمزة كان حين قضية وفاء أبيه عبد المطلب بنذره بذبح أحد ولده كبيراً، وراشداً.
بيان ذلك:
أن عبد المطلب رضوان الله تعالى عليه كان قد نذر: لئن وُلد له عشرة نفر، ثم بلغوا معه، حتى يمنعوه، ليذبحنّ أحدهم لله، عند الكعبة، فلما تكامل بنوه عشرة، وعرف أنهم سيمنعونه، وهم:
الحارث، والزبير، وحجل، وضرار، والمقوم، وأبو لهب، والعباس، وحمزة وأبو طالب، وعبد الله، جمعهم، ثم أخبرهم بنذره.
إلى أن تذكر الرواية: أنه أقرع بينهم فـ : >خرج القدح على ابنه عبد الله، وكان أصغر ولده، وأحبهم إليه، فأخذ عبد المطلب بيد ابنه عبد الله، وأخذ الشفرة الخ..<.
ثم تذكر الرواية: أن العباس هو الذي اجتذب عبد الله من تحت رجل أبيه، فراجع([29]).

مناقشة غير موفقة:

وناقشوا في هذه الرواية: بأن العباس إنما كان يكبر النبي بثلاث سنوات فقط، فقد روي عن العباس نفسه أنه قال:
أذكر مولد رسول الله >صلى الله عليه وآله<، وأنا ابن ثلاثة أعوام، أو نحوها، فجيء به حتى نظرت إليه، فجعلت النسوة يقلن لي: قبِّل أخاك([30])، فقبلته([31]).
ولكن الإيراد بما ذكر ليس بأولى من العكس؛ فإن من الممكن أن تكون رواية ابن إسحاق هي الصحيحة، وأما رواية أن العباس كان يكبر النبي >صلى الله عليه وآله< بثلاث سنين فقط، فلعلها هي الموضوعة لأهداف سياسية من قبل العباسيين في ما بعد.
ويؤكد ذلك: أن ابن إسحاق حجة في السيرة النبوية، غير مدافع([32])، فلا يرد قوله؛ استناداً إلى رواية يحتمل في حقها ما ذكرناه.
وإذن، فقد يكون عمر حمزة والعباس، حين قضية الذبح حوالي ثمان إلى عشر سنين، يضاف إليها خمس سنوات كانت بين قصة الذبح وبين ولادة رسول الله >صلى الله عليه وآله<([33])، ويصير المجموع حوالي ثلاث عشرة إلى خمس عشرة من السنين تقريباً.
وهذا الذي ذكرناه من الإشكال دفع البعض إلى أن يقول: إنها أرضعت حمزة قبل رسول الله >صلى الله عليه وآله< وأرضعت بعده أبا سلمة([34]).
ولكن يرد عليه: أن تصريح الرواية بأنها أرضعتهم جميعاً بلبن ابنها مسروح يأبى هذا الجمع التبرعي، الذي لا يستند إلى أي دليل.
إلا أن يكون مراده ما تقدم عن محب الدين أحمد بن عبد الله الطبري: بأن تكون قد أرضعت حمزة في أواخر سنيه، في آخر رضاع ابنها.
ولكنه بناءً على ما قدمناه من أن من الممكن أن يكون حمزة كان يكبر النبي >صلى الله عليه وآله< بحوالي عقد من الزمن لا يصح حتى بناءً على قول الطبري هذا.

عدد أولاد عبد المطلب:

بقي علينا أن نشير إلى المناقشة التي تقول: إن أولاد عبد المطلب، كانوا ثلاثة عشر، وأن حمزة والعباس قد ولدا فيما بعد، فإنها مناقشة مردودة، لأن >حجلاً< هو في الحقيقة لقب للغيداق، و>المقوم< لقب لعبد الكعبة، أما >قثم< فلا وجود له أصلا، حسبما ذكره البعض([35]).
وقد تحدثنا عن هذا الأمر في كتابنا >مختصر مفيد< فيمكن مراجعته.
وأخيراً..
فإننا نشير إلى أن اليعقوبي ينص على أن عـدد أولاد عبد المطلب: عشرة، ولكنه حينما يعد أسماءهم يذكر اسم أحد عشر رجلاً([36]).
إلا أن يكون: قد ذكر لواحد منهم كلاً من اسمه ولقبه، حتى بدا أنهما اثنان، مع أنهما لواحد.

أبو لهب وعتق ثويبة:

ويبقى أن نشير إلى أنهم يقولون ـ حسبما تقدم ـ :
أنه لما ولد رسول الله >صلى الله عليه وآله<، جاءت ثويبة إلى مولاها أبي لهب، فبشرته بولادته >صلى الله عليه وآله< فأعتقها، فأرضعت النبي >صلى الله عليه وآله< بلبن ولدها مسروح.
ثم رئي أبو لهب بعد موته في النوم ـ رآه العباس ـ حسب رواية ذكرهـا طائفة من المـؤلفين، أو رآه النبي >صـلى الله عـلـيه وآلـه< ـ حسب روايـة اليعقوبي ـ بشرِّ حال، وأسوئه، فسأله عن حاله، فأخبره:
أنه بشرِّ حال غير أنه يخفف عنه العذاب ـ أو يسقى في نقرة إبهامه ـ كل يوم إثنين، لعتقه ثويبة؛ حينما بشرته بذلك([37]).
قال القسطلاني: >.. قال ابن الجزري: فإن كان هذا أبو لهب، الكافر، الذي نزل القرآن بذمه، جوزي في النار بفرحه ليلة مولد النبي >صلى الله عليه وآله< به؛ فما حال المسلم الموحد من أمته >صلى الله عليه وآله<، الذي يسر بمولده، ويبذل ما تصل إليه قدرته في محبته؟!. لعمري، إنما يكون جزاؤه من الكريم: أن يدخله بفضله العميم جنات النعيم([38]). ورحم الله حافظ الشام شمس الدين محمد بن ناصر، حيث قال:
إذا كـان هـذا كـافــر جــاء ذمــه         وتـبـت يــداه في الجـحـيم مخـلدا
أتـى أنـه في يــوم الإثـنـين دائمــاً              يخـفـف عـنـه للســرور بـأحمـدا
فما الظن بـالعبد الـذي كـان عمره              بأحمد مسروراً ومات مـوحدا؟!([39])
ونقول:
إن هذا الكلام كله باطل، ولا يصح، وذلك لأنهم يقولون:
إن عتق ثويبة قد تم بعد مولده >صلى الله عليه وآله< بدهر طويل، أي بعد أزيد من خمسين سنة؛ إما قبيل الهجرة أو بعدها. وكانت خديجة رضوان الله تعالى عليها تحاول شراءها من أبي لهب لتعتقها، بسبب ما يزعم من إرضاعها له >صلى الله عليه وآله<، فرفض أبو لهب بيعها([40]).
وقد حاول الحلبي توجيه ذلك: بأن من الممكن أن يكون أبو لهب قد أعتقها أولاً، لكنه لم يذكر ذلك، ولم يظهره، ورفض بيعها لخديجة لكونها كانت معتوقة، ثم عاد فأظهر ذلك([41]).
ولكنه توجيه باطل: إذ من غير المعقول ولا المقبول؛ أن لا يظهر للناس، ولا يطلعوا على عتقه لجاريته طيلة ما يزيد على ثلاث وخمسين سنة، ولمـاذا لم تخبر هي نفسها أحـداً بذلك، ومـا هو الداعي له ولهـا للكتمان، ولا سيما قبل النبوة، وما هو الداعي للإظهار بعد ذلك، ولا سيما بعد الهجرة؟!.
ولماذا بقيت هذه الجارية التي أعتقها عنده طيلة هذه المدة المتمادية، وهي خارجة عن ملكه؟
هذا كله؛ عدا عن أنه لا حجية في المنامات، ولا اعتبار بها.
وعدا عن أن الرواية مرسلة أيضاً.
وأما بالنسبة لتخفيف العذاب عن أبي لهب، فنقول: إن فرحه إذا كان استجابة لحاجة نفسية طبيعية، ولم يكن لله سبحانه وتعالى، فلماذا يثاب عليه، ولماذا يخفف عنه العذاب لأجله، والافعال الحسنة إنما يلقى الكفار جزاءها في الدنيا لا في الآخرة، فإنه ليس لهم في الآخرة من خلاق، ولا لهم فيها نصيب، وقد قال تعالى: {وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً}([42]).

شرك أبي لهب:

إن المعلوم: أن أبا لهب قد بقي على شركه، وكان من أعدى أعداء الله، والإسلام، ورسول الإسلام، فلا يعقل أن يجعل الله له يداً على النبي >صلى الله عليه وآله< يستحق المكافأة عليها، ولأجل ذلك لم يكن >صلى الله عليه وآله< يقبل هدية مشرك، بل كان يردها([43]).
وقد قال >صلى الله عليه وآله<: >اللهم لا تجعل لفاجر، ولا لفاسق عندي نعمة<([44]) فكيف إذا كان هذا الفاسق والفاجر هو أبو لهب لعنه الله بالذات؟!.
هذا كله، عدا عن أن نفس ثويبة لم يعلم لها إسلام، حتى لقد قال أبو نعيم:
لا أعلم أحداً أثبت إسلامها غير ابن مندة، مع أنها قد توفيت سنة سبع من الهجرة([45]).
وأي نعمة أعظم من إرضاعها له >صلى الله عليه وآله<؟!.
وبعض من تأخر قد نقل: أنها أسلمت([46]). ولعله استند في ذلك إلى قول ابن مندة، أو استفاد ذلك مما ينقل عن برّ  النبي الأكرم  >صلى الله عليه وآله< بها([47]).
وقال العسقلاني: >.. وفي باب من أرضع النبي >صلى الله عليه وآله< ما يدل على أنها لم تسلم<([48]).
وعلى كل حال؛ فإن كل ما تقدم، وسواه، يجعلنا نشك كثيراً في أن تكون ثويبة قد أرضعت رسول الله، وحمزة، وأبا سلمة، بلبن ولدها مسروح ليكونوا جميعاً أخوة من الرضاعة.

تنازع الظئر في رضاعه:

وروى مجاهد، قال: قلت لابن عباس: وقد تنازعت الظئر في رضاع محمد؟!.
قال: أي والله، وكل نساء الجن..
إلى أن قال: فخص بذلك حليمة([49]).
وروى أبو الحسن البكري في كتابه الأنوار، قال: حدثنا أشياخنا، وأسلافنا الرواة: أنه كان من عادة أهل مكة، إذا تم للمولود سبعة أيام، التمسوا له مرضعة ترضعه..
إلى أن قال: فتطاولت النساء لرضاعته وتربيته..
ثم يذكر: أن الهاتف أخبر آمنة: بأن مرضعته في بني سعد، واسمها حليمة؛ فظلت تتوقع مجيئها، حتى جاءت؛ فأعطتها إياه([50]).
وذلك واضح الدلالة على عدم صحة ما يقال: من أن النساء المرضعات قد زهدن فيه ليتمه، وأن حليمة إنما قبلت به لأنها لم تجد سواه، ولم تحب أن ترجع رفيقاتها برضيع، وترجع هي خالية.
ومما يدل على عدم صحة ذلك أيضاً: أن عبد المطلب قد قال لحليمة: >أنا جده، أقوم مقام أبيه، فإن أردت أن ترضعيه دفعته إليك، وأعطيتك كفايتك<([51]).
وثمة رواية أخرى تدل على عدم صحة ذلك أيضاً رواها المجلسي، عن الواقدي، فلتراجع([52]).

حديث شق الصدر:

وما دمنا في الحديث عن رضاعه >صلى الله عليه وآله< في بني سعد، فإننا لا نرى مناصاً من إعطاء رأينا في رواية وردت في هذه المناسبة، وهي التالية:
أخرج مسلم بن الحجاج: >عن أنس بن مالك: أن رسول الله >صلى الله عليه وآله< أتاه جبرئيل، وهو يلعب مع الغلمان، فأخذه وصرعه، فشق عن قلبه، فاستخرج القلب، واستخرج منه علقـة؛ فقـال: هذا حظ الشيطـان منك، ثم غسله في طست من ذهب، بماء زمزم، ثم لأمه، ثم أعاده في مكانه.
وجاء الغلمان يسعون إلى أمه ـ يعني ظئره ـ فقالوا: إن محمداً قد قتل، فاستقبلوه، وهو منتقع اللون.
قال أنس: وقد كنت أرى أثر ذلك المخيط في صدره([53]).
وكان ذلك هو سبب إرجاعه >صلى الله عليه وآله< إلى أمه<([54]).
وكتب الحديث والسيرة عند غير الإمامية لا تخلو عن هذه الرواية غالباً، بل قد ذكروا أنه قد شُقَّ صدره >صلى الله عليه وآله< خمس مرات، أربع منها ثابتة: مرة في الثالثة من عمره، وأخرى في العاشرة، وثالثة عند مبعثه، ورابعة عند الإسراء، والخامسة فيها خلاف.

توجيه غير وجيه:

ويقولون: إن تكرار شق صدره إنما هو زيادة في تشريفه >صلى الله عليه وآله<، وقد نظم بعضهم ذلك شعراً فقال:

 

         أيا طـالبـاً نظم الفرائـد في عـقــد         مواطن فيها شق  صدر لذي رشـد
        لـقــد شـق صـدر للـنـبي محـمـد         مراراً لتشريف، وذا غـايــة  المجـد
          فـأولى لــه الـتـشريف فيها مـؤثـل      لتطهيره من مضغة   فـي بني  سعد
         وثـانـيـة كـانت لـه وهـو يــافــع                   وثـالـثـة للمـبـعث الـطيب الــند
       ورابـعـة عـنـد الـعــروج لــربــه             وذا باتفاق فاستمع يا أخا  الـرشـد
             وخـامســة فـيـهـا خـلاف تركتها        لفقدان تصحيح لها عند ذي النقد([55])

كما أننا في نفس الوقت الذي نرى فيه البعض يعتبر هذه الرواية من إرهاصات النبوة كما صرح به ناظم الأبيات السابقة وغيره([56])، ومثار إعجاب وتقدير.
فإننا نرى: أنها عند غير المسلمين، إما مبعث تهكم وسخرية، وإما دليل لإثبات بعض عقائدهم الباطلة، والطعن في بعض عقائد المسلمين.
ونرى فريقاً ثالثاً: >يعتبر الرواية موضوعة، من قبل من أراد أن يضع التفسير الحرفي لقولـه تعـالى: {أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ، وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ}([57])<([58]).
واعتبرها صاحب مجمع البيان أيضاً: >مما لا يصح ظاهره، ولا يمكن تأويله إلا على التعسف البعيد؛ لأنه كان طاهراً مطهراً من كل سوء وعيب، وكيف يطهر القلب وما فيه من الاعتقاد بالماء<؟([59]).
ونجد آخر([60]) يحاول أن يناقش في سند الرواية، ونظره فقط إلى رواية ابن هشام، عن بعض أهل العلم، ولكنه لم يعلم أنها واردة في صحيح مسلم بأربعة طرق، ولو أنه اطلع على ذلك لرأينا له موقفاً متحمساً آخر؟ لأنها تكون حينئذٍ كالوحي المنزل، على النبي المرسل.
ولعل خير من ناقش هذه الرواية نقاشا موضوعياً سليماً هو العلامة الشيخ محمود أبو رية في كتابه القيِّم: >أضواء على السنة المحمدية<؛ فليراجعه من أراد..

رأينا في الرواية:

ونحن هنا نشير إلى ما يلي:
1 ـ إن ابن هشام وغيره يذكرون: أن سبب إرجاع الرسول >صلى الله عليه وآله< إلى أمه، هو أن نفراً من الحبشة نصارى، رأوه مع مرضعته، فسألوا عنه، وقلبوه، وقالوا لها: لنأخذن هذا الغلام، فلنذهبن به إلى ملكنا وبلدنا إلخ([61]).
وبذلك تصير الرواية المتقدمة التي تذكر أن سبب إرجاعه إلى أمه هو قضية شق الصدر محل شك وشبهة.
2 ـ كيف يكون شق صدره >صلى الله عليه وآله< هو سبب إرجاعه إلى أمه؛ مع أنهم يذكرون:
أن هذه الحادثة قد وقعت له >صلى الله عليه وآله< وعمره ثلاث سنين، أو سنتان وأشهر، مع أنه إنما أعيد إلى أمه بعد أن أتم الخمس سنين.
3 ـ هل صحيح أن مصدر الشر هو غدة، أو علقة في القلب، يحتاج التخلص منها إلى عملية جراحية؟!.
وهـل يعني ذلك أن باستطاعة كل أحد ـ فيما لو أجريت له عملية جراحية لاستئصال تلك الغدة ـ أن يصبح تقياً ورعاً، خيّراً؟!.
أم أن هذه الغدة أو العلقة قد اختص الله بها الرسول الأعظم >صلى الله عليه وآله<، وابتلاه بها دون غيره من بني الإنسان؟!. ولماذا دون غيره؟!.
4 ـ لماذا تكررت هذه العملية أربع، أو خمس مرات، في أوقات متباعدة؟ حتى بعد بعثته >صلى الله عليه وآله< بعدة سنين، وحين الإسراء والمعراج بالذات؟!
فهل كانت تلك العلقة السوداء، وحظ الشيطان تستأصل، ثم تعود إلى النمو من جديد؟! وهل هي من نوع مرض السرطان الذي لا تنفع معه العمليات الجراحية، والذي لا يلبث أن يختفي حتى يعود إلى الظهور بقوة أشد، وأثر أبعد؟!.
ولماذا لم تعد هذه العلقة إلى الظهور بعد العملية الرابعة أو الخامسة، بحيث يحتاج إلى السادسة، فالتي بعدها؟!.
ولماذا يعذب الله نبيه هذا العذاب، ويتعرض لهذه الآلام بلا ذنب جناه؟! ألم يكن بالإمكان أن يخلقه بدونها من أول الأمر؟!.
5 ـ وهل إذا كان الله يريد أن لا يكون عبده شريراً يحتاج لإعمال قدرته إلى عمليات جراحية كهذه، على مرأى من الناس ومسمع؟!.
وتعجبني هذه البراعة النادرة لجبرئيل في إجراء العمليات الجراحية لخصوص نبينا الأكرم >صلى الله عليه وآله<.
وألا تعني هذه الرواية: أنه >صلى الله عليه وآله< كان مجبراً على عمل الخير، وليس لإرادته فيه أي أثر أو فعالية، أو دور؟! لأن حظ الشيطان قد أبعد عنه بشكل قطعي وقهري، وبعملية جراحية، كان أنس بن مالك يرى أثر المخيط في صدره الشريف!!.
6 ـ لماذا اختص نبينا بعملية كهذه ولم تحصل لأي من الأنبياء السابقين عليهم الصلاة والسلام([62])؟
أم يعقل أن محمداً >صلى الله عليه وآله<، أفضل الأنبياء وأكملهم، كان فقط بحاجة إلى هذه العملية؟! الجراحية؟! وإذن، فكيف يكون أفضل وأكمل منهم؟
أم أنه قد كان فيهم أيضاً للشيطان حظ ونصيب لم يخرج منهم بعملية جراحية؛ لأن الملائكة لم يكونوا قد تعلموا الجراحة بعد؟!.
7 ـ وأخيراً، أفلا ينافي ذلك ما ورد في الآيات القرآنية، مما يدل على أن الشيطان لا سبيل له على عباد الله المخلصين: {قَالَ رَبِّ بِمَآ أَغْوَيْتَنِي لأُزَيِّنَنَّ لَهُمْ  فِي الأَرْضِ وَلأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ، إِلاَّ عِبَادَكَ مِنْهُمُ المُخْلَصِينَ}([63]).
وقال تعالى: {إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ}([64]).
وقال: {إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ}([65]).
ومن الواضح: أن الأنبياء هم خير عباد الله المخلصين، والمؤمنين، والمتوكلين. فكيف استمر سلطان الشيطان على الرسول الأعظم >صلى الله عليه وآله< إلى حين الإسراء والمعراج؟!.
هذا كله، عدا عن تناقض الروايات الشديد، وقد أشار إليه الحسني باختصار، فراجع([66]) وقارن.

المسيحيون وحديث شق الصدر:

وقد روي عن النبي >صلى الله عليه وآله< قوله: >ما من أحد من الناس إلا وقد أخطأ، أو همّ بخطيئة، ليس يحيى بن زكريا<([67]).
ويذكر أبو رية >رحمه الله<: أن حديث شق الصدر يأتي مؤيداً للحديث الآخـر، الـذي ورد في البخـاري، ومسلـم وفـتـح الـبـاري وغيرها، وهـو ـ والنص للبخاري ـ : >كل بني آدم يطعن الشيطان في جنبيه بإصبعه حين يولد غير عيسى بن مريم، ذهب يطعن، فطعن في الحجاب<([68]).
وفي رواية: >ما من بني آدم مولود إلا يمسه الشيطان حين يولد؛ فيستهل صارخاً من مس الشيطان غير مريم وابنها<([69]).. ولهذا الحديث ألفاظ أخرى لا مجال لذكرها.
وقد استدل المسيحيون بهذا الحديث على أن البشر كلهم ـ حتى النبي ـ مجردون عن العصمة، معرضون للخطايا إلا عيسى بن مريم، فإنه مصون عن مس الشيطان، مما يؤيد ارتفاع المسيح عن طبقة البشر، وبالتالي يؤكد لاهوته الممجد([70]).
وأضاف أبو ريـة إلى ذلـك قولـه: >ولئن قـال المسلمون لإخـوانهـم المسيحيين:
ولم لا يغفر الله لآدم خطيئته بغير هذه الوسيلة القاسية، التي أزهقت فيها روح طاهرة بريئة، هي روح عيسى >عليه السلام< بغير ذنب؟!.
قيل لهم: ولم لم يخلق الله قلب رسوله الذي اصطفاه، كما خلق قلوب إخوانه من الأنبياء والمرسلين ـ والله أعلم حيث يجعل رسالته ـ نقياً من العلقة السوداء وحظ الشيطان، بغير هذه العملية الجراحية، التي تمزق فيها قلبه وصدره مراراً عديدة!..<([71]).

أصل الرواية جاهلي:

والحقيقة هي: أن هذه الرواية مأخوذة عن أهل الجاهلية، فقد جاء في الأغاني أسطورة مفادها:
أن أمية بن أبي الصلت كان نائماً، فجاء طائران، فوقع أحدهما على باب البيت؛ ودخل الآخرفشق عن قلب أمية ثم رده الطائر، فقال له الطائر الآخر: أوَعَى؟؟
قال: نعم.
قال: زكا؟
قال: أبى.
وعلى حسب رواية أخرى: أنه دخل على أخته، فنام على سرير في ناحية البيت، قال: فانشق جانب من السقف في البيت، وإذا بطائرين قد وقع أحدهما على صدره، ووقف الآخر مكانه، فشق الواقع على صدره، فأخرج قلبه، فقال الطائر الواقف للطائر الذي على صدره: أوَعَى؟
قال: وَعَى.
قال: أقَبِل؟
قال: أبى.
قال: فرُدّ قلبه في موضعه إلخ..
ثم تذكر الرواية تكرر الشق له أربع مرات([72]).
وهكذا يتضح: أن هذه الرواية مفتعلة ومختلقة، وأن سر اختلاقها ليس إلا تأييد بعض العقائد الفاسدة، والطعن بصدق القرآن، وعصمة النبي الأعظم >صلى الله عليه وآله<.
ولنعد الآن إلى متابعة الحديث عن السيرة العطرة؛ فنقول:

فقد النبي صلى الله عليه وآله لأبويه:

لقد شاءت الإرادة الإلهية: أن يفقد النبي >صلى الله عليه وآله< أباه وهو لا يزال جنيناً، أو طفلاً صغيراً.
وربما يقال: إن الأصح هو الأول؛ لأن يتمه هذا كان هو الموجب لتردد حليمة السعدية في قبوله رضيعاً([73])، ولكن قد تقدم بعض المناقشة في ذلك.
ثم فقد أمه بعد عودته من بني سعد، وهو في الرابعة من عمره، أو في السادسة، أو أكثر حسب الروايات.
ولعل ما تقدم من إرجاع حليمة له إلى أمه، وهو في الخامسة من عمره، يؤيد أن أمه قد توفيت وهو في السادسة، إلا أن يقال: إنه يمكن أن يكون المراد: أنه قد أرجع إلى أهله، ولكنه احتمال بعيد عن مساق الكلام.
هذا.. وقد استأذن رسول الله >صلى الله عليه وآله< ربه في زيارة قبر أمه، فأذن له.
فقد روى مسلم في صحيحه، أنه >صلى الله عليه وآله< قال: >إستأذنت ربي في زيارة أمي، فأذن لي، فزوروا القبور تذكّركم الموت<([74]).
وهذا الحديث حجة دامغة على من يمنع من زيارة القبور، وله مؤيدات كثيرة؛ كزيارة فاطمة >عليها السلام< لقبر حمزة >عليه السلام<، وغير ذلك.
وقد ألف العلامة المتتبع البحاثة الشيخ علي الأحمدي كتاباً في التبرك بآثار الأنبياء والصالحين، وتعرض فيه إلى هذا الموضوع، وبحثه أيضاً العلامة الأميني في الغدير، والسبكي في كتابه: شفاء السقام في زيارة خير الأنام، وغيرهم كثير.

كفيل النبي صلى الله عليه وآله :

ولقد عاش >صلى الله عليه وآله< في كنف جده عبد المطلب، الذي كان يرعاه خير رعاية، ولا يأكل طعاماً إلا إذا حضر، وكان عارفاً بنبوته حتى لقد روي: أنه قال عنه لمن أراد أن ينحيه عنه، وهو طفل يدرج: دع ابني فإن الملك قد أتاه([75]). والرواية معتبرة على الظاهر.
أضف إلى ذلك: ما رووه من إخبار سيف بن ذي يزن لعبد المطلب بذلك، عندما زاره في اليمن، إلى غير ذلك من دلائل وإشارات، رسخت هذا الاعتقاد في نفس عبد المطلب >رحمه الله<، وجعلت له >صلى الله عليه وآله< مكانة خاصة عنده([76]).
وفي السنة الثامنة من عمره >صلى الله عليه وآله< توفي جده عبد المطلب، بعد أن اختار له أبا طالب >رحمه الله< ليكفله، ويقوم بشؤونه، ويحرص على حياته، رغم أن أبا طالب لم يكن أكبر ولد عبد المطلب سناً، ولا أكثرهم مالاً؛ لأن الأسنّ فيهم كان هو الحارث، والأكثر مالاً هو العباس.
ولكن عذر العباس هو أنه كان حينئذٍ صغيراً أيضاً، لأنه كان أسنّ من النبي >صلى الله عليه وآله< بسنتين فقط، كما يقولون([77]) وإن كنا قد قلنا: إنه كان يكبره بأكثر من ذلك.
كما أن أبا طالب قد كان شقيق عبد الله والد النبي >صلى الله عليه وآله< لأبيه وأمه، فإن أمهما هي فاطمة المخزومية، وطبيعي أن يكون لأجل ذلك أكثر حناناً وعطفاً عليه وحباً له.
ثم إن أبا طالب الذي كان هو وزوجته أم أمير المؤمنين >عليه السلام< يحملان نور الولاية، قد كانا يحملان من المكارم والفضائل النفسية والمعنوية ومن الطهارة ما يؤهلهما لأن يكونا كفيلين لرسول الله >صلى الله عليه وآله< وأبوين لوصيه، وللأئمة من ذريته..
وعلى كل حال، فقد عهد عبد المطلب إلى أبي طالب >عليه السلام< بمهمة كفالته >صلى الله عليه وآله<؛ لأنه كان بالإضافة إلى ما تقدم أنبل أخوته، وأكرمهم، وأعظمهم مكانة في قريش، وأجلهم قدراً، ولقد قام أبو طالب >عليه السلام< برعايته >صلى الله عليه وآله< خير قيام، ولم يزل يكرمه ويحبه غاية الحب، وينصره بيده ولسانه طول حياته، كما سنشير إليه إن شاء الله تعالى في فصل خاص به رضوان الله تعالى عليه.

الرحلة الأولى إلى الشام، وبحيرا:

ويقولون: إنه >صلى الله عليه وآله< قد سافر إلى الشام بصحبة عمه أبي طالب، ورآه بحيرا راهب بصرى، وأخبر عمه أنه نبي هذه الأمة، وأصر عليه بأن يرجعه إلى مكة، حتى لا يغتاله اليهود، الذين يرون العلامات التي في كتبهم متحققة فيه، فخرج به عمه أبو طالب حتى أقدمه مكة.

رواية مكذوبة:

ولكن جاء في رواية لأبي موسى الأشعري: أن بحيرا >لم يزل يناشده حتى رده، وبعث معه أبو بكر بلالاً، وزوده الراهب من الكعك والزيت<([78]).
وفي رواية: أن سبعة كانوا قد عزموا على قتله >صلى الله عليه وآله<، فمنعهم بحيرا، وبايعوا الرسول، وأقاموا معه.
ولكن ذلك لا يمكن أن يصح:
أولاً: لأن عمر النبي >صلى الله عليه وآله< كان حينئذٍ اثني عشر سنة، بل قيل: إن عمره كان حينئذٍ تسع سنين([79]).
وأبو بكر كان أصغر من النبي >صلى الله عليه وآله< بأكثر من سنتين، وبلال كان أصغر من أبي بكر بعدة سنين، تتراوح ما بين خمس إلى عشر([80])، حسب اختلاف الأقوال.
فهل يمكن لأبي بكر، وهو بهذه السن أن يسافر إلى الشام، ثم يصدر الأوامر والنواهي في مهمات كهذه؟!.
وهل يمكن لبلال الذي كان طفلاً، لا يقدر على المشي، أو لم يكن قد وُلد بعد: أن يكون مع أبي بكر في ذلك السفر الطويل؟
ثم أن يتحمل مسؤولية إرجاع النبي >صلى الله عليه وآله< من بصرى إلى مكة؟ مع كون النبي >صلى الله عليه وآله< أكبر منه بسنوات عديدة؟!.
وثانياً: ما هو الربط بين أبي بكر وبلال حتى يأمره أبو بكر بهذا الأمر؟ فإن أبا بكر لم يكن يملك بلالاً، وإنما كان يملكه أمية بن خلف، وإنما اشتراه أبو بكر كما يقولون بعد ثلاثين عاماً من حينئذٍ([81]).
هذا إن لم نقل: إن النبي >صلى الله عليه وآله< هو الذي اشترى بلالاً، وأعتقه، ولم يملكه أبو بكر أصلاً([82]).
وثالثاً: إن راوي هذه الرواية، وهو أبو موسى، لم يكن قد وُلد أصلاً، لأنه إنما وُلد قبل البعثة بثمان أو بعشر سنين، على ما يقولون؛ كما أنه إنما قدم إلى المدينة في سنة سبع من الهجرة، سنة خيبر، وهذه القضية قد كانت قبل البعثة بحوالي ثلاثين عاماً.
ورابعاً: سيأتي عن مغلطاي والدمياطي: أن أبا بكر لم يكن في ذلك السفر أصلاً.
ولعل لأجل بعض ما تقدم أو كله حكم الترمذي على هذا الحديث بالغرابة، وشك فيه ابن كثير أيضاً. فراجع.
وبعد كل ما تقدم فقد حكم الذهبي على هذا الحديث بقوله: >أظنه موضوعاً بعضه باطل<([83]).

سر الوضع والاختلاق:

وأما سر وضع تلك الرواية فهو إثبات: أن إيمان أبي بكر بِنُبُوَّة النبي >صلى الله عليه وآله< قد كان قبل البعثة؛ ليسبق الناس كلهم، حتى علياً عليه الصلاة والسلام وخديجة، وحتى النبي >صلى الله عليه وآله< نفسه في ذلك.
قال النووي: >كان أبو بكر أسبق الناس إسلاماً، أسلم وهو ابن عشرين سنة، وقيل: خمس عشرة سنة<([84]).
وقال الصفوري الشافعي: >وكان إسلامه قبل أن يولد علي بن أبي طالب<([85]).
وذكر الديار بكري رواية عن ابن عباس، عن قضية بحيرا جاء في آخرها: فوقع في قلب أبي بكر اليقين والتصديق قبل ما نبّئ >صلى الله عليه وآله<([86]).
ولكن، لماذا لم يعدوا بحيرا وبلالاً والحارث وغيرهم ممن حضر، من السابقين إلى الإسلام أيضاً؟!. ومن الذي أخبرهم بوقوع الإسلام في قلب أبي بكر قبل هؤلاء؟! أو دونهم؟!.
بل من أين علموا: أن الإسلام والتصديق قد وقعا في قلب أبي بكر؟! هذا كله لو سلمنا بالقضية من أساسها .

إشارات خاطفة في قصة بحيرا:

وقد بقي في قصة بحيرا نقاط كثيرة، جديرة بالمناقشة، لا مجال لنا للحديث عنها هنا، وبعضها قد يكون له كبير فائدة.
ومما تقدم يظهر مدى صحة قول بعض الروايات: إن أبا بكر، أو الحارث عم النبي >صلى الله عليه وآله< قد ذهب إليه >صلى الله عليه وآله< فاحتضنه، وجاء به، وأجلسه مع القوم على مائدة طعام بحيرا، ورجح ابن المحدث: أن الذي جاء به هو أبو بكر([87]).
ولم يدر ابن المحدث أن أبا بكر لم يكن في ذلك السفر أصلاً، كما صرح به الدمياطي ومغلطاي([88])، ولو كان؛ فإنه كان أصغر سناً من النبي >صلى الله عليه وآله< كما قلنا.
بقي أن نشير إلى أن بعض الروايات قد ذكرت: أن راويها قد شك في أن يكون سفره >صلى الله عليه وآله< إلى الشام كان بصحبة أبي طالب أو جده عبد المطلب([89]).
وبذلك تصبح الرواية الآنفة له مع أبي بكر وبلال أكثر إشكالاً وتعقيداً؛ لأن عبد المطلب قد توفي وعمر النبي >صلى الله عليه وآله< ثمان سنين كما تقدم.
والصحيح هو أن عمه أبا طالب هو الذي رجع معه >صلى الله عليه وآله< إلى مكة([90]) كما قدمنا، وليس أبا بكر ولا غيره.
هذا، وللنبي >صلى الله عليه وآله< سفرة أخرى إلى الشام للتجارة، ستأتي الإشارة إليها إن شاء الله تعالى في موضعها.

رعيه صلى الله عليه وآله الغنم:

ويذكر المؤرخون: أنه >صلى الله عليه وآله< قد رعى الغنم في بني سعد، وأنه رعاها لأهله، بل ويقولون: رعاها لأهل مكة أيضاً، حتى ليذكرون والبخاري منهم في كتاب الإجارة وغيره أنه >صلى الله عليه وآله< قال: >ما بعث الله نبياً إلا رعى الغنم!
فقال أصحابه: وأنت؟.
قال: نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة<([91]).
وفسرت القراريط بأنها: أجزاء الدراهم والدنانير يشترى بها الحوائج الحقيرة([92]).
ولكننا نشك كثيراً: في أن يكون >صلى الله عليه وآله< قد رعى لغير أهله بأجر كهذا، تزهد به حتى العجـائز، ولا يصح مقابلته بذلك الـوقـت والجهد الذي يبذله في رعي الغنم، نعم، نشك في ذلك، لأننا نجد:
أولاً: أن اليعقوبي ـ وهو المؤرخ الثبت ـ قد نص على أنه >صلى الله عليه وآله< لم يكن أجيراً لأحد قط.([93])
وثانياً: تناقض الروايات؛ فبعضها يقول: لأهلي، وبعضها يقول: لأهل مكة، وبعضها يقول: بالقراريط، وأخرى قد أبدلت ذلك بكلمة بأجياد، وإذا كان الراوي واحداً لم يقبل منه مثل هذا الاختلاف، إلا إذا فرض أنه قد نسي في إحدى المرتين.
نعم، قد ذكر البعض: أن العرب ما كانت تعرف القراريط، وإنما هي اسم لمكان في مكة([94]) ولنفترض أنه اسم جبل في مكة، ولأجل ذلك جاء بكلمة >على< ولم يقل في، ولنفترض أيضاً أنه كان يرعى الغنم في خصوص ذلك المكان؟ ولا يتجاوزه إلى غيره؟
ونفترض ثالثاً: أنه ربما يكون هذا الاختلاف بين الرواية التي تقول: بأجياد، والتي تقول بالقراريط، بسبب أن القراريط وأجياداً اسم لمكان واحد، أو لمكانين متقاربين جداً.
ولكن يعكر على هذا: أن رواية البخاري تقول: >على قراريط<؛ فالظاهر من كلمة على هو: الأجر.
ويمكن أن يدفع هذا: بأن من المحتمل أن يكون قراريط اسم جبل في مكة وقد رعى >صلى الله عليه وآله< الغنم عليه.
وكل ذلك وسواه من الاحتمالات لا شاهد له، وإنما يلجأ إليه لو كانت الرواية صحيحة السند عن معصوم، وليست كذلك، بل هي عن أبي هريرة، وغيره ممن لا يمكن الاعتماد عليهم.
ملاحظة:
لقد حاول البعض التفلسف هنا، فذكر: أن رعي الغنم صعب؛ لأنها أصعب البهائم وهو يوجب أن يستشعر القلب رأفة ولطفاً، فإذا انتقل إلى رعاية البشر كان قد هُذب أولاً من الحدة الطبيعية، والظلم الغريزي، فيكون في أعدل الأحوال([95]).
ولكن، حتى لو لم نقل: إنه >صلى الله عليه وآله< كان نبياً منذ صغره، كما هو الصحيح حسبما سيأتي، فإننا نطرح الأسئلة التالية:
هل يمكن أن يصدق أحد: أن النبي الأعظم >صلى الله عليه وآله< كان يحتاج إلى التهذيب من الحدة الطبيعية، والظلم الغريزي؟!.
وهل في النبي >صلى الله عليه وآله< ظلم وحدة غريزيتان يحتاجان إلى التهذيب والحد منهما حقاً؟! ولو سلم ذلك، ألا يوجد مدرسة أفضل من هذه المدرسة؟! ثم أفلا ينافي ذلك قضية شق الصدر([96]) ـ المكذوبة ـ المقبولة لدى هؤلاء؟!
أوليس ذلك الظلم وتلك الحدة هما من حظ الشيطان، الذي استأصله جبرئيل في عملياته الجراحية المتعددة، المزعومة لدى هؤلاء؟.
ثم أوليس كان له ملك يسدده، ويرشده منذ صغره، حسبما نطقت به الروايات([97])؟!.
إلا أن يدعي هؤلاء: أن التسديد لا ينافي الظلم الغريزي.
وحينئذٍ نقول: ألم يحاول الملك الموكل به ليسدده ويرشده إلى محاسن الأخلاق، أن يرشده إلى قبح الظلم، وحسن العدل؟!
ولماذا قصّر في أداء مهمته تجاهه؟
وأيضاً ألا يمكن لله تعالى أن يهذب نبيه، ويخفف من حدته بغير هذه الطريقة؟!
وهل صحيح: أن رعاية الغنم أصعب من رعاية غيرها، كما يدعي هؤلاء؟!.
وهل صحيح: أن الظلم غريزة في الإنسان؟!
وإذا كان غريزة فهل يمكن القضاء عليه بواسطة رعاية الغنم؟!.
وهل كل راعي غنم لا يكون فيه ظلم غريزي، ولا حدة طبيعية.. أم أن ظلمه وحدته، أقل من ظلم غيره وحدته؟!.
ثم، ألا يمكن أن يكون الرعي عملاً عادياً، كان >صلى الله عليه وآله< يقوم به كغيره من أبناء مجتمعه، الذين كانت الماشية ورعيها عندهم من الوسائل العادية للعيش، وكسب الرزق؟!. وليكون النبي إنساناً يعيش كما يعيش الآخرون من الناس الذين ما عاشوا حياة الترف، ولا شعروا بزهو السلطان؟!.
إلى غير ذلك من الأسئلة التي لن تجد عند هؤلاء جواباً مقنعاً ومفيداً.
وعلل ذلك البعض: بأن رعي الغنم يعطي فرصة للابتعاد عن الناس، والانصراف للتفكير السليم، بعيداً عن مشاكل الناس، وهمومهم، ويؤيد ذلك: أنه >صلى الله عليه وآله< كان يذهب إلى غار حراء طلباً للانفراد عن الناس، من أجل التفكير والتأمل في ملكوت الله، والعبادة وتزكية النفس..
وبعض آخر يرى: أن الـرعي فيه تحمـل مسؤولية أحاد متفرقة، وهو يناسب المهمة التي سوف توكل إليه >صلى الله عليه وآله< الأمر الذي من شأنه أن يروض النفس، ويزيدها اندفاعاً نحو طلب الخير للآخرين من رعيته لهم، والحرص على ما ينفعهم، وقد كان الله تعالى يهتم برفع مستوى تحمل وملكات وقدرات نبيه، ليواجه المسؤولية العظمى، ولكن بالطرق العادية والطبيعية، كما هو معلوم من إرساله الرسل، وتزويدهم بالمعجزات وغيرها.
غير أننا نقول: هل يمكن تحقيق هذا الغرض برعي الأغنام؟!.
وهل كل راع للغنم يصير كذلك؟!.
وهل المطلوب هو مجرد التدريب على تحمل مسؤولية الآحاد المتفرقين.
ولماذا لا يكون رعي الغنم هو المهنة التي يمارسها جميع الرسل؟!.


([1]) كشف الغمة للإربلي ج1 ص15.
([2]) راجع: سيرة مغلطاي ص6 ـ 7 وتاريخ الخميس ج1 ص195، وغير ذلك وحكي الاتفاق عليه.
([3]) أصول الكافي ج1 ص364 ط المكتبة الإسلامية بطهران سنة 1388.
([4]) أصول الكافي ج1 ص364، وليراجع: تاريخ الخميس ج1 ص196.
([5]) كشف الغمة ج1 ص15.
([6]) صحيح البخاري (ط سنة 1309 ه‍ ) ج1 ص90 و93، ومسند أحمد بن حنبل ج6 ص395 وج5 ص209 و182 و112 وجواهر الأخبار والآثار (مطبوع بهامش البحر الزخار): ج2 ص247 عن الانتصار، وأبي داود، والترمذي، والنسائي، والبخاري والسنن الكبرى للبيهقي ج2 ص37 و54 عن الصحيحين والبحر الزخار ج2 ص247.
([7]) روضة الواعظين ص64 ـ 65.
([8]) الإصابة ج2 ص271.
([9]) أصول الكافي: ج1 ص264. وقيل: إن زبيدة قد فعلت ذلك، راجع التبرك: ص243 و255، وراجع تاريخ الخميس ج1 ص198 وراجع أيضاً: الروض الأنف ج1 ص184 والمواهب اللدنية ج1 ص25، وتاريخ الأمم والملوك ج1 ص571، والكامل في التاريخ ج1 ص458 وأخبار مكة للأزرقي ج1 ص433.
([10]) أعيان الشيعة ج2 ص7.
([11]) قاموس الرجال ج10 ص417 ترجمة ثويبة، عن البلاذري.
([12]) صفة الصفوة ج1 ص51 وكشف الغمة للإربلي ج1 ص16.
([13]) راجع: أسد الغابة ج3 ص95 وج 2 ص46 والبدء والتاريخ ج5 ص8 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص9، وبهجة المحافل ج1 ص41 وطبقات ابن سعد ج1 قسم 1 ص67 والإصابة ج4 ص258 وج 2 ص335 عن الصحيحين، والاستيعاب بهامشها ج2 ص338 وج 1 ص16 و271 والبحار ج15 ص384 عن المنتقى للكازروني، وقاموس الرجال ج10 ص417.
وراجع: الكامل لابن الأثير ج1 ص459 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص172 والبداية والنهاية ج4 ص90 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص18 و19 وقسم المغازي ص209 وتاريخ الخميس ج1 ص222 والوفاء ج1 ص107 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص131.
وراجع: دلائل النبوة لأبي نعيم ص113 وصفة الصفوة ج1 ص56 و57 وزاد المعاد ج1 ص19 وذخائر العقبى ص259 و172 وإعلام الورى ص6 وكشف الغمة ج1 ص15 والأنس الجليـل ج1 ص176 وأنسـاب الأشـراف (قسـم السيرة) ص 94 والسيرة الحلبية ج3 ص164 وفي الروض الأنف: ج1 ص186 لكن فيه بدل أبي سلمة، عبد الله بن جحش والمعجم الصغير ج2 ص86.
([14]) الإصابة ج4 ص258 والبحار ج 15 ص337، وفي هامشه عن المناقب ج1 ص119 وكشف الغمة ج1 ص15 ونور الأبصار ص10 وتهذيب الأسماء ج1 ص24 وطبقات ابن سعد ج1 قسم 1 ص67 والوفاء ج1 ص107 و106 والأنس الجليل ج1 ص176 وصفة الصفوة ج1 ص56 و57 وزاد المعاد ج1 ص19 وتاريخ الخميس ج1 ص222 والسيرة الحلبية ج1 ص88 والرصف ج1 ص22.
([15]) تاريخ الخميس ج1 ص222 عن شواهد النبوة.
([16]) تاريخ الخميس ج1 ص222 والسيرة الحلبية ج1 ص88 ونور الأبصار ص10.
([17]) تاريخ الخميس ج1 ص222 ونور الأبصار ص10.
([18]) السيرة الحلبية ج1 ص88.
([19]) السيرة الحلبية ج1 ص88 عن الإمتاع.
([20]) راجع: تاريخ اليعقوبي ج2 ص9 وإسعاف الراغبين بهامش نور الأبصار ص8 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص113.
([21]) مختصر التاريخ لابن الكازروني ص38.
([22]) راجع: الأنس الجليل ج1 ص176 وصفة الصفوة ج1 ص56 ـ 57 ودلائل النبوة، لأبي نعيم ص113 والكامل في التاريخ ج1 ص459 وطبقات ابن سعد ج1 قسم1 ص67 وأنساب الأشراف (قسم حياة النبي >صلى الله عليه وآله<) ج1 ص94 والبحار ج15 ص384 عن المنتقى للكازروني، والبدء والتاريخ ج5 ص8 والإصابة ج4 ص258 والوفاء ج1 ص106 والسيرة الحلبية ج1 ص88 و85 وذكر عن ابن المحدث: أن أوّل لبن نزل جوفه >صلى الله عليه وآله<، هو لبن ثويبة.
([23]) راجع: السيرة الحلبية ج1 ص88 عن الإمتاع، واحتمل الحلبي: أن يكون المراد: أن ثويبة أول من أرضعه بعد أمه، ولكن قول ابن المحدث، أول لبن نزل جوفه >صلى الله عليه وآله< هو لبن ثويبة لا يناسب هذا الاحتمال.
([24]) إعلام الورى ص7 وكشف الغمة ج1 ص15 وتهذيب الأسماء ج1 ص168، بلفظ قيل، وأنساب الأشراف ج1 (قسم حياة النبي >صلى الله عليه وآله<) ص84 و79 وذخائر العقبى ص172 والسيرة الحلبية ج1 ص85 والإصابة ج1 ص354 كلاهما بلفظ قيل، والاستيعاب بهامش الإصابة ج1 ص271 وأسد الغابة ج2 ص46 و49، بلفظ قيل: أيضاً.
([25]) تهذيب الأسماء ج1 ص168 والإصابة ج1 ص354 والاستيعاب بهامشه ج1 ص271 عن البكائي واختاره في أسد الغابة ج2 ص46 و49 والسيرة الحلبية ج1 ص85 وذخائر العقبى ص172 بلفظ: قيل.
([26]) الاستيعاب بهامش الإصابة ج1 ص271.
([27]) راجع في ذلك: ذخائر العقبى ص172 و259 والوفاء ج1 ص107 وبهجة المحافل ج1 ص41 وزاد المعاد ج1 ص19 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص231 وإن كان ربما يناقش في ظهور كلامه. وراجع: طبقات ابن سعد ج1 قسم 1 ص67 والاستيعاب بهامش الإصابة ج1 ص16 والسيرة الحلبية ج1 ص85 و86.
([28]) راجع ذخائر العقبى ص172.
([29]) راجع البداية والنهاية ج2 ص248 والسيرة النبوية لابن كثير ج1 ص174 والسيرة النبوية لابن هشام ج1 ص160 وراجع: السيرة الحلبية ج1 ص36 وفي السيرة النبوية لدحلان ج1 ص15 وإن كان لم يذكر: أن عبد الله كان أصغر   =   = ولده، ولكنه ذكر حمزة والعباس في جملة أولاد عبد المطلب حين قضية الذبح.. وذكر في الكامل لابن الأثير ج2 ص6 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص4 ط الاستقامة: أن عبد الله كان أصغر ولده، وأحبهم، لكنه لم يسم أولاد عبد المطلب.
([30]) مع أن المفترض أن يقال له قبل ابن أخيك، فإن العباس كان عم النبي >صلى الله عليه وآله<.
([31]) راجع: السيرة الحلبية ج1 ص36 وشرح بهجة المحافل ج1 ص35 والروض الأنف ج1 ص176.
([32]) وفي غير السيرة أيضاً؛ فراجع: تهذيب التهذيب ج9 ص39/46 ترجمة: ابن إسحاق.
([33]) في أنساب الأشراف ج1 (قسم حياة النبي >صلى الله عليه وآله<) ص79: قال الواقدي: كان نحر الإبل قبل الفيل بخمس سنين.
([34]) الأنس الجليل ج1 ص176 وراجع: صفة الصفوة ج1 ص56 ـ 57 وإعلام الورى ص6 وكشف الغمة ج1 ص15 والكامل في التاريخ ج1 ص459 وطبقات ابن سعد ج1 ص67 وأنساب الأشراف ج1 ص94 (قسم حياة النبي >صلى الله عليه وآله<) والبحار ج15 ص384 عن المنتقى للكازروني وتاريخ الخميس ج1 ص222 ودلائل النبوة لأبي نعيم ص113 والإصابة ج4 ص258 والاستيعاب بهامش الإصابة ج2 ص338 وأسد الغابة ج3 ص195 والسيرة الحلبية ج1 ص85 و87 وقاموس الرجال ج10 ص417.
([35]) السيرة النبوية لدحلان ج1 ص16 وراجع، الاستيعاب بهامش الإصابة ج1 ص272.
([36]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص11 وراجع، الاستيعاب بهامش الإصابة ج1 ص272.
([37]) راجع: السيرة لابن كثير ج1 ص224. والبداية والنهاية ج2 ص273، وتاريخ اليعقوبي ج2 ص9 وفتح الباري ج9 ص124 وعمدة القاري ج20 ص95 والسيرة الحلبية ج1 ص84 و85 والسيرة النبويه لدحلان ج1 ص25 ورسالة حسن المقصد للسيوطي، المطبوعة مع: النعمة الكبرى على العالم ص90 وإرشاد الساري ج8 ص31 وجواهر البحار ج3 ص338 ـ 339 وتاريخ الإسلام للذهبي ج2 ص19 والوفاء ج1 ص107 ودلائل النبوة للبيهقي ج1 ص120 وبهجة المحافل ج1 ص41، وطبقات ابن سعد ج1 قسم 1 ص67 و68 والمواهب اللدنية ج1 ص27 وتاريخ الخميس ج1 ص222 وسيرة مغلطاي ص8 وصفة الصفوة ج1 ص62 ونور الأبصار ص10 وإسعاف الراغبين بهامشه ص8 وهو ظاهر صحيح البخاري ج1 ص157 ط سنة 1309 ه‍. ق.
([38]) السيرة النبوية لدحلان ج1 ص27 وتاريخ الخميس ج1 ص222 ورسالة حسن المقصد للسيوطي المطبوعة مع النعمة الكبرى على العالم ص90 ـ 91.
([39]) السيرة النبوية لدحلان ج1 ص25 ورسالة حسن المقصد، للسيوطي، المطبوعة مع النعمة الكبرى ص91.
([40]) أنساب الأشراف  ج1 ص95 ـ 96 والكامل في التاريخ ج1 ص459 وطبقات ابن سعد ج1 ق 1 ص67 و 68 والإصابة ج4 ص258 والاستيعاب بهامش الإصابة ج1 ص16 وإرشاد الساري ج8 ص31 والسيرة الحلبية ج1 ص85 وراجع: الوفاء ج1 ص107 وفتح الباري ج9 ص124 وذخائر العقبى ص259 وتاريخ الخميس ج1 ص222، وسيرة مغلطاي ص8 وقاموس الرجال ج10 ص417.
([41]) السيرة الحلبية ج1 ص85.
([42]) الآية 23 من سورة الفرقان.
([43]) مستدرك الحاكم ج3 ص484 وتلخيصه للذهبي بهامشه، والمصنف لعبد الرزاق ج1 ص446 و447 وفي الهامش عن مغازي ابن عقبة، وعن الترمذي ج2 ص389 وعن أبي داود وأحمد، وكنز العمال ج6 ص57 و59 وج 3 ص177 عن ابي داود، والترمذي، وصححه، وأحمد، والطيالسي، والبيهقي وابن عساكر، والطبراني وسعيد بن منصور.
([44]) راجع: أبو طالب مؤمن قريش للخنيزي.
([45]) راجع: سيرة مغلطاي ص8 وتاريخ الخميس ج1 ص222 والوفاء ج1 ص107 وذخائر العقبى ص259 والسيرة الحلبية ج1 ص87، وفتح الباري ج9 ص124 والإصابة ج4 ص257 وإرشاد الساري ج8 ص31 وصفة الصفوة ج1 ص62 وزاد المعاد ج1 ص19 وشرح الأشخر اليمني على بهجة المحافل ج1 ص41 وأسد الغابة ج5 ص414 والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص25 وقاموس الرجال ج10 ص417.
([46]) راجع: إعلام الورى ص6 وكشف الغمة ج1 ص15 والبحار ج15 ص337 وبهامشه عن: المناقب ج1 ص119 عن كتاب العروس للطبري.
([47]) راجع: ذخائر العقبى ص259 وصفة الصفوة ج1 ص62.
([48]) الإصابة ج4 ص257.
([49]) البحار ج15 ص385.
([50]) البحار ج15 ص371.
([51]) البحار ج15 ص373.
([52]) البحار ج15 ص341 و 342.
([53]) صحيح مسلم ج1 ص101 ـ 102 وفيه ثمة روايات أخرى عن شق صدره >صلى الله عليه وآله< فليراجع من أراد.
([54]) سيرة ابن هشام ج1 ص174 ـ 175، وتاريخ اليعقوبي ج2 ص10، وغير ذلك.
([55]) راجع: أضواء على السنة المحمدية ص187.
([56]) فقه السيرة للبوطي ص53، وراجع سيرة المصطفى للحسني ص46.
([57]) الآيتان 1 و2 من سورة الإنشراح.
([58]) راجع حياة محمد لمحمد حسنين هيكل ص73 والنبي محمد للخطيب ص197.
([59]) الميزان ج13 ص34، عن مجمع البيان.
([60]) النبي محمد لعبد الكريم الخطيب ص196.
([61]) راجع: سيرة ابن هشام ج1 ص177 وتاريخ الطبري ج1 ص575.
([62]) السيرة الحلبية ج1 ص368.
([63]) الآيات 39 إلى 41 من سورة الحجر.
([64]) الآية 65 من سورة الإسراء.
([65]) الآية 99 من سورة النحل.
([66]) سيرة المصطفى ص46.
([67]) مسند أحمد: ج1 ص301، وراجع: المصنف ج11 ص184.
([68]) البخاري ط سنة 1309هـ ج2 ص143.
([69]) مسند أحمد ج2 ص274 ـ 275.
([70]) أضواء على السنة المحمدية ص186، عن: المسيحية في الإسلام طبعة ثالثة ص127 تأليف إبراهيم لوقا.
([71]) أضواء على السنة المحمدية ص187.
([72]) راجع الأغاني ج3 ص188 و 189 و 190.
([73]) وبذلك يعلم: أن ما ورد في كشف الغمة ج1 ص16 من أنه عاش >صلى الله عليه وآله< مع أبيه سنتين وأربعة أشهر لا يمكن المساعدة عليه.. رغم أن الإربلي رحمه الله قد نص بعد ذلك بصفحات أي في ص22 على أن أباه قد توفي وأمه حبلى به >صلى الله عليه وآله<.. فراجع..
وليراجع تاريخ الخميس ص258 ج1 وتاريخ الطبري ج2 ص33، وسيرة ابن هشام ج1 ص193.
([74]) كشف الغمة ج1 ص16 عن مسلم، وصحيح مسلم ط سنة 1334هـ ج3 ص65، وتاريخ الخميس ج1 ص335 والحديث موجود في مصادر عديدة كما يظهر من مراجعة كتاب الجنائز في كتب الحديث..
([75]) أصول الكافي ج1 ص372 ط سنة 1388 هـ.
([76]) راجع: البداية والنهاية: ج2 ص329 ـ 330.
([77]) وإن كنا نعتقد أنه حتى ولو كان سنه إلى الحد الذي يتمكن فيه من كفالته >صلى الله عليه وآله< فإن عبد المطلب لا يعهد به إليه؛ فإنه هو الذي احتفظ بالسقاية، دون الرفادة، بسبب حرصه على المال، وضنه به، وهو الذي كان يحاول أن يحصل على فضلة من المال من عمر بأسلوب عاطفي، وبطريقة لا يتبعها إلا من يهتم بالمال وبجمعه بشكل ظاهر.
([78]) الثقات لابن حبان ج1 ص44، والبداية والنهاية ج2 ص285، وتاريخ الطبري ج2 ص34 وط الاستقامة، وتاريخ الخميس ج2 ص258، والسيرة الحلبية ج2 ص120 ومستدرك الحاكم، والبيهقي، وابن عساكر، والترمذي، وقال: حسن غريب، وفي سيرة دحلان ج1 ص49 أنه رجع إلى مكة، ومعه أبو بكر وبلال.
([79]) راجع: الطبري ج2 ص33، والبداية والنهاية ج2 ص286 والسيرة الحلبية ج1 ص120، وقال: إن صاحب كتاب الهدى قد رجح هذا القول..
([80]) نعم قد ذكر ابن حبان، والإصابة ج1 ص165 عن أبي نعيم: أن بلالاً كان ترباً لأبي بكر.. لكن الأشهر والأكثر: على أن أبا بكر كان يكبره بعدة سنين كما ذكرنا. راجع: السيرة الحلبية ج1 ص120.
([81]) وقد أشار إلى ذلك الحافظ الدمياطي على ما في تاريخ الخميس ج1 ص259 عن حياة الحيوان.. وكذا في سيرة مغلطاي ص11 وزاد قوله: >بايعوه على أي شيء<.
([82]) سيأتي الحديث عنه في الجزء الثالث من هذا الكتاب؛ الفصل الأول من الباب الثالث.
([83]) تاريخ الخميس ج1 ص259، والسيرة الحلبية ج1 ص120.
([84]) الغدير ج7 ص272 عنه.
([85]) نزهة المجالس ج2 ص147.
([86]) تاريخ الخميس ج1 ص261.
([87]) السيرة الحلبية ج1 ص119، والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص48.
([88]) سيرة مغلطاي ص11، وتاريخ الخميس ج1 ص259 عن الحافظ الدمياطي.
([89]) طبقات ابن سعد ج1 ص120 ط صادر، وج 1 قسم 1 ص76 ط ليدن والبداية والنهاية ج2 ص286.
([90]) مصنف الحافظ عبد الرزاق ج5 ص318 وسيرة ابن هشام ج1 ص194.
([91]) البخاري هامش فتح الباري ج4 ص363، والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص51، والسيرة الحلبية ج1 ص125.
([92]) السيرة النبوية ج1 ص51 لزيني دحلان، والسيرة الحلبية ج1 ص125 وفتح الباري ج4 ص364.
([93]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص21 ط صادر.
([94]) فتح الباري ج4 ص364 عن إبراهيم الحربي، وصوَّبه ابن الجوزي تبعاً لابن ناصر والسيرة الحلبية ج1 ص126 ويؤيد أن العرب ما كانت تعرف القراريط، ما جاء في الصحيح، يفتحون أرضاً يذكر فيها القيراط، فتح الباري ج4 ص364، وقولهم لا يعرف مكان في مكة بهذا الاسم محل نظر لأن عدم معروفيته الآن لا يستلزم عدم معروفيته في ذلك الزمان.
([95]) السيرة الحلبية ج1 ص126، والسيرة النبوية لدحلان ج1 ص51، وليراجع: فتح الباري ج4 ص364.
([96]) تقدم الكلام عنها في أوائل هذا الفصل.
([97]) نهج البلاغة، الخطبة القاصعة رقم192 ص300 ضبط صبحي الصالح، والبحار ج15 ص361 ـ 362.


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

١ ذوالقعدة الحرام

١- ذوالقعدة الحرام ١ـ ولادة كريمة أهل البيت فاطمة بنت موسى بن جعفر(س). ٢ـ غزوة بدر الصغرى. ٣ـ وفاة الاشعث ب...

المزید...

١١ ذوالقعدة الحرام

١١- ذوالقعدة الحرام ولادة ثامن الحجج، الامام السلطان ابوالحسن علي بن موسى الرضا المرتضى(ع) ...

المزید...

١٥ ذوالقعدة الحرام

١٥- ذوالقعدة الحرام نهاية الحكم الاموي وبداية الحكم العباسي ...

المزید...

٢٣ ذوالقعدة الحرام

٢٣- ذوالقعدة الحرام غزوة بني قريظة وتصفية يهود المدينة

المزید...

٢٥ ذوالقعدة الحرام

٢٥- ذوالقعدة الحرام ١) يوم دحو الارض ٢) خروج الرسول (ص) لحجة الوداع ٣) احضار الامام الرضا(ع) من الحجاز إلى ...

المزید...

٣٠ ذوالقعدة الحرام

٣٠- ذوالقعدة الحرام شهادة الامام الجواد(ع)

المزید...
012345
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page