أصداف الكوثر
رزقت السيّدة خديجة عليها السلام من الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله ولدين هما «القاسم وعبد الله)، وبنت واحدة، فاختطف الموت ولديه وهما صغيران وأبقى على بضعته كوثر الخلق ووالدة أئمة النور والهدى الأحد عشر، سيدة النساء الزهراء البتول عليها السلام.
يتّفق أهل السير والمؤرخين على أنّ الرسول الكريم صلى الله عليه وآله أنجب من السيّدة خديجة عليها السلام ومارية القبطية فقط، حيث أنجبت الأخيرة له ابنه «إبراهيم» الذي فارق والده المكرّم وهو في الثالثة من عمره.
نظرة إلى سيرة السيّدة خديجة عليها السلام
لقد كانت هذه السيّدة الكريمة إلى جانب شريك حياتها في جميع الأحداث المريرة والمسرّة، تتقاسم معه حلوها ومرّها، وكانت دوماً تحرص على سلامته فتبعث غلمانها ليطمئنوها عليه ويتفقّدوا أحواله، وفي بعض الأحيان تفعل ذلك بنفسها، فقد رافقته مراراً إلى غار حراء(47).
وذات مرّة صعدت إلى جبل النور قاطعة مسالكه الوعرة وحاملة صرّة طعام تريد إيصالها إلى النبي الكريم صلى الله عليه وآله في غار حراء، فأنهكها التعب، فوقعت عيناها على زوجها المشفق، فنزل الوحي ليشكر لها جهودها المخلصة.
كان أبو لهب وزوجته أمّ جميل يجمعان الأشواك من الصحاري والقفار ليضعاها في طريق الرسول الكريم صلى الله عليه وآله، وكانت السيّدة خديجة عليها السلام تبعث بغلمانها ليرفعوا تلك الأشواك عن طريقه(48).
لقد حاصرت قريش النبي وآل بيته في شعب أبي طالب لثلاث سنوات متتالية فمنعت عنهم الطعام والشراب والبيع والشراء، وكاد القوم أن يهلكوا لولا أنّ السيّدة خديجة عليها السلام سارعت بأموالها لنجدتهم، حيث كانت تهيّئ الطعام من السوق بأضعاف قيمته وترسله إليهم عن طريق ابن أخيها حكيم بن حزام ليسدّوا رمقهم به(49).
___________________________________________
47. ابن هشام، السيرة النبوية، ج 1، ص 219.
48. عبد المنعم، أمّ المؤمنين خديجة، ص 78.
49. الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 4، ص 235.