• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الفصل الثاني: حصار وإنهيار

نزول النبي على بئر (أنا):

ولما سار النبي «صلى الله عليه وآله» إلى بني قريظة نزل على بئر من آبارهم (في ناحية أموالهم) يقال لها: (لنا) أو (أنا) عند حرة بني قريظة وتلاحق به الناس([1]).
وقال ابن زبالة: «عن عبد الحميد بن جعفر: ضرب رسول الله «صلى الله عليه وآله» قبته حين حاصر بني قريظة على بئر (أنا).
وصلى في المسجد الذي هناك.
وشرب من البئر.
وربط دابته بالسدرة التي في أرض مريم ابنة عثمان»([2]).

كرامة إلهية للنبي الأعظم :

وقد ذكرت بعض المصادر: أن كرامة قد حصلت لرسول الله «صلى الله عليه وآله» حين سار إلى بني قريظة فهي تقول:
«فسار المسلمون إليهم، فوجدوا النخل محدقاً بقصرهم، ولم يكن للمسلمين معسكر ينزلون فيه.
ووافى رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فقال: ما لكم لا تنزلون؟!
فقالوا: ما لنا مكان ننزل به، من اشتباك النخل.
فوقف في طريق بين النخل، فأشار بيده يمنة، فانضم النخل بعضه إلى بعض، وأشار بيده يسرة، فانضم النخل كذلك، واتسع لهم الموضع: فنزلوا»([3]).
ونقول:
إن هذه الكرامة، لا بد من أن تزيد من يقين المسلمين وتزيل من نفوسهم وبتعبير أدق من نفوس بعضهم أي تردد أو شك يمكن أن يراودهم ويعترض سبيل يقينهم، ثم هي تكسر عنجهية وعنفوان غيرهم من المعاندين، ولا سيما من اليهود، الذين كانوا يعرفون هذا النبي كما يعرفون أبناءهم ولكنهم يكابرون، ويجحدون ما يعلمون أنه الحق.
وإذا كان ثمة من مبرر لحصول هذه الكرامة الإلهية في هذا الظرف الحساس بالذات، فهو عزاء أولئك الضعفاء من المسلمين الذين كان اليهود يحتلون مكانة متميزة في نفوسهم، لإزالة كل أثر سلبي أو عقدة تنشأ من الصدام معهم، وإلحاق الأذى بهم.
وهو كذلك يكشف كل زيف وخداع يمارسه اليهود لتضليل الناس فيما يرتبط بنبوة نبينا الأكرم «صلى الله عليه وآله».

عدة وعدد المسلمين:

ويقولون: إنه «صلى الله عليه وآله» قد سار إلى بني قريظة في ثلاثة آلاف مقاتل([4]). وكان معه من الخيل ستة وثلاثون فرساً([5])، وكانت للنبي «صلى الله عليه وآله» ثلاثة أفراس([6]).
ونحن نشك في ذلك: وذلك لأن عدد المسلمين في غزوة الأحزاب لم يزد على الألف رجل، بل كانوا أقل من ذلك أيضاً.
والظاهر: أن ما يمكن للمدينة أن تقدمه من الرجال القادرين على القتال لا يزيد على ألف وست مئة رجل فراجع الجزء العاشر([7]) من هذا الكتاب لتجد بعض ما يفيد في هذا المجال.

الراية واللواء مع علي :

روي عن جعفر بن محمد، عن أبيه «عليهما السلام»: أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» بعث علياً «عليه السلام» يوم بني قريظة بالراية، وكانت سوداء تدعى العقاب، وكان لواؤه أبيض([8]).
وقال ابن إسحاق: «وقدَّم رسول الله «صلى الله عليه وآله» علي بن أبي طالب برايته إلى بني قريظة»([9]).
وصرح القمي: بأنها كانت الراية العظمى([10]).
وقال البعض: وخرج علي بالراية وكانت على حالها لم تطو بعد([11]).
ويظهر من روايات أخرى: أن راية المهاجرين أيضاً كانت مع علي «عليه السلام»، فقد روي أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» دعا علياً، فقال: قدم راية المهاجرين إلى بني قريظة، فقام علي «عليه السلام»، ومعه المهاجرون، وبنو عبد الأشهل، وبنو النجار كلها، لم يتخلف عنه منهم أحد([12]).
ويظهر من روايات أخرى: أنه «صلى الله عليه وآله» قد دفع إلى علي اللواء أيضاً، فهي تقول: «فدعا «صلى الله عليه وآله» علياً فدفع إليه لواءه. وكان اللواء على حاله، لم يحل من مرجعه من الخندق، فابتدر الناس»([13]).
وفي نص آخر: وخرج رسول الله «صلى الله عليه وآله» يحمل لواءه علي بن أبي طالب([14]). وعن عروة بعث علياً رضي الله تعالى عنه على المقدمة، ودفع إليه اللواء، وخرج رسول الله «صلى الله عليه وآله» في أثره([15]).
وجمع نص آخر بين اللواء والراية فهو يقول: «وكان علي قد سبق في نفر من المهاجرين والأنصار فيهم أبو قتادة.. وغرز علي الراية عند أصل الحصن.
إلى أن قال أبو قتادة: وأمرني أن ألزم اللواء فلزمته، وكره أن يسمع رسول الله «صلى الله عليه وآله» أذاهم وشتمهم»([16]).

علي في بني قريظة:

قال الأربلي: «أنفذ أمير المؤمنين في ثلاثين من الخزرج، وقال: انظر بني قريظة: هل تركوا (نزلوا) من حصونهم؟
فلما شارفها سمع منهم الهجر، فرجع إلى النبي «صلى الله عليه وآله» فأخبره، فقال: دعهم فإن الله سيمكن منهم. إن الذي أمكنك من عمرو لا يخذلك، فقف حتى يجتمع الناس إليك، وأبشر بنصر الله، فإن الله قد نصرني بالرعب من مسيرة شهر.
قال علي: فاجتمع الناس إلي، وسرت حتى دنوت من سورهم، فأشرف عليَّ شخص منهم ونادى: قد جاءكم قاتل عمرو.
وقال آخر كذلك. وتصايحوا بينهم. وألقى الله الرعب في قلوبهم، وسمعت راجزاً يرجز:
قـــتــــل عـــلــــي عـمــروا               صــــاد عــــلــــي صـــقــرا
قـــصــم عــــلــي ظـــهـــرا               أبــــــرم عــــلـــــي أمــــرا
هــتـــك عــــلــي ســــتــرا                . . . .                        
فقلت: الحمد لله الذي أظهر الإسلام وقمع الشرك.
وكان النبي «صلى الله عليه وآله» قال لي: سر على بركة الله، فإن الله قد وعدكم أرضهم وديارهم.
فسرت متيقناً بنصر الله عز وجل حتى ركزت الراية في أصل الحصن، فاستقبلوني يسبون رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فكرهت أن يسمعه رسول الله، فأردت أن أرجع إليه، فإذا به قد طلع (وسمع سبهم له) فناداهم: يا إخوة القردة والخنازير، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين.
فقالوا: يا أبا القاسم، ما كنت جهولاً ولا سباباً.
فاستحيا، ورجع القهقرى قليلاً، ثم أمر فضربت خيمته بإزاء حصونهم([17]).
وارتجاز راجزهم بما تقدم، وقول علي «عليه السلام»: الحمد لله الذي أظهر الإسلام وقمع الشرك، ذكره آخرون أيضاً([18]).
وسيأتي تعليقنا على الفقرات الأخيرة إن شاء الله تعالى.

النبي في بني قريظة:

ويقول المؤرخون: قدَّم رسول الله «صلى الله عليه وآله» علي بن أبي طالب برايته (العظمى) إلى بني قريظة، وابتدرها الناس.
فسار حتى دنا من الحصون، فسمع منها مقالة قبيحة لرسول الله، فرجع حتى لقي النبي «صلى الله عليه وآله» في الطريق، فقال: يا رسول الله، لا عليك ألا تدنو من هؤلاء الأخابيث
(وفي نص آخر: ارجع يا رسول الله، فإن الله كافيك اليهود.)
قال: لِمَ؟ أظنك سمعت منهم لي أذى.
قال: نعم يا رسول الله.
قال: لو رأوني لم يقولوا من ذلك شيئاً.
فلما دنا منهم (زاد في نص آخر: أمرهم «صلى الله عليه وآله» أن يستروه بجحفهم ليقوه الحجارة حتى يسمع كلامهم، ففعلوا)، فناداهم: يا إخوان القردة (والخنازير)، هل أخزاكم الله، وأنزل بكم نقمته؟!
فقالوا: يا أبا القاسم ما كنت جهولاً (أو: ما كنت فاحشاً) الخ..»([19]).
زاد في بعض النصوص قوله: «فدعاهم إلى الإسلام قبل أن يقاتلهم، فأبوا أن يجيبوا إلى الإسلام، فقاتلهم رسول الله ومن معه من المسلمين حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ، وأبوا أن ينزلوا على حكم النبي «صلى الله عليه وآله»، فنزلوا على داء»([20]).
وفي نص آخر أنهم: «أشرفوا عليه وسبوه وقالوا: فعل الله بك، وبابن عمك، وهو واقف لا يجيبهم»([21]).
غير أن نصاً آخر يشير: إلى أن علياً سمع منهم قولاً سيئاً لرسول الله «صلى الله عليه وآله»، وأزواجه رضي الله عنهن، فكره أن يسمع ذلك رسول الله([22]).
ويذكر القمي: أن علياً «عليه السلام» جاء، وأحاط بحصنهم، فأشرف عليهم كعب بن أسيد من الحصن يشتمهم، ويشتم رسول الله الخ..
قالوا: لما قال «صلى الله عليه وآله» لهم: يا إخوة القردة والخنازير، وعبدة الطاغوت أتشتموني؟! إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباحهم،
أشرف كعب من أسيد بن الحصن، فقال: يا أبا القاسم، ما كنت جهولاً، فاستحيا رسول الله «صلى الله عليه وآله» حتى سقط الرداء عن ظهره، حياء مما قاله.
وفي نص آخر: وجعل يتأخر استحياء، مما قاله لهم([23]).
قالوا: وكان علي قد سبق في نفر من المهاجرين والأنصـار فيهم أبو قتادة. وغرز علي الراية عند أصل الحصن، فاستقبلونـا في صياصيهم يشتمون رسول الله «صلى الله عليه وآله» وأزواجه.
قال أبو قتادة: وسكتنا وقلنا: السيف بيننا وبينكم.
وطلع رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فلما رآه علي «عليه السلام» رجع إليه، وأمرني أن ألزم اللواء، وكره أن يسمع رسول الله «صلى الله عليه وآله» أذاهم وشتمهم([24]).
أما الطبرسي «رحمه الله» فيقول: إنه «صلى الله عليه وآله» قال لهم: يا إخوة القردة، إنا إذا نزلنا بساحة قوم فساء صباح المنذرين، يا عباد الطاغوت، اخسأوا أخسأكم الله، فصاحوا يميناً وشمالاً: يا أبا القاسم ما كنت فحاشاً فما بدا لك؟
قال الإمام الصادق «عليه السلام»: فسقطت العنزة من يده وسقط رداؤه من خلفه، وجعل يمشي إلى ورائه، حياء مما قال لهم([25]).
ويقول نص آخر: فلما نزل رسول الله «صلى الله عليه وآله» بحصنهم، وكانوا في أعلاه نادى بأعلى صوته نفراً من أشرافهم حتى أسمعهم، فقال: أجيبوا يا معشر يهود، يا إخوة القردة، قد نزل بكم خزي الله عز وجل، فحاصرهم([26]).
وعند اليعقوبي: أن النبي «صلى الله عليه وآله» لما عرف من علي «عليه السلام»: أنهم أساؤوا القول، قال بيده هكذا، وهكذا. فانفرج الجبل حين رأوه.
وقال: يا عبدة الطاغوت، يا وجوه القردة والخنازير، فعل الله بكم وفعل.
فقالوا: يا أبا القاسم، ما كنت فاحشاً.
فاستحيا، فرجع القهقرى([27]).
وفي نص آخر أنهم: لما ترسوا عن رسول الله «صلى الله عليه وآله» وخاطبهم بيا إخوة القردة والخنازير وعبدة الطواغيت أتشتموني، فجعلوا يحلفون بالتوراة التي أنزلت على موسى ما فعلنا، ويقولون: يا أبا القاسم، ما كنت جهولاً([28]).
ونقول:
إننا نرتاب كثيراً في دعوى أن يكون رسول الله «صلى الله عليه وآله» قد كلمهم بكلام فاحش، برر اعتراضهم عليه لأجله حتى استحيا مما صدر منه حتى سقطت العنزة من يده، والرداء عن ظهره، ورجع القهقرى استحياء.
وذلك لأنه «صلى الله عليه وآله» إنما يشير بقوله لهم: يا إخوان القردة والخنازير إلى المسخ على صورة القردة والخنازير، الذي وقع في إخوانهم وقومهم من بني إسرائيل، بسبب ما ارتكبوه في حق الدين وأهله.
فهو «صلى الله عليه وآله» لم يكن بذلك فحاشاً، ولا قال لهم ذلك عن جهالة، بل أراد أن يذكرهم بعواقب التمرد على الله الذي لمسوه بأنفسهم، وعرفوا عواقبه السيئة ورأوها بأم أعينهم. فلم يكن تصرف الرسول تجاههم وموقفه منهم عن جهالة أيضاً بل هو في غاية الحكمة والدقة، وليس فيه ما يوجب الاستحياء، ولا ما يستوجب سقوط العنزة من يده والرداء عن ظهره.

مفارقة ما كنت جهولاً!!

إن من غريب الأمور: أن نجد اليهود الغدرة، الفجرة، الذين ما فتئوا يوجهون أنواع السباب للمسلمين، ولخصوص الرسول الأعظم «صلى الله عليه وآله» ـ بل لقد ذهبت بهم الجرأة إلى حد التعرض بالسباب لأزواجه عليه وعلى آله الصلاة والسلام ـ هؤلاء اليهود بالذات يتظاهرون الآن بأنهم من أنصار الالتزام بالقيم والمثل، ويذكرون النبي «صلى الله عليه وآله» بها. مع أنه «صلى الله عليه وآله» لم يتجاوز عما تفرضه القيم والمثل قيد أنملة، فإنه لم يخاطبهم إلا بما هو حق وواقع، بهدف ردعهم عن ممارساتهم المشينة واللاأخلاقية.
على أن موقفهم هذا: لم نجد له أثراً في تصحيح مواقفهم، والالتزام بما تمليه قواعد الخلق السامي والنبيل، كما أنهم لم يستفيدوا مما عرفوه ووثقوا به واطمأنوا إليه من صفات النبل والكرامة. إلا في دفع غائلة إظهار بعض واقعهم، وإيقاف ما يتعرضون له من فضح لهذا الواقع، حتى لا تزيد هذه الفضيحة وتنتشر، وتتفاعل، لتعيق وصولهم لبعض ما يطمحون للوصول إليه.
وخلاصة الأمر: إنهم في حالة الأمن يغدرون، ويفعلون كل منكر، ويرتكبون كل ما هو سفه ونذالة.
وإذا قدروا فإنهم لا يتورعون عن ارتكاب أبشع الجرائم في حق من يرون به خطراً على مصالحهم الدنيوية.
وإذا عجزوا؛ فإنهم يتظاهرون بالولاء للقيم، والمثل العليا في حين أنهم يتربصون ويترصدون الفرص لتجاوز حالة العجز تلك ليعودوا للانطلاق في مهمه ضلالاتهم، وممارسة أبشع أنواع الوغول في الدنس والرذالة والرذيلة.
ويقول البعض: «هذه خلال اليهود، يسفهون إذا أمنوا، ويقتلون إذا قدروا، ويذكرون الناس بالمثل العليا إذا وجلوا، ليستفيدوا منها وحدهم لا لشيء آخر»([29]).

موقف مصطنع لابن حضير:

ويقولون: «سار رسول الله «صلى الله عليه وآله» إليهم، وتقدمه أسيد بن حضير، فقال: يا أعداء الله، لا نبرح حصنكم حتى تموتوا جوعاً، إنما أنتم بمنزلة ثعلب في جحر.
قالوا: يا ابن الحضير، نحن مواليكم دون الخزرج، وخاروا، وقال: لا عهد بيني وبينكم، ولا إلٌَّ»([30]).
ونحن نرتاب في صحة هذه الرواية: ونقدِّر أنها مصطنعة لصالح ابن حضير الذي كان ثمة اهتمام بنسبة الفضائل إليه، بسبب مواقفه المؤيدة للحكام بعد رسول الله والمناهضة لبني هاشم. وسبب ريبنا في صحة هذه الرواية هو ما يلي:
أولاً: إن الروايات تقول: إنه «صلى الله عليه وآله» قدم علياً «عليه السلام» إلى بني قريظة، وليس ابن حضير، وقول الحلبي: «تقدم أسيد إلى بني قريظة يجوز أن يكون قبل مقدم علي لهم، ويجوز أن يكون بعده»([31]) ليس له ما يبرره، إذ إن كلامه هذا لا يحل مشكلة التنافي بين تقديم علي «عليه السلام» وتقديم أسيد، لأن الثابت هو تقديم علي دون غيره.
ويمكن المناقشة فيما ذكرناه: بأن النص المذكور لم يصرح بأن النبي «صلى الله عليه وآله» هو الذي قدم أسيد بن حضير، فقد يكون أسيد قد ذهب إليهم من تلقاء نفسه وبصفته الشخصية، لا أنه كان على رأس الجيش.
فإن النص يقول: «تقدمه أسيد بن حضير».
ولكن ذلك غير مقبول: فإن تحرك أسيد أو غيره من تلقاء نفسه، ومن دون إذن أو تقديم منه «صلى الله عليه وآله» بعيد وغير سديد.
ثانياً: يلاحظ: أن ابن حضير قد نسب الحلف الذي نفاه إلى نفسه لا إلى قومه حيث قال: «لا عهد بيني وبينكم، ولا إلٌّ»!!
إلا أن يقال: إن نقض أحد زعماء القبيلة لحلف وكذلك عقده له هو عند العرب ملزم لقبيلته كلها.
ثالثاً: إن بني قريظة إنما خافوا وخاروا حينما نادى علي «عليه السلام»: «يا كتيبة الإيمان الخ..»، فحينئذٍ أرسلوا إلى حلفائهم الأوس أن يأخذوا لهم مثلما أخذت الخزرج لبني قينقاع، وسيأتي ذلك تحت عنوان: الفتح على يد علي «عليه السلام».

القتال ثم الحصار:

«ثم قدم رسول الله «صلى الله عليه وآله» الرماة من أصحابه وأمرهم بأن يرموهم، ويراميهم اليهود واستمر الرمي إلى أن ذهبت ساعة من الليل، ورسول الله «صلى الله عليه وآله» واقف على فرسه عليه السلاح، وأصحاب الخيل حوله. ثم أمر «صلى الله عليه وآله» أصحابه بالانصراف.
قال كعب بن عمر المازني: فانصرفنا إلى منزلنا، وعسكرنا، فبتنا. وكان طعامنا تمراً بعث به سعد بن عبادة أحمال تمر، فبتنا نأكل منها، ولقد رئي رسول الله، وأبو بكر، وعمر يأكلون من ذلك التمر»([32]).
وكان طعام الصحابة أيام الحصار: التمر، يرسل به إليهم سعد بن عبادة، وقال «صلى الله عليه وآله» يومئذٍ: نعم الطعام التمر([33]).
وكانوا يقاتلونهم في كل يوم من جوانب الحصن، ويرمونهم بالنبل والحجارة([34]).
وعن عائشة بنت سعد، عن أبيها، قال: قال لي رسول الله «صلى الله عليه وآله»: يا سعد، تقدم فارمهم.
فتقدمت حيث تبلغهم نبلي، ومعي نيف عن الخمسين، فرميناهم ساعة وكأن نبلنا مثل جراد فانجحروا([35])، فلم يطلع منهم أحد، وأشفقنا على نبلنا أن يذهب، فجعلنا نرمي بعضها، ونمسك البعض([36]).
ويظهر من الرواية: أن ذلك قد كان فور وصول رسول الله «صلى الله عليه وآله» إليهم، وبعد أن كلمهم.
وحاصرهم المسلمون أشد الحصار([37]).
وجعل المسلمون يعقب بعضهم بعضاً، أي يقاتلهم فوج ويرتاح فوج. فلما أيقنوا بالهلكة تركوا رمي المسلمين، وأرسلوا نباش بن قيس لمفاوضتهم([38]).
ونقول:

إننا نذكر القارئ الكريم بالأمور التالية:
1 ـ قال الواقدي: «ويقال: إنه لم يطلع منهم أحد، ولم يبادر (يبارز خ ل) للقتال في روايتنا»([39]).
وقال ابن سعد: «ورموا بالنبل، فانجحروا، فلم يطلع منهم أحد»([40]).
وهذا لا ينافي ما تقدم: من أنهم كانوا يرمون المسلمين من حصونهم.
ولا ينافي قول اليعقوبي: «قتل من بني قريظة، ثم تحصنوا فحاصرهم الخ..»([41]).
إذ إن الواقدي إنما يتحدث عن فترة الحصار، وأنه لم يحصل قتال بالسيف إبان هذه الفترة.
وسيأتي: أنهم قد نزلوا لمواجهة بعض كتائب المسلمين التي قادها كبار الصحابة فهزموها. ثم لما جاءهم أمير المؤمنين هزمهم، واضطرهم إلى النزول على حكم الله ورسوله. وقد كان ذلك بعد الحصار وفي اليوم أو الأيام الأخيرة منه.
وسيأتي الحديث عن ذلك: تحت عنوان: الفتح على يد علي «عليه السلام».
2 ـ إننا لا نستغرب: أن يحاول سعد بن أبي وقاص، وابنته تسجيل فضيلة لسعد، لا سيما في مجال الرمي، الذي مارسه المسلمون في هذه الواقعة.

ولكن ما يلفت نظرنا:

أولاً: أن لا يرد هذه الحديث إلا على لسان سعد نفسه، حدث به ابنته التي تفردت بروايته عنه، وكأنه لم يكن يجرؤ على أن يتحدث به أمام الناس، الذين كانوا يعرفون الحقيقة، وقد عاشوها وعاينوها، حتى لا يواجه ما لا يحب.
ثانياً: يستوقفنا أيضاً: أن يتضمن حديث سعد لابنته تلويحاً ظاهر الدلالة إلى أن النبي «صلى الله عليه وآله» كان هو البادئ في رمي بني قريظة، وهو أمر لا تؤيده الشواهد التاريخية، بل قد ثبت ما ينافيه ويرده، وأن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يكن يبدأ أحداً بقتال، حتى يبتدئ.
وقد تقدم هذا الأمر عنه وعن علي أمير المؤمنين «عليه السلام» فراجع.
3 ـ قولهم: إن رمي المسلمين لبني قريظة قد استمر إلى أن أيقنوا بالهلكة، فأرسلوا نباش بن قيس لمفاوضة النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله»، فرجع إليهم وأخبرهم: أنه «صلى الله عليه وآله» لا يقبل إلا بأن ينزلوا على حكمه فأرسلوا حينئذٍ بطلب أبي لبابة،
إن هذا القول موضع شك وريب أيضاً: فإن هناك نصوصاً تدل على أنهم بعد أن رجع إليهم نباش استمروا أياماً. صدوا خلالها حملات بقيادة بعض كبار الصحابة، فجاءهم علي «عليه السلام»، فقهرهم، واضطرهم إلى النزول على حكم سعد بن معاذ، كما سيأتي تفصيله.
ولكن هؤلاء يريدون تجاهل دور سيد الوصيين قدر الإمكان، حقداً منهم وحنقاً، وخيانة للدين وللحقيقة.
ويمكرون ويمكر الله، والله خير الماكرين.

مدة الحصار:

قد اختلفت كلمات الرواة والمؤرخين في مدة حصار المسلمين لبني قريظة وذلك على النحو التالي:
1 ـ حاصرهم أياماً، حتى نزلوا على حكم سعد بن معاذ([42]).
أو: «فحصرهم حتى نزلوا على حكمه»([43]).
2 ـ حاصرهم إحدى وعشرين ليلة([44]).
وفي نص آخر: بضعاً وعشرين ليلة([45]).
3 ـ عشرة أيام([46]).
4 ـ أربع عشرة ليلة([47]).
وفي نص آخر: بضع عشرة ليلة([48]).
5 ـ خمسة عشر يوماً([49]).
6 ـ خمسة وعشرين([50]).
7 ـ وقيل: حصرهم شهراً([51]).

الفتح على يد علي :

قد تقدم: أن بني قريظة قد طارت قلوبهم رعباً من علي «عليه السلام» حين قدم إليهم، ونزيد هنا:
أن من الأمور المثيرة: أننا نجد الزبير بن بكار، يذكر لنا في كتاب المفاخرات نصاً يفيد: أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد بعث إلى بني قريظة أكابر أصحابه فهزموا، فبعث علياً، فكان الفتح على يديه تماماً كالذي جرى في خيبر.
فقد روى الزبير بن بكار مناظرة بين الإمام الحسن «عليه السلام» وبين عمرو بن العاص، والوليد بن عقبة، وعتبة بن أبي سفيان، والمغيرة بن شعبة، عند معاوية فكان مما قاله لهم الإمام الحسن «عليه السلام»:
«وأنشدكم الله أيها الرهط أتعلمون.. أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» بعث أكابر أصحابه إلى بني قريظة، فنزلوا من حصنهم فهزموا، فبعث علياً بالراية، فاستنزلهم على حكم الله، وحكم رسوله، وفعل في خيبر مثلها»([52]).
وقال القاضي النعمان مشيراً إلى جهاد علي «عليه السلام» في بني قريظة: «وانصرف رسول الله صلوات الله عليه وآله على بني قريظة، فقتلهم، وسبى ذراريهم، وكان ذلك بصنع الله لرسوله صلوات الله عليه وآله، وللمسلمين، وبما أجراه الله على يدي وليِّه علي صلوات الله عليه، وكان مقامه ذلك من أشهر المقامات وأفضلها»([53]).
ويروي المؤرخون: أنه لما تباطأ اليهود في إجابة طلب النبي «صلى الله عليه وآله» بالتسليم، والنزول على حكمه، صاح علي بن أبي طالب قائلاً:  «يا كتيبة الإيمان».
وتقدم هو والزبير بن العوام، وقال: «والله، لأذوقن ما ذاق حمزة أو اقتحم (أفتحن) حصنهم».
(فخافوا، وقالوا: ننزل على حكم سعد).
فأرسل اليهود إلى حلفائهم من الأوس: أن يأخذوا لهم مثلما أخذت الخزرج لإخوانهم بني قينقاع الخ..»([54]).

ونقول:
ليلاحظ القارئ: حشر اسم الزبير في هذا المقام!!
وقال ابن الحجاج:
أنــا مــولــى الـكـرار يـوم حنين        والـظـبا قـد تحكمت في  النـحـور
أنـا مـولـى لمـن بـه افـتـتـح الإس‍ـ      ـلام حصـني قـريـظـة  والنـضـير
والـذي عـلـم الأرامــل في بـــدر         عـلـى الـمشركين جـز الـشـعـور
مـن مـضــت لـيـلة الهرير وقتلاه       جــزافــاً يحـصـون بـالـتـكبـير([55])
وسام الفتح:
ويحدثنا التاريخ: أن جماعة من الصحابة اعترضوا على أبي بكر على إقدامه على غصب الخلافة من علي بعد وفاة النبي «صلى الله عليه وآله». وكان أول من تكلم منهم خالد بن سعيد بن العاص الأموي فقال له: «اتق الله، وانظر ما تقدم لعلي بن أبي طالب، أما علمت أن النبي «صلى الله عليه وآله» قال لنا، ونحن محدقون به، وأنت معنا في غزاة بني قريظة، وقد قتل علي «عليه السلام» عدة من رجالهم.
(وعند البياضي: وقد قتل علي رجالهم.
وعند ابن طاووس: وقد قتل علي «عليه السلام» عشرة من رجالهم، وأولي النجدة منهم): وكان الذين يحدقون به «صلى الله عليه وآله» آنئذٍ: جماعة من ذوي القدر والشأن من المهاجرين والأنصار:
يا معاشر قريش، إني أوصيكم بوصية فاحفظوها عني، ومودعكم أمراً، فلا تضيعوه، إن علي بن أبي طالب إمامكم من بعدي، وخليفتي فيكم، وبذلك أوصاني جبرئيل عن الله عز وجل.. ».
ثم تذكر الرواية: احتجاج كل واحد من الاثني عشر، وبعضهم احتج بحديث الغدير.
قال: «وقال في اليوم الرابع (أو في يوم الجمعة) لما جاء معاذ وعثمان (وفي نص آخر: سالم) مولى حذيفة كل في ألف رجل، يقدمهم عمر، (وفي نص ابن طاووس: أتاه عمر، وعثمان، وطلحة، وعبد الرحمن بن عوف، وسعد بن أبي وقاص، وأبو عبيدة بن الجراح، وسعيد بن عمرو بن نفيل، فأتاه كل منهم متسلحاً الخ..
زاد في نص آخر: مع كل واحد منهم عشرة من رجال عشائرهم).
فلما توسط عمر المسجد، قال: يا أصحاب علي، إن تكلم فيكم أحد بالذي تكلم به الأمس لنأخذن ما فيه عيناه.
فقام إليه خالد (بن سعيد) فقال: يا ابن الخطاب، أبأسيافكم تهددنا؟ أم بجمعكم؟! إن أسيافنا أحد من أسيافكم، وفينا ذو الفقار، وسيف الله، وسيف رسوله، وإن كنا قليلين ففينا من كثرتكم عنده قلة، حجة الله، ووصي رسوله، ولولا أني أؤمر بطاعة إمامي لشهرت سيفي، وجاهدت في الله حتى أبلغي عذري، فقال أمير المؤمنين «عليه السلام»: شكر الله مقالتك، وعرف ذلك لك».
وتذكر نصوص هذه القضية أيضاً: أن عمر أمر خالداً بالسكوت، لأنه ليس من أهل المشهورة، فقال له خالد بن سعيد:
بل اسكت أنت، فإنك تنطق بغير لسانك، وتفوه بغير فيك، وإنك لجبان عند الحرب (كما يظهر) ما وجدنا لك في قريش فخراً.
وفي نص آخر: إنك ألأمها حسباً، وأقلها عدداً (أدباً)، وأخملها ذكراً، وأقلها غناء عن الله عز وجل وعن رسوله، وإنك لجبان عند الحرب، بخيل في الجدب، لئيم العنصر، مالك في قريش مفخر، فأسكته خالد.
زاد في الإحتجاج قوله: وأخسها قدراً([56]). وثمة زيادات أخرى فراجع.
قال ابن طاووس: «هذا الحديث روته الشيعة متواترين»([57]).
ولنا مع هذا الحديث وقفات، نقتصر منها على ما يلي:
1 ـ إنه «صلى الله عليه وآله» إنما يوصي خصوص قريش بهذه الوصية بحضور ذوي القدر والشأن من أصحابه المهاجرين والأنصار.
ولا نبعد إذا قلنا: إنه «صلى الله عليه وآله» كان على معرفة تامة بنوايا قريش تجاه خلافة علي «عليه السلام» بعده، وقد كان وما يزال يلمح ويصرح به لهم في المناسبات المختلفة منذ أوائل بعثته «صلى الله عليه وآله». وكان يدرك تململ قريش، ومن يدور في فلكها من هذا الأمر، ورفضها الباطني له. هذا الرفض الذي كان يترجم في مواقف عملية لهم، وأسلوب تعامل هنا وهناك. وقد ذكرنا بعض ما يوضح هذا الأمر في كتابنا: «الغدير والمعارضون»، فليراجعه من أراد.
2 ـ إنه «صلى الله عليه وآله» لم يكن ليوصي ذوي القدر والشأن من المهاجرين والأنصار، بهذه الوصية الحساسة والخطيرة، والثقيلة جداً على الكثيرين منهم، إلا حين يكون علي «عليه السلام» قد حقق إنجازاً كبيراً عجز عنه الآخرون.
وقد ألمحت الرواية إلى هذا الانجاز، وهو: أنه «عليه السلام» قد قتل رجالهم، أو عشرة من رجالهم، وأولي النجدة منهم (أي من بني قريظة).
وقد ذكرت النصوص المتقدمة أيضاً: أن فتح قريظة كان على يديه «عليه السلام»، وتحدثت عن رعب بني قريظة منه بمجرد معرفتهم بقدومه إلى حصنهم، وتحدثت عن هزيمة كبار الصحابة الذين أخذوا الراية، ثم فتح الله على يديه، تماماً كما جرى في خيبر.
وكل ذلك يشجعنا على القول: إنه «صلى الله عليه وآله» لم يكن ليطرح قضية إمامة علي «عليه السلام» بعده، وهو يعلم أن في أصحابه من يستميت في سبيل إبطال هذا الأمر وإفشاله، إلا حينما تكون ثمة هزيمة نكراء لأولئك المناوئين، ونصر مؤزر لأمير المؤمنين «عليه السلام» يلجمهم عن التفوه بأي اعتراض، ويصدهم عن السعي لبلبلة الأفكار، وتسميم الأجواء والتشكيك في صوابية ما يوصيهم به «صلى الله عليه وآله»، ويأمرهم بالتزامه.
ويلمح إلى هذا بل يصرح به نفس هذا النص الذي نحن بصدده، حيث ذكر أنه «صلى الله عليه وآله» إنما قال لهم ذلك حين قتل «عليه السلام» رجال بني قريظة، أو عشرة من رجالهم وذوي النجدة منهم، حسبما تقدم.
3 ـ إن الهيئة الحاكمة وأنصارها حين أعوزتهم الأدلة والبراهين لجأوا إلى أسلوب التهديد، والوعيد، والقمع، وعرض العضلات.
ولولا أنهم كانوا على علم بأن قرار علي «عليه السلام» هو تجنب المواجهة المسلحة لكانوا قد حسبوا ألف حساب قبل أن يقدموا على ذلك.
4 ـ إن وقائع هذه القضية تعطينا: أن هؤلاء الأعيان من الصحابة حين أعلنوا عدم شرعية ما أقدم عليه أبو بكر وحزبه، واعتبروا ذلك تعدياً وغصباً، ومخالفة صريحة لأوامر النبي الأعظم «صلى الله عليه وآله»، فإنهم قد انطلقوا في مواقفهم هذه، من ثوابت عقائدية، واستجابة لشعور ديني وضميري وهَّاج ومرهف.
ولكن هذه المواجهة ـ رغم ذلك ـ: لم تتحول إلى غوغائية، أو حالة انفعالية، رغم استفزاز الحكم لهم، ومحاولته تطوير الصراع، لأنه كان يرى: أن من مصلحته تصعيد التحدي ليتفادى المأزق الذي يجد نفسه فيه، وهو يرى نفسه عاجزاً عن تبرير ما أقدم عليه بصورة منطقية ومعقولة.
ومن جهة أخرى: فإن هذه المعارضة قد عبرت في رفضها الاستجابة إلى استفزازت السلطة، عن أن ذلك ينطلق من التزامها الدقيق بطاعة قيادتها، ومن انضباطية صارمة وملفتة للنظر، فهي التي تقرر حجم الصراع ومستواه، وأساليبه ووسائلـه، وهي التي تفرض ما تقرره على خصومها أياً كانوا.
5 ـ إن خالد بن سعيد بن العاص الأموي قد وصف علياً هنا ب‍ «الوصي».
ونود أن نذكِّر القارئ الكريم: بأن هذا اللقب له «عليه السلام» كان معروفاً لدى الصحابة، ولدى عموم الناس، وكانوا يطلقونه عليه صلوات الله وسلامه عليه في كثير من المناسبات، وقد ذكر المعتزلي طائفة من الأشعار والأرجاز التي أوردت هذا اللقب([58]).
وتجده يتكرر كثيراً في كلمات وأشعار وأرجاز الناس في حربي الجمل وصفين، وغيرهما.
بل إن الخوارج قد احتجوا لخروجهم على أمير المؤمنين «عليه السلام» بقولهم: «زعم أنه وصي فضيَّع الوصية»([59]). وتتبع النصوص التي أوردت هذا الوصف له «عليه السلام» يحتاج إلى توفر تام، وتأليف مستقل.
6 ـ لقد أظهر هذا النص: أن عمر بن الخطاب لم تكن له مكانة مرموقة في قريش. وإنما استفاد من الظروف السياسية والاجتماعية في أيام الإسلام الأولى، لينشئ لنفسه موقعاً، ويحيط نفسه بهالة من نوع ما، ولا سيما في مجتمع المدينة، الذي كان أقل تجربة من المجتمع المكي، وأبعد عن أحابيل السياسة ومناورات وكيد السياسيين.
7 ـ لقد هدد خالد بن سعيد عمر بن الخطاب ومن معه بذي الفقار، وبعلي «عليه السلام» سيف الله وسيف رسوله.
ولم يعترض عليه عمر بشيء.
وهذا قد يلمح: إلى أن هذا اللقب «سيف الله» هو من ألقاب علي «عليه السلام»، وقد دلت على ذلك روايات كثيرة عن رسول الله «صلى الله عليه وآله»([60]).
ولكن الآخرين قد سرقوا هذا اللقب، ومنحوه لخالد بن الوليد، مكافأة له على قتله ذلك الرجل المسلم مالك بن نويرة، ثم الزنى بامرأته ليلة قتله.
وقد برروا قتله له بأنه كان يمتنع عن إعطاء الزكاة للحاكم المغتصب لمقام الخلافة. مع أن السبب الحقيقي هو عشقه لزوجة المقتول.
وقد أعطاه أبو بكر هذا الوسام حينما طالب عمر بمجازاة خالد: «لإحن قديمة بينهما ما كنت لأشيم سيفاً سله الله على أعدائه»([61]).
ثم نسبوا ذلك إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»([62]).
مع أن صاحب اللقب الحقيقي هو علي «عليه السلام» كما أسلفنا.
8 ـ إنه «صلى الله عليه وآله» قد أعلن لهم (أي للمهاجرين والأنصار) أمر ولاية علي «عليه السلام» في نفس الساعة التي شاهدوا فيها أثر علي «عليه السلام» في نصرة دين الله، حيث تحقق الفتح على يده، ورأوا بأم أعينهم فرار أولئك الذين يدبرون أو يشاركون في التدبير للإستئثار بالأمر، ونقض عهد الله ورسوله فيه.
وسيكون لهذا الكلام وقعه العميق في النفوس. ولا بد من أن تحتفظ به الذاكرة أزمنة طويلة، وسيتذكره الذين سمعوه في نفس اللحظات التي يرون فيها أن وصية الرسول «صلى الله عليه وآله» قد خولفت، وأوامره وعهوده قد نُقضت.
ولذلك بادر خالد بن سعيد بن العاص إلى التذكير بهذه الوصية في هذه اللحظة بالذات، وسجل إدانته الصريحة لمخالفتهم أوامر النبي «صلى الله عليه وآله»، ونقضهم لعهده.
9 ـ إن النبي الكريم «صلى الله عليه وآله» قد حصر عواقب نقض وصيته في علي «عليه السلام» بأمور ثلاثة، هي:
ألف: الإختلاف في الأحكام.
ب: إضطراب أمر دينهم عليهم.
ج: أن يليهم شرارهم.
وهي أمور لا بد أن يولوها أهمية بالغة، لأنها تضر بسعادتهم الدنيوية، والأخروية على حد سواء. فإن ولاية الأشرار تضر بأمنهم، بجميع وجوهه، وفي مختلف مواقعه، فلا أمن على الأوراح، ولا على الأعراض، ولا على الأموال.. كما أنه يفقدهم الثقة بسياسات حكامهم، وبنواياهم، وبصحة تفكيرهم، وسلامة قراراتهم يفقدهم القدرة على التخطيط للمستقبل، الأمر الذي يجعلهم في مهب الريح، تتقاذفهم رياح الأهواء، وتكون قراراتهم مرتجلة، وعشوائية، وغبية، ويكون غيرهم هو الذي يتحكم بمصيرهم، حسبما يحلو له، وبما ينسجم مع ما يراه من مصلحته.. وذلك هو الضياع والخسران المبين في الحياة الدنيا..
كما أن إبعاد من نصبه الله ولياً وحاكماً، وإماماً عن موقعه الطبيعي، يؤدي بهم إلى الاختلاف في الأحكام، لأن الناس إذا تركوا إمامهم صاروا مثل غنم غاب عنها راعيها. ولن يجديهم نفعاً لجوءهم إلى أناس عاديين مثلهم، فإنهم سوف لا يهتدون إلى كثير من الأحكام، لأنهم يملكون من المعرفة بكلام الرسول «صلى الله عليه وآله» وبمواقفه، أو قد يعرفون عدداً منها ما يكفي للأمن من الزلل والخطل.. كما أن ما علموه من أقواله «صلى الله عليه وآله» ومواقفه، يجهلون مبرراته، وحيثياته، فيفهمونه على غير وجهه، فقد يتوهمون العام خاصاً، أو الخاص عاماً، والمقيد مطلقاً وعكسه. وتختلط عليهم أمور كثيرة فيما يرتبط بالقواعد والمناهج..
هذا كله، بالإضافة إلى سعي ذوي النفوذ، وطلاب اللبانات، وأصحاب الأهواء إلى التدخل في الأحكام، وفرضهم التلاعب بها لمصلحتهم .. والأحداث والوقائع التاريخية خير شاهد على ذلك.
10 ـ وآخر ما نذكره في تعليقنا على الحدث المتقدم، أنه يذكر: أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد أوصى قريشاً بقبول خلافة وإمامة علي «عليه السلام» بعده، بعد أن قتل علي «عليه السلام» بني قريظة، أو رجالاً من أهل النجدة فيهم.. وهذا يؤيد ما قاله ابن واضح اليعقوبي: «وقتل من بني قريظة، ثم تحصنوا فحاصرهم»([63]).
ثم كان الفتح أخيراً أيضاً على يد أمير المؤمنين علي «عليه السلام» كما أكدته سائر النصوص التي قدمناها.

مبارزة الزبير لقريظي:

عن عكرمة: «لما كان يوم بني قريظة، قال رجل من اليهود: من يبارز؟ فقام إليه الزبير، فبارزه.
فقالت صفية: واجدي.
فقال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: أيهما علا صاحبه قتله، فعلاه الزبير، فقتله، فنفله رسول الله «صلى الله عليه وآله» سلبه»([64]).
ونقول:
1 ـ قال الواقدي: «ولم يسمع بهذا الحديث في قتالهم وأراه، وهل هذا في خيبر»([65]).
2 ـ تقدم أنه لم يطلع أحد من بني قريظة، ولم يبادر (يبارز) للقتال([66]). أما حينما ذهب إليهم غير علي، فإن الذاهبين إليهم قد هزموا بمجرد أن رأوا بني قريظة ينزلون إليهم، وأما حينما ذهب إليهم علي نفسه، فإنه هو استنزلهم من حصونهم فنزلوا منها على حكم سعد بن معاذ([67]).
3 ـ تقدم أيضاً ما يقرب من هذه القصة في غزوة الخندق، وأثبتنا أنها مكذوبة والظاهر: أن هؤلاء الناس متحيرون كيف يمكنهم تسطير الفضائل لمن يحبونهم. والله سبحـانه لم يزل ولا يزال يكشف زيف دعـاويهم العريضة وأقاويلهم وأباطيلهم، ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين.

الحرب خدعة:

ويقولون: إن النبي «صلى الله عليه وآله» قال يوم بني قريظة: «الحرب خدعة»([68]).
ونحن نستبعد أن يكون «صلى الله عليه وآله» قد قالها في هذه المناسبة، إذ لا مناسبة تقتضي ذلك، ولم يقم المسلمون بأي عمل فيه شيء من الخداع لبني قريظة. بل هم قد حاصروهم، وشددوا عليهم الحصار، وحصلت بعض المناوشات على الطريقة المعروفة والمألوفة.
ولم يوفق الذين قاموا بمهاجمتهم أولاً، حتى هاجمهم علي أمير المؤمنين، فكان الفتح على يديه «عليه السلام».


([1]) راجع: تاريخ الأمم والملوك ج2 ص245 والثقات ج1 ص274 وراجع: السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص245 وعيون الأثر ج2 ص69 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص162 والمغازي للواقدي ج2 ص499 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص12 وجوامع السيرة النبوية ص153 والمواهب اللدنية ج1 ص115 وتاريخ الخميس ج1 ص494 ونهاية الأرب ج17 ص187 و 188 ووفـاء الوفـاء ج3 ص950 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص230 والبداية والنهاية ج4 ص119 و 120.
([2]) وفاء الوفاء ج3 ص950.
([3]) الخرائج والجرائح ج1 ص158 وراجع: تفسير القمي ج2 ص190 والبحار ج20 ص249 و 234 عنهما، على الترتيب.
([4]) الوفا ص695 ومحمد رسول الله سيرته وأثره في الحضارة ص245 وتاريخ الخميس ج1 ص493 وعيون الأثر ج2 ص68 وإرشاد الساري ج6 ص327 وعمدة القاري ج17 ص188 وفتح الباري ج7 ص313 وطبقات ابن سعد (ط دار صادر) ج2 ص74 والمواهب اللدنية ص115 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص28 ونهاية الأرب ج17 ص188 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص14 والسيرة الحلبية ج2 ص333.
([5]) راجع المصادر المتقدمة في الهامش السابق باستثناء المصدرين الأولين وإضافة تاريخ الإسلام (المغازي) ص260 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص20.
([6]) إمتاع الأسماع ج1 ص242 وتاريخ الخميس ج1 ص493 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص13.
([7]) الجزء التاسع ، الطبعة الرابعة.
([8]) قرب الإسناد ص62 وبحار الأنوار ج20 ص246 عنه.
([9]) العبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق2 ص31 والسيرة النبوية لابن هشام ج3 ص245 وعيون الأثر ج2 ص69 وتفسير فرات (ط سنة 1410 ه‍. ق) ص174 ومجمع البيان ج8 ص351 والبحار ج20 ص277 و 210. وراجع: تاريخ الخميس ج1 ص493 و 494 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص13 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص11 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص162 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص227 والبداية والنهاية ج4 ص118 والكامل في التاريخ ج2 ص185 ووفاء الوفاء ج1 ص306 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص11 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص245 والسيرة الحلبية ج2 ص333 ونور اليقين ص166 ومحمد رسول الله وأثره في الحضارة ص245 وفقه السيرة للغزالي ص338 وخاتم النبيين ج2 ص946 والثقات ج1 ص274 وجوامع السيرة النبوية ص153.
([10]) تفسير القمي ج2 ص189 و 190 والبحار ج20 ص233 و 234 عنه.
([11]) تاريخ الإسلام السياسي ج1 ص121.
([12]) إعلام الورى (ط سنة 1390 ه‍. ق) 93 والبحار ج20 ص272 و 273 عنه، وتاريخ اليعقوبي ج2 ص52.
([13]) المغازي للواقدي ج2 ص497 وإمتاع الأسماع ج1 ص241 و 242 وطبقات ابن سعد (ط دار صادر) ج2 ص74 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص8 و 9 و 10 والسيرة الحلبية ج2 ص33 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص13. وراجع: تاريخ الخميس ج1 ص493.
([14]) الثقات ج1 ص274 وراجع: السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص245 وعيون الأثر ج2 ص69 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص247.
([15]) عمدة القـاري ج7 ص192 عن الحـاكم، والبيهقي، وموسى بن عقبة، وفتح = = الباري ج7 ص318 عنهم، والمواهب اللدنية ج1 ص115 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص10 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص256 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص14 ومجمع البيان ج8 ص351 والبحار ج20 ص210 عنه.
([16]) المغازي للواقدي ج2 ص498 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص11 و 12 وراجع أيضاً: السيرة النبوية لدحلان ج2 ص14 وإمتاع الأسماع ج1 ص242 وتاريخ الخميس ج1 ص493 و 494.
([17]) كشف الغمة للأربلي ج1 ص207 و 208 والإرشاد للمفيد ص63 و 64 والبحار ج20 ص261 و 262 وكشف اليقين ص135.
([18]) مناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج3 ص171.
([19]) عيون الأثر ج2 ص69 وراجع المصادر التالية: سبل الهدى والرشاد ج5 ص12 وتاريخ الخميس ج1 ص494 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص245 والسيرة الحلبية ج2 ص333 ومجمع البيان ج8 ص351 وراجع: البحار ج20 ص210 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص255 و 256 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص226 و 228 والمصنف للصنعاني ج5 ص370 وراجع: دلائل النبوة لأبي نعيم ص438 وراجع المصادر التالية: إعلام الورى (ط سنة ص1390 ه‍. ق) ص93 والبحار ج20 ص272 و 273 ومحمد رسول الله سيرته وأثـره في = = الحضارة ص245 و 246 والبداية والنهاية ج4 ص119 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص13 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص52 وراجع: السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص245 وحياة محمد لهيكل ص306 والتفسير السياسي للسيرة ص279 وجوامع السيرة النبوية ص153 وخاتم النبيين ج2 ص946.
([20]) المصنف للصنعاني ج5 ص370 وراجع دلائل النبوة لأبي نعيم ص438 وليس فيه: وأبوا أن ينزلوا إلخ..
([21]) إعلام الورى  (ط سنة 1390 ه‍ ق) ص93 والبحار ج20 ص272 و 273.
([22]) البداية والنهاية ج4 ص119 والسيرة النبوية لابن كثر ج3 ص228 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص13 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص255 و 256 والسيرة الحلبية ج2 ص333.
([23]) راجع: تفسير القمي ج2 ص189 والبحار ح 20 ص233 و 234 وراجع: البداية والنهاية ج4 ص118 وتاريخ الخميس ج1 ص494.
([24]) المغازي للواقدي ج2 ص298 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص11 و 12 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص14 وراجع: إمتاع الأسماع ج1 ص242 وتاريخ الخميس ج1 ص493 و 494.
([25]) إعلام الورى (ط سنة 1390 ه‍. ق) ص93 والبحار ج20 ص272 و 273.
([26]) البداية والنهاية ج4 ص119 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص228 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص13 وتاريخ الإسلام للذهبي (المغازي) ص255 و 256 والسيرة الحلبية ج2 ص333.
([27]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص52.
([28]) المغازي ج2 ص299 و 500 وراجع: إمتاع الأسماع ج1 ص243 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص12 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص14.
([29]) فقه السيرة للغزالي ص339.
([30]) المغازي للواقدي ج2 ص499 وإمتاع الأسماع ج1 ص243 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص14 والسيرة الحلبية ج2 ص333 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص12 وتاريخ الخميس ج1 ص494 إلى قوله في جحر.
([31]) السيرة الحلبية ج2 ص333.
([32]) المغازي للواقدي ج2 ص500 وراجع: إمتاع الأسماع ج1 ص243 وراجع: تاريخ الخميس ج1 ص494.
([33]) راجع: المغازي للواقدي ج2 ص500 وإمتاع الأسماع ج1 ص243 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص12 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص14 والسيرة الحلبية ج2 ص334.
([34]) تاريخ الخيس ج1 ص494 وراجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص13.
([35]) الجحر: دخل جحره.
([36]) المغازي للواقدي ج2 ص500 وإمتاع الأسماع ج1 ص243 وراجع: تاريخ الخميس ج1 ص494.
([37]) الوفا ص695 وتاريخ الخميس ص493 ومحمد رسول الله، سيرته وأثره في الحضارة ص245 وإرشاد الساري ج6 ص329.
([38]) راجع: سبل الهدى والرشاد ج5 ص13 والمغازي للواقدي ج2 ص501 وإمتاع الأسماع ج1 ص243 وستأتي بقية المصادر في حديث مفاوضة نباش بن قيس.
([39]) المغازي ج2 ص504.
([40]) الطبقات الكبرى (ط دار صادر) ج2 ص74.
([41]) تاريخ اليعقوبي (ط دار صادر) ج2 ص52.
([42]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص52.
([43]) أنساب الأشراف ج1 ص347.
([44]) راجع: بهجة المحافل ج1 ص275 وتاريخ الخميس ج1 ص494 عن معالم التنزيل.
([45]) عمدة القاري ج17 ص188 وإرشاد الساري ج6 ص327.
([46]) عن ابن سعد في تاريخ الخميس ج1 ص494 ووفاء الوفاء ج1 ص306.
([47]) طبقات ابن سعد ج2 ص76 عن ابن المسيب.
([48]) إرشاد الساري ج6 ص330 عن موسى بن عقبة، وعمدة القاري ج17 ص192 وفتح الباري ج7 ص318 والمواهب اللدنية ج1 ص115 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص35 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص256 ودلائل النبوة للبيهقي ج4 ص13 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص229 والبداية والنهاية ج4 ص119.
([49]) راجع المصادر التالية: إرشاد الساري ج6 ص329 وسيرة مغلطاي ص56 وطبقات ابن سعد (ط دار صادر) ج2 ص74 ووفاء الوفاء ج1 ص306 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص14 والسيرة الحلبية ج2 ص334 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص35 وتاريخ الخميس ج1 ص494 ونهاية الأرب ج17 ص188 عن ابن سعد. وراجع: التنبيه والإشراف ص217 وقال: وقيل: أكثر من ذلك، وراجع: عمدة القاري ج17 ص188 و 192 وفتح الباري ج7 ص318 والمواهب اللدنية ج1 ص15 وإمتاع الأسماع ج1 ص241.
([50]) المحبر ص113 وراجع المصادر التالية: إعلام الورى ص93 والثقات ج1 ص275 والإرشاد للمفيد ص64 والإكتفاء للكلاعي ج2 ص177 وعيون الأثر ج2 ص69 وإرشاد الساري ج6 ص159 و 330 وتاريخ ابن الوردي ج1 ص162 ودلائـل النبـوة للبيهقي ج4 ص15 والبـدايـة والنهاية ج4 ص120 = = و 153 و 130 وجوامع السيرة النبوية ص143 والسيرة النبوية ابن هشام ج3 ص246 والسيرة الحلبية ج2 ص334 وإمتاع الأسماع ج1 ص241 ومجمع الزوائد ج6 ص137 وتاريخ الخميس ج1 ص494 ونهاية الأرب ج17 ص188 عن ابن إسحاق ووفاء الوفاء ج1 ص306 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص14 والعبر وديوان المبتدأ والخبر ج2 ق 2 ص31 وق 1 ص293 ومناقب آل أبي طالب (ط دار الأضواء) ج1 ص251 وكشف الغمة للأربلي ج1 ص208 وبهجة المحافل ج1 ص275 وتاريخ الإسلام (المغازي) ص255 و 257 و 273 ومجمع البيان ج8 ص352 والبحار ج20 ص210 و 262 وأشار إليه في: سيرة مغلطاي ص56 وعمدة القاري ج17 ص188 و 192 وفتح الباري ج7 ص318 والكامل في التاريخ ج2 ص185 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص230 و 237 و 250 والمواهب اللدنية ج1 ص15 وسبل الهدى والرشاد ج5 ص35 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص246.
([51]) الكامل في التاريخ ج2 ص185 وتاريخ الأمم والملوك ج2 ص246 وراجع: إمتاع الأسماع ج1 ص241 والسيرة الحلبية ج2 ص334 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص14.
([52]) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد المعتزلي الشافعي ج6 ص289.
([53]) شرح الأخبار ج1 ص299 وراجع قول المفيد في الإرشاد ص66 فإنه يقرب من هذا أيضاً.
([54]) محمد رسول الله «صلى الله عليه وآله» سيرته وأثره في الحضارة ص247.
وراجع المصادر التالية: السيرة النبوية لابن هشام ج3 ص257 و 251 والسيرة النبوية لدحلان ج2 ص16 وعيون الأثر ج2 ص73 والبداية والنهاية ج4 ص139 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص234 وخاتم النبيين ج2 ص929 وتاريخ الإسلام السياسي ج1 ص121.
([55]) مناقب آل أبي طالب «عليهم السلام» (ط دار الأضواء) ج2 ص99.
([56]) راجع المصادر التالية: الإحتجاج (ط سنة 1313 ه‍. ق) ج1 ص190 و 191 و 300 والصراط المستقيم ج2 ص80 و 82 وقاموس الرجال ج3 ص476 و 478 و 479 والخصال ج2 ص462 و 463 واليقين في إمرة أمير المؤمنين ص108 ـ 110 عن أحمد بن محمد الطبري، المعروف بالخليلي، وعن محمد بن جرير الطبري، صاحب التاريخ في كتابه: مناقب أهل البيت «عليهم السلام» والبحار ج28 ص210 و 211 و 214 و 219 ورجال البرقي ص63 و 64.
([57]) اليقين ص108 والبحار ج28 ص214.
([58]) شرح نهج البلاغة ج1 ص143 و 150 وراجع: كتب التاريخ التي تذكر وقائع الجمل وصفين.
([59]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص192.
([60]) فرائد السمطين ج1 ص138 ونظم درر السمطين ص125 وذخائر العقبى ص92 وينابيع المودة ص214 وإحقاق الحق ج15 ص42 و 59 و 200 و 435 و 470 وج 4 ص115 و 225 و 297 و 386 وج 5 ص4 وج 6 ص153 وج 20 ص250 و 518 عمن تقدم وعن فتوحات الوهاب للعجيلي الشافعي ص62 وأرجح المطالب ص38 و 14 و 29 ومناقب علي للحيدرآبادي ص57 و 37 وخلاصة الوفاء للسمهودي (مخطوط) ص39 ووسيلة المآل ص133 وانتهاء الإفهام ص210 وعن مفتاح النجا (مخطوط) وشرف المصطفى والمناقب المرتضوية ص93 وأئمة الهدى للأفغاني ص41 وشرح الجامع الصغير للمناوي ص759 ودر بحر المناقب ص42 وآل محمد للمردي ص642 و 195 وعن مناقب الإمام علي «عليه السلام» لابن المغازلي.
([61]) راجع: الغدير ج7 ص158 و 163 وتاريخ الطبري ج2 ص503 والكامل في التاريخ ج2 ص359 وأسد الغابة ج4 ص295 وتهذيب تاريخ دمشق ج5 ص105 والإصابة ج3 ص357 وتاريخ الخميس ج2 ص209.
([62]) تهذيب تاريخ دمشق ج5 ص102 والإمامة والسياسة ج1 ص24 والإصابة ج1 ص414 والإستيعاب (مطبوع مع الإصابة) ج1 ص408 و 409.
([63]) تاريخ اليعقوبي ج2 ص52.
([64]) المغازي ج2 ص504.
([65]) المغازي للواقدي ج2 ص505.
([66]) المغازي للواقدي ج2 ص504.
([67]) راجع ص27 و 28 من هذا الجزء.
([68]) إمتاع الأسماع ج1 ص243.
 
 


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة
loading...
المرئيات
المدائح
المحاضرات
الفقه
الصور

مشاهدة الكل

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page