• +98 25 3770 33 30
  • عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

الفصل الثالث: فدك وغصبها.. أحداث.. وتفاصيل

أمِطْ.. أمِطْ:

لما فرغ رسول الله «صلى الله عليه وآله» من خيبر عقد لواء ثم قال: من يقوم إليه، فيأخذه بحقه، وهو يريد أن يبعث به إلى حوائط فدك.
فقام الزبير إليه، فقال: أنا.
فقال: أمط عنه.
ثم قام إليه سعد، فقال: أمط عنه.
ثم قال: يا علي قم إليه فخذه.
فأخذه فبعث به إلى فدك فصالحهم على أن يحقن دماءهم، فكانت حوائط فدك لرسول الله «صلى الله عليه وآله» خاصاً خالصاً.
فنزل جبرئيل فقال: إن الله عز وجل يأمرك أن تؤتي ذا القربى حقه.
قال: يا جبرئيل، ومن قرباي؟! وما حقها؟!
قال: فاطمة، فأعطها حوائط فدك، وما لله ولرسوله فيها.
فدعا رسول الله «صلى الله عليه وآله» فاطمة، وكتب لها كتاباً، جاءت به بعد موت أبيها إلى أبي بكر، وقالت: هذا كتاب رسول الله لي ولابنيَّ([1]).
وعن أبي سعيد الخدري: أن النبي «صلى الله عليه وآله» أخذ الراية فهزها ثم قال: من يأخذ بحقها؟!
فجاء فلان، فقال: أنا.
فقال: أمِطْ.
ثم جاء آخر فقال: أنا.
فقال «صلى الله عليه وآله»: أمِطْ.
فعل ذلك مراراً بجماعة..
ثم قال النبي «صلى الله عليه وآله»: والذي كرم وجه محمد، لأعطينها رجلاً لا يفر.
هاك يا علي.
فانطلق، وفتح الله خيبر على يديه.
وفي مسند أحمد: حتى فتح الله عليه خيبر وفدك، وجاء بعجوتها وقديدها([2]).
وفي مجمع الزوائد: ذكر أن الزبير طلبها أيضاً([3]).
ونقول:
إننا نذكر القارئ بالأمور التالية:

ألف: من يأخذها بحقها؟!

1 ـ من الواضح: أن هذه الحادثة وإن أشبهت حادثة فتح حصن القموص.. من حيث إن النبي «صلى الله عليه وآله» قد عرض الراية، ولم يعطها إلا لعلي «عليه السلام»، لكنها قصة أخرى، حصلت بعد الفراغ من خيبر كما تقدم..
فقوله في رواية الخدري: «فانطلق وفتح الله خيبر على يديه»، غير دقيق، لأن ذلك قد حصل بعد الإنتهاء من خيبر كما صرحت به الروايات الأخرى.
ومن الواضح: أن النبي «صلى الله عليه وآله» أراد بعرض الراية عليهم من جديد: أن يزيد في توضيح أمرهم للناس، وللأجيال، ويعرِّفهم أنهم رغم كل فشلهم، ورغم فرارهم بالراية من دون موجب، لا يزالون يطمعون بالمواقع والمناصب..
2 ـ ويلاحظ أيضاً: أن الرواية المتقدمة قد سجلت: عدم مبادرة النبي «صلى الله عليه وآله» إلى إعطاء الراية لمن يحب. بل هزها أولاً ليثير الهمم، ويذكي الطموح، ويهز مشاعر الإباء والحفاظ، لدى أهل الحفاظ والنجدة، وليظهر الطامعون أنفسهم أمام الملأ، ويمهد السبيل إلى إعادة إظهار خيبتهم، وتذكير الناس بما كان منهم.
ثم هو يعلن: أنه لا يريد أن يبادر الناس إلى الإختيار، فعسى ولعل يكون هناك ـ غير أولئك الفاشلين في حصن القموص ـ من يستطيع أن ينال هذا الشرف عن جدارة واستحقاق.. ولعل وعسى أن تكون المبادرة الطوعية إلى هذا الأمر هي الأصلح، والأكثر ملاءمة لمعنى الخلوص والإخلاص في هذا العمل الهام والخطير.
هذا بالإضافة: إلى أنه كانت هناك مصلحة في سدِّ أبواب انتحال الأعذار، التي قد لا تتوقف حتى عند اتهام النبي الأكرم «صلى الله عليه وآله» بمحاباة أودَّائه وأصفيائه، وذوي قرابته.. أو ما هو من هذا القبيل.
فكان أن بادر «صلى الله عليه وآله» إلى عرض هذه الراية على كل الناس، فعسى ولعل، ولعل وعسى.. ولكن شرط أن لا يكونوا من أولئك الطامحين، ولكن لا إلى الجهاد في سبيل الله تعالى، وإنما إلى أمور أخرى، دلت عليها مواقفهم السابقة، فقد أثبتوا بصورة عملية وقاطعة: أن أنفسهم أحب إليهم من الله ورسوله، وجهاد في سبيله.
ويستشرف لها هؤلاء الطامعون، ولكن لا برضا الله عز وجل والجنة، وإنما بالمناصب والمراتب..
فكان لا بد من صدهم بقوة، وحزم، ليفهم الناس كلهم: أن لا مجال للتفريط بدين الله تعالى، ولا يصح إفساح المجال للتلاعب بمصير الناس، وخداعهم عن إسلامهم، بعد أن أظهرت الوقائع سوء صنيعهم، وقبيح فعلهم، الذي من شأنه أن يجرئ الأعداء، وأن يوهن عزم الأولياء..
3 ـ وقد استدرجهم النبي «صلى الله عليه وآله» للإعلان عن أنفسهم، وإظهار دخائلهم، من جديد حين أخذ الراية، وهزها، وقال: من يأخذها بحقها، فطمع أولئك الذين تخاذلوا بها فيما سبق، وظنوا: أن الفرصة قد واتتهم مرة أخرى، وأن بالإمكان استغفال رسول الله «صلى الله عليه وآله»، فضلاً عن غيره هذه المرة على الأقل..
فجاء فلان، وقال: أنا.
وتقدم: أنه الزبير.
فجاءه الرد الحاسم والحازم، والصاعق والماحق منه «صلى الله عليه وآله»: أمِطْ..
ثم جاء الذي بعده وهو سعد، فقال له «صلى الله عليه وآله»: أمِطْ..
فعل ذلك مراراً بجماعة، حسبما تقدم.
ولنا أن نتخيل ما كانت تحمله تلك النبرات التي رافقت هذا الرد القوي من دلالات وإيحاءات.

ب: والذي كرَّم وجه محمد ’:

وقد ذكرت الرواية الآنفة الذكر: أنه «صلى الله عليه وآله» أقسم بالذي كرَّم وجه محمد، أن يعطي الراية رجلاً لا يفر..
فهل لنا: أن نستفيد من ذلك: أنه «صلى الله عليه وآله» أراد بقسمه هذا، الإشارة إلى أن الله تعالى قد كرَّم وجه محمد عن أن يعبد غيره سبحانه، ولم يُقِم وزناً لشيء سواه، كما أنه «صلى الله عليه وآله» لم يعبد المال، ولا الجاه، ولا الأنا، ولا غير ذلك..
وقد كرَّم الله تعالى وجه محمد، فلا يستطيع أحد أن يسخر منه، ولا أن يتذاكى عليه، أو أن يظهره على صورة الساذجين، أو المغفلين..
وأخيراً.. فإنه صدع بالعاهة التي أسقطت القناع عن وجه من يريد أن يلحق بالنبي «صلى الله عليه وآله» هذه الشيْن، حين قال: لأعطينها رجلاً لا يفر، هاك يا علي..
ثم إنه «صلى الله عليه وآله» تحدث عن نفسه بصيغة الغائب، حيث لم يقل: «والذي كرَّم وجهي»، وربما من أجل أن يدل: على أن هذا التكريم الإلهي لرسوله «صلى الله عليه وآله»، إنما هو حين كان «صلى الله عليه وآله» نوراً معلقاً بعرشه، وقبل أن تحل روحه في هذا الجسد، ويكون بشراً..

ج: الزبير طلب الراية أيضاً:

وحاولت الروايات المتقدمة: إعطاء بعض الأوسمة للزبير بن العوام، وتدَّعي: أن أمه صفية تدخلت لدى رسول الله «صلى الله عليه وآله» خوفاً على ولدها..
وأن النبي «صلى الله عليه وآله» قال له: فداك عم وخال..
وقد جاء هذا النص نفسه ليدل: على أنه كان من المحرومين من راية العز والمجد، مع التلميح ـ الذي يرقى إلى حد التصريح ـ: بأنه كان من الذين فروا وانهزموا بالراية مع من انهزم في خيبر..
وأظهرت هذه الروايات: أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد عرض الراية على جماعة، منهم: الزبير، وسعد بن عبادة.
وهذا يدل على: أن هناك جماعة من الناس كانوا يستحقون هذه الفضيحة، التي واجههم بها «صلى الله عليه وآله».. وإنما استحقوا هذه العقوبة القاسية، بسبب أنهم انهزموا بالراية أولاً.. وقد أغضبوا الله ورسوله في ذلك ثانياً.

حدود فدك:

وفدك: قرية بالحجاز ـ بينها وبين المدينة يومان، وقيل: ثلاثة ـ أفاءها الله على رسوله «صلى الله عليه وآله» في سنة سبع للهجرة صلحاً، فكانت خالصة له «صلى الله عليه وآله» وفيها عين فوارة، ونخل كثير.
روى عبد الله بن حماد الأنصاري: أن دخْلها كان أربعة وعشرين ألف دينار في كل سنة([4]).
وفي رواية غيره: سبعين ألف دينار([5]).

فدك.. تعني الخلافة:

وقد أصبحت مسألة فدك من المسائل الحساسة عبر التاريخ، وصارت تمثل ميزان الحرارة، الذي يعطي الإنطباع عن طبيعة العلاقة بين الحكام وبين أهل البيت «عليهم السلام» وشيعتهم، فكانت تارة تؤخذ منهم، وتارة ترد إليهم، كما يظهر من مراجعة كتب التاريخ..
بل صارت من العناوين الكبيرة لقضية الإمامة، كما تظهره النصوص التالية وغيرها.

الإمام الكاظم والرشيد:

قال الزمخشري: كان هارون الرشيد يقول لموسى بن جعفر «عليهما السلام»: خذ فدكاً حتى أردها عليك، فيأبى، حتى ألح عليه.
فقال «عليه السلام»: لا آخذها إلا بحدودها.
قال: وما حدودها؟
قال: يا أمير المؤمنين إن حددتها لم تردها.
قال: بحق جدك إلا فعلت.
قال: أما الحد الأول فعدن.
فتغير وجه الرشيد، وقال: هيه.
قال: والحد الثاني سمرقند.
فاربد وجهه.
قال: والحد الثالث أفريقية.
فاسود وجهه، وقال: هيه.
قال: والرابع سيف البحر مما يلي الخزر وأرمينية.
قال الرشيد: فلم يبق لنا شيء، فتحول في مجلسي.
قال موسى «عليه السلام»: قد أعلمتك: أنني إن حددتها لم تردها.
فعند ذلك عزم على قتله، واستكفى أمره يحيى بن خالد الخ.. ([6]).

الإمام الكاظم والمهدي العباسي:

وقبل ذلك: كان الإمام الكاظم «عليه السلام» قد طلب إرجاع فدك من المهدي العباسي، فقال له المهدي: يا أبا الحسن، حدَّها إلي.
فقال: حد منها جبل أحد، وحد منها عريش مصر، وحد منها سيف البحر، وحد منها دومة الجندل.
فقال له: كل هذا؟!
قال: نعم، يا أمير المؤمنين، إن هذا كله مما لم يوجِف على أهله رسول الله «صلى الله عليه وآله» بخيل ولا ركاب.
فقال: كثير. وأنظر فيه([7]).

فدك لمن؟!

وقد ذكروا: أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» أعطاها لابنته فاطمة «عليها السلام»، فلما مات «صلى الله عليه وآله» استولى عليها أبو بكر، فاحتجت عليه فاطمة، وقالت له: إن رسول الله «صلى الله عليه وآله» نحلنيها.
قال أبو بكر: أريد لذلك شهوداً([8]).
قال الطريحي: «كانت لرسول الله «صلى الله عليه وآله» لأنه فتحها هو وأمير المؤمنين «عليه السلام» لم يكن معهما أحد»([9]).
وقال في نص آخر: «فبعثت إلى علي، والحسن، والحسين، وأم أيمن، وأسماء بنت عميس ـ وكانت تحت أبي بكر بن أبي قحافة ـ فأقبلوا إلى أبي بكر وشهدوا لها بجميع ما قالت وادَّعت.
فقال (عمر): أما علي فزوجها.
وأما الحسن والحسين فابناها.
وأما أم أيمن فمولاتها.
وأما أسماء بنت عميس فقد كانت تحت جعفر بن أبي طالب، فهي تشهد لبني هاشم، وقد كانت تخدم فاطمة، وكل هؤلاء يجرون إلى أنفسهم.
فقال علي «عليه السلام»: أما فاطمة فبضعة من رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ومن آذاها فقد آذى رسول الله «صلى الله عليه وآله». ومن كذبها فقد كذب رسول الله «صلى الله عليه وآله».
وأما الحسن والحسين، فابنا رسول الله «صلى الله عليه وآله» وسيدا شباب أهل الجنة، من كذبهما فقد كذب رسول الله «صلى الله عليه وآله»، إذ كان أهل الجنة صادقين.
وأما أنا فقد قال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: أنت مني وأنا منك، وأنت أخي في الدنيا والآخرة، والراد عليك هو الراد علي، ومن أطاعك فقد أطاعني، ومن عصاك فقد عصاني.
وأما أم أيمن فقد شهد لها رسول الله «صلى الله عليه وآله» بالجنة، ودعا لأسماء بنت عميس وذريتها.
قال عمر: أنتم كما وصفتم (به) أنفسكم. ولكن شهادة الجار إلى نفسه لا تقبل.
فقال علي «عليه السلام»: إذا كنا نحن كما تعرفون (ولا تنكرون)، وشهادتنا لأنفسنا لا تقبل، وشهادة رسول الله لا تقبل، فإنا لله وإنا إليه راجعون. إذا ادَّعينا لأنفسنا تسألنا البينة؟! فما من معين يعين.
وقد وثبتم على سلطان الله وسلطان رسوله، فأخرجتموه من بيته إلى بيت غيره من غير بينة ولا حجة، ﴿وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ﴾([10])»([11]).
ونقول:
إنه لم يكن يحق لأبي بكر طلب ذلك منها، لأنها كما سنرى مطهرة بنص الكتاب الكريم من كل رجس، فلا يمكن احتمال خلاف ذلك في حقها..
ولأنها ـ فدك ـ كانت في يدها، وكان هو المدَّعي الذي يطالَب بالبينة، بل لا بد من رد شهادته لأنها تعارض شهادة القرآن، كما قلناه وسنقوله..

الشهادة المردودة:

ومع ذلك كله: فإنها «عليها السلام» جاءته بالشهود، فكانت أم أيمن الشاهد الأول، فقد رووا: أن أبا بكر قال لها «عليها السلام»: هاتي على ذلك بشهود.
[قال]: فجاءت بأم أيمن.
فقالت له أم أيمن: لا أشهد يا أبا بكر حتى أحتج عليك بما قال رسول الله «صلى الله عليه وآله». أنشدك بالله، ألست تعلم أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» قال: «أم أيمن امرأة من أهل الجنة»؟!
فقال: بلى.
قالت: «فأشهد: أن الله عز وجل أوحى إلى رسول الله «صلى الله عليه وآله»: ﴿فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ﴾([12]). فجعل فدكاً لفاطمة (فجعل فدكاً لها طعمة) بأمر الله تعالى.
فجاء علي «عليه السلام» فشهد: بمثل ذلك، فكتب لها كتاباً، ودفعه إليها، فدخل عمر فقال: ما هذا الكتاب؟
فقال: إن فاطمة «عليها السلام» ادَّعت في فدك، وشهدت لها أم أيمن وعلي «عليه السلام»، فكتبته لها.
فأخذ عمر الكتاب من فاطمة «عليها السلام» فتفل فيه، ومزقه!!
فخرجت فاطمة «عليها السلام» باكية (تبكي)، وهي تقول: مزق الله بطنك كما مزقت كتابي هذا.
فلما كان بعد ذلك جاء علي «عليه السلام» إلى أبي بكر وهو في المسجد وحوله المهاجرون والأنصار، فقال: يا أبا بكر لم منعت فاطمة (بنت رسول الله حقها و) ميراثها من رسول الله وقد ملكته في حياته «صلى الله عليه وآله»؟!
فقال أبو بكر: هذا فيء للمسلمين، فإن أقامت شهوداً: أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» جعله لها، وإلا فلا حق لها فيه.
فقال أمير المؤمنين «عليه السلام»: يا أبا بكر! تحكم فينا بخلاف حكم الله في المسلمين؟
قال: لا.
قال: فإن كان في يد المسلمين شيء يملكونه، ثم ادَّعيت أنا فيه من تسأل البينة؟
قال: إياك كنت أسأل البينة.
قال: فما بال فاطمة سألتها البينة على ما في يديها؟ وقد ملكته في حياة رسول الله «صلى الله عليه وآله» وبعده؟! ولم تسأل المسلمين بينة على ما ادَّعوها شهوداً، كما سألتني على ما ادَّعيت عليهم؟
فسكت أبو بكر.
فقال عمر: يا علي! دعنا من كلامك. فإنا لا نقوى على حجتك، فإن أتيت بشهود عدول، وإلا فهو فيء للمسلمين، لا حق لك ولا لفاطمة فيه!!
فقال أمير المؤمنين «عليه السلام»: يا أبا بكر تقرأ كتاب الله؟
قال: نعم.
قال: أخبرني عن قول الله عز وجل: ﴿إِنَّمَا يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً﴾([13]). فيمن نزلت، فينا أم في غيرنا؟
قال: بل فيكم.
قال (يا أبا بكر): فلو أن شهوداً شهدوا على فاطمة بنت رسول الله «صلى الله عليه وآله» بفاحشة، ما كنت صانعاً بها؟
قال: كنت أقيم عليها الحد، كما أقيمه على نساء المسلمين.
قال (له أمير المؤمنين علي «عليه السلام» يا أبا بكر): إذن كنت عند الله من الكافرين.
قال: ولم؟
قال: لأنك رددت شهادة الله لها بالطهارة، وقبلت شهادة الناس عليها، كما رددت حكم الله وحكم رسوله، أن جعل لها فدكاً وقد قبضته في حياته، ثم قبلت شهادة أعرابي بائل على عقبيه عليها، وأخذت منها فدكاً، وزعمت أنه فيء للمسلمين.
وقد قال رسول الله «صلى الله عليه وآله»: «البينة على المدَّعي، واليمين على المدَّعى عليه»، فرددت قول رسول الله «صلى الله عليه وآله»: البينة على من ادَّعى، واليمين على من ادُّعي عليه.
قال: فدمدم الناس وأنكروا، ونظر بعضهم إلى بعض، وقالوا: صدق والله علي بن أبي طالب «عليه السلام»، ورجع إلى منزله([14]).

وقفات مع ما سبق:

وقبل أن نمضي في الحديث نذكِّر القارئ الكريم بما يلي:
ألف: إن أم أيمن حين قررت أبا بكر بما قاله رسول الله «صلى الله عليه وآله» في حقها تكون قد أوضحت له، وللناس جميعاً: أنه لا يحق له ردُّ شهادتها، من ناحية التشكيك في صدقها، لأن ذلك يستبطن التطاول على النبي «صلى الله عليه وآله» مباشرة، إذ لا يصح أن يقال: إن من يكون من أهل الجنة يكذب، ويقيم شهادة الزور، فإنه «صلى الله عليه وآله» يقول:
«شاهد الزور لا يزول قدمه حتى توجب له النار»([15]). وذم شاهد الزور في القرآن وفي السنة كثير، ولا يحتاج إلى مزيد بيان.
وقد أشار أمير المؤمنين «عليه السلام» إلى هذا الأمر صراحة أيضاً، لكي لا يتعلل أحد بأنه لم يلتفت إليه.
ويلاحظ: أن هذا التحذير قد جاء قبل أداء الشهادة، فلم يعد يمكن الإعتذار منه، أو عنه: بأنه لم يلتفت إلى هذه الخصوصية..
ب: إن نفس كلام أم أيمن المشار إليه يسد الطريق على أبي بكر فيما يرتبط برد شهادة الحسنين وعلي «عليهم السلام»، فإن القرآن قد شهد لهؤلاء بالتطهير، وبالصدق، فلا معنى للتعليل: بأن هذا أو ذاك يجر النار إلى قرصه، أو ما إلى ذلك..
فرد شهادة هؤلاء، جرأة على الله سبحانه مباشرة، إذ ما الفرق بين أن يكتب في القرآن أن فدكاً لفاطمة، وبين أن يقول القرآن: إن فاطمة صادقة مطهرة من كل ريب وشين، فكل ما تدَّعيه صحيح وواقع؟!..
وقد صرح لهم أمير المؤمنين «عليه السلام» بهذا الأمر، إمعاناً في إثبات الحجة عليهم، ودفعاً لأي تعلل منهم.
ج: إن رد أبي بكر لشهادة الحسنين وعلي «عليهم السلام» فيه جرأة على رسول الله «صلى الله عليه وآله»، من جهة أخرى أيضاً، فإنه «صلى الله عليه وآله» قبل شهادتهم في أمور عديدة.. فقد أشهد الحسنين «عليهما السلام» على كتاب ثقيف([16]). وهو أمر مرتبط بشأن ومصير قوم من الناس، وليس أمراً عادياً، ولا شأناً خاصاً.
بل إنه «صلى الله عليه وآله» باهل بهما نصارى نجران([17])، وهذا مما أجمعت عليه الأمة.
وهذا معناه: أنهما شريكان في الدعوة، وشريكان في تحمل تبعاتها وآثارها.
وقد شرحنا هذا في كتابنا: «الحياة السياسية للإمام الحسن عليه السلام»، فيمكن الرجوع إليه لمن أراد.
يضاف إلى هذا وذاك: أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» قد بايع لهما في بيعة الرضوان. ولم يبايع صبياً في ظاهر الحال غيرهما([18]).
وقد استدل المأمون على العباسيين بهذا الأمر، حينما أراد تزويج ابنته للإمام الجواد «عليه السلام»، فراجع([19]).
وحاول البعض زيادة أشخاص آخرين، شاركوا في بيعة الرضوان، مثل ابن جعفر، وابن عباس([20])..
ولكن رواية ذلك قد جاءت من قبل الذين يهتمون بتأييد الفريق الآخر، ويريدون التشكيك بمواقف وكرامات، وفضائل وميزات علي وأهل بيته «عليهم السلام»، فلا يلتفت إليها، خصوصاً مع تصريح المفيد والمأمون: بنفي هذا الأمر عمَّن عدا الحسنين «عليهما السلام»، فراجع كتابنا: الحياة السياسية للإمام الجواد «عليه السلام»([21]).
هذا كله، مع ما أشار إليه أمير المؤمنين، وسيد الوصيين «عليه السلام» من أن آية التطهير تمنع أبا بكر من طلب البينة من الزهراء «عليها السلام»، وتحتم عليه قبول كلامها، كما تمنعه من رد شهادة الحسنين «عليهما السلام»، فضلاً عن أمير المؤمنين صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين..
د: ومما زاد الأمر تعقيداً وإحراجاً للغاصبين: أن علياً «عليه السلام» قد أظهر أبا بكر أمام المهاجرين والأنصار في صورة الإنسان المتناقض في قضائه، حين سأله «عليه السلام» عن أنه لو كان في يد المسلمين شيء يملكونه، ثم ادَّعى علي «عليه السلام» أنه له، فمن الذي تطلب منه البينة؟!
فأجاب أبو بكر: بأنه يطلبها من المدَّعي..
فانكشف: أن حكم أبي بكر في قضية فاطمة «عليها السلام» كان على عكس ذلك.
عندها سكت أبو بكر، وأقر عمر: بأنهم غير قادرين على ردِّ حجة علي «عليه السلام»..
وبذلك يكون علي «عليه السلام» قد وضع أبا بكر في مأزق لا خلاص له منه، وأمام خيارين كل منهما ينتهي بفضيحة عظيمة، تضر موقفه، وتظهر أنه مبطل في تقمصه للخلافة..
فهو إما جاهل بأحكام القضاء ـ بل بالبديهيات منها ـ فيحكم تارة بالبينة على المدَّعي، وأخرى بالبينة على المدَّعى عليه، من دون أن يعرف أيهما الحق، وأيهما الباطل.
وإما عالم بها، لكنه يتعمد العمل بخلاف ما شرعه الله تعالى، لأنه لا يملك الرادع الديني عن مخالفة أحكامه تعالى..
وإما أنه كان عالماً بحكم الله تعالى ثم نسيه، فحكم بخلافه.. فلماذا لم يتراجع عنه بعد التعليم والبيان؟!
وكل ذلك يجعله غير صالح لمنصب القضاء، فكيف يكون صالحاً لمقام الخلافة، في حين أن القضاء هو أحد مهمات الخليفة؟!
هـ: والذي زاد الطين بلة، أن ذلك النص قد أظهر عمر بن الخطاب عاجزاً عن مقارعة علي «عليه السلام» الحجة بالحجة.. ولكنه أعلن أنه متشبث برأيه، ودليله هو قوته وسلطانه.. كما ظهر في كلامه.
و: كما يلاحظ: أن علياً «عليه السلام» قد تجاهل عمر تماماً، وتابع موجهاً كلامه إلى أبي بكر ولم يلتفت إليه!!
ز: إن تقرير علي «عليه السلام» لأبي بكر في شأن طهارة فاطمة «عليها السلام»، وزعم أبي بكر أنه لو شهد الشهود عليها بالفاحشة، لكان أقام عليها الحد.. قد جاء ليؤكد: أن الخليفة غير عارف بأحكام الله تعالى، وأن عدم معرفته هذه قد تؤدي به إلى ارتكاب ما يوجب الكفر.
وبذلك يتضح: مدى خطورة هذا الأمر، وأن القضية ليست قضية أموال وأراضٍ، بل هي قضية أن لا يتولى أمر المسلمين من ليس له أية حصانة تمنعه من الوقوع في هذا الخطر العظيم عليه وعلى الأمة بأسرها.
ح: إن حوار علي «عليه السلام» معهم قد أسهم بصورة قوية في تجلية الأمور للناس، حيث أراهم بأم أعينهم، كيف أن من ينصِّب نفسه خليفة لرسول الله «صلى الله عليه وآله»، وكذلك من يرشح نفسه لهذا المقام، ليس فقط لا يملك أدنى الشرائط التي تؤهله لتولي أبسط الأمور، ولو مثل القيمومة على أبنائه، فكيف بخلافة رسول الله «صلى الله عليه وآله»، بل هو يتحلى بالصفات المناقضة والناقضة لهدف هذا المقام أوذاك.
ط: روي عن أبي سعيد الخدري، أنه قال: سمعت منادي أبي بكر ينادي في المدينة، حين قدم عليه مال البحرين: من كانت له عدة عند رسول الله «صلى الله عليه وآله» فليأتِ.
فيأتيه رجال فيعطيهم.
فجاء أبو بشير المازني، فقال: إن رسول الله «صلى الله عليه وآله» قال: يا أبا بشير إذا جاءنا شيء فأتنا.
فأعطاه أبو بكر حفنتين، أو ثلاثاً، فوجدوها ألفاً وأربع مائة درهم.
وروى البخاري وغيره: أنه لما مات رسول الله «صلى الله عليه وآله» جاء مال من قبل علاء بن الحضرمي، فقال أبو بكر: من كان له على النبي «صلى الله عليه وآله» دين، أو كانت له قبله عدة، فليأتنا.
قال جابر: وعدني رسول الله «صلى الله عليه وآله» أن يعطيني هكذا أو هكذا وهكذا، فبسط يده ثلاث مرات، قال جابر: فعد في يدي خمس مائة ثم خمس مائة ثم خمس مائة([22]).
فهذا الرجل ـ أعني أبا بشير المازني ـ لم يكن من كبار الصحابة، وليس له موقع فاطمة «عليها السلام» عند الله تعالى وعند رسوله «صلى الله عليه وآله» وقد أُعطي ألفاً وأربع مائة درهم([23]) ولم يطلب منه بينة على صحة ما ادعاه.
فلماذا لا تعطى الزهراء «عليها السلام» أيضاً بدون طلب بينة؟
ولماذا هم يعرضون أنفسهم إلى غضب الله تعالى وغضب رسوله «صلى الله عليه وآله»، بمقتضى ما دلت عليه الآيات والروايات في حقها؟.
خصوصاً إذا لاحظنا: ما زعموه من القيمة الزهيدة التي زعموها لفدك، وأن عمر بن الخطاب قد اشتراها من اليهود بخمسين ألف درهم فقط!!
ملاحظة:
إننا نعتقد: أن تصدي أبي بكر لقضاء دين رسول الله «صلى الله عليه وآله» وإنجاز عداته، قد جاء بهدف إبطال القول الثابت عن النبي «صلى الله عليه وآله»: إن علياً «عليه السلام» يقضي دينه، وينجز عداته بعد مماته «صلى الله عليه وآله»([24]).
وقد حصل ذلك بالفعل، فقد روي: أنه لما توفي رسول الله «صلى الله عليه وآله»، أمر علي «عليه السلام» صائحاً يصيح: «من كان له عند رسول الله «صلى الله عليه وآله» عدة أو دين فليأتني».
فكان يبعث كل عام عند العقبة يوم النحر من يصيح بذلك حتى توفي علي «عليه السلام».
ثم كان الحسن بن علي «عليه السلام» يفعل ذلك حتى توفي.
ثم كان الحسين «عليه السلام» يفعل ذلك. وانقطع ذلك بعده. رضوان الله وسلامه عليهم أجمعين.
قال ابن عون: فلا يأتي أحد من خلق الله إلى علي «عليه السلام» بحق ولا باطل إلا أعطاه([25]).

فدك للزهراء عليها السلام:

وبعد.. فلا شك في أن فدكاً للزهراء «عليها السلام» والأدلة على ذلك كثيرة.. وقد ألمحت «عليها السلام» إلى هذه الأدلة.. ولكنها ركزت على واحد منها بعينه..
فما هي هذه الأدلة؟
ولماذا لم تركز احتجاجاتها «عليها السلام» عليها؟! بل ركزت على واحد منها؟
ونقول في الجواب: إن الأدلة هي التالية:

1 ـ هي في يدها:

لقد كانت فدك في يد فاطمة «عليها السلام»، وكان فيها وكيلها وعمالها، فكيف ولماذا بادر أبو بكر إلى إخراجهم منها؟
ألم يكن من الأجدر به أن يسأل فاطمة «عليها السلام» عن هذا الأمر؟!
ولماذا لم يعمل بقاعدة اليد، التي تقول: إن اليد أمارة على الملكية، وللملكية أسبابها، مثل الهبة، والشراء، والإرث، والإحياء، و.. و..
وقد يقال:
لنفترض: أنه قد غفل عن هذا الأمر.
ويجاب:
أولاً: دعوى الغفلة، لا تقبل من الإمام الذي يدَّعي لنفسه موقع الخلافة للرسول «صلى الله عليه وآله»، والقدرة على الاضطلاع بمهماته، والقيام بوظائفه.. فلا بد أن يكون حافظاً للأمة، خصوصاً في أمثال هذه الأمور البديهية.
ثانياً: لو أغمضنا النظر عن ذلك حتى لا نحرج الآخرين، فإننا نقول:
 لا مجال لادِّعاء الغفلة عن مثل هذا الأمر، لأن كونها في يدها، ووكيلها، وعمالها فيها منذ زمن رسول الله «صلى الله عليه وآله»، يحتم علينا الحكم بأنها لا تزال مالكة لها أو لمنفعتها، ولو عن طريق استئجارها لمدة معلومة، إذ لو لم نقل ذلك فلا بد من أن ننسب لرسول الله «صلى الله عليه وآله» التضييع والتفريط، والعبث، ومحاباة أهل بيته. وحاشاه من ذلك كله..
فكيف يبادر أبو بكر إلى طرد وكيلها وعمالها، قبل أن تستوفي حقها، ومنافعها في المدة المصرح بها في العقد؟!

2 ـ هي عطية من رسول الله :

وحين أخبرته أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» أعطاها إياها، طالبها بالبينة، مع أن ذا اليد لا يطالب بالبينة، بل المدَّعي هو الذي يطالب بها..
فكان على أبي بكر أن يأتي بشهوده وبيناته..
على أن البينة هي شهادة على الصدق، ومن شهد الله له بالصدق، فلا يصح طلب البينة منه..
فيكون هذا الطلب متضمناً لتكذيب أبي بكر له تعالى في تطهيره لها «عليها السلام»، ولوازم هذا التكذيب خطيرة.
بل هي أخطر ما يمكن أن يواجهه إنسان مسلم.

3 ـ الخمس لا يختص بفاطمة عليها السلام:

وثمة أمر آخر لا بد من الإشارة إليه، وهو: أنه رغم منعهم فاطمة الزهراء «عليها السلام» من الخمس أيضاً، فإنها «عليها السلام» لم تجعل هذا الأمر من العناوين التي طالبت بها أبا بكر.
ولعل السبب في عزوفها عن المطالبة بهذا الحق هو: أنه لا خصوصية لها «عليها السلام» في موضوع الخمس بنظر الناس العاديين، إذ يمكن للغاصبين أن يقولوا لهم:
أولاً: إن لها ولعلي «عليهما السلام» في هذا الأمر شركاء، وهم سائر بني هاشم، فنحن نعطيكم من الخمس ما لا يوجب تضييعاً لحق أولئك.
وثانياً: قد يقولون للناس أيضاً: إن الخمس إنما هو في غنائم الحرب، ولا نسلم بثبوته في جميع الأشياء، وبذلك يتخذ الجدل منحى مالياً، مادياً ودنيوياً، ويصبح بلا فائدة ولا عائدة، ولا ينتهي إلى نتيجة..
ولم تكن الزهراء «عليها السلام» ولا علي «عليه السلام» ممن يهتم لأمر الدنيا.
وبذلك تضيع القضية الأساس والأهم، التي هي المنشأ والسبب في كل هذا الذي يحدث، وهي قضية الإمامة، واغتصابهم لها، وعدم توفر أدنى الشرائط فيهم لأبسط مسؤولية يمكن أن توكل لإنسان مهما كان عادياً..

4 ـ قضية الميراث هي المحور:

ثم تأتي قضية إرث رسول الله «صلى الله عليه وآله»، التي حرصت الزهراء «عليها السلام» على أن تجعلها المحور، الذي ارتكزت إليه وعليه، في خطبتها في المهاجرين والأنصار، بعد عشرة أيام من استشهاد رسول الله «صلى الله عليه وآله»([26]).
وقد حاول أبو بكر التخلص والتملص من هذا الأمر، بادعاء أنه سمع النبي «صلى الله عليه وآله» يقول: لا نورث ما تركناه صدقة.
زاد في نص آخر قوله: إنما يأكل آل محمد من هذا المال..
إلى أن تقول الرواية: فهجرته فاطمة، فلم تزل مهاجرته حتى توفيت.
قالت عائشة: وكانت فاطمة «عليها السلام» تسأل أبا بكر نصيبها مما ترك رسول الله «صلى الله عليه وآله» من خيبر، وفدك، وصدقته بالمدينة([27]).
ونقول:
أولاً: الظاهر هو: أن أبا بكر قد فوجئ ـ في البداية ـ بهذا الأمر، فإن الجوهري يروي بإسناده عن أبي الطفيل، قال: أرسلت فاطمة «عليها السلام» إلى أبي بكر: أنت ورثت رسول الله «صلى الله عليه وآله»، أم أهله؟
قال: بل أهله([28]).
وهذا اعتراف من أبي بكر بحق الزهراء «عليها السلام» فيما ترك، وبأن أهله «صلى الله عليه وآله» يرثونه. ولعل أبا بكر قد فوجئ بهذا السؤال، فأجاب بما هو مرتكز لديه، على السجية، ومن دون فكر وروية، ثم لما التفت إلى نفسه صار يجادل في هذا الأمر، وأصر على إنكاره. وجاء بحديث: نحن معاشر الأنبياء لا نورث الخ..
ثانياً: إن النص القرآني الصادع بإرث الأنبياء «عليهم السلام» لا يُدفع بحديث أبي بكر لأكثر من سبب:
1 ـ إن الحديث القرآني عن إرث سليمان لداود ونحوه، قد جاء ليحكي قضية حصلت في السابق مفادها: أن أبناء الأنبياء قد ورثوا آباءهم فعلاً.. ولم يرد بصيغة جعل الحكم ليقال: إن هذا الحديث قد نسخ ذلك الحكم القرآني، أو لم ينسخه.
كما أنه لا مجال لجعل حديث أبي بكر مخصصاً للنص القرآني، لأن الحديث ليس أخص منه بل هو معارض له، لادِّعائه: أن من له صفة النبوة لا يورث، حيث قال: لا نورث، أو نحن معاشر الأنبياء لا نورث الخ..
وهذا يعني: أن الأنبياء السابقين لم يورثوا أبناءهم بسبب صفة النبوة، وهذا يناقض الآيات القائلة: إن سليمان قد ورث داود، وكذلك غيره من الأنبياء السابقين بالنسبة لآبائهم، فليس المقام من باب التخصيص، بل هو تناقض لا مجال لعلاجه، لا بادعاء النسخ، ولا بغيره..
2 ـ كيف ورثت عائشة وغيرها من الزوجات رسول الله «صلى الله عليه وآله»([29])، فقد طالبت عائشة بالحجرة التي أسكنها إياها رسول الله «صلى الله عليه وآله» وأعطيت لها، ولم يطلب منها بينة، كما أنهم دفعوا الحُجر إلى نسائه بعد وفاته «صلى الله عليه وآله»([30]).
ويدَّعي خلفاء بني العباس: وراثة ثياب النبي «صلى الله عليه وآله»: البردة، والقضيب. وقد تقدم الكلام حول ذلك في جزء سابق في فصل: أراضي بني النضير والكيد السياسي.
3 ـ روي عن الرضا «عليه السلام»: أن رسول الله «صلى الله عليه وآله» خلف حيطاناً بالمدينة صدقة، وخلف ستة أفراس وثلاث نوق: العضباء، والصهباء، والديباج، وبغلتين: الشهباء، والدلدل، وحماره: اليعفور، وشاتين حلوبتين، وأربعين ناقة حلوباً، وسيفه ذا الفقار، ودرعه ذات الفضول، وعمامته السحاب، وحبرتين يمانيتين، وخاتمه الفاضل، وقضيبه الممشوق، وفراشاً من ليف، وعباءتين قطوانيتين، ومخاداً من أدم. صار ذلك إلى فاطمة «عليها السلام» ما خلا درعه، وسيفه، وعمامته، وخاتمه، فإنه جعله لأمير المؤمنين «عليه السلام»([31]).
ويقولون أيضاً: إنهم دفعوا آلته «صلى الله عليه وآله»، وبغلته، وحذاءه، وخاتمه، وقضيبه إلى علي «عليه السلام»([32]).
4 ـ ذكر الحلبي الشافعي: أن في كلام سبط ابن الجوزي: أن أبا بكر كتب لفاطمة «عليها السلام» بفدك، ودخل عليه عمر، فقال: ما هذا؟
فقال: كتاب كتبته لفاطمة بميراثها من أبيها.
فقال: بماذا تنفق على المسلمين، وقد حاربك العرب كما ترى؟! ثم أخذ الكتاب فشقه([33]).
مفردات من الكيد الإعلامي:
وبعد ما تقدم، فإننا نذكر هنا: مفردات من الكيد الإعلامي: الرامي إلى تجهيل الناس بالحقائق، من قبل أناس يدَّعون الحرص على الدين، ويتظاهرون بأنهم أمناء عليه، فنقول:

1 ـ لا نورث ما تركناه صدقة:

اعتذر أبو بكر عما أقدم عليه من حرمان الزهراء «عليها السلام» من الإرث: بأن رسول الله «صلى الله عليه وآله» قال: لا نورث ما تركناه صدقة([34]).
ونقول:
أولاً: إنه لو فرض أن النبي «صلى الله عليه وآله» قد قال شيئاً من ذلك، فلا بد أن يقوله في الملأ العام وأمام ذوي الشأن لا أن يخص به شخصاً بعينه دون سائر الناس، وهو ممن يجر النار إلى قرصه..
وقد أظهرت بعض النصوص أن ثمة تصرفاً متعمداً تعرض له هذا الحديث حتى انقلب معناه رأساً على عقب، وظهر أنه «صلى الله عليه وآله» لم يُرِد المعنى الذي يريدون التسويق له، كما أن ما قاله «صلى الله عليه وآله» خال من عبارة: ما تركناه صدقة.. بل فيه فقرة أخرى تعطي المعنى الحقيقي للكلمة.
فقد ورد: أنه «صلى الله عليه وآله» قال: «..وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر النجوم ليلة البدر، وإن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورِّثوا ديناراً ولا درهماً، ولكن وَرَّثوا العلم؛ فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر»([35]).
أي أنه «صلى الله عليه وآله» يريد أن يبين أنهم صلوات الله وسلامه عليهم ليسوا بصدد جمع الأموال وتكديسها، حتى إذا ماتوا ورثها منهم من له حق الإرث. بل هم زهاد في الدنيا، عازفون عن زخرفها، مهتمون بالعلم النافع، ولا يريد أيٌّ منهم من أحد أجراً على جهده وجهاده، لا من مال، ولا من غيره. وذلك على قاعدة: ﴿قُل لاَّ أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرَى لِلْعَالَمِينَ﴾([36]).
ثانياً: حتى لو صح أن كلمة: «ما تركناه صدقة» موجودة في الحديث بالفعل، فإن وجودها لا يحتم أن يكون المراد: أن ما يتركه الأنبياء من أموال لا يرثها أحد، لإمكان أن يكون المقصود: أن ما جعلوه «عليهم السلام» صدقة حال حياتهم، لا يدخل في جملة ما يورث. فتكون كلمة «ما» مفعولاً به لكلمة «نورث»، وكلمة «صدقة» منصوبة أيضاً بكلمة تركناه.
فلا يقف قارئها وقائلها على كلمة «نورث» ليستأنف الكلام ويقول: ما تركناه صدقة، برفع كلمة «صدقة» خبراً للمبتدأ، وهو كلمة: «ما». بل يصلها ببعضها، وينصب كلمة «صدقة» ولا يرفعها..
ولا أقل من أن نعترف: بأننا لم نسمع الكلمة من فم النبي «صلى الله عليه وآله» مباشرة؛ لنعرف كيف تكلم بها، هل وقف على كلمة نورث؟! أم لم يقف؟!
إذ من الواضح: أن آخر الجملة ليس هو المعيار، لإمكان أن يقف عليه بالسكون..
والمعيار هو: طريقة إلقاء الكلام، فلعله قد وصل الكلام بعضه ببعض، فيكون المراد هذا المعنى الثاني.. فلا يكون دالاً على مراد أبي بكر، ولعله وقف على كلمة: «نورث» ثم استأنف الكلام، فقال: ما تركناه صدقة.. فيكون المراد المعنى الأول.
ومن الواضح: أن الآيات والتشريعات، وكذلك القرائن الأخرى تؤيد أن يكون «صلى الله عليه وآله» قد وصل الكلام.

2 ـ هل المقصود إرث المال؟!

إن الزهراء «عليها السلام» في خطبتها في المهاجرين والأنصار قد استدلت بآيات عديدة من القرآن تبين أن فدكاً إرث لها، وأن على أبي بكر أن يرجعها إليها على هذا الأساس..
ولم يدَّعِ أبو بكر ولا أحد من أعوانه أو محبيه، ولا أحد من الصحابة أن المراد بقوله تعالى: ﴿وَوَرِثَ سُلَيْمَانُ دَاوُودَ﴾([37])، وبقول زكريا: ﴿فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيّاً، يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ﴾([38]) هو إرث المال.
بل التجأ ـ أبو بكر ـ إلى ما زعمه أنه حديث عن رسول الله «صلى الله عليه وآله»، ولم يزد على ذلك..
ولو كان المقصود بالآيات هو إرث النبوة ـ كما يزعم بعض أهل الريب ـ لبادر أبو بكر، ومن معه، وألوف من الصحابة إلى الإعتراض على الزهراء «عليها السلام» في استدلالها هذا.. أو على الأقل لاستفهموا منها عن وجه تفسيرها لهذه الآيات على هذا النحو..

3 ـ قيمة النخل بتربته:

وقد ذكرت الروايات المتقدمة: أن عمر بن الخطاب اشترى من أهل فدك نصفها, فقوموا النخل والأرض، فبلغ قيمة النصف خمسين ألف درهم، أو يزيد..
ونحن نشك في صحة هذا الخبر، ونرى أنه هو الآخر من مفردات الكيد الإعلامي، الهادف إلى تعمية الأمور في مسألة اغتصاب فدك من أصحابها الشرعيين.
فأولاً: إن النبي «صلى الله عليه وآله» لم يكن ليصالحهم على أن يكون نصف الأرض لهم؛ لأن الأرض لله يورِّثها من يشاء, وقد جاء الحكم الإلهي ليقول: إن ما لم يوجف عليه بخيل ولا ركاب ملك خاص لرسول الله «صلى الله عليه وآله»، وليس لأحد فيه أي حق.
فالصحيح هو: أنه «صلى الله عليه وآله» تركهم يعملون في الأرض والنخل وأعطاهم نصف الناتج، كما صرحت به النصوص المتقدمة..
ثانياً: هم يقولون: إن غلة فدك كانت أربعة وعشرين ألف دينار كل سنة([39]).
وقيل: سبعون ألفاً([40]), فهل يعقل أن تكون غلة كهذه هي لنخل لا تبلغ قيمته مع الأرض خمسة آلاف دينار؟!.
بل لقد ورد: أن فيها من النخل ما يعادل نخيل الكوفة في القرن السادس الهجري([41]).
والذي نظنه: أن الهدف من إطلاق هذه الشائعة هو:
1 ـ التقليل من شأن فدك, لكي يصبح من يطالب بها طامعاً بشيء زهيد, وذلك يمهد السبيل لتبرئة أبي بكر من تهمة كونه قد أراد أن يسلب علياً «عليه السلام» قدرته المالية, لأن أبا بكر كان يخشى أن يجمع علي «عليه السلام» الرجال حوله بواسطة ذلك المال، الذي يحصل له من فدك.
2 ـ الإيحاء بأنه إذا كانت فدك ليست خالصة لرسول الله «صلى الله عليه وآله», بل قد اشترى عمر نصفها بمال المسلمين ـ كما زعمته هذه الرواية ـ فذلك يعني أن المسلمين شركاء معهم فيها, وقد يكون الحكام الذين يقطعونها لمروان ولغيره, إنما يقطعونهم النصف الذي يرجع أمره إلى الحاكم.. ولكن آل علي «عليهم السلام» يصرون على أخذ ما ليس لهم بحق..

4 ـ وآت ذا القربى حقه:

ورووا عن الخدري, وعن علي «عليه السلام», وابن عباس, وجعفر بن محمد «عليه السلام», وعطية العوفي, وعن علي الرضا «عليه السلام», وعن الإمام الباقر «عليه السلام»: أنه لما نزل قوله تعالى: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ﴾([42]) دعا فاطمة «عليها السلام» وأعطاها فدكاً.
زاد في بعض الروايات قوله: والعوالي([43]).
قال ابن كثير: «هذا الحديث مشكل, لو صح إسناده, بأن الآية مكية, وفدك إنما فتحت مع خيبر لسنة سبع من الهجرة, فكيف يلتئم هذا مع هذا؟ فهو إذن حديث منكر»([44]).
ونقول:
هناك عدة أجوبة على هذا الكلام, نذكر منها:
أولاً: إنهم هم أنفسهم يقولون: إن النبي «صلى الله عليه وآله» كان يقول: ضعوا هذه الآية في الموضع الفلاني من السورة الفلانية.
فقد قال الباقلاني وابن الحصار: «كان جبرئيل «عليه السلام» يقول: ضعوا آية كذا في موضع كذا..»([45]).
وعن ابن عباس: أن رسول الله «صلى الله عليه وآله»، كان إذا نزل عليه الشيء دعا من كان يكتب؛ فيقول: ضعوا هذه الآيات في السورة التي يذكر فيها كذا([46]).
وروي قريب من هذا عن عثمان بن عفان أيضاً([47]).
 فلا مانع إذن: من أن تكون هذه الآية قد نزلت في سنة سبع, أو بعدها, ثم قال النبي «صلى الله عليه وآله»: ضعوها في سورة كذا, لحكمة هو أعلم بها.
ولذلك قالوا: إن إطلاق التعبير بأن هذه السورة مكية أو مدنية مبني على الغالب..
وهذا ما يفسر قولهم أيضاً: سورة كذا مكية إلا ثلاث آيات مثلاً, وذلك بحسب ما ظهر لهم من الروايات، التي تيسر لهم الإطلاع عليها.
ثانياً: قد ذكرنا في بحث لنا في كتابنا (مختصر مفيد) حول آية ﴿الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ﴾([48]), وآية: ﴿يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ﴾([49]): أن الظاهر هو: أن السور كلها كانت تنزل دفعة واحدة، باستثناء بعض السور الطوال، فإن قسماً كبيراً منها كان ينزل على النبي «صلى الله عليه وآله», فيقرؤه للناس, ثم تصير الأحداث التي ترتبط بآيات تلك السور، أو ذلك القسم النازل، ويتوالى حدوثها, فينزل جبرئيل «عليه السلام» مرة أخرى, فيقرؤها على النبي ليقرأها هو «صلى الله عليه وآله» على الناس, ويظهر لهم إعجاز القرآن من حيث إخباره عن الأمور قبل حصولها بأيام, أو بأشهر, أو بسنوات.
وبعبارة أخرى: كانت السور ـ كسورة المائدة، أو التوبة، أو الأنفال مثلاً ـ تنزل على النبي «صلى الله عليه وآله»، فيقرؤها على الناس كلها.. ثم يحدث الحدث بعد شهر من ذلك، مثل الذي جرى في حنين، أو بدر، فيأتي جبرئيل مرة ثانية ليأمر النبي «صلى الله عليه وآله» بقراءة الآيات التي ترتبط بذلك الحدث، والتي كانت قد نزلت قبله بأيام أو بأشهر، فيعرف الناس كيف أن الله سبحانه وتعالى قد تحدث عن هذا الحدث قبل وقوعه، فيتأكد عندهم: أن هذا القرآن هو من عند عالم الغيب والشهادة، ويتلمسون صدق رسول الله «صلى الله عليه وآله» عن هذا الطريق([50]).

 


([1]) البحار ج21 ص22 و 23 وإعلام الورى ج1 ص209 ومكاتيب الرسول ج1 ص291.
([2]) راجع: تذكرة الخواص ص25 عن أحمد في الفضائل، ومجمع الزوائد ج9 ص124 ومسند أحمد (ط دار صادر) ج3 ص16 وراجع: البداية والنهاية ج4 ص184 و185 و (ط أخرى) ص211 و212 وذخائر العقبى ص73 ـ 75 والرياض النضرة ج1 ص185 ـ 187 وشرح الأخبار ج1 ص321 والعمدة لابن البطريق ص139 و140 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص104 و105 ومسند أبي يعلى ج2 ص500 ونهج الإيمان ص317 و 318 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص352.
([3]) مجمع الزوائد ج9 ص124والعمدة لابن البطريق ص142 ومسند أبي يعلى ج2 ص500 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص104 و 105.
([4]) البحار ج17 ص379 وج29 ص116 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص152 و ج9 ص478 ومجمع النورين ص117 و 118 واللمعة البيضاء ص300 والخرائج والجرائح ج1 ص113.
([5]) كشف المحجة ص124 وسفينة البحار ج7 ص45 والبحار ج29 ص123 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص152 و ج9 ص478 ومجمع النورين ص118 واللمعة البيضاء ص300.
([6]) مناقب آل أبي طالب ج3 ص435 والبحار ج29 ص200 و 201 وج48 ص144 و 145 ومجمع النورين ص124 واللمعة البيضاء ص294.
([7]) الكافي ج1 ص543 وشرح أصول الكافي ج7 ص405 والبحار ج48 ص156 و 157والبرهان ج2 ص414 ومجمع البحرين ج5 ص283 والوسائل ج9 ص525 وتفسير نور الثقلين ج3 ص154 و 155 وج5 ص276 واللمعة البيضاء ص293.
([8]) معجم البلدان ج4 ص288 و (ط دار إحياء التراث) ص238 وراجع: مجمع البحرين ج5 ص283 ولسان العرب ج10 ص203 والمسترشد ص501 والإمام علي «عليه السلام» لأحمد الرحماني الهمداني ص737 وتفسير جوامع الجامع ج2 ص105.
([9]) مجمع البحرين ج5 ص283 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص152 والتفسير الأصفى ج1 ص177 واللمعة البيضاء ص293.
([10]) الآية 227 من سورة الشعراء.
([11]) الكشكول فيما جرى على آل الرسول ص203 ـ 205 والبحار ج29 ص197 ـ 199 واللمعة البيضاء ص315.
([12]) الآية 38 من سورة الروم.
([13]) الآية 33 من سورة الأحزاب.
([14]) الإحتجاج للطبرسي ج1 ص119 ـ 123 وراجع: علل الشرائع ج1 ص191 وتفسير نور الثقلين ج4 ص273.
([15]) سفينة البحار ج4 ص518 والبحار ج101 ص311 وقرب الإسناد ص41 عن الكافي ج7 ص383 ح2 وأمالي الصدوق ص389 ح2 والمبسوط ج8 ص105 و 164 والمجموع ج20 ص232 ومستدرك سفينة البحار ج6 ص77.
([16]) الأموال ص289 و 280 وراجع: طبقات ابن سعد ج1 ص33 و (ط دار صادر) ص284 و 285 والتراتيب الإدارية ج1 ص274 ومكاتيب الرسول (ط سنة 1419) ج3 ص58 و 72 وسبل الهدى والرشاد ج11 ص373.
([17]) راجع: طائفة من مصادر ذلك في كتابنا الحياة السياسية للإمام الحسن «عليه السلام» ص21 و 22.
([18]) الإرشاد للمفيد (ط النجف) ص219 و 263. وراجع: الإحتجاج (ط النجف) ج2 ص245 والبحار ج50 ص78 وتفسير القمي ج1 ص184 و 185.
([19]) راجع فيما تقدم: الإتحاف بحب الأشراف ص171 و 172 وتحف العقول ص451 و 453 والإختصاص ص98 و 101 والإحتجاج ج2 ص240 و 245 وكشف الغمة ج3 ص144 والمناقب لابن شهرآشوب ج4 ص381 وجلاء العيون ج3 ص108 والصواعق المحرقة ص204 ونور الأبصار ص161 ودلائل الإمامة ص206 ـ 208 وروضة الواعظين ص238 فما بعدها، والإرشاد للمفيد ص359 و 360 فما بعدها، وإعلام الورى ج2 ص101 فما بعدها، والبحار ج50 ص75 عن الإحتجاج، وعن تفسير القمي، والإمام محمد الجواد لمحمد علي دخيل ص37 و 41 وأعيان الشيعة ج2 ص33 و 34. والفصول المهمة لابن الصباغ المالكي ص253 و 256.
([20]) ينابيع المودة ص375 عن فصل الخطاب لمحمد پارسا البخاري، عن النووي على ما يبدو، وترجمة الإمام الحسين لابن عساكر بتحقيق المحمودي ص150 وفي هامشه عن: المعجم الكبير للطبراني، ترجمة الإمام الحسين، الحديث رقم 77 وحياة الصحابة ج1 ص250 ومجمع الزوائد ج6 ص40 عن الطبراني، وقال: هو مرسل ورجاله ثقات، والعقد الفريد ج4 ص384 من دون ذكر ابن عباس.
([21]) الحياة السياسية للإمام الجواد ص52.
([22]) الطبقات الكبرى لابن سعد (ط دار صادر) ج2 ص317 و 318 وفدك في التاريخ ص194 وعن صحيح البخاري ج3 ص163 ومجمع الزوائد ج6 ص3 وشرح معاني الآثار ج3 ص305 والسنن الكبرى للبيهقي ج4 ص109 والمصنف للصنعاني ج4 ص78.
([23]) صحيح البخاري كتاب الشهادات باب (29) وفدك في التاريخ ص194 وكنز العمال ج5 ص626 والطبقات الكبرى ج2 ص318 و 319.
([24]) مصادر الحديث الدال على ذلك كثيرة جداً فراجع: إحقاق الحق (الملحقات) وراجع: الطبقات الكبرى ج2 ص318 ومناقب أمير المؤمنين «عليه السلام» ج1 ص335 و 340 و 341 و 387 و 445 و 497 وج2 ص47 ومناقب آل أبي طالب ج1 ص396 ج3 ص 26 والبحار ج2 ص226 وج5 ص21 و 69 وج22 ص501 وج28 ص 84 وج35 ص184 وج38 ص12 و 19و 74 و 147 و 327 وج39 ص 220 وج40 ص76  والمراجعات ص 308 و 309= = والغدير ج2 ص283 وج5 ص351 وتاريخ مدينة دمشق ج42 ص47 و 48 و 56 و 57 و 331 وينابيع المودة ج2 ص 77 و 85 و 97 و 163 و 299 و 402.
([25]) الطبقات الكبرى لابن سعد ج2 ص319.
([26]) راجع: شرح النهج للمعتزلي ج16 ص211 والسقيفة وفدك ص100 والطرائف لابن طاووس ص264 وراجع: البحار ج29 ص239 ومناقب آل أبي طالب ص418 وعن بلاغات النساء ج2 ص146 و (ط بصيرتي ـ قم) ص14 ومواقف الشيعة ج1 ص473.
([27]) راجع: صحيح البخاري (ط دار إحياء التراث العربي) ج4 ص96 وج5 ص177 وعن صحيح مسلم ج5 ص25 وكنز العمال ج7 ص242 وسبل الهدى والرشاد ج12 ص371 وجامع الأصول ج10 ص386 والسنن الكبرى للبيهقي ج6 ص301 وراجع: مسند فاطمة للسيوطي ص15 والطبقات الكبرى ج2 ص305 وفتح الباري ج6 ص140 ومسند أحمد ج1 ص6 وشرح النهج للمعتزلي ج16 ص232 والسقيفة وفدك ص116 وعن تاريخ الإسلام للذهبي ج1 ص346.
([28]) السقيفة وفدك ص109 وشرح النهج للمعتزلي ج16 ص218 و 219 ومسند أبي يعلى ج1 ص40 وج12 ص119 ومجمع النورين ص126 وتاريخ المدينة ج1 ص158 واللمعة البيضاء ص760.
([29]) راجع: الإحتجاج ج2 ص315 والبحار ج31 ص94 وج44 ص155 وج47 ص400 والخرايج والجرائح ج1 ص244 واللمعة البيضاء ص804 والصوارم المهرقة ص161 وشجرة طوبى ج2 ص429 وكنز الفوائد ص136 والإيضاح لابن شاذان ص261 والفصول المختارة ص74.
([30]) راجع: كنز الفوائد ص136 وتلخيص الشافي ج3 ص129 و 130 ودلائل الصدق ج3 ق2 ص129 ونهج الحق ص366.
([31]) البحار ج29 ص210 والوسائل (ط مؤسسة آل البيت) ج26 ص103 وكشف الغمة ج2 ص118 واللمعة البيضاء ص801 عن الفتوح ج1 ص420.
([32]) راجع: مناقب آل أبي طالب لابن شهرآشوب ج1 ص262 و (ط المطبعة الحيدرية) ص225 وراجع: اللمعة البيضاء ص763 وشرح النهج للمعتزلي ج16 ص224 و 214 وتلخيص الشافي ج3 ص147 وفي هامشه أيضاً عن: الرياض النضرة.
([33]) السيرة الحلبية (ط دار إحياء التراث العربي) ج3 ص362 وراجع: الغدير ج7 ص194 وفدك في التاريخ ص148 عن شرح النهج للمعتزلي، ومستدرك سفينة البحار ج7 ص427 وإفحام الأعداء والخصوم ص95 وتفسير القمي ج2 ص155 عن شرح النهج للمعتزلي ج4 ص101 وإنسان العيون في سيرة الأمين والمأمون ص40 واللمعة البيضاء ص747 و 748 و 799 والأنوار العلوية ص292 والبحار ج29 ص128 و 134 وتفسير نور الثقلين ج4 ص186 وبيت الأحزان ص134 ومجمع النورين ص120.
([34]) بالتخفيف. وقراء التشديد لحن، لأن التوريث: إدخال أحد في المال على الورثة، كما ذكره الجوهري.
([35]) الكافي ج1 ص34 وراجع: ص32 والمعتبر ج2 ص5 وتحرير الأحكام (ط.ق) ج1 ص3 وبلغة الفقيه ج3 ص227 ونهج الفقاهة ص299 والمبسوط للسرخسي ج1 ص2 ومن لا يحضره الفقيه ج4 ص387 وجامع المدارك ج3 ص99 ومسند أبي حنيفة ص57 وثواب الأعمال ص131 وعوالي اللآلي ج4 ص75 والفصول المـهمـة ج1 ص466 ونهج السعـادة ج7 ص312 وسنن = =  الدارمي ج1 ص98 وأمالي المحاملي ص330 والبحار ج1 ص164 ومنية المريد ص107 وصحيح البخاري ج1 ص25 وسنن ابن ماجة ج1 ص81 وسنن أبي داود ج2 ص175 وسنن الترمذي ج4 ص153 وصحيح ابن حبان ج1 ص290 وكنز العمال ج10 ص146 والتاريخ الكبير ص337 ورياض الصـالحين للنـووي ص551 ومـوارد الظمآن ص49 والمعالم ص12 وتفسير الميزان ج14 ص23 وتفسير القرطبي ج8 ص295 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص564 وتهذيب الأصول ج3 ص151 وتاريخ مدينة دمشق ج25 ص247 وج38 ص318 و 319 وج50 ص43 و 44 و 46 و 48 و 49 وتاريخ جرجان ص204.
([36]) الآية 90 من سورة الأنعام.
([37]) الآية 16 من سورة النمل.
([38]) الآيتان 5 و 6 من سورة مريم.
([39]) البحار ج17 ص379 وج29 ص116 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص152 و ج9 ص478 ومجمع النـورين ص117 و 118 واللمعة البيضـاء ص300 والخرائج والجرائح ج1 ص113.
([40]) كشف المحجة ص124 وسفينة البحار ج7 ص45 والبحار ج29 ص123 ومستدرك سفينة البحار ج8 ص152 و ج9 ص478 ومجمع النورين ص118 واللمعة البيضاء ص300.
([41]) راجع: شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ج16 ص236 والإحتجاج للطبرسي ج1 ص120 ومواقف الشيعة ج2 ص437 واللمعة البيضاء ص306.
([42]) الآية 26 من سورة الإسراء.
([43]) تفسير العياشي ج2 ص287 و 310 وكشف الغمة ج1 ص476 وعيون أخبار الرضا ج1 ص233 ونور الثقلين ج5 ص275 والتبيان ج6 ص469 وج8 ص253 ومجمع البيان ج6 ص243 وج8 ص63 وج4 ص306 ومجمع الزوائد ج7 ص49 والبداية والنهاية ج3 ص36 ومناقب علي (لمحمد بن سليمان) وسعد السعود ص101. وراجع: شواهد التنزيل للحسكاني ج1 ص438 و 439 و 440 و 441 و 442 و 570 ومقتل الحسين للخوارزمي ج1 ص70 وتفسير فرات ص239 و 322 وتأويل الآيات الظـاهرة ج1 ص435 والبحـار ج29   = = ص111 و 117 و 113 و 121 و 323 والبرهان ج3 ص264 وج2 ص415 وميزان الإعتدال (مطبعة السعادة) ج2 ص228 والسبعة من السلف ص36 والدر المنثور ج2 ص158 وج5 ص273 و 274 وج4 ص177 ومعارج النبوة (ط مطبعة لكنهو) ج1 ص277 وإحقاق الحق ج3 ص549 وج 14 ص 618 ومنتخب كنز العمال (مطبوع مع مسند أحمد) ج1 ص228 وروح المعاني ج5 ص58 وكنز العمال ج2 ص158 وج3 ص767 وعن الطبراني, والحاكم في تاريخه, وابن النجار, والبزار, وابن مردويه, وأبي يعلى, وابن أبي حاتم.
([44]) البداية والنهاية ج3 ص36 و (ط دار إحياء التراث) ج4 ص45 وتفسير القرآن العظيم ج3 ص39 وفتح القدير ج3 ص224 والسيرة النبوية لابن كثير ج3 ص79.
([45]) راجع: لباب التأويل للخازن ج1 ص8 ومناهل العرفان ج1 ص240 ومباحث في علوم القرآن ص142 عن الإتقان ج1 ص62 عن ابن الحصار، والبرهان للزركشي ج1 ص256 عن الباقلاني، وتاريخ القرآن الكريم لمحمد طاهر الكردي ص67 وتفسير الميزان ج12 ص130 عن ابن الحصار، وإعجاز القرآن ص60.
([46]) الجامع الصحيح للترمذي ج5 ص272 وتاريخ اليعقوبي ج2 ص43 والإتقان ج1 ص62 والبرهـان للزركشي ج1 ص241 و (ط دار الكـتب العربيـة،  القاهرة) ج1 ص234 و 241 عن الترمذي، والحاكم. والتمهيد ج1 ص213 وتاريخ القرآن للصغير ص81 عن مدخل إلى القرآن الكريم لدراز ص34، وعن مسند أحمد ج1 ص57 و 69 والسنن الكبرى للبيهقي ج2 ص42 والسنن الكبرى للنسائي ج5 ص10 وبحوث في تاريخ القرآن للزرندي ص99 و 100 وجامع البيان ج1 ص69 وتفسير القرطبي ج8 ص62 وتاريخ القرآن الكريم لمحمد طاهر الكردي ص63 وتهذيب الكمال ج33 ص288.
لكن في غرائب القرآن للنيسابوري، بهامش جامع البيان للطبري ج1 ص24 ومناهل العرفان ج1 ص240 هكذا: «ضعوا هذه السورة في الموضع الذي يذكر فيه كذا»، وفي تفسير الجامع لأحكام القرآن للقرطبي: «ضعوا هذه السورة في موضع كذا وكذا من القرآن، وكان جبرئيل «عليه السلام» يقف على مكان الآيات».
([47]) مستدرك الحاكم ج2 ص330 و 221 وتلخيصه للذهبي بهامشه، وغريب الحديث ج4 ص104، والبرهان للزركشي ج1 ص234 و 235 وراجع: ص61 وغرائـب القـرآن (بهـامش جامع البيان) ج1 ص24 وفتح البـاري ج9 ص19 و 20 و 39 و 38، وكنز العمال ج2 ص367 عن أبي عبيد في فضائله، وابن أبي شيبة، وأحمد، وأبي داود، والترمذي، وابن المنذر، وابن أبي داود، وابن الأنباري معـاً في المصاحف، والنحاس في ناسخه، وابن حبـان، وأبي نعيم في = = المعرفة، والحاكم، وسعيد بن منصور، والنسائي، والبيهقي، وفواتح الرحموت بهامش المستصفى ج2 ص12 عن بعض من ذكر، والدر المنثور ج3 ص207 و 208 عن بعض من ذكر، وعن أبي الشيخ، وابن مردويه ومشكل الآثار ج2 ص152 والبيان ص268 عن بعض من تقدم، وعن الضياء في المختارة، ومنتخب كنز العمال (بهامش مسند أحمد) ج2 ص48 وراجع: بحوث في تاريخ القرآن وعلومه ص103 ومناهل العرفان ج1 ص347 ومباحث في علوم  القرآن ص142 عن بعض من تقدم، وتاريخ القرآن للصغير ص92 عن أبي شامة في المرشد الوجيز، وجواهر الأخبار والآثار بهامش البحر الزخار ج2 ص245 عن أبي داود، والترمذي، وسنن أبي داود ج1 ص209 والسنن الكبرى للبيهقي ج2 ص42 وأحكام القرآن للجصاص ج1 ص10 ومسند أحمد ج1 ص57 و 69.
([48]) الآية 3 من سورة المائدة.
([49]) الآية 67 من سورة المائدة.
([50]) وقد ذكرنا بعض الشواهد لهذا البحث في كتابنا: مختصر مفيد ج4 ص45.
 


أضف تعليق

كود امني
تحديث

مؤسسة السبطين عليهما السلام

loading...
أخبار المؤسسة
إصدارات
حول المؤسسة

telegram ersali arinsta ar

۱ شوال

  ۱ـ عيد الفطر السعيد.۲ـ غزوة الكدر أو قرقرة الكدر.۳ـ وفاة عمرو بن العاص.۱ـ عيد الفطر السعيد:هو اليوم الاوّل م...

المزید...

۳شوال

قتل المتوكّل العبّاسي

المزید...

۴ شوال

۱- أميرالمؤمنين يتوجه إلى صفين. ۲- وصول مسلم إلى الكوفة.

المزید...

۸ شوال

هدم قبور أئمة‌ البقيع(عليهم سلام)

المزید...

۱۰ شوال

غزوة هوازن يوم حنين أو معركة حنين

المزید...

11 شوال

الطائف ترفض الرسالة الاسلامية في (11) شوال سنة (10) للبعثة النبوية أدرك رسول الله(ص) أن أذى قريش سيزداد، وأن ...

المزید...

۱۴ شوال

وفاة عبد الملك بن مروان

المزید...

۱۵ شوال

١ـ الصدام المباشر مع اليهود واجلاء بني قينقاع.٢ـ غزوة أو معركة اُحد. ٣ـ شهادة اسد الله ورسوله حمزة بن عبد المط...

المزید...

۱۷ شوال

۱- ردّ الشمس لأميرالمؤمنين علي (عليه السلام) ۲ـ غزوة الخندق ۳ـ وفاة أبو الصلت الهروي ...

المزید...

۲۵ شوال

شهادة الامام الصادق(عليه السلام)

المزید...

۲۷ شوال

مقتل المقتدر بالله العباسي    

المزید...
012345678910
سيرة العلماء
تطبيق اندرويد لكتاب العروة الوثقی والتعليقات عليها
مكتبة أنيس
ثبّت سؤالك هنا
العروة الوثقى
Sibtayn International Foundation
Tel: +98 25 37703330 Fax: +98 25 37706238 Email : sibtayn[at]sibtayn.com
© 2024 Sibtayn International Foundation. All Rights Reserved.

Hi! Click one of our representatives below to chat on WhatsApp or send us email to [email protected]

الإتصال بنا
Close and go back to page